< قائمة الدروس

بحث الأصول

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

37/03/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : إستصحاب الشرائع السابقة
ـ إستصحاب بقاء الشرائع السابقة وعدمُ نسْخِها
موضوع البحث هنا هو إذا شكّ في نسخ بعض أحكام الشرائع السابقة ؟
فنقول : لا مشكلة في القول بصحّة استصحاب بعض أحكام الشرائع السابقة مع عدم العِلْم بنسخها بالشريعة الإسلاميّة، لكنْ يجب الفحص أوّلاً عن وجود تغيير في الحكم، وذلك لوجود علم بنسخ بعض أحكام الشرائع السابقة، فما لم يثبت فلا مشكلة في إجراء استصحاب بقاء بعض أحكام الشرائع السابقة . فإن احتملت دخالةَ الزمان السابق في الحكم السابق، فنقول : شأن الاستصحاب إلغاءُ هذا الإحتمال، وبهذا قال بعض العلماء كالشيخ الأعظم الأنصاري وصاحب الكفاية[1] .
وخالف فيه جمع كالمحقق في الشرائع وصاحبي القوانين والفصول على ما حكي عنهما، وكذلك أنكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي حفظه اللهُ صحّةَ جريان استصحاب الشرائع السابقة فقال : (في جريان استصحاب الشرائع السابقة نقاش، من ناحية عدم صحّة جريان (لا تنقض اليقينَ بالشكّ، وإنما انقضه بيقين آخر"، فالشريعة عندما تُنسخ فإنّ جميع قوانينها وأحكامها سوف تنسخ ! لا أنّ أصل الشريعة يقع في دائرة النسخ باستثناء بعض أحكامها ! ولذا كان المسلمون ـ في الصدر الأوّل للإسلام ـ ينتظرون الوحيَ الإلهي في كلّ مسألة من المسائل، ولم يتمسكوا بأحكام الشرائع الماضية)(إنتهى) [2].
أقول : لم يأتِ سماحةُ الشيخ بدليلٍ على ما يقول إلاّ أنهم كانوا ينتظرون نزول الوحي ! وهذا أمر فطري، لكن بعد وفاة رسول الله الأعظم wوعدمِ عِلْمِنا بوجود حكم في شريعتنا الغرّاء في المورد الفلاني فما المانعُ من الرجوع إلى ما نعرفه من أحكام في الشرائع السابقة، كقضيّة القرعة التي طبّقها أنبياء الله كزكريّا ويونس o، قال الله تعالى[ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ، وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ] [3] وقال [ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ][4] وكحرمة الربا، فعلى فرض عدم ورود حرمة الربا في الشريعة الإسلاميّة ما هو المانع من التمسّك بقوله تعالى[ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ الله كَثِيراً وأَخْذِهِمُ الرِّبَا وقَدْ نُهُوا عَنْهُ، وأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً ][5]، وكجواز جهالة مقدار الجعل، استشهاداً بقوله تعالى ـ في حكاية قصة مؤذن يوسف على نبينا وآله وعليه السلام ـ [ قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ المَلِكِ، وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72)] [6].
لا، بل لا يجوز إنكارُ شرائع الله السابقة إلاّ بدليل على النسخ، بل المقتضي لجريان الإستصحاب في الشرائع السابقة عدّة اُمور : (1) الإطلاق الأزماني لتلك الأحكام بعد عدم وجود مقيّد بتلك الأزمان والأشخاص، و (2) ظهور ثبوت الأحكام في الشرائع السابقة بنحو القضية الحقيقية لعامّة المكلفين لا لخصوص تلك الملة، و (3) إطلاق أدلّة الإستصحاب ووجود أركانها، والمانع مفقود . وقدّمنا الإطلاقَ على الإستصحاب لكونه وارداً عليه .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo