< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الأصول

37/01/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الشبهة العَبَائية

وبهذه المناسبة نتعرّض لشبهةٍ معروفة بإسم [ الشبهة العَبَائية ]

هذه الشبهة منسوبة إلى الفقيه الجليل السيد اسماعيل الصدر وإليك بيانها: ( لو علمنا بإصابة النجاسةِ أحدَ طرفَي العباءة ـ لا ندري هل هو الأسفل أم هو الأعلى ـ ثم طهَّرْنا الطرفَ الأسفل ، فطهارتُه تورث الشك في بقاء (كلّي) النجاسة في العباءة لاحتمال ان تكون النجاسة المعلومة قد أصابت الطرف الأعلى فيجري فيه استصحابُ بقاء النجاسة ويلزمه القول بنجاسة الملاقِي لأعلى العباءة مع اَنه لم يلتزم به أحد ، لأن الطرف الأسفل مقطوع الطهارة ، والطرف الأعلى مشكوكُ النجاسة ، للشك في إصابة النجاسة له من الأصل ، وإذا قلنا بنجاسة ملاقِي مستصحَب النجاسة ـ وهو البَدَن ـ يلزم في المثال المذكور القولُ بنجاسة ملاقِي مقطوع الطهارة سابقاً ومشكوك النجاسة لاحقاً ، وهو باطل بالضرورة ) [1] .

ـ وأجاب عن هذه الشبهة الإمامُ الخميني+ في الرسائل ج 1 ص 129 قال : ( لا إشكال في أنه لا يترتب على استصحاب الكُلّي أثرُ الفرد ولا أثرُ غيرِه من لوازمه وملزوماته ، ضرورة أنّ بقاء الكُلّي (أي كلّي النجاسة) مستلزم عقلاً لوجود الفرد الطويل ، وهذا هو الجواب عن الشبهة العبائية المعروفة ، فإنه مع تطهير أحد طرفَي الثوب لا يجري استصحاب الفرد المردد ، ولكن جريان استصحاب (كلّيّ) النجاسة وإنْ كان مما لا مانع منه (إنْ كان يترتّب أثر شرعي على كلّيّ النجاسة) لأن وجود النجاسة في الثوب كان متيقناً ومع تطهير أحد طرفيه يُشَك في بقائه (أي كلّي النجاسة) فيه (أي في الثوب) اِلاّ اَنه لا يترتب على ملاقاة الثوب أثر ملاقاة النجس ، فإنّ استصحاب بقاء الكُلّي أو الشخص الواقعي لا يثبت كون ملاقاة الثوب أثَّرَ ملاقاةَ النجس ، فإنّ استصحاب بقاء الكُلّي أو الشخص الواقعي لا يثبت كون ملاقاة الأطراف ملاقاة النجس اِلاّ بالأصل المثبت لأن ملاقاة الأطراف ملاقاة للنجس عقلاً ).

وبيّنها في منتهى الدراية[2] بالشكل التالي قال : ( لا بأس بالتعرض للمسألة المعروفة بالمسألة العبائية التي ألقاها الفقيه الجليل السيد إسماعيل الصدر+حين تشرُّفِه بزيارة النجف الأشرف أيام حياة المصنف+في بعض مجالسه ، وهي : انّه إذا وقعت نجاسة على أحد طرفَي عباءة ، ولم يُعلم أنه الطرف الأعلى أو الأسفل ، ثم غسل الطرف الأسفل غسلاً يوجب طهارته ـ على تقدير نجاسته ـ فصارت (كلّيّ) النجاسة المعلومة بسبب هذا الغسل مشكوكةَ الإرتفاع ، ثم لاقى بدنُ المصلي كلا طرفَي العباءة ، فإنّ المنسوب إلى الفقيه المتقدم (المحقّق الميرزا الاشتياني تلميذ الشيخ الأعظم الأنصاري) عدم جريان استصحاب (كلّيّ) نجاسة العباءة ، إذ لازم جريانه هو الحكم بنجاسة البدن الملاقِي للعباءة ، وهو خلاف ما تسالموا عليه من طهارة الملاقي لبعض أطراف الشبهة المحصورة ، فإنّ المقام منها ، حيث إن البدن لاقى الطرف الأعلى مع صيرورة الطرف الأسفل طاهراً ، وبطلان اللازم ـ وهو نجاسة الملاقي لبعض أطراف الشبهة المحصورة ـ يكشف عن بطلان الملزوم ـ وهو جريان استصحاب الكُلّي في القسم الثاني[3] ـ . فنتيجة ما أفاده السيد الصدر+هي عدم جريان استصحاب الكُلّي في القسم الثاني وكونُ الحكم بطهارة البدن الملاقِي للطرف الأعلى من العباءة شاهداً على عدم جريانه فيه .


[3] منتهى الدراية، للسيد محمد جعفر الشوشتري، ج7، شرح، ص336 بيان القسم الثاني من استصحاب الكُلّي : لو شكّ في بقاء الكُلّي من جرّاء تردّد الفرد الذي وجد الكُلّي في ضمنه بين معلوم البقاء ـ وهو طويل العمر ـ وبين معلوم الإرتفاع ـ وهو قصير العمر ـ، كما إذا فرض أن الوجوب إن كان متعلقاً بصلاة الجمعة فقد ارتفع بعد مضي ساعة من الزوال، وان كان متعلقاً بالظهر فهو باقٍ إلى غروب الشمس، فالشك في بقاء طبيعي الوجوب ناشِئ من تردد الوجوب الحادث بين ما هو معلوم البقاء وبين ما هو معلوم الزوال. أقول : طالما أنّ الأثر الشرعي مترتّب على أحد فردَي العلم الإجمالي ـ كما في مثال الشبهة العبائية ـ فح لا شكّ في عدم جريان استصحاب الكُلّي هنا لعدم الأثر الشرعي لهذا الإستصحاب ـ لأنّ الأثر الذي هو الحكم بنجاسة ملاقِي الطرف الأعلى ناتج من الحكم بنجاسة الطرف الأعلى ـ بل نقول لا يجري إستصحاب الفرد القصير ـ وهو استصحاب نجاسة الطرف الأسفل الذي طهّر ـ للعِلْم بزواله وجداناً، ولا يجري استصحاب الفرد الطويل ـ وهو استصحاب نجاسة الطرف الأعلى ـ لعدم العلم بأصل حدوثه، وبكلمة واحدة لا محلّ لجريان استصحاب الكُلّي هنا لعدم كونه موضوع الأثر الشرعي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo