< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد ال‌عبیدان‌القطيفي

قواعد الفقهيه

42/09/09

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: قاعدة الالزام/شواهد على القاعدة/

 

في البين امر أخير له قبل البدء برواية جديدة قد يقال بانه لو سلمت دلالة الرواية المذكورة لما أمكن الالتزام بها لأنها معارضة لمثل معتبرة علي ابن حنظلة واضرابه والتي تضمنت ان المطلقات ثلاثا ذوات ازواج (اياكم والمطلقات ثلاثا) فلا محيص حينئذ من تقديم معتبرة علي ابن حنظلة على رواية جعفر ابن محمد العلوي لان رواية علي ابن حنظلة موافقة للشهرة وهذا كله بناءا على الالتزام بثبوت المعارضة بعد الانتهاء من استعراض النصوص

أقول: لو سلمنا المعارضة والتزامنا بوجودها في المقام كان مقتضى القاعدة حينئذ بعد تمامية رواية جعفر ابن محمد العلوي التي هي محل الكلام تقديمها على النصوص الثانية من باب الحكومة بالتوسعة ليلتزم بجواز التزويج من المطلقات ثلاثا إذا كان المطلق يعتقد بذلك وعليه لو تمت رواية جعفر سندا كان مقتضى المقام البناء على تقديمها على بقية الرواية الأخرى بالحكومة هذا تام الكلام في الرواية.

ومن النصوص الأخرى مرسلة الصدوق وقال عليه السلام (من كان يدين بيدين قوم لزمته احكامهم)[1] نفس هذه الرواية رواها الصدوق في كتبه الثلاثة عيون الاخبار ومعاني الاخبار وفي العلل سندها محمد ابن علي ابن الحسين ماجلويه عن محمد ابن يحيى عن احمد ابن محمد ابن عيسى عن جعفر ابن محمد الاشعري عن ابيه عن الرضا (عليه السلام) مثله وأيضا الرواية واردة في عيون اخبار الرضا وموجودة في علل الشرائع لكنها غير موجودة في معاني الاخبار ولعله هناك اختلاف في نسخ الكتاب جعل صاحب الوسائل يظفر بالرواية في كتاب معاني الاخبار والنسخة الواصلة الينا فاقدة لذلك والامر سهل

اما كتاب الفقيه هي مرسلة فقد وردة قال (عليه السلام) (من كان يدين بدين قوم لزمته احكامهم) ومقتضى القاعدة الرواية اذا مرسلة ترفع اليد عنها وتسقط عن الاعتبار والحجية لعدم البناء على حجية المراسيل الا ان تدعون بأن ما ذكره الشيخ الصدوق في مقدمة كتابه من انه لم يذكر فيه الا ما هو حجة بينه وبين ربه يكون بمثابة التوثيق الصادر منه لجميع الواقعين في اسناد الرواة او لأقل بنائه على اعتبار جميع المرويات لكن ذكر في محله ان الصادر من الصدوق لا يخرج عن كونه قضية اجتهادية قد تكون ناشئة من الاعتماد على متن الرواية اكثر من الاعتماد على اسانيدها فتكون الشهادة منه باعتبار المتن وبالتالي الوثوق بالصدور بملاحظة المتون اكثر من ملاحظة الرواة وهذا الطريق يصعب الناء عليه

ومن هنا فصل بعضهم في مراسيل الصدوق الى قسمين

مراسيل وردة بعنوان (روي) ومراسيل وردة بعنوان (قال) وهذا قول مجموعة من علماء الطائفة فبنى عليه السيد البروجردي قده ويبني عليه السيد الامام الخميني قده وأيضا كان مختار السيد الامام الخوئي قده الى دورته الأصولية الأخيرة فعدل عنه وهذا القول يفصل فما كان بعنوان (قال) يبنى على حجيته وما كان بعنوان (روي) يعامل معاملة المراسيل

النكتة في ذلك هو ان الصدوق يعلم ان الكذب على المعصوم من المحرمات بل من الكبائر فلا يمكن للصدوق قده ان ينسب الرواية للمعصوم جازما من غير مستند يعول عليه للبناء على الصدور فنسبته (قال) عن جزم بالنسبة فتكون معتبرة

الرأي الثاني: تبناه السيد السيستاني دام ظله في كتابه قاعدة لا ضرر قال انه لا فرق بين مراسيل الصدوق بين ما جاء بعنوان (قال) وما جاء بعوان (روي) وهذا ضرب من ضروب التفنن التي اعتمدها الصدوق (رحمه الله)

أقول: النكتة في التعبيرين ملاحظة المصدر الذي نقل عنه الصدوق فاذا نقل من الكتاب مباشرة عبر عن الرواية ب (قال) اما إذا نقل بواسطة عبر (روي) والحق عدم الفارق بين مراسيل الصدوق وانما التفريق بلحاظ ما تقدم

والرواية سندا ساقطة عن الحجية ولكن مروية أيضا في طريقين اخرين أحدهما عيون الاخبار محمد ابن علي ابن الحسين صدوق عن محمد ابن علي ماجلويه عن محمد ابن يحيى عن احمد ابن محمد ابن عيسى عن جعفر ابن محمد الاشعري عن ابيه عن الرضا (عليه السلام) وهنا الرواية مسندة وليست مرسلة وبالتالي قد يرتب عليها اثر لكن مشكلتها اشتمالها على محمد ماجلويه وهو لا طريق لتوثيقه الا الترضي الصادر من الصدوق عليه فان عددنا الترضي[2] امارة من امارات التوثيق كان ذلك موجب للبناء على وثاقته

ولكن هذا الترضي الصادر من الصدوق يقابله لعن صادر منه أيضا قده ولو نلاحظ ان اللعن والترضي الصادران صدرا في شأن الأساتذة فهل يلتزم الأستاذ كما ان الترضي يشير الى درجة اعلى من الوثاقة هل سيكون المدلول عرفا للعن اعلى درجات الضعف؟

أقول: ان الغرض من الترضي والغرض من اللعن في كلام الصدوق هو الإشارة الى البعد العقدي للمترضى عليه وللملعون ونلاحظ ان الصدوق لما صدر منه اللعن لان الملعون وان كان من اساتذته ولكنه كان ناصبيا فكان غرضه من التعقيب باللعن الإشارة الى هذه الطريقة

ويبدو ان أساتذة الصدوق على ثلاثة اقسام منهم واضح جلي اما في طريق الحق او طريق الباطل لذا لم يعقب عليه ومنهم غير واضح الانتماء العقدي فعقب عليهم ببيان انتمائهم العقدي اما بالترضي إشارة الى صلاح المعتقد او اللعن إشارة الى فساد المعتقد وعليه لا يكون الترضي امارة على التوثيق اقصى ما نستفيد منه دلالته على حسن الحال والمعتقد

وبناءا على عدم عد الترضي امارة على التوثيق ستكون الرواية بطريقيها ساقطة عن الاعتبار والحجية بسبب وجود محمد ابن علي ماجلويه، ولكن في المقام نكتة يمكن البناء عليها ان هذه الرواية منقولة من كتاب عيون اخبار الرضا ع ولو تأملنا في العنوان (عيون) تشير الى الشيء النفيس او المنتخب كما لو قلت (عين القوم) يعني الشخص الذي انتخبوه ليكون ناظرا لهم، فكأن تعبير الصدوق بعيون اخبار الرضا يوحي بنائه على اعتبار المرويات التي نقلها في كتابه صدور مرويات الكتاب وبالتالي يوجب هذا المعنى

وبعبارة أخرى قد يكون التعبير بكلمة (العيون) تشير الى ان الصدوق لم يذكر في هذا الكتاب الا خصوص ما يراه صحيحا، فان جزمتم على هذا الامر يكون موجبا للبناء على وثاقة ماجلويه لان المفروض ان الصدوق يوثق والا فلا ويبقى الجزم بذلك من الصعوبة

والنتيجة الرواية من خلال مصادرها الثلاثة او الأربعة لا تصلح للاستناد بسبب الضعف السند

اما من حيث الدلالة قال (من كان يدين بدين قوم لزمته احكامهم) يعني صار ملزم بأحكامهم وبالتالي لو كانوا يرون ان الطلاق ثلاثا يوجب البينونة صار ملزم به الا ان الانصاف الرواية اجنبية على المدعى حيث ان مفادها ان كل فرد قد دان بديانة لزمه ان يلتزم بمفاد تلك الديانة ففرق في المقام عن الالزام

ويمكن ان نقول ان في الرواية اشعار بقانون الاحترام والاقرار بمعنى ان من كان يدين بدين قوم فالمفروض يقر على نفسه بالتزامه بهذا الدين من احكام فتحترم اقراه وتدينه فيلزمه بذلك ولكن ليس لها دلالة على قاعدة الالزام لا من قريب ولا من بعيد.

ومن الروايات التي تذكر في البين رواية عبد الله ابن طاووس وأيضا منقولة في كتاب عيون اخبار الرضا وقد أشرنا ان الصدوق ربما يقال انه لم ينقل في هذا الكتاب الا ما يراه صحيحا وعدم نقل الصدوق هذه الرواية في كتابه الفقيه والذي وسمه ما هو حجة بينه وبين ربه قد يكون شاهدا سلبيا مانعا من قبول هذه الرواية وهي عن ابيه عن الحسين ابن احمد المالكي عن عبد الله ابن طاووس (قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) ان لي ابن اخ زوجته ابنتي وهو يشرب الشراب ويكثر ذكر الطلاق فقال: ان كان من اخوانك فلا شيء عليه وان كان من هؤلاء فأبنها منه فانه عنى الفراق قال قلت اليس قد روي عن ابي عبد الله (عليه السلام) انه قال اياكم والمطلقات ثلاثا في مجلس فأنهن ذوات الأزواج فقال: ذلك من اخوانكم لا من هؤلاء انه من دان بدين قوم لزمته احكامهم)[3] وهذه الرواية اشتمل سندها على الحسين ابن احمد المالكي والموجود في عيون اخبار الرضا الحسن ابن احمد المالكي وعلى أي حال هذا الرجل لم يوثق وأيضا راوي الخبر وهو عبد الله ابن طاووس لم يوثق فالرواية على هذا ساقطة عن الاعتبار والحجية بحسب المقام.


[2] هذا الرأي يتبناه الشيخ الوحيد دام ظله يقول ان الترضي نظير ما جاء في القرآن الكريم في ما يخص بيعة الرضوان وهو يشير الى منزلة عالية والمترضى ليهم بمنزلة اعلى من الوثاقة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo