درس خارج اصول
استاد علی اکبر رشاد
91/10/06
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: تقسيمات دلالت
الملاکاتُ الأخریٰ لتقسیم الدّلالة : بما أنّ للدّلالة اللفظیّة کظاهرة إجتماعیّة أطرافاً متعدّدةً ولکلّ منها أحوال وأنواع مختلفة، فهي تنقسم بتبع تنوّع أحوال وأنواع أطرافها إلی أقسام شتّیٰ بمثل مایأتي:
1. بلحاظ واضع العلقة الدّلالیّة تنقسم إلی الإلهیّة والبشریّة، والبشریّة أیضاً إلی الجماعيّة والفرديّة.
2. وبملاحظة دفعیّة إحداث أو حدوثِها و تدریجیّتهما تنقسم إلی التعیینیّ والتعیّنيّ.
قال النائینی:« ثمّ أطالوا الكلام في معنى الوضع و تقسيمه إلى التّعييني و التّعيّني، مع ما أشكل على هذا التقسيم، من أنّ الوضع عبارة عن الجعل و التّعهد و إحداثِ علقة بين اللّفظ و المعنى، و من المعلوم أنّ في الوضع التّعيني ليس تعهّد و جعل علقة، بل إختصاص اللّفظ بالمعنى يحصل قهراً من كثرة الإستعمال، بحيث صار على وجه ينسبق المعنى من اللّفظ عند الإطلاق.
و ربّما فسّر الوضع بمعناه الإسم المصدري، الّذي هو عبارة عن نفس العلقة و الإختصاص الحاصل: تارة من التّعهد، و أخرى من كثرة الإستعمال، هذا.»(فوائدالأصول، ج 1، ص29)
3. من جهة أنحاء نشوء هذه العلاقة، أو قل: بجهة أنواع أسباب إحداث الدّلالة أوحدوثها، تنقسم إلیٰ أقسام شتّیٰ إستقرائیّةً، لأنّها تارةً تحدث بتصریح من الواضع وبإعلامه القوليّ أو الکتبيّ، وأخریٰ بسبب إستعماله، وثالثةً بسبب تقریرٍ منه لإقتراح مقترِحٍ، ورابعةً ....
4. وبإعتبار مصبّ إعتبار الدّلالة تنقسم إلی المفرداتیّة والمرکباتيّة؛ والمفرداتيّة بملاحظة أقسام اللفظ الموضوع، بدورها تنقسم إلی الشّخصیّة والنّوعیّة.
5. وبحسب أقسام العلامة الدّلالیّة أو قل: بلحاظ أنواع الآلات الحاملة للدّلالة، یمکن تقسیمها إلیٰ «الصّیاتیّة»، والصّوتیّة أي الملامح التمییزیّة المبحوثة في علم تحلیل الأصوات phonology)) ومایقابلهاعندنا من المباحث التجویدیّة، و«الصّرفیّة»، و«المعجمیّة»، و«النّحویّة»(أي «الجُمَلیّة»)، و«السّیاقیّة»، و«النّطاقیّة» و«البیئِیّة» وماشاکل وشابه من الدّلالات المبحوثة في علم الظّواهر(phinomenalgY)؛ و هذا التقسیم من أشمل التقاسیم للدّلالة اللغویّة وأنفعها جدّاً ولهذا ینبغي تعریف کل قسم من هذه الأقسام وبیان وجه تسمیته وتعیینُ فرق کل منها مع غیره بالدّقّة والتفصیل في أَلمحنا إلیه، حتّیٰ یتمّ البحث حقّ إتمامه؛ ولکن تحفّظاً لجانب الإجمال وتجنّباً عن الإطناب المملّ، نترکها ونحیل البحث فيه إلیٰ مجال أوسع، إن شاءاللهُ الهادي الموفِّق.
6. و بحسب عمومِ المعنی المتصوّر والشیئ الموضوعِ له و عدمِ عمومهما، وبعبارة أخریٰ: من جهة أنحاء تصوّر «المعنیٰ» و کیفیّة «الموضوعِ له»، تنقسم إلیٰ أربعة أقسام عقلاً.
7. ومن جهة مستویٰ الدّلالة تنقسم إلیٰ المباشر أي من دون واسطة، وغیرِالمباشر أي مع الواسطة، وبعبارة أخریٰ: بحسب کیفیّة تعلّق هذه العلاقة تنقسم إلیٰ«الذّاتيّة» الأصليّة وهي الّتي یکون الموضوع له هو الأوّليّ في مصطلحهم، وإلیٰ «الظلّیّة» التبعیّة وهی المعنی الّذی یدلّ علیه اللفظ تبعاً للمعنی الذّاتي، وهي تنعقد تارةً لوجود العلقة العقلیّة أو العقلائیّة بین المعنی الذّاتيّ والمعنی الظلّي مثل ما في الدّلالة الإلتزامیّة، وأخریٰ لوجود علاقة الکلّ والجزء بینهما کما في التضمنیّة، وثالثةً لوجود مناسبةمّا بینهما مثل ما في التجوّز
ـ ینبغي إتماماً لهذا البحث تعریف المعنی وهکذا معنی المعنیٰ، وأیضاً تعریف «المفهوم» و«المراد» و«المدلول» و«الموضوع له» وماشابه وشاکل ذالک؛ وهذا ما تُعنیٰ به الدراسات اللغویّة الحدیثة کما یُسمّونه MINING OF MINING وهو أشبه بمعنیٰ إسم الإسم عند العرفاء؛ وبیان الفرق بین کل منها وبین غیره؛ ولکن تحفّظاً لجانب الإجمال وتجنّباً عن الإطناب المملّ، نترکها ـ مثل التقسیم الخامس ـ إلیٰ مجال مناسب، إن شاءاللهُ الهادي.
8. تنقسم من جهة قصد الدّلالة و عدمه، تارةً إلیٰ التصوّریّة(ونعني بها خطور المعنیٰ في الذهن حین إحساس اللفظ بطریق من الطرق کالسّمع أو الرّأیة أو اللمس کما في خطّ البریل للأعمیٰ، ولاتتقوّم بالقصد)، وأخریٰ إلیٰ التفهّمیّة وإن شئت فعبّرعنها بالتفهیمیّة (وهي تنشأ عن قصد المتکلّم إخطار المعنیٰ في ذهن المخاطب فتتقوّم بالقصد والإلتفات)، وثالثةً إلیٰ التصدیقیّة (وهي ناشئة عن میثاق عقلائیّ وهو أنّ المتکلّم الحکیم الملتفت ملتزم بظواهر کلامه، فهي لیست لفظیّة و وضعيّة بل سیاقیّة ومقالیّة) وبعبارة أخریٰ: قدیسمع السّامع مفردةً وتنعکس صورة في ذهنه ولم یکن الفهم مقصودة ، وتارة یُحاول فهو دلالة الصّورة فیتفهّم وقدلایصدّق بها، و ثالثةً یصدق بتلک الدّلالة أو یکذّبها ، لأن التصدیق إیجابيّ وسلبيٌّ.
9. وهناک مدلول مقصود، وهو المعنی الذي قصد حین إستعمال اللفظ، ومدلول أو مدالیل غیرمقصودة، وهی التي لمتقصد من جانب المستعمل أحیاناً، فهی (أی الدلالة) تنقسم من هذه الجهة إلیٰ المقصودة و غیرالمقصودة. وإن کان هذا التقسیم یشبه من جهة التقسیم السّابق له.
کما أنّ هناک «دلالة مرکزیّة» للتعبیرات اللغویّة وهی المعنی الموضوع بإزاء اللفظ الّذي یُفهم من اللفظ وَفقاً لماتعارف علیه أهل اللغة، ویَشترک في فهمها عامّة المتکلّمین باللغة في مقام التخاطب، و«دلالة هامشیّة» لها، وهی الّتي تختلف بإختلاف الأفراد والظروف الثقافیّة ولکن منبعثة عن الدّلالة المرکزیّة، وبعبارة أخریٰ: الدلالة المرکزیّه والدّلالة العمّرکزیّة کمایقال: في إصطلاحات علم الفیزیا.