< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الفقه

37/07/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الثالث عشر من شرائط الوضوء : خلوصُ النيّة

الثالث عشر من شرائط الوضوء : خلوصُ النيّة ، فلو ضَمَّ إليه الرياءَ بَطَلَ ، فلو ذهب إلى المسجد وصلّى فيه رياءَ الناس ، أو صلّى في أوّل الوقت رياءً كانت صلاته باطلة ، وأمّا إن تحنّك رياءً أو صار يـبكي أو يظهر الخشوعَ في صلاته رياءً فصلاتُه صحيحة ، والفرق بـينهما هو أنّ صلاته في المسجد أو في أوّل الوقت هي صلاة المرائي ، فهي نفسها مبغوضة ، لأنّ الرياء هنا هو في نفس العمل ، فلا تكون عبادة ، وأمّا التحنُّك ونحوُه فهما خارجان عن ماهيّة الصلاة ، أمّا نفس الصلاة هنا فهي بنفسها محبوبة ، والتحنُّكُ خارج عن الصلاة ، أي أنّ التحنّك والبكاء ونحوهما هي أمور داخلة في كيفيّة العمل ، لا في ماهيّته الواجبة . أمّا لو كان الرياء في الأجزاء المستحبّة ـ في الصلاة أو في الوضوء ـ فأيضاً لا يضرّ الرياء في صحتها ، كما لو قنت رياءً أو سبّح في الركوع أو السجود كـثيراً ، رياءً . ولو رائى في جزء من صلاته كما في قراءة سورة طويلة ، فهذه القراءة المراآتية تُـفسِد نفس الجزء ، ولا تفسد كلّ الصلاة ، فعلى المصلّي أن يعيد هذا الجزء . نعم المراءات في الأركان تفسد الصلاة لعدم إمكان إعادتها. أمّا في الوضوء فلا بدّ من إعادة هذا الجزء الواجب الذي راءَى فيه . ولو شكّ في كون ما يفعله رياءً أو لا فعليه أن يعيد العمل لأصالة الإشتغال .

وأمّا العجب ، فالمتأخّرُ منه ـ أي بعد انـتهاء الوضوء مثلاً أو بعد الصلاة ـ لا يضرّ بهما قطعاً . أمّا العجب المقارن للعمل فيمكن أن يكون مفسداً للعمل ، للظنّ بمبغوضيّته عند الله تبارك وتعالى .

وأمّا حبّ السمعة فكالعجب والرياء تماماً ، فالمهمّ أن يتأكّد الإنسان من محبوبـيّة ما يفعله عند الله سبحانه وتعالى .

ولو توضّأ لهدفين كلٌّ منهما جزء العلّة وهما : الكون على الطهارة والتبرّد لكان وضوؤه باطلاً . أمّا لو كان كلٌّ منهما علّة تامّة بمعنى أنه لولا التبرّدُ لتوضّأ أيضاً ، فلا بأس .

والخلاصة هي أنّ على المصلّي أن يصلّيَ لله جلّ وعلا وحْدَه ، لا أن يُشْرِكَ معه الناسَ . وعليه فلا بأس أن يُسَرَّ المصلّي إذا رآه الناسُ ، لكن على أن يكون عملُه للهQ وحده . كما لا بأس أن يتوضّأ الشخص لهدفين : الأوّل لنفسه ـ أي ليصير على طهارة ـ والثاني لتعليم غيره ، طالما كانت نِـيّةُ القربةِ حاصلةً عنده .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال الله تعالى[ .. فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ (7)] [1] ، ومن الواضح عقلاً منافاةُ العبادة مع الرياء ، لا بل الرياء ـ بصريح الآية الكريمة ـ منهيٌّ عنه ، المهمّ أن تكون العبادة خالصةً لوجهه الكريم عزوجل ، وتكون العلّة التامّة والوحيدة لعبادة المولى تعالى هو أمْرُ الله وإرادةُ عبادته فقط لا غير .

ولذلك إذا توضّأ الإنسانُ رياءَ الناس فهذا الوضوء يجب أن يكون باطلاً لأنه منهيّ عنه ، وقد استفاضت الروايات في ذلك ، وأنت تعلم أنّ النهي عن العبادة يستلزم عقلاً فسادَها وبطلانَها ، إذ أنّ قوام العبادة أن تكون محبوبةً ومطلوبةً من قبل الباري عزّ وجلّ . ولا شكّ أنه لمجموع ذلك أجمع علماؤنا على بطلان العبادة التي يأتي بها الإنسان رياءً [2] .

ولو راءى في الأجزاء المستحبّة فإنّ الرياء فيها وإن كان يبطلها ولكن هذا الرياء في الأجزاء المستحبّة لا يضرّ في صحة الصلاة ولا يفسدها ، وذلك كما لو قَنَتَ رياءً أو سبّح في الركوع أو السجود كـثيراً ، رياءً ، وذلك لأنّ الأجزاء المستحبّة في الصلاة خارجةٌ عن الماهيّة الواجبة، بدليل عدم انـتـفاء الماهيّة بانـتـفائها ، فتكون الصلاة ظرفاً فقط لهذه الأجزاء المستحبّة . ولا دليل على بطلان الصلاة في هكذا فرض بعد أن كانت كلّ أجزائها الواجبة وشرائطها صحيحة .

ولو شكّ في كون ما يفعله رياءً أو لا فلا دليل محرز ولا أصل عملي يصحّح وضوءه أو صلاته ، وإنما المورد هنا مجرى لأصالة الإشتغال ، أي أنّ عليه أن يعيد وضوءه وصلاته ، بمعنى أنّ عليه أن يُحْرِزَ الإخلاصَ في عمله .

وأمّا العجب ، فالمتأخّرُ منه ـ أي بعد انـتهاء الوضوء مثلاً أو بعد الصلاة ـ لا يضرّ بهما قطعاً ، أو قُلْ : لا دليل على مبطليّته للصلاة السابقة ، ولعلّ القولَ بعدم مُبْطِلِيَّتِه إجماعيٌّ .

أمّا العجب المقارن للعمل فيمكن أن يكون مفسداً للعمل ، للظنّ بمبغوضيّته عند الله تبارك وتعالى .

وأمّا حبّ السمعة فكالعجب والرياء تماماً ، فالمهمّ أن يتأكّد الإنسان من محبوبـيّة ما يفعله عند الله سبحانه وتعالى .

ولو توضّأ لهدفين كلّ منهما جزء العلّة وهما : الكون على الطهارة والتبرّد لكان وضوؤه باطلاً ، لأنه نقْصٌ في العبوديّة ، لأنه لولا التبرّدُ لما توضّأ . أمّا لو كان كلٌّ منهما علّة تامّة بمعنى أنه لولا التبرّد لتوضّأ أيضاً فلا بأس ، لأنّ هذا لا ينافي الإخلاص المعتبر في العبادة ، وبالتالي لا نقْصَ في هذه العبادة .

والخلاصة هي أنّ على المصلّي أن يصلّي لله جلّ وعلا وحْدَه ، لا أن يُشْرِكَ معه الناسَ . وعليه فلا بأس أن يُسَرَّ إذا رآه الناسُ ، لكن على أن يكون عملُه لله عزوجل وحده ، فقد روى في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبـيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سألته عن الرجل يعمل الشيءَ من الخير فيراه إنسانٌ فيُسِرُّه ذلك ؟ قال : ( لا بأس ، ما مِن أحَدٍ إلاّ وهو يحب أن يَظهر له في الناس الخيرُ إذا لم يكن صَنَعَ ذلك لذلك )[3] صحيحة السند ، ومثلُها ما رواه في الكافي أيضاً عن علي بن إبراهيم عن أبـيه عن ابن أبي عمير عن القاسم بن عروة (يمكن توثيقه لرواية ابن أبي عمير عنه في نفس هذه الرواية) عن أبي العباس (البقباق : الفضل بن عبد الملك ثقة عَين له كتاب) قال قال أبو عبد الله(عليه السلام) : ( مَن سَرَّتْهُ حسنـتُه وساءَتْهُ سَيِّئَـتُه فهو مؤمن )[4] مصحّحة السند .

كما لا بأس أن يتوضّأ الشخص لهدفين : الأوّل لنفسه ـ أي ليصير على طهارة ـ والثاني لتعليم غيره ، طالما كانت نِـيّةُ القربةِ حاصلةً عنده ، كما لا بأس أن يصلّي الإنسانُ لله عزوجل ليعلِّمَ الناسَ على عبادة الله سبحانه وتعالى ويحثّهم عليها ، ففي أصول الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن (عبد الله بن محمد) الحجال (ثقة ثقة) عن العلاء (بن رزين ثقة جليل القدر) عن (عبد الله) ابن أبي يعفور (ثقة ثقة) قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) : ( كونوا دعاةً للناس بغير ألسنـتكم ، ليروا منكم الورع والإجتهاد والصلاة والخير ، فإنَّ ذلك داعية )[5] صحيحة السند .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo