< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الفقه

37/12/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : إذا تَيَقَّنَ ترْك جزءٍ أو شرطٍ من أجزاء أو شرائط الوضوء

مسألة 45 : إذا تَيَقَّنَ ترْك جزءٍ أو شرطٍ من أجزاء أو شرائط الوضوء فإن لم تـَفُتِ الموالاةُ رجع وتدارك وأتى بما بعده1 . وأما إن شك في ذلك فإمّا أن يكون بعد الفراغ فإنه يَـبنِي على صحّة وضوئه بالإجماع لقاعدة الفراغ ، وإمّا أن يكون الشكّ في الأثـناء ، فح يأتي به وبما بعده، حتى وإن كان الشك ـ قبل مسح الرجل اليسرى ـ في غسل الوجه مثلاً أو في جزء منه ، وإن كان الشكُّ في فعْلِ غيرِ الجزء الأخير وكان الشكُّ بَعد الفراغ من الوضوء فإنه يـَبنِي على الصحة ، لقاعدة الفراغ ، وكذا إن كان الشك في فِعْلِ الجزءِ الأخير إن كان بعد الدخول في عمل آخر أو كان بعدما جلس طويلاً أو كان بعد القيام عن محل الوضوء والإنصراف عنه ، وذلك لتحقّق الفراغ بنظر العرف بما ذُكِرَ ، وأمّا إن كان قبل ذلك فإنّ عليه أن يأتي به إن لم تَـفُتِ الموالاةُ . وأمّا إنْ شَكّ بالإتيان ببعض الأجزاء وشَكّ في بقاء الموالاة وفواتِها فالأحوطُ وجوباً أن يعيد وضوءَه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 هذا أمر عقلي واضح ، لأنّ فوات الجزء يوجب فواتَ الكلّ ، وفي يـب عن المفيد عن أحمد بن محمد (بن الحسن بن الوليد) عن أبـيه عن أحمد بن إدريس وسعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد (بن عيسى أو ابن خالد البرقي) عن الحسين بن سعيد عن حمّاد (بن عيسى) عن حريز عن زرارة عن أبـي جعفر (عليهم السلام) قال : ( إذا كـنـتَ قاعداً في وضوئك فلم تدرِ أغسلت ذراعيك أم لا فأعِدْ عليهما وعلى جميع ما شككت فيه أنك لم تغسله مما سمَّى اللهُ تعالى ما دمت في حال الوضوء ، فإذا قمتَ من الوضوء وفرغت منه وصرت في حالة اُخرى في الصلاة أو غيرها فشككت في بعض ما سمَّى اللهُ تعالى مما أوجب عليك لا شيء عليك فيه ، فإن شككت في مسح رأسك فأصبت في لحيتك بللاً فامسح بها عليه وعلى ظهر قدميك ، فإن لم تصب بللاً فلا تـنقضِ الوضوء بالشك وامض في صلاتك ، وإن تيقنـت أنك لم تُـتِمَّ وضوءَك فأعد على ما تركت يقيناً حتى تأتي على الوضوء )[1] صحيحة السند ، ولذلك أجمع العلماء على هذا الحكم .

وأمّا إذا كان الشكّ أثناء الوضوء فإنه بلا شكّ ولا خلاف يجب عليه أن يعيد ما شكّ في الإتيان به ، وذلك لنفس الرواية السابقة عندما قال ( إذا كنـت قاعداً في وضوئك فلم تدرِ أغسلت ذراعيك أم لا فأعِدْ عليهما وعلى جميع ما شككت فيه أنك لم تغسله مما سمَّى اللهُ تعالى ما دمتَ في حال الوضوء ... فإن شككت في مسح رأسك فأصبت في لحيتك بللاً فامسح بها عليه وعلى ظهر قدميك ) .

فإن قلتَ : لكنْ يعارضُها ما رواه في يـب أيضاً عن المفيد عن أحمد بن محمد (بن الحسن بن الوليد) عن أبـيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبـي نصر عن عبد الكريم بن عمرو (ثقة ثقة عين إلاّ أنه وقف على الإمام الكاظم (عليه السلام)) عن عبد الله بن أبـي يعفور عن أبـي عبد الله (عليه السلام) قال : ( إذا شككتَ في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكك بشيء ، إنما الشك إذا كـنـت في شيء لم تَجُزْه )[2] موثّقة السند ، ورواها ابن إدريس في (آخر السرائر) نقلاً من كتاب النوادر لأحمد بن محمد بن أبـي نصر مثله ، وأيضاً روى في التهذيـب بإسناده ـ الصحيح ـ عن أحمد بن محمد (بن عيسى) عن أحمد بن محمد بن أبـي نصر عن حمّاد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن زرارة قال قلت لأبـي عبد الله (عليه السلام) : رجل شكّ في الأذان وقد دخل في الإقامة ؟ قال : ( يمضي ) ، قلت : رجل شكّ في الأذان والإقامة وقد كبّر ؟ قال : ( يمضي ) ، قلت : رجل شكّ في التكبـير وقد قرأ ؟ قال : ( يمضي ) ، قلت : شكّ في القراءة وقد ركع ؟ قال ( يمضي ) ، قلت : شكّ في الركوع وقد سجد ؟ قال : ( يمضي على صلاته ) ، ثم قال : ( يا زرارة ، إذا خرجْتَ مِن شيء ثم دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء )[3] صحيحة السند ، ومثلهما ما رواه في التهذيبين بإسناده عن سعد عن أحمد بن محمد عن أبـيه عن عبد الله بن المغيرة عن اسماعيل بن جابر قال قال أبو جعفر (عليهم السلام) : ( إن شَكَّ في الركوع بعدما سجد فليمضِ ، وإن شَكَّ في السجود بعدما قام فليمضِ ، كلُّ شيءٍ شَكَّ فيه مما قد جاوزه ودَخَلَ في غيره فليَمْضِ عليه )[4] صحيحة السند .

قلتُ : الجمع العرفي بين صحيحة زرارة وهذه الروايات أن نقول بأنّ المراد من ( إذا شككتَ في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكك بشيء ، إنما الشك إذا كـنـت في شيء لم تَجُزْه ) هو : .. وقد دخلتَ في غير الوضوء . وأمّا قولُه (عليه السلام) ( إذا خرجْتَ مِن شيء ثم دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء ) فيمكن جداً أن يكون ناظراً إلى مورد السؤال وهو مورد الصلاة ، أو أنّ الشكّ أثناء الوضوء لا يصدق عليه أنك دخلت في غيره . ومثلُها الرواية الأخيرة . المهم هو أنّه يصعب التصرّف في صحيحة زرارة الأولى لصراحتها فيما نقول ، خاصةً مع الإجماع على الأخذ بصحيحة زرارة .

وأمّا إن كان الشكّ بعد الفراغ فلا شكّ في البناء على الصحّة بالإجماع لروايات الفراغ من قبيل الروايات السابقة وما رواه في يـب أيضاً بإسناده عن سعد بن عبد الله عن موسى بن جعفر (البغدادي المدائني مجهول) عن أبـي جعفر (محمد بن الحسن بن شمّون البصري واقف ثم غلا كان ضعيفاً جداً لا يلتـفت إليه) عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي (ثقة كثير الرواية) عن الحسن بن علي بن فضال عن عبد الله بن بكير عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : ( كل ما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكراً فامضه ولا إعادة عليك فيه )[5] ضعيفة السند .

وإمّا أن يكون الشكّ في الأثـناء ، فح يأتي به وبما بعده ، حتى وإن كان الشك ـ قبل مسح الرجل اليسرى ـ في غسل الوجه مثلاً أو في جزء منه ، للصحيحة السابقة ( إذا كـنـتَ قاعداً في وضوئك فلم تدرِ أغسلت ذراعيك أم لا فأعِدْ عليهما وعلى جميع ما شككت فيه أنك لم تغسله مما سمَّى اللهُ تعالى ما دمت في حال الوضوء )[6] .

وإن كان الشكّ في فِعْلِ غيرِ الجزء الأخير ، ولكن بعد الفراغ من الوضوء فإنه يَـبنِي على الصحة ، لقاعدة الفراغ التي عرفت أدلّتها من خلال موثّقة عبد الله بن أبـي يعفور وصحيحتَي زرارة واسماعيل بن جابر السالفة الذكر .

وكذا إن كان الشك في فِعْلِ الجزءِ الأخير إن كان بعد الدخول في عمل آخر أو كان بعدما جلس طويلاً أو كان بعد القيام عن محل الوضوء، وذلك لوضوح تحقّق الفراغ ولما عرفت من مشروعيّة قاعدة الفراغ .

وأمّا إن كان قبل ذلك فإنه يجب عليه أن يأتيَ به إن لم تـَفُتِ الموالاةُ ، وذلك لقاعدة الإشتغال التي هي فرع من فروع الإستصحاب .

وأمّا إن شكّ في بقاء الموالاة وفواتها فإنه إنْ أراد أن يستصحب بقاء الموالاة ليحقّق عنوان الموالاة وبالتالي ليحقّق موضوعَ أصالة الإشتغال ، وح يأتي بما يشكّ في فواته فهو أصل مثبت بوضوح ، ولذلك فالأحوط وجوباً أن يعيد وضوءَه .

مسألة 46 : لا اعتبار بشك كـثير الشك ، سواء كان في الأجزاء أو في الشرائط أو الموانع ، لكنْ عدمُ الإعتـناءِ إنما يكون في خصوص المورد الذي يكون فيه كـثيرَ الشكّ 2 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2 ذكرنا في (فصل في ثبوت النجاسة مسألة 1 عند قوله لا اعتبار بعِلْمِ الوسواسي) بحثاً مفصّلاً يفيدنا عدمَ اعتبار شكّ كثير الشكّ ، فراجع . ويكفي أن نذكر منها بعضَ الروايات[7] للتبرّك :

1 ـ روى في الكافي عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين (بن أبـي الخطّاب) عن صفوان (بن يحيى) عن العلاء (بن رزين القلاّء) عن محمد بن مسلم عن أبـي جعفر (عليه السلام) قال : ( إذا كثر عليك السهو فامضِ على صلاتك فإنه يوشك أن يدعك ، إنما هو من الشيطان ) صحيحة السند .

2 ـ وروى فيه أيضاً عن علي بن إبراهيم عن أبـيه ، وعن محمد بن إسماعيل (أبو الحسن النيسابوري) عن الفضل بن شاذان جميعاً عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة وأبـي بصير جميعاً قالا قلنا له : الرجل يشك كثيراً في صلاته حتى لا يدري كم صلى ولا ما بقي عليه ؟ قال : ( يعيد ) ، قلنا : فإنه يكثر عليه ذلك كلما أعاد شك ؟ قال : ( يمضي في شكه ) ثم قال : ( لا تُعَوِّدُوا الخبـيثَ من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه ، فإنّ الشيطانَ خبـيثٌ مُعتادٌ لما عُوِّدَ ، فليَمْضِ أحدُكم في الوهم ، ولا يُكثِرَنَّ نقضَ الصلاة ، فإنه إذا فعل ذلك مرات لم يَعُدْ إليه الشكُّ ) ، قال زرارة ثم قال : ( إنما يريد الخبـيثُ أن يطاع ، فإذا عُصِيَ لم يَعُدْ إلى أحدكم ) صحيحة السند .

3 ـ وفي التهذيـبـين بإسناده عن سعد عن أحمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدق عن عمار عن أبـي عبد الله (عليه السلام) في الرجل يكثر عليه الوهم في الصلاة فيشك في الركوع فلا يدري أركع أم لا ، ويشك في السجود فلا يدري أسجد أم لا ، فقال : ( لا يسجد ولا يركع ويمضي في صلاته حتى يستيقن يقيناً ) موثّـقة السند .

4 ـ وفي الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن (الحسن) ابن محبوب عن عبد الله بن سنان قال : ذكرت لأبـي عبد الله (عليه السلام ) رجلاً مبتلى بالوضوء والصلاة ، وقلت : هو رجل عاقل ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام ) : ( وأي عقل له وهو يطيع الشيطان ؟! ) فقلت له : وكيف يطيع الشيطان ؟ فقال : ( سَلْهُ ، هذا الذي يأتيه من أي شيء هو ؟ فإنه يقول لك : من عمل الشيطان ) صحيحة السند .

5 ـ وفي الفقيه أيضاً بإسناده ـ الصحيح ـ عن محمد بن أبـي عمير عن محمد بن أبـي حمزة (الثمالي ثقة فاضل) أن الصادق (عليه السلام ) قال : ( إذا كان الرجل ممن يسهو في كل ثلاث فهو ممن كثر عليه السهو ) صحيحة السند .

ويَفهم القارئُ لكلّ الروايات أنه لا اعتبار بشكّ كثير الشكّ ، سواء كان الشكُّ في الأجزاء أو في الشرائط أو الموانع ، ويَفهم أيضاً مِنَ التعليل بأنه من الشيطان أنه عامّ شامل للصلاة والوضوء وغيرهما .

مسألة 47 : التيمُّمُ الذي هو بدلٌ عن الوضوء لا يَلحَقُه حُكْمُ الوضوء في عدم جريان قاعدة التجاوز ، وإنما تجري في التيمّمِ قاعدةُ التجاوز ، وكذا الغسل والتيمم بدل الغسل ، فمع التجاوز تجري قاعدة التجاوز ، حتى وإن كان في الأثـناء ، مثلاً : إذا شك بعد الشروع في مسح الجبهة في أنه ضرب بيديه على الأرض أم لا فإنّ عليه أن يَـبنِيَ على أنه ضرب بهما ، وكذا إذا شك بعد الشروع في الطرف الأيمن في الغُسل أنه غسل رأسه أم لا فإنه لا يعتني بشكّه ، لكن الأحوط استحباباً إلحاق المذكورات أيضاً بالوضوء 3 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

3 ذكرنا في السابق قاعدتَي الفراغ والتجاوز في مسألة 3 من مسائل الإستنجاء وفي مسألة 11 من مسائل الوضوء ، ونختصر هنا بعض ما ذكرناه في السابق فنقول :

1 ـ روى في الفقيه بإسناده عن محمد بن مسلم عن أبـي عبد الله (عليه السلام ) أنه قال : ( إذا شكّ الرجل بعدما صلّى فلم يدرِ أثلاثاً صلّى أم أربعاً وكان يقينُه حين انصرف أنه كان قد أتمّ لم يُعِد الصلاةَ ، وكان حين انصرف أقربَ إلى الحقّ منه بعد ذلك ) صحيحة السند.

2 ـ وروى في التهذيـب عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن محمد بن مسلم عن أبـي جعفر (عليه السلام ) قال : ( كل ما شككت فيه بعدما تـفرغ من صلاتك فامضِ ولا تُعِد ) صحيحة السند أيضاً

3 ـ وروى في التهذيـب بإسناده ـ الصحيح ـ عن الحسين بن سعيد عن فُضالة (بن أيوب) عن أبان بن عثمان[8] عن بُكَير بن أعيَن (مستقيم جداً ومشكور جداً) قال قلت له : الرجل يشكّ بعدما يتوضّأ ؟ قال : ( هو حين يتوضّأ أذكرُ منه حين يشكّ ) . أقول : هذه الرواية ـ ظاهراً ـ مرويّة عن الإمام أبـي جعفر الباقر (عليه السلام ) ذلك لأنّ بُكَيراً هذا يروي رواياتِ الوضوء عنه (عليه السلام ) . وعلى أيّ حال لا شكّ في أنّ بُكَير لم يروِ هذه الرواية عن غير المعصوم وإلاّ لكان غاشّاً في أسانيد الروايات بل لكان غاشّاً في دين الله عزّ وجلّ ، وحاشا لمثل بُكَير أن يرتكب مثل هذا . المهم أنّ هذه الرواية موثّقة السند . وكما تعلم هو بعد الفراغ قد ينسى ، فقد يكون من الصحيح أن يقول له الشارعُ المقدّس إبنِ على أنك قد استـنجيتَ ، وهذا تعليل عقلائي من الإمامt ويفيدنا أيضاً أنّ قاعدة الفراغ هي قاعدة عقلائية ، لا محض تعبّد من دون سبـب عقلائي .

4 ـ وفي صحيحة الفضيل بن يسار قال قلت لأبـي عبد الله (عليه السلام ) : أستـتمّ قائماً فلا أدري ركعتُ أم لا ، قال : ( بلَى ، قد ركعتَ ، فامضِ في صلاتك ، فإنما ذلك من الشيطان )[9] فلم يقل الإمام (إبنِ على صحّة العمل) وإنما قال ( بلَى ، قد ركعتَ ) أي بناءً على أصالة أنّ الإنسان حين العمل يكون أذكَرَ منه حين الفراغ يجب أن يقول له العقلاء (بلَى ، قد ركعت) وذلك لأصالة الإلتـفات العقلائية أو قُلْ لأصالة الصحّة العقلائية ، إذن فهذه الرواية إشارةٌ إلى كون قاعدة الفراغ أمارة لا أصلاً عملياً ، وأنّ الإمام (عليه السلام ) حين اعتبره قد ركع فإنّ ذلك يعني أنّ عليه أن يـبني على التـفاته حين العمل ، وأنّ شكّه بعد الصلاة وسوسةٌ من الشيطان .

5 ـ وقد تستـفيد ذلك أيضاً ممّا رواه في التهذيـب بإسناده ـ الصحيح ـ عن أحمد بن محمد (بن عيسى) عن أحمد بن محمد بن أبـي نصر عن حمّاد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن زرارة قال قلت لأبـي عبد الله(عليه السلام ) : رجل شكّ في الأذان وقد دخل في الإقامة ؟ قال : ( يمضي ) ، قلت : رجل شكّ في الأذان والإقامة وقد كبّر ؟ قال : ( يمضي ) ، قلت : رجل شكّ في التكبـير وقد قرأ ؟ قال : ( يمضي ) ، قلت : شكّ في القراءة وقد ركع ؟ قال : ( يمضي ) ، قلت : شكّ في الركوع وقد سجد ؟ قال : ( يمضي على صلاته ) ، ثم قال : ( يا زرارة ، إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء )[10] صحيحة السند ، والإمام (عليه السلام ) لم يقيّد القاعدة بمورد الصلاة فقط.

فإن قلتَ : موردُ الروايات هو الصلاة ، ولم تـثبت قاعدةُ التجاوز في غير الصلاة !

قلتُ : يَفهم المحقّقُ ، من خلال التعليلات ـ ( وكان حين انصرف أقربَ إلى الحقّ منه بعد ذلك ) ( هو حين يتوضّأ أذكرُ منه حين يشكّ ) وقوله ( بلَى ، قد ركعتَ ، فامضِ في صلاتك ، فإنما ذلك من الشيطان ) ـ ومن الإطلاق في صحيحة زرارة ـ ( يا زرارة ، إذا خرجتَ من شيء ثم دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء ) ـ أنّ قاعدة التجاوز عامّة ، وأنها عقلائيّة ، خرج منها موردُ الوضوء ، ولم يثبت خروجُ غيرِه ، فنبقى على القاعدة العامّة في غير الوضوء ، ولك أن تؤيّد ذلك بأصالة عدم السهو وعدم الغفلة العقلائيّتين .

 


[8] قال عنه علي بن الحسن بن فضّال الفطحي إنه كان ناووسياً، والناووسي هو الذي وقف على الإمام جعفر الصادق (عليه السلام ) وقال عنه إنه حيّ لن يموت حتى يَظهَرَ ويَظهَرُ أمرُه، وهو القائم المهدِيّ . وعن الملل والنحل : وقالوا إنّ عليّاً (عليه السلام ) مات وستـنشقّ الأرض عنه قبل يوم القيامة فيملأ الأرض عدلاً، قيل : نُسِبوا إلى رجل يُقال له ناووس، وقيل : إلى قرية يُقال لها ذلك . ثم إنه لا شكّ في وثاقة أبان بن عثمان لشهادة الكشي أنّ (العصابة أجمعت على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم لما يقولون ... وهم : ... وأبان بن عثمان ...)، والصدوق في الفقيه يروي عنه مباشرة.
[9] راجع وسائل الشيعة، الحر العاملي : ب27، من أبواب الخلل أحاديث 1، 2 و 3 . لعلّك تذكر بأنّ قاعدة الفراغ ناظرةٌ إلى الشكّ في صحّة العمل، وقاعدةُ التجاوز ناظرةٌ إلى الشكّ في أصل الوجود، وهاتان القاعدتان هما أمارتان وليستا أصولاً عملية.
[10] راجع وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج ب27 من أبواب الخلل أحاديث 1، 2 و 3 .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo