< قائمة الدروس

بحوث الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

37/04/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : إذا توضّأ وضوءَ الضرورة ثم زالت الضرورة
مسألة 41 : إذا توضّأ وضوءَ التقيّةِ، ثم زالت التقيّةُ فلا يجب إعادةُ الوضوء، أمّا لو توضّأ وضوءً ناقصاً لسائر الضرورات ثم زالت الضرورةُ فلا شكّ في وجوب إعادةِ الوضوء .
لا يبعد عدم وجوب إعادة الوضوء في خصوص التقيّة إذا ارتفعت التقيّةُ بعد الوضوء وقبل الصلاة، لأنّ التقيّةَ ـ كما في الروايات السابقة ـ ديني ودين آبائي، ومَن لا تقيّةَ له لا دِينَ له ولا إيمان له .
وقد يقال : هي طهارة شرعيّة تماماً، ولم يثبت أنّه إذا زالت التقيّةُ يـبطل الوضوء .
فأقول : هذا الدليل غير صحيح لأنه يعتمد في (البقاء على الوضوء) على استصحاب بقائه، وهو استصحاب في الشبهات الحكميّة .
على كلٍّ، عرفت المناطَ في صحّة وضوء التقيّة المداراتيّة في مسألة سابقة (رقم 35 / الطائفة الرابعة من الروايات) رغم وجود مندوحة في الوضوء في مكان لا تقيّة فيه، وعرفت أنه لا تجب إعادة الوضوء ولا الصلاة للإطلاق المقامي في ذلك، فإنه لم يقل إمام إنه تجب الإعادة أو القضاء . كما لا يبعد القول بأنّ كثرةَ التحريضِ على العمل بالتقيّة وأنها (دِيني ودين آبائي ) تشير إلى جواز أن يتوضّأ المؤمنُ معهم وضوء التقيّة ويصلّي معهم كصلاتهم حتى مع وجود مندوحة بالذهاب إلى بيته فضلاً عن ارتفاع العذر . وعليه فلو توضّأ وضوء التقيّة عندهم لصلاة الظهر مثلاً، فله أن يصَلّي بنفس وضوء التقيّة السابقِ صلاتَي العشاءين في بيته ـ مثلاً ـ بلا شكّ .
لكنْ في غير التقيّة من الضرورات لا يبعد وجوب إعادة الوضوء كما قلنا في مسألة سابقة (رقم 39)، وقد يُفهم هذا الأمرُ ممّا رواه في التهذيبين أيضاً بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسن بن علي(بن فضّال) عن عمرو بن سعيد عن مصدّق بن صدقة(فطحي ثقة) عن عمار بن موسى الساباطي(فطحي ثقة) عن أبي عبد اللهt قال إنه سُئل عن رجل ليس عليه إلا ثوبٌ ولا تحل الصلاةُ فيه، وليس يَجِدُ ماءً يَغْسِلُه، كيف يصنع ؟ قال : ( يتَيَمَّم ويصَلّي، فإذا أصاب ماءً غسله وأعاد الصلاة )[1] موثّقة السند، فالظاهر قويّاً أنّ إعادة الصلاة إنما هي لسببين : نقصان أصل العمل ـ أي عدم تحقّق المصلحة التامّة ـ وكون وقت العمل باقياً .
ثم إنه بعد تماميّة الوضوء إذا زال العذر هو يعلم بأنه قد أتى بوضوءٍ ناقص قبل قليل، فهل يمكن له الحكم بصحّة وضوئه بحيث يكون له أن يقوم إلى صلاة الفريضة ؟ فيه شكّ واضح، فنحن لا نعلم بالإكتفاء بالمصلحة المؤقّتة، لِمَا بعد زوال العذر، على أنني لم أجد إطلاقاً في أدلّة الوضوء الناقصِ يمكن التمسّك به للقول بالإكتفاء بهذا الوضوء الناقص إذا ارتفع العذرُ، لأنها ناظرة إلى حال الإضطرار، لا إلى حال ارتفاعه، ولا يصحّ استصحابُ بقاءِ الطهارة ـ بعد ارتفاع العُذْرِ ـ لأنه استصحاب في الشبهات الحكميّة، لأننا إن اردنا إجراءَ الإستصحابِ فإنما نستصحب بقاءَ الطهارة الناقصة، لما بعد ارتفاع العذر، وهذه النتيجة لا تُثبت الإكتفاءَ بهذه الطهارة الناقصة، أي أننا حتى ولو استصحبنا بقاء الطهارة الناقصة فإنه يوجد شكّ في الإكتفاء بالصلاة بهذه الطهارة الناقصة، ولا طريق لنا لإثبات صحّة الصلاة بهذا الوضوء الناقص، ولذلك يجب ـ عقلاً ـ الرجوعُ إلى أصالة الإشتغال التي ترفض الحكمَ بصحّة صلاته في هكذا حالة . وقد تعرّضنا لهذه المسألة قبل قليل (في مسألة 39) . وقد أجمع علماؤنا في الحاشية على العروة الوثقى بأنه إذا وجد المتيمّمُ الماءَ قبل الصلاة فلا يصحّ أن يصلّي بتيمّمه هذا، وإنما عليه أن يتوضّأ[2].


[2] حاشية العروة الوثقى، طبعة المجلّدين، في أحكام التيمّم، مسألة 13، ص 504 ..

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo