< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

98/02/07

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: تنبیهات الاستحصاب

وتوضيح ما أفاده (قدس سره) يبتني على بيان مقدمتين:الاولى:ان الحركة تتوقف على أُمور ستة.

الأُول: ما منه الحركة، وهو المبدأ

الثاني: ما إليه الحركة، وهو المنتهى.

الثالث: ما به الحركة، وهو السبب والعلة الفاعلية لوجودها.

الرابع: ما له الحركة، وهو الجسم المتحرك الثابت له الحركة.

الخامس: ما فيه الحركة. وهي المقولة التي تكون موضوعاً للحركة

السادس: الظرف الزماني الذي يقع فيه الحركة.

ثم إنَّ المقولة التي تكون الحركة فيها عندهم هي أربعة:الكم، والكيف، والأين، والوضعوحركة‌ الجسم في الكم كالحركة في الأجسام النامية.وحركته في الكيف كالماء البارد اذا صار حاراً أو ورق الشجر الأخضر اذا صار أصفر.وحركته في الأين هي انتقال الشئ من مكان الى مكان.وحركته في الوضع كحركة‌ الانسان من القعود الى القياموالحركة في الوضع مما تستلزم الحركة ‌في العينعلى ما صرَّح به العلامة أعلى الله مقامه.المقدمة الثانية:ان الحركة على قسمين:

    1. الحركة‌ القطعية: وهي كون الشيء في كل آن في مكان اوحد.

    2. الحركة التوسطية: وهي كون الشيء بين المبدأ والمنتهى.

فاذا فرض خروج زيد من البصرة الى الكوفة، فكونه في كل آن في مكان هي حركته القطعية، وكونه بين البصرة‌ والكوفة أي بين المبدأ والمنتهى هي حركته التوسطية.اذا عرفت هاتين المقدمتين:فان الانصرام والتدرج في الوجود شيئاً فشيئاً انما هو في الحركة القطعية وهي كون الشئ في كل آن في حد أو مكان.دون التوسطية ‌وهي كونه بين المبدأ والمنتهى. فانه بهذا المعنى امر مستمر قار ومعه فلا وجه للاشكال في استصحاب مثل الليل والنهار، فان الليل عبارة عن كون الشمس تحت الارض بين المغرب و المشرق.والنهار عبارة‌ كون الشمس على وجه الارض بين المشرق و المغرب، فاذا شك في بقاء الليل أو النهار فمرجعه الى الشك في وصول الشمس الى المنتهى أو انه بعد في البين فيستصحب عدم وصولها اليه.وهكذا الأمر في كل أمر تدريجي اذا كان الشك في بقائه من جهة‌ الشك في انتهاء حركته التوسطية ووصوله الى المنتهى فيستصحب عدم وصوله اليه.نعم: اذا شك في بقاء مشيه للشك في استعداده وقابليته للوصول الى المنتهى، أو عروض مانع منعه عن الوصول اليه فيرجع هذا الشك الى الشك في الحركة القطعية. ولا بد في جريان الاستصحاب فيها من تصوير الإتصال العرفي، وعدم اخلال الآنات العدمية في الإتصال وان كانت الاجزاء‌ التدريجية من حيث الحصول منفصلة‌ بالدقة العقلية.وهذا البحث له ثمرة‌ علمية والا فانه لا تفاوت في جريان الاستصحاب بين الحركة التوسطية والحركة ‌القطعية.الا أنَّ صاحب الكفاية افاد بان جريان الاستصحاب في الحركة القطعية هو جريانه في الأُمور القارة دون التدريجية.المقدمة الثالثة:قال صاحب الكفاية (قدس سره): «ثم إنّه لا يخفى أن استصحاب بقاء الأمر التدريجي ، امّا يكون من قبيل استصحاب الشخص ، أو من قبيل استصحاب الكلي بأقسامه ، فإذا شك في أن السورة المعلومة التي شرع فيها تمت أو بقي شيء منها ، صحّ فيه استصحاب الشخص والكلي .

وإذا شك فيه من جهة ترددها بين القصيرة والطويلة ، كان من القسم الثّاني ، وإذا شك في إنّه شرع في أُخرى مع القطع بإنّه قد تمت الأولى كان من القسم الثالث»[1]

ففيه تعريض للشيخ (قدس سره) حيث أفاد ان استصحاب الامر التدريجي كالتكلم والكتابة والمشي ومنبع الماء وسيلان الدم انما هو من قبيل القسم الاول من استصحاب الكلي.وهو ظاهر في عدم تصوير الاستصحاب الشخصي في مثل المقام وسيأتي زيادة توضيح فيه.وقال الشيخ (قدس سره) في الرسائل:الامر الثاني:«أنه قد علم من تعريف الاستصحاب وأدلته أن مورده الشك في البقاء، وهو وجود ما كان موجودا في الزمان السابق. ويترتب عليه عدم جريان الاستصحاب في نفس الزمان، ولا في الزماني الذي لا استقرار لوجوده بل يتجدد شيئا فشيئا على التدريج، وكذا في المستقر الذي يؤخذ قيدا له. إلا أنه يظهر من كلمات جماعة جريان الاستصحاب في الزمان، فيجري في القسمين الأخيرين بطريق أولى، بل تقدم من بعض الأخباريين: أن استصحاب الليل والنهار من الضروريات.والتحقيق: أن هنا أقساما ثلاثة:أما نفس الزمان، فلا إشكال في عدم جريان الاستصحاب فيه لتشخيص كون الجزء المشكوك فيه من أجزاء الليل أو النهار، لأن نفس الجزء لم يتحقق في السابق، فضلا عن وصف كونه نهارا أو ليلا.نعم: لو اخذ المستصحب مجموع الليل أو النهار، ولوحظ كونه أمرا خارجيا واحدا، وجعل بقاؤه وارتفاعه عبارة عن عدم تحقق جزئه الأخير وتحققه أو عن عدم تجدد جزء مقابله وتجدده، أمكن القول بالاستصحاب بهذا المعنى فيه أيضا، لأن بقاء كل شئ في العرف بحسب ما يتصوره العرف له من الوجود، فيصدق أن الشخص كان على يقين من وجود الليل فشك فيه، فالعبرة بالشك في وجوده والعلم بتحققه قبل زمان الشك وإن كان تحققه بنفس تحقق زمان الشك. وإنما وقع التعبير بالبقاء في تعريف الاستصحاب بملاحظة هذا المعنى في الزمانيات، حيث جعلوا الكلام في استصحاب الحال، أو لتعميم البقاء لمثل هذا مسامحة.إلا أن هذا المعنى - على تقدير صحته والإغماض عما فيه - لا يكاد يجدي في إثبات كون الجزء المشكوك فيه متصفا بكونه من النهار أو من الليل، حتى يصدق على الفعل الواقع فيه أنه واقع في الليل أو النهار، إلا على القول بالأصل المثبت مطلقا أو على بعض الوجوه الآتية. ولو بنينا على ذلك أغنانا عما ذكر من التوجيه استصحابات اخر في أمور متلازمة مع الزمان، كطلوع الفجر، وغروب الشمس، وذهاب الحمرة، وعدم وصول القمر إلى درجة يمكن رؤيته فيها.فالأولى: التمسك في هذا المقام باستصحاب الحكم المترتب على الزمان لو كان جاريا فيه، كعدم تحقق حكم الصوم والإفطار عند الشك في هلال رمضان أو شوال، ولعله المراد بقوله (عليه السلام) في المكاتبة المتقدمة في أدلة الاستصحاب: " اليقين لا يدخله الشك، صم للرؤية وأفطر للرؤية "، إلا أن جواز الإفطار للرؤية لا يتفرع على الاستصحاب الحكمي، إلا بناء على جريان استصحاب الاشتغال والتكليف بصوم رمضان، مع أن الحق في مثله التمسك بالبراءة، لكون صوم كل يوم واجبا مستقلا.وأما القسم الثاني:أعني: الأمور التدريجية الغير القارة - كالتكلم والكتابة والمشي ونبع الماء من العين وسيلان دم الحيض من الرحم - فالظاهر جواز إجراء الاستصحاب فيما يمكن أن يفرض فيها أمرا واحدا مستمرا، نظير ما ذكرناه في نفس الزمان.

فيفرض التكلم - مثلا - مجموع أجزائه أمرا واحدا، والشك في بقائه لأجل الشك في قلة أجزاء ذلك الفرد الموجود منه في الخارج وكثرتها، فيستصحب القدر المشترك المردد بين قليل الأجزاء وكثيرها»[2].

 

[1] . الاخوند الخراساني، ج1، ص409.

[2] . الشيخ الانصاري، فرائد الاصول، ج3، ص203-206.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo