< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد ال‌عبیدان‌القطيفي

قواعد الفقهيه

42/09/05

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: قاعدة الالزام/رواية علي ابن الحسن ابن فضال /دلالتها على القاعدة

الطريق الثاني: ما افاده السيد السيستاني (دام ظله) وهنا ينبغي الالتفات الى ان السيد لم يلتزم بتوثيق علي ابن محمد ابن الزبير الكوفي القرشي وانما سلم بان علي ابن محمد لم تثبت وثاقته وبالتالي لا مجال للبناء على اعتبار الطريق الذي يكون واقعا فيه وانما دعوى ان طريق الشيخ الطوسي الى ابن فضال لا ينحصر في علي ابن محمد ابن الزبير القرشي الكوفي بل ان للشيخ الطوسي رضي الله تعالى عنه طريق الى ابن فضال لا تمر بواسطة علي ابن محمد ابن الزبير

اذا خلاصة دعوى السيد ان للشيخ الطوسي (رحمه الله) طريقين لكتب ابن فضال لا يمر الثاني منهما من خلال الزبيري بل يرويه ابن عقده عن ابن فضال مباشرة هذا ما افاده سماحته في التقرير في قاعدة الالزام، وقد عمد نجله الفاضل المعاصر في قبسات من علم الرجال الى ايضاح هذا الامر وقد ذكر اربعة اشكالات عليه وقام بمعالجتها فهنا مرحلتان للبحث

المرحلة الاولى: بيان النكتة التي لنا عليها سماحة السيد السيستاني (دامت ايام بركاته) تعدد الطريق الى كتب ابن فضال

المرحلة الثانية: عبارة عن الاشكالات المانعة من القبول بهذه المقولة ولابد من الالتفات الى ان الاشكالات التي ذكرها الفاضل المعاصر دام موفقا اربعة عمدتها اشكالان الثاني والثالث وان كنت سوف اشير الى الاشكالات الاربعة.

المرحلة الاولى: وهي التي تمثل اصل الدعوى في وجود طريقين للشيخ الطوسي الى كتب علي ابن الحسن ابن فضال وهنا لابد ان ننبه الى امر المدعى ان الطريقين لجميع كتب علي ابن الحسن ابن فضال اما لو بني على ان الطريقين لبعض كتب علي ابن الحسن ابن فضال فسوف ينفع هذا الطريق في العلاج في الجملة –يعني ينفعنا في الكتب الخاصة- مثلا التزمنا بان الطريقين ثابتان لكتاب الحيض لعلي ابن الحسن ابن فضال فالروايات الواردة في كتاب الحيض يمكن ان نصححها بهذا الطريق التزمنا بأن الطريقين ثابتين لكتاب الجنائز لعلي ابن الحسن ابن فضال يصلح العلاج لخصوص مرويات كتاب الجنائز اما بقية الكتب الاخرى المذكورة لعلي ابن الحسن ابن فضال فلن يمكن الاستفادة من الطريق الثاني في مقام العلاج والتصحيح حينئذ

اذا لابد من ان تكون النتيجة ان الطريقين المذكورين ثابتان لجميع الكتب التي لعلي ابن الحسن ابن فضال فما لم يكن الطريقان ثابتان لجميع الكتب لا مجال للاستفادة منه حينئذ الا في خصوص مورده وهنا تكمن المرحلة الاولى من البحث فان المدعى من قبل السيد السيستاني (اطال الله في عمره الشريف) ونجله الفاضل المعاصر وفقه الله ان الطريقين ثابتان لجميع كتب علي ابن الحسن ابن فضال وليس الطريقان مختصين بكتابين او بعض كتب ابن فضال

هكذا عرض الفاضل المعاصر بيان مختار ابيه وايضا اشار في الجملة الى ذلك المقرر السيد الرباني في حاشية الكتاب وحاصل ما افاده التالي:

الشيخ الطوسي (رضي الله تعالى عنه) عندما شرع في تأليف كتابه التهذيب فقد التزم على ان يذكر الرواية بتمام سندها كما عليه الشيخ الكليني (قده) لكنه بعد مدة وجد ان يقتصر على الابتداء بمصدر الرواية ويحيل بقية السند على المشيخة مثلا الشيخ الكليني اذا نقل الرواية من كتاب محمد ابن مسلم فيبتدأ الرواية عن محمد ابن مسلم عن ابي جعفر الباقر عليه السلام ، اما الشيخ الطوسي سينقل الرواية من كتاب حريز فيقول عن حريز عن ابي عبد الله الصادق (عليه السلام) فمتى ما ابتدأ بذكر الشخص علم انه يقصد نقل الرواية من كتابه ثم يحيل بعد ذلك على طريقه الى هذا الكتاب بما يذكره في المشيخة حينئذ او بما نقله في كتاب الفهرست فيعلم الطريق الى الكتاب بمراجعة المشيخة او مراجعة الفهرست حينئذ

وبناء على هذا كان ديدن الشيخ الطوسي في البداية في كتابة التأليف ان ينقل الرواية بتمام سندها ثم غير الطريقة فصار يبتدأ بذكر الراوي الذي اخذ الرواية من أصله او من كتابه ويحيل الى المشيخة او الى الفهرست حينئذ

فلما نأتي ونلاحظ اول كتاب التهذيب المجلد الاول نجد ان الشيخ الطوسي قده نقل مجموعة من الروايات عن علي ابن الحسن ابن فضال بطريق مزدوج مرة ابن عقده عن ابن فضال مباشرة وفي نفس الوقت ابن عقدة عن علي ابن محمد ابن الزبير عن ابن فضال

ونلاحظ في التهذيب[1] في آداب الاحداث الموجبة للطهارة -والموضوع هو الحيض لانه سوف نشير الى ان احد الاشكالات ان هذا ينفع في علاج كتاب الحيض والجنائز لا مطلق كتب ابن فضال- الحديث 67 ما اخبر به جماعة عن ابي محمد هارون ابن موسى عن احمد ابن محمد ابن عقدة عن علي ابن الحسن ابن فضال

الطريق الثاني احمد ابن عبدون عن علي ابن محمد ابن الزبير عن علي ابن الحسن فنلاحظ انه ذكر الطريقين مرة من غير وجود ابن الزبير ومرة مع وجوده وهذا يشير الى ان لهذه الرواية طريقين احدهما لا يمر بأبن الزبير وطريق يمر به، وموضوع الرواية مرتبط بالحيض ((عن ابي جعفر (عليه السلام) قال: قلت الحائض والجنب يقرأن شيئا؟ قال: نعم ما شاءا الا السجدة ويذكران الله على كل حال)) [2] وتأتينا مسألة ان هذه الرواية مأخوذة من كتاب الحيض لأبن فضال ولهذا يكون طريق يعالج كتاب الحيض لا مطلقا

الرواية الثانية: ما أخبرني به جماعة عن ابي محمد هارون ابن موسى عن ابي العباس احمد ابن محمد ابن سعيد عن علي ابن الحسن ابن فضال بدون واسطة وأخبرني ايضا احمد ابن عبدون عن علي ابن محمد ابن الزبير عن علي ابن الحسن ابن فضال فذات الرواية لها طريقان يتوسط الثاني منهما ابن الزبير ولا يمر الاول منهما ببن الزبير ايضا موضوع الرواية الحيض ((عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته عن امرآة طمثت في رمضان قبل ان تغيب الشمس قال: تفطر. ))[3]

وفي مورد اخر ما اخبرني به جماعة عن ابي محمد هارون ابن موسى عن احمد ابن محمد ابن سعيد عن علي ابن الحسن ابن فضال واخبرني احمد ابن عبدون عن علي ابن محمد ابن الزبير عن علي ابن الحسن ابن فضال ذات الكلام فهما يتوسط ولا يتوسط ايضا موضعها الحيض ((عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال من اتى حائضا فعليه نصف دينار يتصدق به))[4]

ثم ننتقل لنجد ان هذين الطريقين يُذكرا في كتاب الجنائز، وأخبرني جماعة عن هارون ابن موسى عن ابي العباس احمد ابن محمد عن علي ابن الحسن ابن فضال فهو بدون واسطة

اما الثاني احمد ابن عبدون واحمد ابن عبدون عن ابي الحسن علي ابن محمد ابن الزبير عن علي ابن الحسن ابن فضال عن محمد ابن عبد زرارة الى ان يقول عن عبيد الله الحلبي ومحمد ابن مسلم عن ((ابي عبد الله عليه السلام قال امرني ابي ان اجعل ارتفاع قبره اربع اصابع مفرجات وذكر ان الرش بالماء حسن وقال توضأ اذا ادخلت الميت القبر))[5] فنلاحظ ان هذه الرواية موضوعها الجنائز ولكن يهمنا الدعوى ان لكتب علي ابن فضال طريقين موجودان احدهما لا يمر بواسطة الزبير والثاني يمر بواسطة الزبير .

هنا يدلل على ان الامر ليس مختصا بهذه الكتب وانما هذا الطريق المزدوج يسري الى كل الروايات او الى كل الكتب التي الى ابن فضال ما عمد اليه الشيخ الطوسي قده في كتبه الاستبصار فان الشيخ اقتصر فيه على طريقة الصدوق تقريبا فيبتدأ الرواية بمن نقل الرواية منه من كتابه وبالتالي يعرف من ذلك انه بصدد النقد هذه المرحلة الاولى

وخلاصتها ان الشيخ الطوسي يذكر في بداية (ج1) من كتابه وبالتحديد في كتابي الحيض والجنائز طريقين الى مرويات علي ابن فضال والظاهر بل المطمئن به بل المتيقن ان هذين الطريقين لكتب علي ابن فضال وليس الطريقان لبعض كتب علي ابن فضال

المرحلة الثانية: الاشكالات المتصورة على هذه الدعوى حق القارئ ان يقول ان هذه لا تخرج من كونها دعوى تحتاج الى برهان وبيان

قلت ان الفاضل المعاصر اشار الى اربعة اشكالات اما بعنوان ان قيل لا يقال وعمدة هذه الاشكالات الثاني والثالث

الاشكال الاول: ان قلت ان كان الامر كما ذكرتم بان للشيخ الطوسي قده طريقين الى جميع كتب علي ابن فضال فلماذا نجد الشيخ الطوسي في القسم الاول من التهذيب والذي كان بنائه فيه على ان يذكر الرواية بتمام طريقها ثم صار يقتصر على ذكر طريق واحد فقط دون ذكر الطريقين –يعني يقول ابن عبدون عن ابن الزبير عن ابن فضال ولا يشير من قريب او بعيد الى الطريق الاخر الذي ينتهي الى ابن عقدة ونجده في موارد اخرى يذكر كلا الطريقين-

اجاب الفاضل المعاصر قال ان هذا لا يخرج عن كونه مجرد نحو من انحاء التفنن الذي مارسه الشيخ الطوسي في ايراد الروايات في اول الكتاب ولا يشير من قريب او من بعيد الى وجود فرق حقيقي بن ما رواه بسند واحد وما رواه بسندين اذ ان الممارس يعرف انه لم يكن عند الشيخ قده شيء من كتب من تقدم على علي بان فضال ومن تأخر عنه في الاسانيد.[6]

تعقيب: انصافا هذا الجواب لم يكن رد الاشكال فلو اقتصر على انه (نحو تفنن من الشيخ الطوسي) وتوقف لصار لهذا الجواب وجه ولكن التعليل الذي اتى بعده يعمق الاشكال المذكور وكون الشيخ الطوسي لا يمتلك كتب متقدمة على ابن فضال او متأخرة عنه فلا يجيب عن اصل الدعوى انه مرة استعمل كذا ومرة استعمل كذا.

الاشكال الثاني: وهو اهم الاربعة ان قلت ان هذا الكلام لو تم ان للشيخ الطوسي طريقين الى ابن فضال فان اقصى ما يمكن التعويل عليه ان الطريقين ثابتين لكتابين من كتب ابن فضال وهما كتاب الحيض وكتاب الجنائز فان المرويات بالسند المزدوج تتعلق بهذين الموضوعين مع ان المراجع لترجمة ابن فضال عند الشيخ يجد ان الشيخ ذكر لأبن فضال مصادر متعددة

اجاب عنه الفاضل المعاصر بالتالي انه يمكن استحصال الاطمئنان بان الطريق المعتبر الذي يمر بالتلعكبري عن ابن عقدة ليس مختص بكتابي الحيض والجنائز لعبارة النجاشي فقد نص على ان ابن عقدة -وهو احمد ابن محمد ابن سعيد- طريقه لا يختص بكتابي الحيض والجنائز.

وهذا هو عين ما بنى عليه السيد الخوئي (قده) وهو نحو من انحاء التعويض في الاسناد وبما ان الشيخ الطوسي والنجاشي تلميذان لأستاذ واحد فاذا وجدنا النجاشي يملك طريقين الى مصدر فمن المستبعد جدا ان لا يكون للطوسي طريق اخر مثله، فتحصيل الاطمئنان بإضافة هذه النكتة ولم يشر اليها فانه حاول ان يجعلها بعيدة عن كلام السيد الخوئي قده وهذا الاطمئنان يتولد بملاحظة اشتراك الطوسي والنجاشي عند استاذ واحد فمن المستبعد ان يكون للنجاشي طريق ولا يكون للطوسي فهذه طريقة عقلائية وهذا الاشكال من اهم الاشكالات الاربعة.

الاشكال الثالث: ان قلتم سلمنا بما ذكرتم بان للشيخ الطوسي قده كما للنجاشي طريقا الى كل كتب ابن فضال يمر بوساطة ابن عقدة فان نسلم ان للشيخ الطوسي ايضا طريقا الى كل كتب ابن فضال يمر بواسطة ابن عقدة الا اننا نقول ما هو السبب في اقتصار الشيخ الطوسي في المشيخة على ذكر طريقه الى كتب ابن فضال بواسطة ابن عبدون عن طريق ابن الزبير وكذا اقتصار الشيخ الطوسي رض في كتبه الفهرست على طريق ابن عبدون بواسطة ابن الزبير الى ابن فضال فلماذا لم يشر الى الطريق الثاني فلو قلنا ان الشيخ في المشيخة اراد الاختصار ولكن في الفهرست اراد الشيخ الاستقصاء الى كل الكتب كتاب بعد كتاب بكل الطرق فلماذا لم يستعرض الطريق الثاني الى بقية الكتب

قلت: اجاب الفاضل ان ذلك يعود لأمرين اولهما ان هذا الطريق –طريق الشيخ الطوسي- الى ابن فضال بواسطة ابن عبدون اقل واسطة من الطريق الاخر وقلت الوسائط مرجحة فتدعوا الى العناية

ثانيهما الفارق ايضا طريقة تحمل الشيخ الطوسي الى كتب ابن فضال فان ابن عبدون استاذ الشيخ الطوسي المباشر وقد سمع الشيخ الطوسي منه كتب ابن فضال بينما طريق ابن عقدة فان الشيخ يرويه بواسطة الاجازة وهذا فرق واضح النقل بان المنقول بالسماع اقل دقة من النقل بوساطة الاجازة.

الاشكال الرابع: ان قلت بان ما ذكرتموه من تبريرين لا يبرر عدم ذكر الطريق الاخر في المشيخة لان الشيخ الطوسي لم يكن بنائه فيها على الاستيفاء وقد صرح قده بذلك في بداية المشيخة من التهذيب انه استوفى طرقه الى من ذكرهم في المشيخة فكيف يكون له طريق اخر الى كتب ابن فضال لا يذكره في الفهرست

قلت: يجيب الفاضل ما ادعاه الشيخ قده من الاستيفاء للطرق في الفهرس مبني على الغلبة –عموم مجموعي- حيث ان المتتبع يقف على ان هناك طرق للشيخ لم يذكرها في الفهرست ومن ذلك الطريق المذكور في المشيخة الى علي ابن جعفر فانه لم يذكره في الفهرست وكذا طرقه الثلاثة المذكورة في المشيخة الى الفضل ابن شاذان فأنها لم تذكر في الفهرست كذلك أغفل طريقه الاخر الى كتب ابن فضال في المشيخة والفهرست وهذا شاهد ايضا انه لم يرد الاستقصاء والتتبع في الجملة لا بالجملة.

وتمامية الدعوى الموجودة في الناحية الاولى للبحث مبنية على القبول بالإجابات التي ذكرت دفعا للإشكالات الاربعة اما لو لم يقبل جواب شيء من الاشكالات المذكورة سوف تبقى الناحية الاولى من البحث مجرد دعوى ولذلك لنقل مبدئيا بان الناحية الاولى من البحث تمثل امرا حدسيا وليس امرا حسيا لأثبات الطريق الثاني فان دفعت الاشكالات الاربعة بالقبول بالإجابات التي ذكرت مثل ذلك طريقا حسيا ام إذا لم تقبل الاجابات الاربعة او بعضها فحينئذ ستبقى القضية مجرد دعوى حدسية غير مبرهنة.

 


[6] قبسات في علم الرجال، محمد رضا السيستاني، ج2، ص271.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo