< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد ال‌عبیدان‌القطيفي

قواعد الفقهيه

42/09/07

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: قاعدة الالزام/حجية القاعدة /شواهد

افاد سماحة السيد السيستاني (دام ظله) وجها لتأويل الرواية لم يٌشر اليه في كلمات أحدهم على ما تقدم

فقال: المقصود من الرواية ان كل من كان له اهل ذو دين وهم يستحلون أمورا فتنفد عليهم تلك الأمور التي يستحلونها كما اذا كان شخص نصرانيا وابوه مجوسيا وقد تزوج بأبنته فاذا مات الاب فان ارثه يقسم بين أولاده لان المفروض بان الزوجية بنظر ابنه النصراني باطلة فترث ابنته التي هي زوجته من جهة واحدة فقط وهي جهة كونها ابنته ولا ترث من جهة كونها زوجته لكن بما انه (يجوز على اهل كل ذي دين ما يستحلون) فبطبيعة الحال ترث البنت من جهة أخرى أيضا وهي كونها زوجة له فيكون في ذلك ضرر باقي الورثة وعليه لا ترتبط الرواية في المقام

أقول: لا ريب في تمامية ما افاه (دامت بركاته) بالنسبة للناحية الأولى فان اختلاف الحديث أحد الموجبات لعدم الوثوق به ويعد مانعا من الاستناد اليه ويمثل سببا من أسباب الاضطراب الموجبة لرفع اليد عن النص

أيضا الكلام في الناحية الثانية فان وجود كلمتي (الاهل) و(ذي) لا ينسجمان لدلالة كليهما على ذات المعنى، نعم قد لا يكون وجودهما مانعا خصوصا بملاحظة نقل النص بالمعنى الا ان البناء على ذلك من الصعوبة لان الراوي هو محمد ابن مسلم (رضي الله عنه) فقيه جليل عالي القدر عالي المنزلة رفيع الشأن لا يتصور فيه انه لا يضبط وهذا النقل بهذه الكيفية يشير لعدم الضبط وهذا لا يتصور بحق محمد ابن مسلم فيصعب ترتيب الأثر فيبقى الاشكال على حاله ان الكلمتين متنافرتان وبهذا يكون المتن ركيكا منقول بالمعنى يوجب التوقف والتأمل.

اما بما يتعلق بالتأويل الذي افاده فما ذكره من حيث ارتباط الموضوع وعدمه وقال انه طبقا للتأويل الذي افاده لم تكن الرواية مربوطة بمحل الكلام فلم يبين ما هو السر بعدم ارتباط الرواية بمحل الكلام

أقول: ان النكتة بعدم ربط الرواية بالمقام يعود الى ان موضوعها أصحاب الديانات السماوية السابقة وذلك بقرينة وجود كلمة (دين) في النص ومن المعلوم ان غير الامامي الذي يراد إلزامه بما يلتزم به ليس صاحب دين يغاير الدين الذي عليه الامامي بل هما يتبعان دين واحد وشريعة واحدة فتكون الرواية بناءا على هذا اجنبية على المقام

ولكن إذا التزمتم بتعدية الحكم الى غير الامامي والى الديانات كما يلتزم بذلك السيد الخوئي (قده) فستكون الرواية مربوطة بهذا المصداق والذي يلتزم السيد السيستاني به، وعلى هذا فان الرواية اجنبية على المدعى

تعقيب: الرواية إذا كانت بصدد إلزام المتوفى فالمفروض فعلا ان البنت تقبض نصيبين نصيب بنت ونصيب زوجة اما إذا كان بصدد إلزام الأولاد فاذا كانوا يدينون بدين النصرانية فالمفروض انه لا يرى استحقاق اخته لنصيب الزوجية فأي معنى بعد ذلك لترتيب الأثر

والظاهر ان الالزام بلحاظ الميت وليس بلحاظ الأبناء الموجودين وعليه يكون النظر لهذا الامر وبالتالي يقسم الميراث على حسب ما يدين هو ويكون الامر بهذه الكيفية، وانصافا ليس لنا مع سماحته شيء من هذه الناحية بل نسلم باضطراب الرواية يبقى فقط في ما يخص التأويل يتضح من خلال فقه الرواية

واما فقه الرواية: هناك تقريبان في المقام

التقريب الأول: ما افاده السيد الحكيم قده إذا كان يستحل تزويج المطلقة ثلاثاً يجري ذلك الاستحلال عليه لغيره، فيجوز تزويج مطلقته ثلاثاً، وإذا كان يستحل الأخذ بالتعصيب يجري ذلك لغيره، فيجوز لغيره الأخذ بالتعصيب. فالمقصود هو الحلية لغيره عليه، لا الحلية له على غيره. ولذلك عبر (ع) بقوله على أهل ‌ولم يقل: لأهل، فالجواز والحل يكون لغيرهم عليهم، لا لهم على غيرهم. فليس فيه تنفيذ دين كل أهل دين، بل الإلزام لهم، والإحلال لغيرهم عليهم. فالصحيح نظير (ألزموهم([1] فلو فرضنا ان زيدا وجد عرما طلق زوجته ثلاثا فان زيد يحل لنفسه طليقة عمر ثلاثا فيلزم زيد متى ما طلق امرآته ثلاثا ان يتزوجها عمر او غيره فانه يلزم بما يلتزم، وكذلك اذا فرضنا ان زيدا يجيز لنفسه اذا مات اخوه وترك ابنتا ان يرث اخاه بالتعصيب فيجوز لأخيه أيضا اذا مات زيد وترك ابنتا ان يرثه بالتعصيب أيضا يعني ما يستحله لنفسه يكون ملزم به فيحل للأخرين تطبيقه عليه

والنتيجة مدلول الخبر على قول السيد الحكيم هو ثبوت الحلية لغيره عليه وليس ثبوت الحلية له على ويشهد لذلك تعبيره (عليه السلام) على اهلي ولم يقل لأهلي يعني يجوز عليهم لغيرهم وليس يجوز لهم على غيرهم فالجواز والحل يكون لغيرهم عليهم وليس لهم على غيرهم فليس فيه تنفيذ كل اهل دين بل الالزام لهم والاحلال لغيرهم عليهم فيكون الصحيح نظير ألزموهم وبهذا تكون الرواية تامة الدلالة على المدعى وفقا للبيان الذي افاده السيد الحكيم (قده)

وعقب السيد السيستاني على كلام السيد الحكيم بسؤالين وهما في الحقيقة نقضان

الأول: ما هو ربط قوله ع يجوز على اهل كل ذي دين ما يستحلون) مع السؤال على الاحكام وان شئت قلت نقضا لا نجد ارتباطا بين السؤال وبين الجواب فان المفروض ان المقصود من الاحكام التي سأل عنها في المقام هي خصوص الاحكام القضائية وهو مستفاد من الآيات القرآنية فان اغلب التعبير ناظر الى الابعاد القضائية فاذا كان السؤال عن الحكم القضائي لابد ان يكون الجواب منسجما مع الحكم وهذا يرجح ان تكون النسخة هي (يستحلفون) على أساس ان الحلف وسيلة من وسائل الاثبات القضائي

لكن هذا السؤال مدفوع لان تعبيره (يجوز على اهل كل ذي دين ما يستحلون) يعني ما يلتزمون به من احكام ولوازم وبالتالي ولو كان السؤال عن الاحكام القضائية فيكون مشيرا الى وسيلة من وسائل الاثبات ولذا أجد تمام الارتباط بين السؤال وبين الجواب فأجابه الامام في الاحكام القضائية المدار على ما يلتزمون ويعتقدون فيكون ثابتا

الثاني: على فرض وجود الربط بين السؤال والجواب هل ان الكبرى مما يمكن الالتزام بها فكل محرم من المحرمات إذا استحله اهل دين من الأديان يوجب تزويج ذلك المحرم إذا كان فيه نفع مثلا هل يجوز مصافحة نساء النصارى فهم يستحلون جواز مصافحة المرآة الأجنبية للرجل الأجنبي وقطعا في هذا نفع لي انا المسلم فهل تلتزمون جواز مصافحتي للنصرانية

نقضا اخر: إذا جاز عندهم تزويج المرآة بأزواج متعددة كما نقل عن بعض الأديان فهل يجوز للمسلم ان يتزوج امرآة متزوجة بناءا على تعدد الأزواج عندهم، وبالجملة ان مجرد استحلالهم لشيء هل يكون مجوزا لارتكاب الغير له مع انه محرم باعتقاده

أجاب السيد السيستاني عن هذا الاستغراب ان هذا عام ما دل على المنع وما من عام الا وخص فكل مورد نعلم بمورد جوازه فهو واما في غيره فيجوز، ثم أشار ان هذا الجواب –تخصيص العمومات او تقيد المطلقات- انما يصح على بعض نسخ الخبر وهو تضمنه عبارة (يستحلون) وقد عرفت عدم رجحان هذه النسخة بل الرجحان لعبارة (يستحلفون)

أقول: أيضا النقض الثاني ليس بمحله لأننا نقرر ان مفاد القاعدة لو تمت تقيد كل ما دل على المنع مطلقا او تخصيص كل ما دل على المنع مثلا ما دل على ان المطلق ثلاثا ذات بعل مطلق لا يفرق بين كون الزوج يعتقد الطلاق او لا يعتقد الطلاق الواقع ثلاثا فهذا يصلح للتقيد بما دل على إلزامه بما يلتزمون به أيضا ما دل على حرمة مصافحة الأجنبية مطلق لا يفرق فيه بين كونها تستحل ذلك من عدمه فيقيد بقاعدة الالزام وهكذا

نعم من حقنا ان نقول لا مجال لتقيد قاعدة الالزام لما دل على حرمة مصافحة الأجنبية لان المفروض ان قاعدة الالزام قاعدة امتنانيه واي امتنان في جواز مصافحة الأجنبية بل لعل الامتنان بالعدم

والغريب ان سماحته سلم بالجواب بان القاعدة قابلة لتقيد المطلق وتخصيص العام وبالتالي يقتضي تسليمه عدم ذكر النقض الثاني، الا ان يقول احدكم ان السيد ذكره بلحاظ الإشارة انه يجري على نسختين وليس على نسخة

قلت: أساسا وفقا للنسخة الثانية (يستحلفون) فان النص أجنبي تماما عن المدعى ولا ربط له بالمقام وبالتالي لا مجال لترتيب الأثر

إذن التقريب الأول الذي افاده السيد الحكيم تام لا خدش فيه الا من جهة انه مختص بإصحاب الديانات وليس شاملا لغير الامامي، الا ان تتمسكوا بالأولوية القطعية بان تقولوا إذا كان شاملا لأصحاب الديانات فمن باب أولى ان يكون شاملا لأصحاب الديانة الواحدة وللأنصاف هذا في غير محلة وتقريب دلالة الرواية على المطلوب تام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo