< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد ال‌عبیدان‌القطيفي

قواعد الفقهيه

42/09/10

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: قاعدة الالزام/شواهد على القاعدة/

تعقيب: على رواية ابن طاووس فلو كنا وظاهر النص فان قوله (يكثر ذكر الطلاق) بدون ملاحظة جواب الامام (عليه السلام) لما فهمنا منه ان الزوج قد أوقع الطلاق بل اقصى ما يمكن ان يفهم من هذا التعبير انه يهدد بالطلاق او يحلف بإيقاع الطلاق اما ابعد من هذا المعنى فلا ظهور للفظ وبالتالي واضح مدى الفرق بين كون التعبير المذكور ظاهر في عملية إيقاع الطلاق وبين كونه ظاهرا في عملية التهديد بالطلاق فان الثاني لا يرتب عليه أثر من قريب او بعيد بخلاف الأول ولذلك لو قلنا ان الصادر منه مجرد تهديد او توعد او حلف لن يكون الصادر طلاقا

لكن الجواب الصادر من الامام (عليه السلام) يكشف ان الصادر منه وقع طلاق غير مستجمع للشرائط المعتبرة في الصحة وفقا لمذهب الحق والسائل لم يخالف الامام (عليه السلام) في ما أجاب وهذا يعني ان السائل عندما قال يهدد بالطلاق أراد ان يقول انه يوقع الطلاق لكنه طلاق فاسد غير مستجمع للشرائط وهذا يساعد ان المقصود بالتهديد بالطلاق يعني وقوع الطلاق

ثم اننا نجد ان الامام (عليه السلام) فرق بين الامامي وغيره فقال لو كان المطلق اماميا فانه لا يرتب أثر على الطلاق الصار منه اما اذا كان غير اماميا فانه يترتب الأثر على الطلاق الصادر منه وهذا اجمال بيان الخبر بصورة موجزة.

والاستدلال بالخبر على القاعدة محل البحث انما يكون من خلال ذيلها لانه اشتمل التالي (انه من دان بدين قوم لزمته احكامهم) فان دلالة الذيل على قاعدة كلية مفادها ان من دان بدين قوم لزمته احكامهم يعني يكون ملزم بها فيتعامل معه على وفق ذلك فاذا أوقع الطلاق في مجلس واحد بانت زوجته منه وجاز لغيره الزواج بها، وكذا لو ترك بنتا واحدة ورثه اخوته مع ابنته لزاما لما يدين به

وهذا التقريب للدلالة يمكن ان يقبل او لا؟ والنقطة التي ينبغي الالتفات لها في المقام ان هذا المعنى الذي ذكر في مقام التطبيق ليس من خلال المدلول المطابقي للنص وانما من خلال المدلول الالتزامي للألفاظ فان اقصى ما يظهر من النص ان يكون الشخص ملزم بما يتدين به بمعنى ان يكون مطالب بالعمل على وفقه والتدين به لا ان يكون المقام مقام إلزام بذلك من دان بدين قوم لزمته احكامهم يعني صار مطالب ان يتعبد على احكامهم ويطبقها ويعمل بها لا ان يعمد الى تطبيقات أخرى مغايرة

وان شأت قلت: ان للبحث جهتين

احدها ملاحظة الصادر من الفاعل والثانية ملاحظة الصادر من الاخر اقصى ما يظهر من الخبر هو الأول بان يكون الصادر من الفاعل موافقا لما يتدين به من أمور ويكون ملزما بتلك الاحكام وانطباقها عليه مطالبا بالامتثال لها وهو ساكت من الإشارة عن قريب او البعيد للثاني وهو ملاحظة الاخر للصادر منه ليرتب عليه اثر وفقا لهذا المعنى لن يكون الخبر ناظر من قريب او بعيد لقاعدة الالزام لان المفروض مفاد القاعدة الزام كل شخص بما يتدين به من دين بالانتفاع منه وأين هذا من عود النفع والمصلحة للأمامي الذي هو مفاد قاعدة الالزام

حاول الشيخ مكارم دام ظله ان يقرب دلالة الخبر ليفيد قاعدة الالزام من خلال التمسك بالذيل على أساس عام يكون قوله عليه السلام (من دان بديانة قوم لزمته احكامهم) علة للحكم التي يدور الحكم مدارها وجودا وعدما[1] او انه جعل المقام من صغريات الكبرى المتقدمة

قلت: البناء على ان التعبير المذكور علة للحكم بعيد الظاهر من التعبير انه حكمة للحكم وليس علة له بحيث يدور مداره وجودا وعدما فليس هو كبرى الحكم التي يدور مدارها

احتمال اخر: لا يخلوا عن قوة في المقام بان يكون المقام مقام ولائي وليس المقام مقام حكم شرعي فيكون الحكم الصادر من الامام ع ليس حكما اولي وانما هو حكم ثانوي من باب الحكم الولائي بالحكومة الثابت للإمام ع ويساعد على هذا المعنى قوله عليه السلام (فابنها منه)

لكن يمنع هذا الاحتمال التفريق فان كانت القضية قضية حكم ولائي فالمفروض ان هذا الحكم كما ينفذ على غير الامامي فينفذ على الامامي ولا معنى لهذا التفريق فان مقتضى التفصيل الصادر يساعد على ان الامام طبق قانون الإقرار لان يقر على نفسه ان الصادر منه طلاق وما دام يقر على نفسه بوقوع الطلاق منه فلا معنى لبقاء الزوجية بينهما وبالتالي لا مجال لهذا المقام

اذا نبقى نحن والاحتمالين الأساسيين الأول ما فهم من دلالة الرواية على قاعدة الالزام والثاني وهو الذي قربنا به دلالة الرواية وان اقصى ما يستفاد منه إقرار الانسان على نفسه بما يتدين ويعتقد فيكون ملزم بذلك الاعتقاد وذلك التدين ويطالب ان يطبق تلك الاحكام التي ينتمي اليها ولا نظر من قريب او بعيد الى مسألة الزامه بمعنى الاستفادة مما يعتقد وذات هذا المعنى ينطبق على مرسل الصدوق الذي قدمناه اذا بنينا انه رواية مستقلة وليس هو عبارة عن الذيل الذي ورد في نهاية هذه الرواية اذ يحتمل انه ليس خبر مستقل خصوصا مع ملاحظة ان هذه الرواية مصدرها الصدوق في عيونه وبالتالي يحتمل انه اخذ الذيل وفهم منه كبرى كلية وجعلها رواية فلا يكون في المقام روايتين

والنتيجة عدم صلاحية الرواية المذكورة دلالة على المدعى ولو رفعنا اليد عن كل شيء وبني على انها تفيد إلزام الاخر فانه يأتي فيها الاشكال الذي ذكرناه في ما تقدم انها مختصة بموضوعها وهو الطلاق ولا مجال لتطبيق شيئا اخر عليها

ومن الرواية المذكورة في المقام هي مكاتبة إبراهيم ابن محمد الهمداني، محمد ابن الحسن بأسناده عن احمد ابن محمد ابن عيسى عن إبراهيم ابن محمد الهمداني قال (كتبت الى ابي جعفر الثاني (عليه السلام) مع بعض اصحابنا فأتاني الجواب بخطه: فهمت ما ذكرت من امر ابنتك وزوجها الى ان قال: ومن حنثه بطلاقه غير مرة، فأنظر فان كان ممن يتولنا ويقول بقولنا فلا طلاق عليه لانه لم يأتي امرا جهله وان كان ممن لا يتولنا ولا يقول بقولنا فأختلعها منه فانه انما نوى الفراق بعينه)[2] والكلام في هذه الرواية

أولا: من حيث السند الشيخ الطوسي يرويها بأسناده عن احمد ابن محمد ابن عيسى ويمكن الاعتبار على طريق الشيخ قده الى احمد ابن محمد ابن عيسى انما الكلام في روي المكاتبة وهو إبراهيم ابن محمد الهمداني وهو لم ينص احد من الرجاليين على وثاقته فالشيخ لم يوثقه لا في الفهرست ولا في الرجال كذلك لم يوثقه النجاشي قده فلا يوجد له توثيق، نعم نص على انه وكليل الناحية المقدسة وان شكك المحقق التستري قده في كونه كذلك وقال ان الموجود في العبارة انه وكيل وليس وكيل الناحية المقدسة، ولعل كلام التستري له وجه بلحاظ انه ممن روى عن الامام الرضا ع وبقائه الى زمان الناحية المقدسة يستلزم طولا وان كان ليس من الصعوبة بلوغه ذلك ولكن يهمنا وثاقته وعدمها وان اردنا ذلك فلابد ان نرجع الى توثيقات العامة فكل من نص على وثاقته بناها على أساس الوكالة فقالوا بما انه وكيل من الناحية المقدسة لابد من البناء على وثاقته

السيد الخوئي إشارة[3] ان الوكالة لا تعد امارة من امارات التوثيق ونقض السيد الخوئي بالنقض الذي يتكرر منه في مثل هكذا مقام لأننا وجدنا الائمة ع يوكلون اشخاص ليسوا بثقات بل ربما فساق في شؤونهم العادية وما شابهه

ايراد على السيد: البناء على عد الوكالة امارة من امارات التوثيق مطلقا مشكل ورفع اليد عن امارة الوكالة أشكل فلو قال بالتفصيل لكان أوجه فيمكن التفريق بلحاظ نوعية الوكالة فاذا عد الانسان وكيلا يمثل المعصوم فينطق بسمه ويتحدث فلا ريب ان هذا يعد امارة من امارات التوثيق اما اذا كان وكيلا فقط في إيصال بعض الأشياء او قضاء بعض الأمور كما في المعلى ابن خنيس اوكل اليه الامام في ان يوزع أموالا في من استشهد مع زيد ابن علي ويمكن ان تقول ان هذا لا يكشف عن جلالة هذا الشخص ولكن اذا التفتنا الى ان القضية ليست مجرد قضية توزيع أموال بل قضية من استشهد مع زيد ابن علي يعني قضية سياسية فاذا علمت الدولة ان هناك من يدعم عوائل المستشهدين مع زيد فلا تسكت الدولة وبالتالي الامام يعول على من يكون امين يعتد عليه للقيام بهذا العمل ويحفظ السر وطبيعي ان هذا كاشف عن جلالة قدر هذا الشخص ولذا البناء على الوكالة مطلقا او رفع اليد عنها مطلقا صعب فلابد من التفصيل المتقدم

والنتيجة ان يبنى على التفصيل فاذا كان الوكيل ممن اعتمد عليه الامام اعتمادا كليا أمكن ان يرتب الأثر على هذه الوكالة فتعد امارة من امارات التوثيق وهل إبراهيم ثبتت وكالته بطريق معتمد؟ نقل السيد الخوئي في المعجم مجموعة من الروايات تشير الى وكالة إبراهيم لكنها ضعيفة الاسناد

الروايات موجودة في الكشي في ترجمة محمد ابن جعفر ابن إبراهيم ابن محمد الهمداني محمد ابن سعد ابن مزيد أبو الحسن قال: حدثنا محمد ابن جعفر ابن إبراهيم الهمداني وكان وكيلا وكان حج أربعين حجة) ولكن الكلام في قبول الرواية وعدم قبولها سندا

وكذا رواية أخرى عن الكشي في ترجمة احمد ابن إسحاق وايوب ابن نوح عن العياشي عن علي ابن محمد عن محمد ابن احمد عن محمد ابن عيسى عن ابي محمد الرازي قال كنت انا واحمد ابن ابي عبد الله البرقي بالعسكر فورد علينا رسول من الرجل فقال لنا الغائب العليل ثقة وايوب ابن نوح وإبراهيم ابن محمد الهمداني واحمد ابن حمزة واحمد ابن إسحاق ثقات جميعا) الرواية ضعيفة سندا فإنها اشتملت على علي ابن محمد ابن يزيد الفيروزاني القمي وهو لم يوثق

وأيضا الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة ذكر عن احمد ابن ادرسي عن احمد ابن محمد ابن عيسى عن ابي محمد الرازي قال كنت الخ نفس الرواية المتقدمة ولكنها أيضا ضعيفة السند وذلك لجهالة ابي محمد الرازي ولا قرينة على ان المقصود به احمد ابن إسحاق

أيضا رواية أخرى عن علي ابن محمد قال وحدثني احمد ابن محمد عن إبراهيم ابن محمد الهمداني قال كتبت الى ابي جعفر (عليه السلام) اصف له صنع السميع في وكتب بخطه عجل الله نصرتك ممن ظلمك وكفاك مؤونة وابشرك بنصر الله عاجلا وبالأجر اجلا واكثر من حمد لله)[4] وهذه إشارة الى عظم شأنه ومكانته ولذا الامام يدعو له ولكن هذه الرواية ضعيفة سندا مضافا الى اشكال اضافه السيد الخوئي هو ان الرواية التي تدل على حسن حال الراوي اذا كان هومن يرويها فتكون ساقطة عن الاعتبار ولا يمكن الاستناد لها اما اذا كان الراوي لها غيره امكن ترتيب الأثر عليها

والانصاف ان هذا التعبير بنحو الاطلاق غير مقبول لابد من التفريق بين ما إذا كنا نحتمل ان هذا الشخص يدلس وبين من هو عارفا بكلام الامام فيمكن الركون له والاطمئنان له

والنتيجة ان الرواية محل البحث ضعيفة سندا بضعف إبراهيم ابن محمد الهمداني الذي لم يوثق.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo