< قائمة الدروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/10/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /مستحبات/ الدرس91

 

المسألة (2): عدم اشتراط الاستبراء في صحّة الغسل

وهو أمر قطعي لا ريب فيه كما عن المستند للنراقي[1] وفي الجواهر:" بلا خلاف أجده بين أصحابنا"؛ بل قد يظهر عن بعضهم الإجماع عليه، وإطلاق الأخبار الواردة في كيفيّة الغسل تدلّ عليه، لأنّها آمرة بغسل الرأس والبدن، بل وغسل الفرج، وساكتة عن بيان اعتبار البول في صحّته، مع كونها واردة في مقام بيان عدم اشتراطه به.[2]

وتدلّ عليه أيضاً صحيحة محمد بن مسلم، قال:" قال أبو جعفر (ع): من اغتسل وهو جنب قبل أن يبول ثمّ وجد بللاً فقد انتقض غسله، وإن كان بال ثمّ اغتسل، ثمّ وجد بللاً فليس ينتقض غسله، ولكن عليه الوضوء، لأنّ البول لم يدع شيئاً".[3]

فإنّ التعبير بالانتقاض والتعليل في ذيله صريحان في أنّ غسله قبل أن يبول قد وقع صحيحاً، حيث أنّ النقض إنّما يصدق بعد فرض تحقّق العمل وصحّته.

ولكن قد يتوهّم؛ أنّه انتقض بحدوث الجنابة الجديدة؛ أعني البلل المشتبه، وبهذا أُمر بإعادة الصلاة في الصحيحتين على ما إذا صلّى بعد خروج البلل المشتبه، كصحيحة الحلبي، قال:" سئل أبو عبد الله (ع) عن الرّجل يغتسل ثمّ يجد بعد ذلك بللاً، وقد كان بال قبل أن يغتسل، قال: ليتوضّأ وإن لم يكن بال قبل الغسل فليعد الغسل"،[4] وموثّقة سماعة، قال:" سألته عن الرّجل يجنب ثمّ يغتسل قبل أن يبول فيجد بللاً بعدما يغتسل، قال: يعيد الغسل، فإن كان بال قبل أن يغتسل فلا يعيد غسله، ولكن يتوضّأ ويستنجي"،[5] وغيرهما، بل وكذا في صحيحة محمد بن مسلم المتقدّمة؛ حيث دلّت على أنّه إذا بال قبل أن يغتسل يعيد غسله، يدلّ على بطلان الغسل الواقع قبل البول، لأنّ البلل المشتبه بعد الغسل وقبل البول جنابة جديدة، وللسبب الجديد يجب الغسل، لأنّ السبب الجديد يستدعي الإتيان بالعمل الجديد، وإن قيل أنّ الأمر بإعادة الغسل أو الصلاة يكشف عن فساد العمل الواقع قبل البول، ولا يدلّ على أنّ المشتبه الخارج بعد الغسل وقبل البول سبب جديد.

يمكن أن يقال: على هذا يلزم كون التعبير بالإعادة غير صحيح، لأنّ إعادة الغسل يستدعي السبب الجديد.

وهذا التوهّم مدفوع: لأنّ البلل المشتبه لا يكون سبباً جديداً،[6] لعدم وقوع الجنابة الجديدة. بل يكشف عن عدم خروج أجزاء المنيّ بواسطة عدم البول، وبقائها في مجرى البول، وهذا يختلف عن حدوث جنابة جديدة.

ثمّ أنّ معنى الإعادة ليست بطلان العمل المأتيّ به ولزوم الإتيان به ثانياً، ولا يقتضي ذلك إعادة الغسل الأوّل، ولا تقتضي غسلاً آخر جديداً،[7] خلافاً للسيّد الخوئي (ره)،[8] ولا يكون البلل كالنوم وغيره من النواقض.[9] فلو توضّأ وصلّى ثم نام وجب عليه الوضوء ثانياً إذا أراد الصلاة، وأمّا البلل لا يكون ناقضاً؛ بل يكشف عن عدم خروج أجزاء المنيّ من مجرى البول، فمادام في المجرى لا يكون مبطلاً، وإذا خرج يوجب الغسل لصلاة أخرى، وهذا أمر واضح ويدلّ عليه حكمة البول قبل الغسل كما عرفت.

نعم وردت رواية يظهر منها الإشتراط وإعادة الغسل وإن لم يخرج منه شيء، وهي مضمرة أحمد بن هلال، قال:" سألته عن رجل اغتسل قبل أن يبول، فكتب: أنّ الغسل بعد البول، إلاّ أن يكون ناسياً، فلا يعيد منه الغسل".[10] [11] ولكنّ دلالتها ضعيفة على المدّعى، لعدم تعرّضها لخروج البلل المشتبه بعد الغسل، وإعراض الأصحاب يضعّفه، حيث لم يحكموا بالبطلان في الفرض.

 


[2] فبالرّغم من تعرّض الأخبار لغسل الفرج في مستحبّات الغسل، إلاّ أنّها لم تتعرّض لمسألة البول قبل الغسل.
[6] السبب الجديد كحصول جنابة جديدة توجب غسلاً جديداً.
[7] نعم؛ لو قال الإمام (ع) يعيد الغسل والصلاة معاً، لكانت سببا جديدا يقتضي بطلان الغسل الأول والصلاة، لذلك يحتاج إلى غسل جديد وإعادة الصلاة. ولكن الإمام (ع) هنا قال يعيد الغسل فقط؛ وهو يشير إلى انتقاض الغسل الأوّل دون بطلان الصلاة، لأنّه ليس بسبب جديد. فإعادة الغسل هنا تكون تعبّدا بقول الإمام (ع).
[9] حتى يكون حدثا جديدا يقتضي غسلا جديدا، كما قال به السيّد الخوئي (ره).
[11] وسائل الشيعة، ج1، ص519، ح12.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo