< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الفقه

37/05/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : إذا كان الوضوء علّةً وسبباً واضحاً للتصرّف الزائد في شيء مغصوبٍ

مسألة 14 : إذا كان الوضوء علّةً وسبباً واضحاً للتصرّف الزائد في شيء مغصوبٍ ـ كما لو كان يتوضّأ وهو يلبس ثياباً مغصوبةً ـ فوضوؤه باطلٌ على الأحوط وجوباً ، ولكن إن كان الوضوء يستلزم التصرّف بالمغصوب ـ كـتحريكه مِن بعيد مثلاً ـ مع عدم صِدْقِ زيادةِ التصرّف بالمغصوب عرفاً فإنه يكون صحيحاً بلا شكّ طالما كان الوضوءُ مشتملاً على كافّة الأجزاء والشرائط ، وذلك كما لو غَصَبَ خشبةً ووضعَها على حوض الماء وصار يتوضّأ ارتماساً من حوض الماء وصارت الخشبةُ تهتزّ بسبب وضوئه الإرتماسي ، فإنّ العُرْفَ لا يَرى أنّ وضوءه الإرتماسي هو سبب وعلّة لزيادة التصرّف بالمغصوب وأنه تصرّف بالمغصوب وأنه مبغوض لأنه زيادة في التصرّف .

ذكرنا سابقاً أنّ المقدّمة التوليديّة للحرام ـ أي المقدّمة المُنْـتِجة للمعلول الحرام ـ هي المحرّمة ، كإلقاء شخص من شاهق ، وكالضغط على الزناد من المسدّسِ ظلماً على شخصٍ ، وعليه فلو عُدّ التصرّفُ غصباً وأنّ التوضؤَ مقدّمةٌ توليديّة لزيادة التصرّف في المغصوب ، فيجب ح أن يكون هذا التوضُّؤُ مبغوضاً ، وبالتالي حراماً . وأمّا إن لم يُعَدَّ تصرّفاً فالوضوءُ بما أنه مشتملٌ على كافّة الأجزاء والشرائط فإنه يجب أن يكون صحيحاً ، وذلك كما لو غَصَبَ خشبةً ووضَعَها على حوض الماء وصار يتوضّأ من حوض الماء ارتماساً ، وبالتالي صارت الخشبةُ المغصوبةُ تهتزّ بحركات المتوضّئ ، فهذا التوضّؤ لا يعتبر علّةً ـ بنظر العرف ـ في زيادةِ التصرّفِ في المغصوب .

مسألة 15 : الوضوء تحت الخيمة المغصوبة إن عُدَّ تصرفاً فيها عرفاً هو باطل ، وذلك كما لو وضع شخصٌ خيمتَه العاديّة على الأرض في أرض مباحة ، بحيث صار حقّ الإختصاص بهذه الأرض وبفضاء الخيمة له ، فدخَلَ شخصٌ وأراد أن يتوضّأ ويصلّي تحت الخيمة من دون إذن صاحب الخيمة ، فهذا الوضوء وهذه الصلاة باطلتان ، لأنّ حقّ الإختصاص ـ شرعاً ـ بالأرض والفضاء هو لصاحب الخيمة . أمّا إن لم يُعَدَّ الوضوءُ تحت الخيمةِ تصرّفاً بها بنظر العرف ، كما لو كانت الخيمةُ معلّقةً فوق الشجرة ، عاليةً جدّاً عن الأرض ، فوقف شخصٌ في ظلّها يتوضّأ ، فهذا لا يُطلَقُ عليه عرفاً أنه غاصب من صاحب الخيمة شيئاً ، فلا محالة يكون وضوؤه وصلاته صحيحين . ومع الشكّ في كونه ظلماً وتعدّياً أوْ لا ، كما لو كان يتوضّأ في جنب خيمة الغيرِ من الخارج ويستظلّ بظلّها ويبعثر شيئاً من الماء قُرْبَها ، فالأصلُ براءةُ الذمّة وعدمُ الضمان وصحّةُ الوضوء والصلاة طالما كانا مشتملين على كافّة الأجزاء والشرائط .

واللهُ يُبغِضُ التعدّي على الناس ويُبْغِضُ ظُلمَهم ، وهذا ظلمٌ واضح ، لذلك يكون نفسُ الوضوءِ تحت الخيمة مبغوضاً عند الله ، والمبغوض لا يصير عبادةً محبوبةً حتى وإن كانت مقولة الوضوء ـ أي حقيقة الوضوء ـ غيرَ مقولة كونه تحت الخيمة ، حتى وإن لم يكن يتصرّفُ بنفس الخيمة ، فإنّ واضع الخيمة حين وضعها لينام تحتها أو ليستريح مثلاً فإنما قصد الحيازة في هذا الزمان ، والمفروض أنّ الحيازة له جائزةٌ ولا مانع منها ، فكان لصاحب الخيمة حقُّ الأولويّة والتقدّم ، حتى وإن لم يَصِرْ مالكاً ، فيصير ذلك الشخص الداخل إلى الخيمة من دون إذن صاحبها متعدّياً على حقّ غيره بشكل واضح .

وأمّا في الحالة الثانية فهو لم يتعدَّ على صاحب الخيمة ولم يسلب من حقّه شيئاً .

ومع الشكّ في كونه ظلماً أوْ لا ، فالأصلُ براءةُ الذمّة وعدم الضمان وصحّة الوضوء والصلاة طالما كانا مشتملين على كافّة الأجزاء والشرائط . ولك أن تقول : لعدم اتّحاد مقولة الوضوء والصلاة مع مقولة الأين ـ أقصد من مقولة الأين : كونَه في مكان معيّن ككونه تحت جهة خارجيّة من جهات الخيمة مثلاً .

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo