< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الفقه

37/02/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : يشترط أن يكون مسح الرأس بالكفّ الأيمن

وأمّا كون الكفّ هو خصوص الكفّ الأيمن ـ دون الأيسر ـ فقد أفتى ابنُ الجنيد الإسكافي بوجوب أن يكون المسح بخصوص اليمنى ، ويساعده صحيحة زرارة السالفة الذكر ( وتمسحُ بِبَلَّةِ يُمْناك ناصيتَك )[1] وهو مقتضى أصالة الإشتغال أيضاً .

هذا ولكن ادُّعِيَ أنّ المشهور هو استحباب كون المسح باليمنى ، وليس بواجب ، والظاهر أنّ دليلَهم هو الإطلاق في قوله تعالى﴿ وامسحوا برؤوسكم[2] وفي الروايات السالفة الذكر . قال السيد محسن الحكيم ( إنّ فيه قولين الوجوب كما عن الإسكافي ، والإستحباب كما عن المشهور ، بل في الحدائق "ظاهرُهم الإتـفاقُ عليه" ويساعده إطلاق الأدلة ، لكنه مقيد بالصحيح) (إنتهى بتلخيص)[3] ، وكذا ادّعى الشهرةَ السيدُ السبزواري ، ثم قال ( بل يظهر منهم الإتفاقُ على أنّ مسح الرأس باليمنى مندوب ، للإطلاقات الواردة في مقام البيان في هذا الحكم العامّ البلوى ..)(إنتهى)[4] . أقول : يمكن أن يكون نقلهم الشهرة صحيحاً ، لكنه لم يثبت عندي ـ صغرويّاً ـ ، فإنّ المسألة لم تُطرح عند القدماء ، بل حتى لمّا سُئِلَ السيدُ الشريف المرتضى عن هذه النقطة لم يُجِبْ ، وهاك كلامَه : قال : ( المسح على الرأس والرجلين بفاضل ماء اليد اليسرى أم بماء مجدد ؟ الجواب : المفروض في مسح الرأس والرجلين أن يكون ببلة اليد من غير استيناف ماء مجدد ، فمن استأنف ماء جديداً لهما لم يُجْزِهِ ذلك ووجبت عليه الإعادة ، فإن لم يجد في يده بلةً يمسح بها رأسه ورجليه ، فقد روي أنه يأخذ من بلة شعر لحيته أو حاجبه ، فإن لم يجد ذلك استأنف الوضوء)(إنتهى)[5] ولم يُجِبْ على السؤال ، وهذا يعني حتى هو لم يتعرّض لهذه النقطة ، نعم ، لعلّك تستفيد الجوازَ مِن الإطلاق في قوله "اليد" مع أنّ السؤال عن جواز المسح على الرأس باليسرى ، ثم لم يتعرّض لهذه النقطة في سائر كتبه ، وكذا لم يتعرّض علي بن بابويه ولا ولده الشيخ الصدوق ولا أبو الصلاح الحلبي ، ولا الشيخ الطوسي ، وإنما أوّلُ مَن صَرّح بذلك هو الشيخ المفيد في المقنعة ص 44 قال : ( ثم يرفع يده اليمنى بما فيها من البلل ، فيمسح بها من مقدم رأسه مقدار ثلاث أصابع مضمومة من ناصيته إلى قصاص شعره مرة واحدة)[6] (إنتهى) ، والقاضي ابنُ البرّاج الطرابلسي(400 ـ 481 هـ ق ، وهو تلميذ السيد المرتضى والشيخ الطوسي) ، قال : ( ثم يرفع يده اليمنى ببلل الوضوء ـ من غير أخذ ماءٍ جديد ـ فيمسح بها مقدم رأسه بمقدار ثلاث أصابع مضمومة عرضاً ، ولو مسح بإصبع واحدة كان جائزاً)(إنتهى)[7] ، لكن الشيخ الطوسي في (النهاية) لم يلتزم باليمين فقال : (ثمَّ ليمسح بباقي نداوة يده من قصاص شعر رأسه مقدار ثلاث أصابع مضمومة)[8] ، وكذا قال في كتابه (الإقتصاد) قال : (ثم يمسح بما يبقى في يده من النداوة رأسه من مقدم الرأس مقدار ثلاث أصابع مضمومة)[9] ، وكذا قال في المبسوط أيضاً ، قال : (ثم يمسح ببقية النداوة رأسه ، ولا يستأنف لمسحه ماءً جديداً)[10] . ولذلك فنحن نحمل كلامهم ـ ولو على الأحوط وجوباً ـ على اليمنى ، ولو لكونه هو المتبادر إليه وعليه السيرة المتشرّعيّة ، على أنه لم تثبت حجيّة الشهرة الفتوائيّة المدّعاة ـ كبرويّاً ـ ، كما ويصعب التمسّك بالإطلاقات لأنها ليست في محلّ البيان من هذه الجهة أصلاً ، لذلك فالأحوط وجوباً المسح بخصوص اليمنى ، ولا أقلّ من باب أنه فِعْلُ المعصومين ^، وأنه مورد لأصالة الإشتغال.

والاَولَى أن يكون مسحُ الرأسِ بالأصابع ، لما مرّ مِن روايةِ التهذيبين عن المفيد عن (جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى) ابن قولويه (صاحب كتابَي الزيارات والمزار) عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار عن حمّاد بن عيسى عن بعض أصحابه عن أحدهماo في الرجل يتوضأ وعليه العمامة قال : ( يرفع العمامة بقدر ما يدخل إصبعه فيمسح على مقدم رأسه )[11] وهي من مراسيل أصحاب الإجماع ، فهي مصحّحة المتن بناءً على هذا ، لكنها لا تفيد تعيّن المسح بالإصبع ، لكونها ليست في مقام البيان من هذه الناحية ، وإنما هي في مقام البيان من ناحيّة مَن كان عليه عمامة فإنه يجوز له أن يمسح بإصبعه أو بالأصابع ، ومِثْلُها ما رواه في الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد(بن عيسى) عن شاذان بن الخليل (والد الفضل بن شاذان النيسابوري ، قال الكشّي عنه إنه من العدول والثقات) عن يونس(بن عبد الرحمن) عن حمّاد(بن عيسى) عن الحسين(بن المختار القلانسي ثقة واقفي) قال قلت لأبي عبد الله& : رجل توضأ وهو معْتَمّ ، فثقُل عليه نزْعُ العمامة لمكان البرد ، فقال : ( لِيُدْخِلْ إصبَعَه )[12] موثّقة السند ، فلا تصلح لتقييد الروايات السابقة المطلقة ، وقال السيد السبزواري في مهذّبه ـ بما معناه ـ (إنّ الظاهر الإتفاقُ على عدم وجوب المسح بخصوص الأصابع)[13] . وبعد ذلك لا يُعتنَى بمن قال بوجوب أن يكون المسحُ بخصوص الأصابع .

لو شكّ في حصول المسح ، فإن كان في أثناء الوضوء فإنه يعيد ، وإن كان بعد الفراغ العرفي فإنه يبني على صحّة وضوئه .

ولو مسح رياءً فإنه يعيد المسحَ .

مسألة 24 : في مسح الرأس لا فرق بين أن يكون طولاً أو عرْضاً أو منحرفاً [14] 416.

 

416 كلّ ذلك للإطلاق المتقدّم في مسألة جواز النكس في مسح الرأس.


[4] مهذّب الأحكام، ص356.
[13] مهذّب الأحكام، ج2، ص356.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo