< قائمة الدروس

بحث الأصول

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/06/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : قاعدة الميسور

( قاعدة الميسور )
اُستُدِلّ على قاعدة الميسور بعدّة أدلّة :
* الدليل الأول : الروايات :
الرواية الاُولى : ما رواه البيهقي في سُنَنِه عن أحمد بن حنبل عن يزيد بن هارون عن الربيع بن مسلم القرشي عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال خطبنا رسول الله (ص) فقال : ( أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج، فحجوا )، فقال رجل : أكُلَّ عامٍ يا رسول الله ؟ فسكت (ص) حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله (ص) : ( لو قلتُ نعم لوجَبَتْ ولما استطعتم )، ثم قال (ص) : ( ذَرُوني ما تَرَكْتُكُم، فإنما هَلَكَ مَن كان قَبْلَكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه )، ثمَّ قال البيهقي : ورواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب عن يزيد بن هارون السالف الذكر، وهو سند ضعيف جداً . وتقريب الدلالة مبنيّ على وجود لحاظ واحد، وهو لحاظ الجامع بين الكل والكلي، لا لحاظ الكُلّ والكُلّي بخصوصيتهما كي يكون من الجمع بين اللحاظين المتنافيين في استعمال واحد .
والثانية : ما روي عن أمير المؤمنين (ص) : ( الميسور لا يسقط بالمعسور ) .
والثالثة : أيضا عنه (ص) : ( ما لا يدرك كله لا يترك كله )[1]. وهاتان الروايتان مرسلتان، بل لا سند لهما أصلاً .
نعم هذه الروايات الثلاثة مشهورة بين الفقهاء، ولعلهم عملوا بها في بعض الأحيان .
وعمدة الكلام هو التكلم في دلالتها فأقول :
بما أنّ هذه الروايات ضعيفة السند جداً، وهي بإطلاقها بعيدة عن ذوق الفقيه ـ وإن كانت قريبة في بعض الحالات ـ فيصعب الأخذ بها، فلو لم يكن يوجد ماء إلاّ ما يكفي لغسل الوجه فقط، فلا يوجد فقيه يقول بغسله فقط ثم التيمّم، وهكذا في الصيام، وفي كثير من الأمثلة، على أننا لا نعرف الموارد التي وردت فيها هذه الروايات .

الدليل الثاني : واستدلّوا بإطلاق دليل المُرَكَّب، بمعنى أن يكون لدليل المُرَكَّب إطلاقٌ يشمل كلتا حالتَي التمكن من إيجاد الجزء وعدم التمكن منه، مثلاً : قوله تعالى ( وللهِ على الناسِ حِجُّ البيتِ مَنِ استطاع إليه سبيلاً ) لو فرضنا أننا فهمنا منه الإطلاق بحيث صار يشمل كلتا حالتي التمكن من رمي الجمرة وعدم التمكن منه، فإذا لم يكن متمكناً منه وسقط عنه هذا الجزءُ، فإنه يُتمسك بإطلاق دليل وجوب الحج لإثبات وجوب الباقي .



[1] ترى هذه الروايات الثلاثة في كتاب مئة قاعدة فقهيّة، للسيد المصطفوي، ص290.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo