< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد ال‌عبیدان‌القطيفي

قواعد الفقهيه

42/09/15

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: قاعدة الالزام / المانع من البناء على القاعدة / مقاماتها

بعد ان ثبت عدم توفر المقتضي للبناء على قاعدة الالزام فلابد من ان نبحث في المانع

أقول: على فرض القبول والتسليم بتمامية النصوص المتقدمة ودلالتها على المدعى وإنها تفيد إلزام الاخر فيمكن للأمامي ان يستفيد من ذلك بإلزام الاخر ما يلتزم الا ان هذه النصوص معارضة بنصوص أخرى هادمة لأصل هذه القاعدة ومانعة من ترتيب الأثر عليها

فمن النصوص موثقة إسحاق ابن عمار (عن ابي عبد الله ع في رجل طلق امرأته ثلاثا فأراد رجل ان يتزوجها كيف يصنع؟ قال: يدعها حتى تحيض وتطهر ثم يأتي ومعه رجلان شاهدان فيقول طلقت فلانة فاذا قال نعم تركها ثلاثة اشهر ثم خطبها الى نفسها)[1] وهذه الرواية قد رواها الشيخ والصدوق رض وهي واضحة الدلالة في عدم وقوع المخالف بها في تلك الهيئة التي يستكشف من خلالها انها لازالت ذات زوج ولذا استوجب القول ان يوقع الطلاق مرة اخرة وهذا مانع من التعبد بقاعدة الالزام مما يعني اما ان يجمع بينهما جمع عرفي ان امكن والا كان من التعارض المستقر فيرجع الى ما هو المختار بالتالي.

الرواية الثانية وهي مرسلة عثمان ابن عيسى عن بعض اصحابنا عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: (اياكم وذوات الأزواج المطلقات على غير السنة قال: قلت له فرجل طلق امرآته من هؤلاء ولي بها حاجة قال: فيلقاه بعدما طلقها وانقضت عدتها عن صاحبها فيقول له أطلقت فلانة فاذا قال نعم فقد صارت تطليقة على طهر فدعها من حين طلقها تلك التطليقة حتى تنقضي عدتها ثم تزوجها وقد صارت تطليقة بائنة)[2] فالإمام (عليه السلام) لم يرتب على الطلاق الصادر من الاخر ولم يلزمه بما يلتزم به وانما جعل الطلاق على الموازين المعتبرة عندنا فان لم تكن شروطه متوفرة لا يبنى على تحقق الطلاق فهذه المرسلة أيضا كسابقتها في الدلالة بل اكثر صراحة لالتزامه ع لعدم الاعتداد حتى بالعدة التي وقعت منها بعد ان طلقها زوجها المخالف بل بعد ما وقع الطلاق منه ثانية اقرارا امره الامام ع ان يتركها حتى تمضي عنها العدة ثم يتزوجها بعد ذلك، نعم الرواية ضعيفة السند بالإرسال الا ان يؤمن الانسان بدعوى المشهور بان أصحاب الاجماع يحكم بصحة كل ما روي عنهم وهذه الدعوى قد تقدم الكلام بعدم تماميتها.

ثم على فرض قبول حجية تلك النصوص والبناء على تماميتها سندا ودلالة فقد حمل الشيخ الطوسي رحمه الله على أحد جمعين عرفيين

الأول: ان يكون المراد من هذه النصوص المؤمن وحديثنا مع غير الامامي فلا تكون هذه النصوص معارضة لتلك النصوص الدلالة على قاعدة الالزام لان موضوع نصوص قاعدة الالزام غير الامامي وبعبارة أوضح مراد الشيخ ان يقول ان موضوع كلا الطائفتين من الروايات مختلف ففي الطائفة الأولى مرادها المخالف وفي الطائفة الثانية مرادها الامامي فاختلاف الموضوع والمعارضة فرع وحدة الموضوع فلا معارضة في البين

الثاني: ان نسلم ان موضوع هذه النصوص اعم من الامامي وغيره فنجمع بحمل الطائفة الثانية على الاستحباب بعد تمامية الظهور الوارد فيها بان موضوعها هو غير الامامي كما في مرسلة عثمان ابن عيسى (رجل طلق امرآة من هؤلاء) فالحديث واضح المقصود به غير الامامي فلا مجال للحمل على ان موضوع الرواية المؤمن، وبالتالي سوف نحمل العمل بتطبيق شرائط الطلاق عندنا على الاستحباب وعليه يستحب للمؤمن قبل ان لا يعول على قاعدة الالزام وانما يطبق شرائط الطلاق عندنا

قلت: لا يخفى ما في كلا الجمعين المذكورين من الضعف فان الثاني منهما في الجمع التبرعي صريح بلا ريب ولا اشكال إذا لا مجال للتأمل في ذلك ولا معنى لحمله على الاستحباب، والأول يمنعه النصوص فإنها خاصة بغير الامامي فتكون مفسرة ومقيدة للأطلاق في بقية النصوص وان ابيت فإننا اقلها نتمسك بأطلاق النصوص والتي نتيجتها شمول الامر للمخالف كما يشمل غير المخالف فلا موجب للتقيد فالنتيجة المانع من التمسك بالنصوص المذكورة في قاعدة الالزام على فرض تمامية دلالتها متحقق نتيجة هذه النصوص

والنتيجة بعد البناء على تمامية نصوص قاعدة الالزام سندا ودلاله فلا محيص عن استقرار المعارضة بين النصوص المستدل بها على قاعدة الالزام وهذه النصوص وعندها سوف يلتزم بالترجيح او تميز الحجة عن الا حجة مقتضى ذلك الحكم بتقديم الروايات الدالة على عدم وقوع هذا الطلاق لما ورد عنهم ع انه طلاق مخالف لكتاب الله عز وجل وقد ورد (ان كل ما خالف كتاب ربنا لم نقله زخرف اضرب به عرض الجدار) يكون موجب لرفع اليد عن نصوص قاعدة الالزام بعد التسليم فيها بالتمامية

وان ابيت عن ذلك وقلت ان النصوص الدالة على قاعدة الالزام ليست مخالفة للكتاب فانه لم يتعرض لهذا الامر فلا مناص حينئذ من فقدام المرجح الموجب لتقدم احدى الطائفتين على الأخرى وبالتالي التساقط والرجوع الى الاطلاقات الواردة في المقام فإنها محكمة فيحكم بعدم صحة هكذا طلاق وبالتالي لابد من وقوع الطلاق طلاق على السنة والا فلا.

هذا تمام الكلام بما يرتبط بالمقام الرابع من المقامات التي أردنا ذكرها في القاعدة

المقام الخامس: وهو معنى القاعدة الظاهر من النصوص الواردة في المقام بلفظ (الزموهم بما الزموا به انفسهم) هو ان كل ما يراه المخالف نفسه ملزم به من جهة احكامه الدينية ويعتقد ثبوته عليه فانه يلزم به حتى لو لم يكن هذا ما يعتقده الشخص الملزم له كما اننا لو امنا بصحيح محمد ابن مسلم المتقدم وقلنا ان الوارد فيه (يجوز على اهل كل ملة ما يستحلون) وليس (ما يستحلفون) فإنها بنفس هذا المعنى تقريبا لان الجواز بمعنى النفوذ فيكون معناه ان اهل كل ملة ينفذ عليهم ما يدينون به حتى لو لم يكن ذلك من معتقدات الشخص المجيز والمنفذ ذلك عليهم كما هو واضح.

وهذا الكلام هل يشمل سائر الأديان والملل فيه وجه

إطلاق بعض النصوص المتقدمة ومن ان المراد من صحيح محمد ابن مسلم المتصور فيه الشمول من كلمة (الدين) هي الإسلام والنتيجة يحتمل الوجهان والانصاف لو تمت قاعدة الالزام فان مقتضى الصناعة هو الالتزام لشمولها لغير المسلم فتشمل ارباب الأديان والملل الأخرى من دون فارق.

المقام السادس: مفاد هذه الاخبار هل هو الحكم الواقعي الثانوي او انه الاباحة الصرفة وليس الحكم الواقعي فاذا التزمنا بالحكم الواقعي الثانوي فان اعتقاد الزوج بالصحة موجب لصحة طلاقه لتحقق الفراق ولجعل الصحة واقعا ويكون هذا العنوان الثانوية موجب لانقلاب الحكم الواقعي في حقه كما في الانقلاب في موارد الاضطرار اذا ان الاضطرار لأكل الميتة يوجب حليت ذلك واقعا مما يعني تحقق الانقلاب الواقعي بخلافه على الثاني فان الواقع لا يتبدل في حقه بسبب اعتقاده صحة ما اوقعا من طلاق، نعم طلاقه فاسد الا ان الشارع المقدس قد اباح لنا التزويج بها.

وقد التزم جملة من الاعلام منهم الشيخ حسين الحلي (قده) بالأول وقال ان مفاد هذه النصوص هو الحكم الواقعي الثانوي، بينما الزم الشيخ حسن ال كاشف الغطاء ان مفادها هو الاباحة الواقعية[3] ومثل ذلك قال صاحب الجواهر (قده) فقد بنى على التوسعة الظاهرة في الاباحة لنا لا من قبيل الحكم الواقعي الثانوي.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo