< قائمة الدروس

بحث الأصول

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/03/09

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان:الفرق بين الأمارة والاُصول العملية عند السيد الخوئي والشهيد الصدر
بإختصار شديد، يقول السيد الخوئي بأنّ الإستصحاب هو أمارةٌ رغم أنه لا تثبت لوازمه، فإنه ليس بالضرورة أن تكون لوازم كلّ الأمارات حجّة، وإنما يجب الإقتصار في ترتّب اللوازم على مقدار التعبّد فقط، ولم يثبت في الإستصحاب إلاّ التعبّد بالمدلول المطابقي للإستصحاب، وثبت في خبر الثقة المدلولان المطابقي والإلتزامي لكون ادّعاء الكاشفية هو فيهما معاً بنفس القوّة .
وأمّا كون الإستصحاب أمارةً فلأنّ الشارع المقدّس حينما تعبّدنا بحجيّة الإستصحاب إنما تعبّدنا بها لكاشفيّتها، كما هو الحال في خبر الثقة تماماً، فكما كان خبر الثقة أمارةً حجّة لكاشفيّته، فكذلك الإستصحابُ حجّة لكاشفيّته، لاحظْ قولَ الإمام (عليه السلام) : ( فإنه على يقين من وضوئه )[1] فتلاحظ أنّ الإمامَ (عليه السلام ) استخدم الإرتكازَ العقلائي دليلاً على وجود كاشفيّة في الإستصحابِ منشؤها اليقين بثبوت الحالة السابقة . نعم الإستصحابُ ليس كخبر الثقة من جميع الجهات، أي حتى من جهة ثبوت اللوازم، وذلك لأنّ خبر الثقة يدّعي الإخبار عن الواقع، بما فيه المدلول الإلتزامي أيضاً .
ولك أن تقول : يوجد في الإستصحاب كاشفيّةٌ ـ ولو ناقصة ـ على بقاء الحالة السابقة بدليل وجود يقين سابق، فتمّم المولى تعالى هذه الكاشفيّة واعتبرنا علماء .
فأجابه سيدنا الشهيد رحمه الله بقوله :
أوّلاً : إنه لم يرد في القرآن الكريم ولا في الروايات الشريفة تمييزٌ بين الأمارة والأصل، إنما هذا مجرّد اصطلاح عند علماء الاُصول، فاعتبروا أنّ ما يدّعي الحكاية عن الواقع، بمدلوليه المطابقي والإلتزامي هو أمارة، وبالتالي ما تكون لوازمه حجّةً فهو أمارة، وما لا يدّعي الحكاية عن الواقع لا يكون أمارةً، وبالتالي ما لا تكون لوازمه حجّةً فإنه يكون أصلاً، وليس التمييز هو ما ادّعاه السيد الخوئي من جهة الكاشفية .
ثانياً : إنّ العرف يفهمون من التعبّد ببقاء الحالة السابقة أنّ الإستصحاب هو أصلٌ عملي وليس أمارةً، وذلك لأنه لا يحكي عن واقع خارجي لا بلحاظ مدلوله المطابقي ولا بلحاظ مدلوله الإلتزامي، أو قُلْ هو لا يدّعي الحكاية عن واقع خارجي كما كان الحال في خبر الثقة، وإنما يفيدنا فقط إعطاء وظيفة عملية لا غير، وإنّ قول الإمام (عليه السلام ) فإنه على يقين من وضوئه هو إشارةٌ إلى منشأ التعبّد باستصحاب الحالة السابقة، وأنه قد كان على يقين من وضوئه، فينبغي استصحابُ الحالة السابقة، أمّا خبر الثقة فإنه قد شرّعه الله تعالى لأنه يدّعي الكشف عن الحقيقة بكلا مدلوليه المطابقي والإلتزامي، وقد تعبّدنا الله تعالى بتمام ادّعاء الثقة، وبتمام إخباره، فهو قطعاً أصل عملي، نعم بما أنّ فيه جهة كاشفية واضحة ولو من خلال قول الإمام عليه السلام السابق "فإنه على يقين من وضوئه" فيجب أن يكون أصلاً محرزاً، ولكن لا شكّ في عدم إثبات الإستصحاب للوازمه الشرعية المترتّبة على اللوازم العقلية أو التكوينية أو العاديّة .
أمّا الأصول التنزيلية فهي من قبيل قاعدة الطهارة وقاعدة الحلّ اللتين نزّلهما الله تعالى منزلة الحلال الواقعي والطاهر الواقعي ... وذلك لتصريح نفس أدلّتهما بذلك، لاحِظْ قوله (عليه السلام) ) (كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال ...)[2] ومثله قوله (عليه السلام) ( كلّ شيء نظيف حتى ...)[3]، والأمر واضح فلا نطيل .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo