< قائمة الدروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/10/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /مسائل/ الدرس93

 

تابع للمسألة (3)

الأمر الرابع: أنّ الكلام في تلك الصورة إنّما يكون في البلل المشتبه الذي يحتمل أن تكون الرطوبة منيّاً، ولا إطلاق لها يشمل صورة العلم بعدم كونها منيّاً، كما إذا علمنا أنّه بول أو مذي، وذلك لقوله (ع):" لأنّ البول لم يدع شيئاً"[1] ، لأنّ ظاهره أنّه إنّما يغتسل إذا لم يبل من جهة احتمال أن كون البلل منيّاً، فلا يشمل صورة العلم بعدم كونها من المنيّ، مضافاً إلى أنّ الأخبار المعتبرة المتقدّمة تدلّ على وجوب الغسل عند احتمال كون الرطوبة المشتبهة منيّاً، لأنّ احتماله منجّز حينئذ باعتبار أنّ المجنب أجنب بإنزاله سابقاً، وهذا الخروج ناقض للغسل السابق.

الأمر الخامس: أنّ الأخبار الآمرة بالغسل عند الرطوبة المشتبهة مطلقة، تشمل موارد العلم الإجمالي وغيرها، كما إذا علم إجمالاً أنّها بول أو منيّ، لانحلال العلم الإجمالي بوجود إطلاق الروايات التي تحكم حكماً ظاهريّاً[2] ؛ بأنّ الموجود في الخارج كان منيّاً، وهذا الحكم الظاهري موجب لانحلال العلم الإجمالي.

الصورة الثانية: خروجه بعد الإغتسال مع الاستبراء بالبول وقبل الاغتسال من دون الاستبراء بالخرطات بعد البول، فيحكم فيها بوجوب الوضوء بلا غسل، وذلك للروايات:

منها: موثّقة سماعة، قال:" قال: سألته عن الرجل يجنب ثم يغتسل قبل أن يبول، فيجد بللاً بعد ما يغتسل، قال: يعيد الغسل، فإن كان بال قبل أن يغتسل فلا يعيد غسله، ولكن يتوضأ ويستنجي".[3]

ومنها: رواية معاوية بن ميسرة، قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول:" في رجل رأى بعد الغسل شيئاً قال: إن كان بال بعد جماعه قبل الغسل فليتوضأ، وإن لم يبل حتى اغتسل ثم وجد البلل فليعد الغسل".[4]

وكذا الأخبار المطلقة،[5] الواردة في الاستبراء تأمرنا بالوضوء عند خروج الرطوبة بعد البول وإن لم يكن مسبوقا بالجنابة، بل مقتضى الموثّقة نجاسة البلل أيضاً،[6] حيث دلّت على وجوب الاستنجاء معه.

وهذه الأخبار تدلّ على وجوب الوضوء في الفرض، إلاّ أنّ الشيخ الأعظم الأنصاري في رسالته ذهب إلى أنّ الأخبار تدلّ على وجوب الوضوء مع البلل، ودلالة لها على نجاسته، ولكن في فرائده حكم بنجاسته، ولم يستدل من طريق الموثّقة، فراجع وتأمّل.[7]

والحقّ نجاسته، لأنّ قوله (ع) "يستنجي"؛ تقتضي أنّ البلل على تقدير عدم الاستبراء بالخرطات يكون في حكم البول، فيجب عليه الوضوء وغسل مخرج البول.

فرع: لا يخفى أنّ الحكم بكون الرطوبة المشتبهة بولاً؛ بأن يدور أمره بين البوليّة وغيرها، بخلاف ما إذا دار أمره بين المذي والمنيّ بلا احتمال كونه بولاً، فلا يجب الوضوء، لعدم كون البلل بولاً حسب الفرض، كما لا يجب الغسل أيضاً، لأنّه بال قبل الاغتسال، والبول أخرج أجزاء المنيّ عن المجرى، ولم يدع شيئاً منه فيه.

والعلم الإجمالي الدائر بين المذي والمنيّ غير منجّز، لعدم ترتّب الأثر على أحد طرفيه وهو المذي، فينحلّ ويصير طرف المنيّ مشكوكاً بالشكّ البدوي، فتجري فيه البراءة.


[2] العلم الإجمالي ينحلّ بالحكم الظاهري، لتبديل الشك باليقين. بالرغم من أنّ الأخبار ظنّ معتبر، ولكنّه بمنزلة اليقين.
[6] وذلك من خلال كلمة "يستنجي" الظاهرة في نجاسة البلل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo