< قائمة الدروس

بحوث الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

37/04/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : إذا أمكنتِ التَقِيَّةُ بغَسْلِ الرجل فالأحوط وجوباً تَعَيُّنُه
مسألة 40 : إذا أمكنتِ التَقِيَّةُ بغَسْلِ الرجل فالأحوط وجوباً تَعَيُّنُه وعدمُ المسحِ على الحائل .
وذلك لأقربيّة غَسْلِ الرجلين من المسح على الحائل، إذ المسحُ على الحائل هو مسْحٌ على شيءٍ لا دَخْلَ له بالرجلين أصلاً، فهو أمْرٌ غريب وأجنبي بالكليّة، وغَسْلُ الرجلين أقرب إلى مسْحِ الرجلين قطعاً، لأنّ فيه مباشرة الرجلين بخلاف المسح على الحذاء، ويُقتصَرُ في الضرورات على القدر المتيقّن . على أنّك رأيت من الروايات السابقة شدّةَ مبغوضيّة المسح ـ في التقيّة ـ على الخفّين من قبيل :
1 ـ ما رواه في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد(بن عيسى) عن حريز عن زرارة قال قلت له : في مسح الخفين تقية ؟ فقال : (ثلاثة لا أتقي فيهن أحداً : شرب المسكر ومسح الخفين ومتعة الحج[1] )[2]، قال زرارة : ولم يقل الواجبُ عليكم أن لا تـتقوا فيهن أحداً .
2 ـ وقريب منها ما رواه في الكافي أيضاً بإسناده عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عمر الأعجمي(مهمل) قال قال لي أبو عبد اللهt : (يا أبا عمر، إنّ تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دِين لمن لا تقية له، والتقيةُ في كل شيء إلا في النبيذ والمسح على الخـفّين )[3] مصحّحة المتن، فإنّ قولهt إنه لا تقيّة في مسح الخفّين يعني أنك إن توضّأت وضوءَ التقيّة ما عدا المسح على الخفّين فهو صحيح .
أمّا التمسّكُ بإطلاق روايات التقيّة للقول بصحّة المسح على الحذاء أيضاً فصعبٌ على الفقيه، وذلك لِبُعْدِ نظرِ أئمّتِنا iـ في روايات التقيّة ـ لحالة إمكان أداءِ التقيّة بالوجه الأقرب إلينا . ولذلك ذهب إلى تعيّن غَسْلِ الرجلين جماعةٌ من علمائنا، فقد نسبه في الذخيرة إلى الأصحاب، وفي الحدائق حكاه عن جملة من أصحابنا، ونُسِبَ تَعَيُّنُ غَسْلِ الرجلين إلى البيان وروض الجنان .
مسألة 41 : إذا زال السببُ المُسَوِّغُ للمسح على الحائل من تـقيةٍ أو ضرورةٍ فإنْ كان بعد الوضوء فالأقوى عدم وجوب إعادته، حتى وإن كان قبل الصلاة، إلا إذا كانت بلة اليد باقية فيجب إعادة المسح، وأمّا إنْ كان في أثناء الوضوء فالأقوى الإعادة إذا لم يبق البلة .
لا يبعد عدم وجوب إعادة الوضوء في خصوص التقيّة إذا ارتفعت التقيّةُ بعد الوضوء وقبل الصلاة، لأنّ التقيّةَ ـ كما في الروايات السابقة ـ ديني ودين آبائي، ومَن لا تقيّةَ له لا دِينَ له ولا إيمان له ...
لكن في غير التقيّة من الضرورات لا يبعد وجوب إعادة الوضوء كما قلنا في مسألة سابقة (رقم 39)، وقد يُفهم هذا الأمرُ ممّا رواه في التهذيبين أيضاً بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسن بن علي(بن فضّال) عن عمرو بن سعيد عن مصدّق بن صدقة(فطحي ثقة) عن عمار بن موسى الساباطي(فطحي ثقة) عن أبي عبد اللهt قال إنه سُئل عن رجل ليس عليه إلا ثوبٌ ولا تحل الصلاةُ فيه، وليس يَجِدُ ماءً يَغْسِلُه، كيف يصنع ؟ قال : ( يتَيَمَّم ويصَلّي، فإذا أصاب ماءً غسله وأعاد الصلاة )[4] موثّقة السند، فالظاهر قويّاً أنّ إعادة الصلاة إنما هي لسببين : نقصان أصل العمل وكون وقت العمل باقياً .
ثم إنه بعد تماميّة الوضوء إذا زال العذر هو يعلم بأنه قد أتى بعمل ناقص قبل قليل، فهل يمكن له الحكم بصحّة وضوئه بحيث يكون له أن يقوم إلى صلاة الفريضة ؟ فيه شكّ واضح، وأصالةُ الإشتغال ترفض الحكمَ بصحّة صلاته في هكذا حالة . على أنني لم أجد إطلاقاً في أدلّة الوضوء يمكن التمسّك به للقول بالإكتفاء بهذا الوضوء الناقص إذا ارتفع العذرُ . ولذلك أجمع علماؤنا في الحاشية على العروة الوثقى بأنه إذا وجد المتيمّمُ الماء قبل الصلاة فلا يصحّ أن يصلّي بتيمّمه هذا، وإنما عليه أن يتوضّأ[5] .



[1] المراد بـ متعة الحجّ : عمرة التمتّع السابقة لحجّ التمتّع، ولعلّك تعلم أنّ عمر حينما نَهَى عن متعة الحجّ ومتعة النساء كان يقصد عمرة التمتّع والزواج المؤقّت . .
[5] حاشية العروة الوثقى : طبعة المجلّدين، في أحكام التيمّم مسألة 13، ص 504 ..

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo