< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد ال‌عبیدان‌القطيفي

قواعد الفقهيه

42/09/06

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: قاعدة الالزام/شواهد على القاعدة /

وحاصل الدعوى تقوم على وجود طريق اخر معتبر للشيخ الطوسي الى كتب ابن فضال لا يمر بواسطة الزبيري وهو الذي يرويه الشيخ بواسطة ابن عقدة وقد أشار اليه في موارد متعددة من الجزء الأول من التهذيب.

قلنا في ما مضى ان هذا القول قد يشكل عليه بإشكالات أربعة ذكرها الفاضل المعاصر (دامت بركاته) في كتابه قبسات[1] وأجاب عنها، ولان كلام السيد السيستاني لم يخرج كونه دعوى بان للشيخ طريق اخر الى كتاب ابن فضال لا يمر بوساطة الزبيري، ولكلي يثبت هذا المدعى لابد من ملاحظة احتمال ان هذا الطريق يختص بكتابي الحيض والجنائز وبالتالي يحتاج الى إجابة فانه لوكان هذا الطريق الثاني للشيخ لجميع كتب ابن فضال فلماذا لم يشر اليه لا في المشيخة ولا في الفهرست

ومن هنا تصدى الفاضل المعاصر السيد محمد رضا السيستاني (دامت بركاته) الى هذه الإشكالات وأجاب عنها وحاصله

الاشكال الأول: هو التالي ان المتابع للشيخ في التهذيب يجده قد اقتصر في القسم الأول منه والذي كان بنائه فيه ذكر السند تاما للمعصوم فقد اقتصر على ذكر طريق واحد فقط من هذين الطريقين وهو الذي يمر بوساطة الزبيري ولم يذكر الطريق الاخر مع انه ذكر في موارد أخرى الطريقين معا ثم ذكر في الرواية التي تليها طريق ابن عبدون فقط وهذا الاختلاف في النقل من الشيخ يكشف ان الطريقين ليسا لجميع كتب ابن فضال وانما لبعضها والا لو كان الطريقان لجميع كتب ابن فضال اعتمد الشيخ عليهما دائما وابدا بينما نجد الاعتماد دائما على طريق ابن عبدون

إذا اعتماد الشيخ على الطريقين في بعض الموارد واعتماده على طريق ابن عبدون دائما يكشف عن عدم كون طريق ابن عقدة ثابتا لجميع كتب ابن فضال وانما لبعضها

أجاب: قال ان هذا الامر يعود الى نحو من انحاء التفنن في طريقة النقل قد مارسه الشيخ الطوسي ويشهد لذلك عدم وجود شيء من كتب من تقدم على علي ابن فضال ولا كتب من تأخر عنه عند الشيخ ما يوجب تعين الطريقين له في جميع ما اورده هنا

وخلاصة الجواب ان هذا تفنن من الشيخ قده ويلاحظ عليه ان حمل المنهج المتبع من الشيخ في النقل تارة بالطريقين وأخرى بأحدهما دون الاخر على مجرد التفنن المحض في النقل من دون ان يكون لذلك نكتة قد دعت لذلك لا يخرج عن كونها دعوى عهدتها على مدعيها ولكي يتم ترتيب الأثر عليها لابد من إقامة الشاهد بان الشيخ ديدنه ان يستعمل هذا الأسلوب في عملية النقل فيتفنن مرة يذكر كذا ومرة يذكر كذا ولماذا لم يكن ذلك وذلك بالنظر الى تعدد طرقه للكتاب المنقول منها النص ففي الموارد التي يكون له طريقان الى الكتاب يذكرهما وفي الموارد التي يكون له طريق واحد للكتاب يذكر هذا الطريق وان كنت تدعي أيها السيد الفاضل ان الامر من باب التفنن في النقل فلماذا لا نجد في الأجزاء اللاحقة من التهذيب اعتماد الشيخ الطوسي على طريق ابن عقدة وهذا يساعد ان المقام مقام انحصار الطريق

فكتاب الحيض لأبن فضال له طريقان أشار اليهما بينما كتاب الصوم وكتاب النكاح والطلاق وغيرها من الكتب له اليها طريق واحد لذا اقتصر على ذكر ذلك الطريق وليس هذا امر مربوط بالتفنن وانما هو راجع الى امانة الشيخ في النقل من خلال بيان طريق وصول الكتب ونصوصها اليه

ثم نأتي الى الاستشهاد الذي جاء في ذيل الجواب من انه ليس بين يدي الشيخ الطوسي كتب من تقدم على ابن فضال ولا كتب من تأخر على ابن فضال، والاستشهاد للدعوى المذكورة لما جاء في الجواب غريب لانه أجنبي عن محل البحث اذ الظاهر ان غرض المجيب هو التأكيد على ان مصدر الرواية هو كتاب ابن فضال لانه الذي يملك الشيخ كتبه دون من سبقه ومن تأخر عنه وهذا وان سلم لكن لا يعني ان جميع كتب ابن فضال مروية بالطريقين الذي يريد اثباتهما كما هو وضاح وما ذكر لا يفي لأثباته فالإشكال باقي على ما هو عليه

الاشكال الثاني: ان وجود الطريق الثاني لا يصلح لأثبات صحة مرويات الشيخ لأبن فضال لاختصاص الطريق الثاني بكتابي الحيض والجنائز وعدم ذكره في بقية كتبه الأخرى مثل كتاب الصوم والزكاة والخمس والطلاق والوصايا والفرائض والتي نقل الشيخ مروياتها بواسطة طريق ابن عبدون المشتمل على الزبيري وهو ضعيف

أجاب السيد الفاضل: اننا نمنع اختصاص طريق ابن عقدة بخصوص كتابي الحيض والجنائز بل ان الاطمئنان حاصل بشموله لكافة الكتب الأخرى لان من المستبعد ان يقتصر التلعكبري وهو الذي كان مهتما برواية الكتب والمؤلفات حتى قال عنه الشيخ قده انه روى جميع أصول اصحابنا ومصنفاتهم ان يقتصر على رواية خصوص كتابين عن ابن عقدة وهو الذي –ابن عقدة- نص النجاشي على روايته جميع كتب ابن فضال، وعليه يطمئن بان التلعكبري قد روى عن ابن عقدة جميع كتب ابن فضال الذي يرويها والشيخ قد روى عن التلعكبري جميع كتب ابن فضال الذي يرويها عن ابن عقدة

وقوام هذا الجواب هو الاطمئنان برواية التلعكبري لجميع كتب ابن فضال عن ابن عقدة وتسليم الشيخ برواية ابن عقدة كتب ابن فضال

وحصول ذلك اعتمادا على تصريح النجاشي (رحمه الله) برواية ابن عقدة لجميع كتب ابن فضال مع عدم نص الشيخ رحمه على ذلك، وحصول الاطمئنان بان الشيخ الطوسي قد روى جميع كتب ابن فضال بطريق ابن عقدة هذا من الصعوبة بمكان، لان الشيخ الطوسي قد نص في كتابه الفهرست على طريقه الى كتب ابن فضال وخص ذلك في طريق ابن عبدون الذي يمر بالزبيري فلو كان للشيخ الطوسي رض طريق اخر غير طريق ابن عبدون لكافة الكتب لنص عليه

ومجرد كون التلعكبري مهتم برواية الكتب والمؤلفات لا يكفي لأثبات روايته كتب ابن فضال من خلال ابن عقدة وان كان ابن عقدة قد رواها جميعا لان من الممكن ان يكون التلعكبري روايا لها بواسطة ابن عبدون وبالتالي ليس شرطا فالجزم والاطمئنان بثبوت الطريق الثاني الخالي من الزبيري لكافة كتب ابن فضال ليكون موجب لاعتبارها أيضا صعب وبالتالي لا مجال لترتيب الأثر

الاشكال الثالث: إذا كان الامر كما ذكرتم من للشيخ الطوسي طريقين الى كتب ابن فضال فلماذا لم يشر لذلك لا في المشيخة ولا في الفهرست واقتصر على ذكر طريقه الى كتب ابن فضال من خلال ابن عبدون الذي يقع فيه الزبيري

أجاب السيد الفاضل: ان من الممكن عدم إشارة الشيخ الى ذلك يعود الى أحد امرين

الأول: قلت وسائط طريق ابن عبدون فان بين الشيخ وبين ابن فضال واسطتان فقط هما ابن عبدون والزبيري بينما بين الشيخ وبين ابن فضال في طريق ابن عقدة ثلاثة وسائط ومن المعلوم ان قلت الوسائط امر مطلوب عند المحدثين

الثاني: ان تحمل الشيخ الطوسي لكتب ابن فضال من طريق ابن عبدون كان على وجه السماع وهو اعلى درجات تحمل الحديث وربما كان تحمله لها بالطريق الثاني على امر اخر من المناولة او القراءة وغيرها

أقول: ظاهر الجواب ان الامرين المذكورين تبريرا لعدم ذكر الطريق الاخر مأخوذان على نحو مانعة الخلو –ممكن الاخذ بهما معا- مع ان الثاني منهما بان القضية على السماع خلاف الشيخ في الفهرست لان لانه نص على ان اكثرها كان سماعا وليس كلها وانما البعض الاخر كان من باب الاجازة وهذا لا يوجب فرق بين الطريقين لان جملة من كتب ابن فضال قد وصلته اجازة عن طريق ابن عبدون فلا يكون له امتياز على طريق ابن عقدة

وأيضا ان زيادة وساطة واحدة لا تعد فارق في مثل المقام لان غرض قلت الوسائط هو الحذر من عملية التصحيف لان النقل نقل بالمعنى فبالتالي يخشى ان تعدد الوسائط يوجب شيئا من التصحيف او يوجد شيء من اختلال المعنى في مقام التركيب ومن هنا يحذرون ولكن يبدو ان فرق واحد واثنين لا يعد موجب لهكذا احتمالا عقلائيا حتى يقال بالتركيز عليه

الحاصل الامران المذكوران لا يصلحان لتبرير ترك الشيخ قده الإشارة الى الطريق الثاني في المشيخة والفهرست وبالتالي نبقى على اشكالنا كما هو

الاشكال الرابع: لو سلم ما ذكرتموه من الاقتصار على ذكر أحد الطريقين اما بمراعاة قلت الوسائط او بملاحظة ان الكتب التي عن طريق ابن عبدون اخذت سماعا فإنما انما يصلح لعدم ذكره في المشيخة لعدم بنائه فيها لاستيفاء الطرق فيعمد الى انتخاب أفضلها الا ان هذا لا يتم بالنسبة الى الفهرست والذي كان بنائه الاستقصاء للمصنفات وبالتالي استعراض كافة الطرق واستقصائها ويشهد لما ذكرناه ان الشيخ قال (وقد ذكرنا نحن مستوفى في كتاب فهرست الشيعة)[2] فلو كان للشيخ طريق اخر لكتب ابن فضال غير طريق ابن عبدون لذكره في الفهرست وعدم ذكره له يدل على انحصار طريق ابن عقدة في كتابي الحيض والجنائز وان طريق الشيخ قده لبقية الكتب يكون من خلال طريق ابن عبدون

أجاب السيد الفاضل: ان ما ادعاه الشيخ قده من الاستيفاء مبني على الغلبة لان المتتبع للفهرست يقف على ان هناك طرق له لبعض الكتب لم يذكرها في الفهرست منها طريقه الى علي ابن جعفر والذي ذكره في المشيخة فانه لم يذكره في الفهرست ومن ذلك طرقه الثلاثة الى الفضل ابن شاذان التي ذكرها في المشيخة ولم يذكرها في الفهرست وهذا يكشف عن ان الشيخ ليس ديدنه الاستقصاء والاستيعاب

وجوابه: وجود بعض الموارد التي لم يذكر الشيخ طرقا أخرى لا يعني ان مقامنا منها اقصى ما نستطيع ان نقول ان الشيخ غرضه الإشارة الى الغلبة –الاعم الاغلب- لكن من اين نثبت ان هذا مما ترك وليس من الاعم الاغلب اثبات ادخال مما ترك من باب التمسك بالعام في الشبهة المصداقية وهو غير مقبول وبالتالي يبقى الاشكال الرابع على حاله لم يجب عنه ولم يخرج ما افاده السيد السيستاني دام ظله عن مجرد الدعوى والتي تحتاج الى برهان اقصى ما يمكن الالتزام به انه في كتابي الحيض والجنائز نلتزم بوجود الطريق الثاني وبالنسبة الى باقي الكتب فصعب جدا

وهناك طريق ثالث يمكن ذكره في المقام ويحتاج الى تأمل وهو البناء على عدم حاجة كتب ابن فضال الى طريق لأنها من الكتب المشهورة المتداولة شأنها شأن الكافي والفقيه بالنسبة الينا اليوم فإننا إذا اوجدنا طريق اليها فمن باب التبرك والا يمكن الاكتفاء بالنقل عنها بعد ثبوت شهرتها

وهذا يعتمد أولا عدم تعدد نسخ كتب ابن فضال ثانيا يعتمد على الالتزام بوحدة الكتب المنسوبة الى ابن فضال حتى نرتب الأثر

بالنتيجة الرواية ضعيفة سندا على الأقل بطريق ابن عبدون المشتمل على الزبيري مع اننا عندنا تأمل بأبن عبدون نفسه لانه طريق توثيقه كونه أحد مشايخ النجاشي ونحن لا نقبل هذه الكبرى الكلية.

ثم بعد ذلك نرجع الى متن الرواية فقد قال السيد السيستاني دام ظله ان متن الرواية يعاني اضطرابا من ناحيتين

الأولى: الاختلاف في متنها وذلك ان الرواية نقلت بصيغتين مختلفتين الأولى سبق عرضها والتي جاء فيها (ما يستحلون) والثانية ما تضمنته جملة من المصادر كالتهذيب والوسائل والمستدرك نقلا عن كتاب نوادر احمد ابن محمد ابن عيسى عن محمد ابن مسلم وقد جاء فيها (يستحلفون) نعم قد اشير بعض طبعات المستدرك اشتملت على عبارة (يستحلون) فتكون نسخة موافقة للصيغة الأولى وجاء في التهذيب (في كل دين ما يستحلفون به)[3] وفي الوسائل (تجوز على كل دين بما يستحلفون)[4] وفي المستدرك (يجوز في كل دين ما يستحلفون)[5] وبناءا على هذا يأتي عندنا احتمالان

أولهما: يلتزم بتعدد الخبر فيكون العلا قد روى عن محمد ابن مسلم روايتين مرة بصيغة (يستحلفون) ومرة بصيغة (يستحلون) ووفقا لهذا الاحتمال سوف يعمل بكلا النصين إذا توفرت فيهما شرائط الحجية ويدعم هذا الاحتمال ان النص الوارد بعبارة (يستحلفون) نقله الشيخ في التهذيب عن أحدهما عليهما السلام مردد مع ان النص محل البحث منقول عن الامام ابي جعفر الباقر (سلام الله عليه)

الثاني: ان يكون الخبر واحدا الا ان هناك اختلاف في متنه جراء تعدد النسخ او حصول الاشتباه ولو من خلال النساخ ويقوي هذا الاحتمال تشابه كلمتي (يستحلون ويستحلفون) في الكتابة والرسم ما يقوي حصول التصحيف لأحداهما حينئذ مع عدم ما يوجب الترجيح يصعب الوثوق والاطمئنان بهكذا نص والاستناد اليه في مقام الاستدلال فيسقط

مع انه قد يقال بنفي تعدد النص لبعد ذلك وترجح نسخة (يستحلفون) على (يستحلون) وذلك بملاحظة تعدد المدارك للثانية وكثرة طرقها فقد رواها الصدوق رحمه الله عن العلا ابن رزين وللصدوق الى العلا ابن رزين أربعة طرق في ما يرويه عنه، بينما ينحصر مصدر (يستحلون) في خصوص ما رواه الشيخ قده من كتاب علي ابن فضال عن العلا ابن رزين وللشيخ الى العلا طريقان وبالتالي يترجح ان الموجود (يستحلفون) وليس (يستحلون) وبهذا يكون مانع من ان تكون الرواية مربوطة بمحل بحثنا

ان ابيت عن القبول بالترجيح يبقى عدم الوثوق والاطمئنان بالصدور متعينا ومانعا من الاستناد الى الخبر المذكور والاستدلال به فاختلاف متن الخبر موجب لحصول الاضطراب فيه وهو احد الأمور المانعة من الاستناد اليه كما قرر في الدراية

ومن ناحية ثانية موجبة لاضطراب الخبر وهي اشتمال متن الخبر على كلمتين متنافرتين لا يمكن اجتماعهما معا في كلام واحد لدلالة كل منهما على ذات ما تدل عليه الأخرى وهما كلمة (الاهل) وكلمة (ذي) فان متن الرواية هكذا (يجوز على اهل كل ذي دين ما يستحلون) الجمع بينن كلمة (الاهل) وكلمة (ذي) يولد مشكلة لان كل منهما يؤدي معنى الاخر ويمكن الاكتفاء بأحدهما للدلالة على المطلوب دون الحاجة لذكر الأخرى فيكون هكذا (يجوز على كل ذي دين) او نقول (يجوز على اهل كل دين) ونكتفي ولا يصح اجتماعهما معا

قال السيد السيستاني دام ظله سألنا بعض الاكابر عن هذا الامر وعرضنا عليه هذا الاشكال فخرجه بالتالي قال ان الإضافة الواردة في النص بيانيه فكلمة (اهل كل ذي) بيانيه يعني ان نقدر كلمة (من) وحمل المقام على الإضافة البيانية ممنوع لانه مخالف لكتب الادب لان الوارد هناك يعتبر في الإضافة البيانية ان يكون المضاف اليه من جنس المضاف مثل ان تقول (باب من حديد) فيكون المضاف بعض من المضاف اليه وبالتالي هذا غير موجود في المقام ومع عدم وجوده لا يصح ان يخرج المورد كونه إضافة بيانيه لأجل دفع هذا الاشكال قال دام ظله عمد الاعلام الى ذكر تأويلات لهذا المعنى وهي اقرب واوجه لما يمكن ذكره في البين وهو الذي لم يذكر في كلماتهم وينفرد به دام ظله.


[1] قبسات، السيد محمد رضا السيستاني، ج2، ص271.
[2] مشيخة التهذيب والاستبصار، الطوسي، ج10، اخر صفحه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo