< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد ال‌عبیدان‌القطيفي

قواعد الفقهيه

42/09/04

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: قاعدة الالزام/شواهد على القاعدة/ الاستدلال بالنصوص

السيد السيستاني (دام ظله) قال ان المدعى في افادة النص لقاعدة الالزام لغير الامامي كل من لم يكن دائنا بمذهب الحق يلزم بما يلتزم، فالسيد يقول ان موضوع هذه الرواية ليس على مذهب الامامية وانما موضعها كل من طلق طلاق غير مستجمع للشروط وهذا التعبير منه يوحي ان الامامي أيضا لو طلق طلاقا لا يستجمع الشروط المعتبرة يكون ملزم واستند بذلك الى مقدمة تاريخية مؤداها ان الرجل الثاني لما كثر الطلاق في زمانه عمد الى التشديد في الامر فصار يلزمهم بذلك الامر

فقد ذكر سماحته[1] ويمكن ان يجاب عن هذا بان قوله (عليه السلام) ألزموهم من ذلك فيه حيثية مقدماتية وتمهيدية وحيثية تاريخية الى ان يقول وقوله (عليه السلام) الزموهم استخدمه الامام ع لأمر تاريخي فان اول من انفذ طلاق الثلاث هو فلان وانما انفذ ذلك من جهة استخفاف الناس بالطلاق فالزمهم بما الزموا به انفسهم فذكر الامام هذه الجملة مقدمة للترخيص بما ان لها سبقا تاريخيا وليس ذكره من باب القاء الكبريات.

ما جاء في ذيل نص سماحته له احتمالان:

الاحتمال الأول: ان مدلول النص على ان كل من طلق طلاقا لا يستجمع الشروط من دون انتماء لمذهب غير مذهبنا فان الرجل الثاني الزمه وبالتالي الامام (عليه السلام) بصدد النظر لما كان صادرا من الرجل الثاني واعتماد ما كان صادر منه ولو كان رخصة لا عزيمة

الاحتمال الثاني: ان يكون النظر ان الامام (عليه السلام) يريد ان يطبق هذا على خصوص المعتقدين بهذا الامر من غير الشيعة الامامية

أقول: على كلا المحتملين سيكون مفاد النص حينئذ البناء على ان من يعتقد صحة العمل الصادر، فالأمام يقول الزمه بما يعتقد فان مؤدى الامر يكون بهذه الكيفية وعليه لم يتضح جهة الاشكال في جهة النص أصلا فإننا وسعنا دائرة مدلول النص ام ضيقنها فسيكون الامر قاضيا بان له جنبة دلالية في الجملة على ان من يعتقد صحة العمل الصادر فان لك انت صاحب المذهب الحق ان تلزمه بما يلتزم به وبذلك تكون فائدة مدلول القاعدة

نعم يأتي اشكالنا الذي قررناه في ما مضى بان النص مدلوله خصوص باب الطلاق وليس اكثر من ذلك فلا يستفاد من الرواية موجبة كلية وانما يستفاد منها امر جزئي

أيضا اضيف: ان الرجل الثاني وان طبق هذا الامر فهل يتصور من الامام الكاظم (عليه السلام) اما القبول بالصادر من الرجل الثاني او الاعتراف وهل الصادر منه تشريعا او حكم سلطاني وبالتالي جواب سماحة السيد لا يخلوا عن تشويش ولذا المقدار الذي التزمه ان الرواية محل البحث مع رفع اليد عن ضعفها السندي دالة على المطلوب في الجملة لا بالجملة ولا مجال لترتيب الأثر عليها أكثر من هذا

الرواية الثانية: التي تذكر في المقام هي محمد ابن الحسن الطوسي بأسناده عن حسن ابن محمد ابن سماعة عن جعفر ابن سماعة انه ((سئل عن امرآة طلقت على غير السنة الي ان اتزوجها؟ فقال: نعم، فقلت له الست تعلم ان علي ابن حنظلة روى: اياكم والمطلقات ثلاثا على غير السنة فإنهن ذوات ازواج؟ فقال: يا بني رواية علي ابن ابي حمزة أوسع على الناس قلت واي شيء روى علي ابن ابي حمزة قال روى عن ابي الحسن (عليه السلام) انه قال الزموهم من ذلك ما الزموا انفسهم وتزوجهن فانه لا بئس بذلك))[2] ويمكن ان يقال ان جعفر ابن سماعة فهم من رواية علي ابن ابي حمزة قاعدة كلية ولذلك قال (الزموهم)

ودلالة هذه الرواية على المدعى كدلالة الرواية السابقة اذ ان مفادها ان جعفر ابن سماعة قد أجاز التزويج من المرآة التي طلقت على غير السنة بان أوقع زوجها طلقها ثلاثا في مجلس واحد وقد اعتمد على القاعدة حيث نرى قد أشار لذلك كنوع من أنواع التعليل التطبيق في المقام فتكون الدلالة واضحة

ثم ان رواية علي ابن حنظلة التي أشار اليها عن ابي عبد الله (عليه السلام) ((قال: اياكم والمطلقات ثلاثا في مجلس واحد فإنهن ذوات ازواج)) وقريب من متن هذه الرواية رواه عمر ابن حنظلة عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال (اياكم والمطلقات ثلاثا في مجلس واحد فإنهن ذوات ازواج)[3] وكذلك رواية ابن البختري قال (اياكم والمطلقات ثلاثا فإنهن ذوات ازواج)[4]

وهذه النصوص الثلاثة مدلولها يخالف مدلول رواية جعفر ابن سماعة ولذلك نجد ان جعفر ابن سماعة عمد الى تقديم رواية البطائني على مثل هذه الاخبار بدعوا ان رواية البطائني اسهل للناس وايسر ورتب الأثر، والمقام مقام معارضة بين رواية علي ابن حمزة البطائني التي دلت على التزويج نتيجة الالزام وبين الروايات الثلاثة الاتي دلت عدم التزويج لعدم وقوع الطلاق صحيحا ولهذا نجد ان غير واحد من الاعلام كالشيخ الطوسي او صاحب الوسائل مثلا عمدوا الى جمع هذه النصوص فقالوا بحمل نصوص المنع عن التزويج على ما اذا كان الطلاق قد وقع وقت الحيض ثلاثا لان العامة لا يشترطون الطهر والمفروض ان هذا جمع تبرعي لان مفاد هذه النصوص المنع عن التزويج بمن طلقت على خلاف السنة مطلقا سواء كان الطلاق ثلاثا قد وقع في حال الحيض ام وقع في حال الطهر وبالتالي يمنع ترتيب الاثر على ذلك بينما مفاد خبر ابن سماعة وترتيب الأثر على ذلك سواء وقع الطلاق اثناء الحيض ام وقع حال الطهر من دون فارق ولذا للأنصاف المعارضة بين النصوص مستقرة ولا يمكن الجمع العرفي في المقام.

نعم قد يقال ان الشهرة من المرجحات وبالتالي تكون الروايات المانعة من قبول هكذا طلاق مقدمة على رواية ابن سماعة الدالة على قبول هكذا طلاق لان الشهرة مع الروايات المانعة فانها منقولة في الكافي والفقيه بينما هذه الروايات مما تفرد الشيخ بنقله وهذا يوحي انها ليست من الشهرة بمكان فيكون موجب للمنع

لكن هذا يدعونا الى معرفة المقصود بالشهرة في رواية عمر ابن حنظلة خذ بما اشتهر بين اصحابك فان الشاذ النادر لا عبرة به فهل المقصود بالشهرة هي الشهرة الروائية ام الشهرة الفتوائية وهنا لا ثمرة عملية للنزاع الموجود بين الاعلام بان الشهرة تفيد الترجيح او تفيد تميز الحجة عن لا حجة

ونحن ممن يبني على ان المستفاد من المعتبر هي الشهرة العملية الفتوائية وليست الشهرة الروائية وبالتالي لو كانت الشهرة الفتوائية منعقدة على خلاف مضمون رواية جعفر ابن سماعة لكان التقديم لتلك النصوص

قد يقول قائل: اننا نقدم رواية جعفر ابن سماعة على الروايات الثلاثة التي اشرتم اليها اعتمادا على الاحدثية فان رواية جعفر ابن سماعة أحدث زمانا من رواية حفص ابن البختري وقد ورد في رواية حسين ابن المختار العمل على وفق الاحدث فيؤخذ بالأحدث

قلت: لو تمت كبرى رواية حسين ابن المختار الدالة على الترجيح الاحدثية كان ما ذكرتموه في محله لكننا ذكرنا في بحث تعارض الأدلة سقوطها عن الاعتبار والحجية لضعف سندها فلا مجال للتعويل عليها في مقام الترجيح، نعم قد يوجب تقديم رواية جعفر ابن سماعة على الروايات الأخرى فقد ذكرنا في بحث تعارض الأدلة الترجيح بالحكومة ومعناه هو من ينظر في الروايات الصادرة من الائمة المتأخرين ع يجد ان اصحابهم كانوا يعرضون عليهم روايات الائمة المتقدمين والامام يجيب بعد ذلك ويكون جوابه ناظر لما ورد في تلك النصوص ونراه اما ان يضيق او يوسع فيكون الجواب حاكم على الرواية المتقدمة

فلو قال أحد ان رواية جعفر ابن سماعة ناظرة الى رواية علي ابن حنظلة التي تفيد تضيقا فوسع الدائرة فتكون الحكومة حكومة توسعة وهذا يستدعي تقديم رواية جعفر ابن سماعة حكومتا

قلت: كبرويا لا كلام لنا انما صغرويا ان أساس رواية جعفر ابن سماعة ليست صادرة عن المعصوم بل هي فتوى لجعفر ابن سماعة وما دام الامر بهذه الكيفية يصعب ان يرتب الأثر وان ابيت فانه لا يخرج ما حكاه جعفر ابن سماعة عن كونه عين رواية البطائني وسنعود من جديد الى معارضة الروايتين فالمورد من صغريات التعارض المستقر الذي لا يوجد فيه ما يوجب الترجيح

الرواية الثالثة: هي رواية ابن فضال الواردة في الوسائل مج26 باب 3 من ارث المجوس من أبواب ميراث المجوس ح1 ص319 محمد ابن الحسن الطوسي بأسناده عن الحسن ابن فضال عن السندي ابن محمد عن علا ابن رزين عن محمد ابن مسلم عن ابي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن الاحكام، قال: تجوز[5] على اهل كل دين بما يستحلون)[6] والحديث أولا عن سندها وليس فيه من يتوقف فيه حتى علي ابن الحسن ابن فضال وان كان منحرف عقديا الا انه ثقة، ولكن المشكلة تكمن في طريق الشيخ الطوسي الى علي ابن الحسن ابن فضال فان طريق الشيخ الطوسي يشتمل على علي ابن محمد ابن الزبير القرشي ويعرف بالزبيري او بالقرشي ممن لم يرد بحقه توثيق خاص وبالتالي سوف يكون مهملا وهذا يستدعي البناء على سقوط الرواية عن الاعتبار والحجية

الشيخ التبريزي (قده) تغلب على هذه المشكلة من خلال مسلكه المعاريف فقد افاد ان كل راوي كان شيعي وله كتاب او له موارد عديدة –كثرة روايات- ولم يرد بحقه قدح ولا ذم يبنى على استغنائه عن الحاجة الى التوثيق والالتزام بكونه من المعاريف الغنيين

تعقيب: ما هو الدليل على هذه الكبرى وللأنصاف لم أجد نكته فنية تصلح شاهد ودليل للكبرى حتى لو قيل ان هذا وفق المرتكز العقلائي، ولكن هذا غير صحيح فان العقلاء يفرقون بحسب الموارد الخطيرة والموارد اليسيرة، نعم يمكن وثوق شخصي أقرب الى القضية الحدسية كلها يمكن ان يترتب عليها إثر فلا مجال للبناء على الطريق الذي افاده قده

اما السيد السيستاني (دام ظله) له دعوى في المقام فقال نحن نسلم بان طريق الشيخ الطوسي الى ابن فضال الذي يمر بوساطة الزبيري ضعيف لعدم وثاقة الزبيري الا ان هذا لا يسقط مرويات الشيخ الطوسي عن ابن فضال لان له طريق اخر الى جميع مرويات ابن فضال لا مر بواسطة الزبيري والطريق الثاني معتمد.


[1] القواعد الفقهية، السيد علي السيستاني، ص44.
[5] في التهذيب (يجوز).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo