< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد ال‌عبیدان‌القطيفي

قواعد الفقهيه

42/09/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: قاعدة الالزام/شواهد على القاعدة/

ذكرنا في ما تقدم رواية عبد الله ابن محرز وهي محمد ابن يعقوب الكليني عن علي ابن إبراهيم عن ابيه عن ابن ابي عمير عن عمر ابن اذينه عن عبد الله ابن محرز ((قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) رجل ترك ابنته واخته لأبيه وامه فقال: المال كله لأبنته وليس للأخت من الاب والام شيء فقلت: انا قد احتجنا الى هذا والميت رجل من هؤلاء الناس واخته مؤمنة عارفة قال فخذ لها النصف خذوا منهم كما يأخذون منكم في سنتهم وقضاياهم قال: ابن اذينة فذكرت ذلك لزرارة فقال ان على ما جاء به ابن محرز لنورا ))[1]

وهل تدل هذه الرواية على قاعدة الالزام ام مدلولها قاعدة المقاصة النوعية فان كان قاعدة الالزام فسيكون

الاحتمال الأول: مفاد الرواية إلزام غير الامامي على وفق مذهبه في كل ما يكون بصالح الامامي لكي يرتب الاثر

الاحتمال الثاني: ان مفادها عبارة عن المقاصة النوعية فنقول لما كانت السلطة القضائية في تلك الازمنة بيد المخالفين واحكامهم في المواريث تنفذ على الجميع فيأخذون من الامامي بعنوان التعصيب وعلى ضوء المقاصة النوعية جاز للأمامي ان يأخذ منهم (فقلت: انا قد احتجنا الى هذا والميت من هؤلاء الناس واخته مؤمنة عارفة قال خذوا منهم كما يأخذون منكم) وطبق قانون المقاصة النوعية فأجاز الاخذ منهم كما يأخذون منا والشاهد استعمال الامام (عليه السلام) ((كما يأخذون منكم)) واستعمال حرف الكاف اشارة الى ان المقام مقام تعليل ليكون مورد من موارد المقاصة النوعية

الاحتمال الثالث: الرواية موضوعها التقية اعتمادا على ما تقدم من الاشارة الى مكاتبة ايوب ابن نوح ورواية علي ابن محمد المروية عن (الامام الهادي (عليه السلام) سألته هل نأخذ في احكام المخالفين ما يأخذون منا في احكامهم فكت عليه السلام يجوز لكم ذلك إذا كان مذهبكم فيه التقية منهم والمدارات لهم) فكأنما الامام يريد ان يقول كي لا تنكشفوا ولا تعرفوا ويقعوا عليكم فأقبلوا بهذا الامر فأنما تفعل المقاصة النوعية من باب التقية وليس مطلقا

وهذا ايضا ما ورد في مكاتبة ايوب ابن نوح كتبت الى ابي الحسن الهادي (عليه السلام) ((اسأله هل نأخذ في احكام المخالفين ما يأخذون منا في احكامهم ام لا؟ فكتب (عليه السلام) يجوز لكم ذلك إذا كان مذهبكم فيه التقية والمدارات)) فهذا ينسجم كثيرا مع الرواية محل البحث وبالتالي قد يطرح احتمال هو ان الموضوع أساسا هو تقية.

فنحن امام احتمالين اما قاعدة الالزام او قاعدة المقاصة النوعية

قلت ان الذي نستظهره من رواية ابن محرز مفادها مقاصة نوعية ولا يكون مفادها إلزام الامامي غير الامامي إذا كان الامر في مصلحة الامامي وبناءا على ما ذكرنا لا يستفاد جواز الاخذ إذا لم يكونوا يأخذون منا بل الجواز منحصر بما إذا اخذوا منا فيجوز ان نأخذ منهم كما لو وجدنا أحد العامة فهل يجوز لنا ان نتعامل معه بالربا من باب المقاصة فلا شك الجواب بالحرمة لأنهم لا يجيزون ان يأخذون منا الربا فكيف لي ان اجوزه الى الامامي

اما إذا اتينا الى الكافر وقلنا ان الرواية ليس موضوعها الامامي كما إذا اعتمدنا على رواية محمد ابن مسلم التي لم تقيد المخالف (على كل اهل دين ما يستحلون) فطبقا لقاعدة المقاصة النوعية فسيكون اشتراط القاعدة ان الغير اخذ منا فان لم يكن اخذ منا فلا يجوز لنا

فلو نظرنا الى الوسائل باب انه يجوز للمؤمن ان يأخذ بالعول والتعصيب وغيرهما للتقية إذا حكم به العامة يستفاد من هذا الامر ان صاحب الوسائل يقيد الجواز بهذا الامر يعني انما يجوز الاخذ بحيث لا يكون منافيا للمدارات ولو التقية

والنتيجة ان رواية عبد الله ابن محرز كالروايتين السابقتين عليها موضوعهم جميعا المقاصة النوعية وليس فيهما ما يشير على خلاف ذلك.

ومن الروايات الموجودة في المقام صحيحة محمد ابن إسماعيل وهي عن محمد ابن الحسن الطوسي بأسناده عن احمد ابن محمد –يحتمل البرقي ويحتمل ابن عيسى الاشعري وكلاهما ثقة معتبر- عن محمد ابن إسماعيل ابن بزيع (قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن ميت ترك امه واخوة واخوات فقسم هؤلاء ميراثه فأعطوا الام السدس واعطوا الاخوة والاخوات ما بقي فمات الاخوات فأصابني من ميراثه فأحببت ان اسألك هل يجوز لي ان اخذ ما اصابني من ميراثها على هذه القسمة ام لا فقال: بلى، فقلت ان ام الميت في ما بلغني قد دخلت في هذا الامر، اعني الدين، فسكت قليلا ثم قال: خذه)[2] وهذه الرواية لم ينقلها الا الشيخ قده، والظاهر ان الرواية لا دلالة لها على مفاد البحث وعدم صلاحية الرواية على المدعى ولو تنزلنا وسلمنا بدلالتها على قاعدة الالزام سنطرح الاشكال وهي ان الرواية ستكون مختصة بموردها والعرف لا يلغي خصوصيتها ليتعدى الى الموارد الأخرى، وبهذا نكون اتممنا اهم النصوص التي يستند اليها في اثبات قاعدة الالزام.

وبالنتيجة لم ينهض عندنا نص واحد من النصوص التي ذكرناها دال على المدعى لكي يدل على تمامية القاعدة فإنها بين ما هو ضعيف سندا او دلالة او سندا ودلالة دعوى الاجماع التي ادعيت في المقام قد تبين حالها ومثل ذلك دعوى التسالم والتي عهدتها على مدعيها

ان قلت يمكن الاعتماد على هذه النصوص وان كانت ضعيفة من ناحية السند من خلال اللجوء الى كبرى ان عمل المشهور جابر لضعف السند وهذه النصوص مجبورة بعمل المجبور فتكون داخلة في دائرة الحجية لان المناط في الحجية هو الوثوق وقد تحقق نتيجة جبر المشهور ضعف اسنادها

قلت: الكبرى وان كانت مسلمة كما فصلنا ذلك في الأصول الا ان الاشكال هنا من جهة الصغرى فقد اتضح من خلال دراسة تاريخ المسألة عدم تعرض قدماء الاصحاب رضوان الله عليهم لها وهذا يجعل نسبة الاعراض فيها اقوى من نسبة دعوى الجبر والاستناد، بل انكم لو تأملتم في اكثر النصوص المستند اليها في اثبات القاعدة تجدونها من منفردات الشيخ الطوسي قده وقد تقدم ان هذا يوحي بمحو من انحاء الاعراض اذ ان عدم نقل مدرستي الكليني والصدوق رضي الله تعالى عنهما لشيء من هذه النصوص قد يشير الى ذلك

وما قد يقال كما ورد عن البوجنردي قده في كتابه القواعد الفقهية من ان كثرة هذه النصوص تشرف الفقيه على الوثوق بصدورها بل لو ادعي القطع بذلك لم يكن مجازفا

قلت ان النصوص التي قد سمعنا لا تعدوا كونها اخبار احاد ولا تصل الى حد افادة الوثوق والاطمئنان فما بالك بالعلم فضلا عن حال هذه النصوص فمن اين لنا تحقق ذلك فلا يقال ان هذه الكثرة من النصوص مفيدة للتواتر اقلها من خلال احتساب الاحتمالات فانه يقال ان مرجع هذه النصوص هو الشيخ قده فلا مجال لدعوى التواتر كما ان نسبة احتمال الكذب فيها مع ضعف اسانيدها وانفراد الشيخ بنقلها كلها يكون قويا جدا.

ومن خلال ما ذكرت من التأمل في صدور هذه النصوص تعرف ما في دعوى الشيخ اللنكراني قده في كتابه القواعد الفقهية من الإشارة الى انها متواترة او مفيدة للعلم فلا حاجة للمداقة في اسنادها، وعلى فرض القبول فإنها معارضة بنصوص أخرى هادمة لأصل هذه القاعدة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo