< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد ال‌عبیدان‌القطيفي

قواعد الفقهيه

42/09/08

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: قاعدة الالزام/حجية القاعدة /اقوال الفقهاء فيها

ويمكن ان نذكر تقريبا اخر على دلالة رواية محمد ابن مسلم على القاعدة لما افاده السيد الحكيم (قده) وهو أوضح في المطلوب وهذا ما جاء في كلام الفقيه المعاصر الشيخ اللنكراني (قده) قال واما ما ورد فيه التعبير بقوله (عليه السلام) تجوز على اهل كل ذي دين ما يستحلون فالظاهر بعد كون المراد بالجواز هو النفوذ والمضي وكون كلمة (على) ظاهرة في الضرر[1] –يعني في جنبة الالزام- ان أصحاب كل دين ينفذ عليهم وبضررهم ما يستحلون –يكونوا ملزمين بما يعتقدون ومطالبين بتطبيق ما يلتزمون- مثلا اذا كانوا يستحلون اكل العصبة نصف المال من تركة الميت اذا ترك بنتا منفردة فينفذ هذا الحكم عليهم فاذا كانت العصبة من اهل الولاية يجوز لهم ان يأخذوا منهم نصف تركة الميت كما وقع التصريح بذلك في رواية ابن محرز

فان الشيخ اللنكراني (قده) فهم من حديث (تجوز على اهل كل ذي دين ما يستحلون) يعني يكونوا ملزمين ومطالبين بتطبيق ذلك وامتثاله ويبقى ما اشير اليه في نهاية المطلب السابق

والنتيجة المستفادة من الكلام المتقدم في الرواية

أولا: ان الرواية ضعيفة سندا ولا مجال لتصحيحه من قريب او بعيد فكل العلاجات التي ذكرت اما لإيجاد طريق اخر لأبن فضال او من خلال توثيق الزبيري لا تنفع فضلا عن ان المشكلة في ابن عبدون الواقع فيه الزبيري

ثانيا: ان الرواية دلالتها تامة للأمانة بالتقريب الذي افاده السيد الحكيم قده والتقريب الذي افاده الشيخ اللنكراني (قده) ودائرة دلالتها واسعة فليست مختصة بالمسلمين من غير الامامية بل تشمل غيرهم أيضا الا ان يدعى الانصراف الى خصوص المسلمين من غير الامامية.

ومن النصوص المستند اليها في المقام رواية جعفر ابن محمد ابن عبيد الله العلوي عن الامام الرضا (عليه السلام) واردة في وسائل الشيعة مج22 ب30 مقدمات الطلاق ح9 ص74 محمد ابن الحسن الطوسي بأسناده عن محمد ابن احمد اب يحيى عن احمد ابن محمد عن جعفر ابن محمد ابن عبد الله العلوي عن ابيه قال سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن تزويج المطلقات ثلاثا فقال: لي (ان طلاقكم لا يحل لغيركم وطلاقهم يحل لكم لأنكم لا ترون الثلاثة شيئا وهم يوجبونها)[2] تقريب دلالة الرواية على المدعى بلحاظ ان الامام (عليه السلام) قد أشار الى الزامهم بما يلتزمون ولما كانوا يلتزمون بصحة هكذا طلاق متى صدر من واحد منهم فانهم يلزمون بذلك فتكون الرواية طبقا على هذا التقريب تامة الدلالة على المدعى ونستفيد من قوله الامام (وطلاقهم يحل لكم)

اما المانع من الاستناد الى الرواية المذكورة ضعفها السندي فقد اشتمل سندها على جعفر ابن محمد ابن عبيد الله العلوي وابيه وهما مجهولان لم يذكرا في المصادر الرجالية وربما قيل بعدم صعوبة توثيق الاب لانه أحد مشايخ البزنطي الذي روى عنهم وقد شهد الشيخ في حق البزنطي واخويه انهم لا يرون ولا يرسلون الا عن ثقة، كما يمكن توثيق جعفر بأحد طريقين

الأول: بالتوثيق العام فقد وقع في اسناد كامل الزيارات ومع القبول بدلالة عبارة المقدمة على توثيق ابن قولويه (رحمه الله) لجميع من وقع في اسناد كتابه كان ذلك موجبا لوثاقته ومن الواضح ان هذا الطريق يقوم على تشكيل قياس منطقي من الشكل الأول كبراه ان كل من وقع في اسناد كامل الزيارات ثقة وصغراه ان جعفر ابن محمد ممن وقع اسناده فتكون النتيجة البناء على وثاقته

الثاني: توثيقا خاص فقد وصفه أبو الحسين محمد ابن عثمان ابن الحسن النصيبي وهو أحد مشايخ النجاشي (رحمه الله) بالشريف الصالح وكلمة (الشريف) وان كانت لا تدل على الوثاقة وانما تدل على شرف الانتساب الى العترة الطاهرة الا ان الوصف الثاني (صالح) ظاهر في حسن الحال وانه لا يوصف به من يكون كذابا او وضاعا للحديث فعليه سيكون توصيفه امارة على وثاقته ولا اقل على حسن حاله

ولكن يمكن التأمل في الامرين فيمنع توثيق الاب بما ذكرناه في محله فعندما قال (لا يرون ولا يرسلون الا عن ثقة) ما هو مدلول هذه العبارة؟

أقول: اجمالا ان الموجود في كلمات الاعلام ان مجرد رواية واحد من المشايخ الثلاثة عن روي تعد امارة من امارات التوثيق والذي أستظهره من خلال وجود (لا) الداخلة على الفعل المضارع انه لا يكتفى بمجرد الرواية وانما يعتبر الاستمرار في الرواية عن هذا الشخص وقد ذكرنا في محله ان الذي أستظهره من العبارة ان يكثروا الرواية عن شخص ليكون ذلك امارة على وثاقته فليست روايتهم مطلقة وانما اكثارهم الرواية عن شخص اماراه على وثاقته

في المقام الصغرى غير متحققة اذ ان البيزنطي لم يكثر الرواية عن محمد ابن عبد او عبيد الله العلوي فلا يمكن البناء على ترتيب الأثر

واما بالنسبة لتوثيق الابن فان الطريق الأول وهو وقوعه في اسناد كامل الزيارات مبني على التسليم بتمامية دلالة عبارة ابن قولويه في مقدمة الكتاب على الشهادة بوثاقة جميع من وقع في اسناد كتابه لكي يكون مفادها مدلولا رجاليا تفيد وثاقة الواقعين بالسند

مع ان انه ظاهر العبارة انه بصدد التوثيق الفهرستي وليس السندي يعني هو بصدد تصحيح الرواية من خلال مجموعة من القرائن الحافة بما في ذلك السند والتفصيل يطل من محله

فالتوثيق العام اساسا لا يبنى عليه لانه نستظهر من عبارة ابن قولوه وثاقة الرواة وانما نستظهر اعتبار الرواية وهو اعم من وثاقة الراوي

اما الطريق الثاني فان الوصف بالصلاح لو لم يكن كاشفا عن الوثاقة كما قررنا قبل قليل فأقلها من كشفه عن حسن الحال، الا انه لا يصلح البناء على الوثاقة لعدم وثاقة صاحب الشهادة نفسه وينحصر طريق توثيقه في كبرى مشايخ النجاشي فان قبلتم الكبرى ستكون النتيجة هي الالتزام بوثاقته اما إذا بنيتم كما هو الحق على عدم تمامية الكبرى المذكورة فالنصيبي لا توثيق له وبالتالي لا يمكن التعويل على شهادته

وبناءا على هذا سوف يكون الخبر ساقطا عن الاعتبار والحجية ولن يصلح الاستناد اليه بعد معرفتنا ضعف سنده، وقد يمنع الاستناد اليه بسبب اخر وهو وجود خلل في تركيب الرواية السندي فقد روى الشيخ الطوسي الرواية في المقام هكذا عن جعفر ابن محمد ابن عبيد الله العلوي عن ابيه عن الامام الرضا (عليه السلام) وهذا يعني جعفر لا يرويها عن الامام مباشرة وانما يرويها عن الامام بواسطة الا انه رواها في موضع اخر عن جعفر ابن محمد ابن عبيد الله عن الامام الرضا ع ومن دون واسطة بين العلوي والامام بل اكثر من مورد بهكذا كيفية وبالتالي المقام مقام ترديد هل الرواية مروية بواسطة ام لا

الا ان الظاهر عدم صلاحية هذا الاشكال لرفع اليد عن الرواية واسقاطها عن الاعتبار والحجية ويمكننا ان ندفع هذا الاشكال بان الصحيح ما جاء في المقام من وجود الواسطة بين العلوي والامام الرضا (عليه السلام) وهو الاب بقرينة رواية الشيخ ذاتها في كتابها الاستبصار عن العلوي عن ابيه عن الامام الرضا وهذا يساعد على حصول سقط في المورد الذي ورد السند فيه هكذا عن العلوي عن الامام الرضا (عليه السلام) مباشرة ومن دون واسطة خاليا من الاب وعليه لا يكون هذا الخلل مانع لو استجمع شرائط الحجية لو بني على وثاقة الاب وعلى وثاقة جعفر ابن عبيد الله العلوي

اما الكلام في دلالتها فهو عين الكلام في دلالة ما تقدمها فإننا نستظهر من قوله عن تزويج المطلقات ثلاثا فقال لي ان طلاقكم لا يحل لغيركم وطلاقهم يحل لكم فان المستفاد من الرواية اختصاص مورد الاجراء بباب الطلاق وعدم التعدي عنه الى الغير خصوصا ان العرف يفهم الخصوصية لبعض الموارد بقرينة ان المرآة لا تبقى بدون زوج اذ يخشى عليها الوقوع في الحرام فليس بعيد ان المورد مورد توسعة من الشارع المقدس بينما في الموارد الباقية فالموقف يختلف ولذا

أقول: الرواية بعد رفع اليد عن المشكلة السندية والتسليم بتمامية دلالتها سوف تكون مختصة بموردها وهو خصوص باب الطلاق فلا يتعدى منه الى غيره من الأبواب الفقهية الأخرى اذ ان العرف يفهم الخصوصية في المقام، وبناءا على ذلك فان الرواية دلالة لكنها لا تعطي قاعدة كلية وانما تفيد حكما جزئي يرتبط بخصوص باب الطلاق ليس الا

السيد السيستاني دام ظله أشار الى وجود احتمالين اخرين في دلالة الرواية تمنعان من دلالها على قاعدة الالزام

الأول: البناء على دلالتها على قانون الاحترام المتبادل بين أصحاب الأديان والمذاهب الإسلامية المختلفة والذي يقوم عليه بناء المجتمع المتشكل من الاطياف المتعددة فيلزم المنتسب لدين او مذهب بما يتدين به احتراما لدينه او لمذهبه وليس الزاما له بما يلتزم فلو طلق غير الامامي زوجته ثلاثا في مجلس واحد بانت منه فنحترم هذا الرأي ومعتقده الذي يتبناه فتتعامل معه معاملة من قد بانت زوجته منه والفرق بين قانون الاحترام وقاعدة الالزام التالي هو ان قانون الاحترام يقضي بمراعات الاخر غير الامامي واحترام ما يتبنى من قوانين ونظم والتعامل معه على وفق ذلك وان كنت غير معتقدا به دون ان يكون ملزم له بشيء من الأمور يستفيد منها الامامي مثلا اذا طلق زوجته ثلاثا في مجلس واحد يتعامل معه على ان زوجته قد بانت منه احتراما لما يعتقده من حكم فقاعدة الالزام قائمة على ان يكون نفع للأمامي يحصل عليه جراء ما يعتقده غيره بينما قانون الاحترام هو ترتيب الضرر الذي رتبه غير الامامي على نفسه

انصافا هذا الاحتمال خلاف ظاهر النص بل خلاف صريح النص فان النص يقول (وطلاقهم يحل لكم) وهذا يعني ان مدلول النص امرين ترتيب اثار الضرر على صاحب القانون وتحصيل المنفعة للأمامي من صاحب القانون وبالتالي حمل الرواية على قانون الاحترام والذي يقوم على ترتيب أثر الضرر على صاحب القانون فقط خلاف صريح النص تماما

الثاني: ان المستفاد من الخبر هو الإشارة الى الحكم الواقعي لان مفاد الخبر ان الطلاق الصادر منكم ثلاثا في مجلس واحد يعد طلقة واحدة وهو طلاق رجعيا ولا تبين الزوجة من زوجها ويمكن ارجاعهما ومجرد الطلاق الصادر بالكيفية المذكورة لا يجعلها تحل للغير وانما الحلية متوقفة على انقضاء العدة وعدم مراجعة الزوج اليها بخلاف غير الامامية يعتبرون الطلاق ثلاثة موجب للبينونة فيقع موجب لحلية الغير

وهذا إذا دل على حكم واقعي فهل يلزم من ذلك تعدد الحكم الواقعي وهو بعيد فالاحتمالان اللذان افادهما سماحته دامت بركاته لمنع دلالة الرواية على الالزام في غير محلهما نعم اقصى ما يستفاد من الرواية البناء على اختصاص موضوعها بالطلاق ويصعب التعدي منها الى بقية الموارد.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo