< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

98/07/02

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع : تنبیهات الاستصحاب/ استصحاب الزمان

 

وإن شئت قلت:

 

ان الاشكال في رجوع الشك في البقاء في الامور التدريجية الي الشك في حدوث الوجود الثاني او الوجود اللاحق، وأنه لو كان المراد منه وجودها في الآن اللاحق فهو غير متصور بالنسبة الي الزمان، وإن كان المشكوك وجودها اللاحق بقيد اللحوق فهو غير مسبوق بالحالة السابقة بل هو مشكوك الحدوث، وإن كان المشكوك ذات النهار فهو مما ليس فيه شك ليجري فيه الاستصحاب...

 

لا يختص بخصوص استصحاب الزمان.

 

بل هو جار في جميع الامور التدريجية وما يتصور فيه الحركة بلا تفاوت بين المقولات والجواهر، فإن بقاء الانسان كما فيما اذا شك في بقاء زيد في الدار يكون فيه نفس الاشكال، لأن كل انسان نظير كل شيء في كل آن في شأن، والشك في بقائه لا محالة يرجع الي الشك في كونه ووجوده في الآن الثاني اي بقاء حياته وهو غير متيقن.

 

فالتدرج جار في جميع الموضوعات في الاستصحاب لجريان الحركة فيها، الا ان في مثل الزمان كالنهار او الزماني كالتكلم كان تصوير التدرج اوضح وإلا فإن التدرج جار في جميع الافعال بل الذوات لكون جميعها زمانياً ومحكوماً بالزمان وغير متيقن البقاء.

 

وعليه فتمام الكلام في دفع الاشكال ان يقال:

 

ان التمام هو الدوام والاستمرار وهو في كل شيء موجود حقيقياً كان او اعتبارياً بحسبه.

 

ففي مثل ما يتصور كونه قاراً كحياة‌ الانسان ـ وإن كان في الواقع وبالدقة العقلية كان من الامور التدريجية حسبما عرفت ـ كان الاستمرار ببقاء حياته الي بقاء ‌العلائم الحياتية في الانسان، وكلما شك في بقائه في دار او غيره يحكم باستمرار بقائه.

 

وأما في مثل الزمان فإن الاستمرار والدوام في مثل الليل هو تقرر آنات الزمان فيه مستمراً، وكون كل آن بعد كل آن بحيث يتوقع دوام هذا التدريج، والوجود والانصرام ولو بتخلل العدم بين آناته، فإن وقوع هذه الآنات واحداً بعد واحد مما يتوقع حصوله متدرجاً كان من الاستمرار والدوام، وليس البقاء والدوام فيه بامتداد وجود واحد مستقر، بل بتدرج الآنات واحداً بعد واحد.

 

ومعني الشك فيه احتمال هذا الاستمرار بهذا النحو، اي التدرج في الوجود بحيث لا يقين ببقاء هذا النحو من الاستمرار، كما لا يقين بعدم بقائه، بل كل طرف محتمل، بمعني يحتمل استمرار ما يكون طبيعته وحقيقته التدرج في الوجود كما يحتمل عدمه.

 

وإذا حصل هذا الشك بعد اليقين بنفس التدرج في الزمان السابق، ويحتمل انتفاء ما يتوقع حصوله تدريجاً ووجوداً بعد وجود كان من الشك في المستصحب بعد اليقين به

 

وكذا الامر في الزماني، فإن حقيقة التكلم استمرار النغمات في الجهاز الصوتية في الانسان حادثا بعد حادث بحيث يوجد من استمرار الكلمة والجملة وبيان المقصود قصيراً او طويلاً، ومعني استمراره بقاء الجهاز المذكورة علي حالة توليد الاصوات آناً بعد آن. فإذا فرض تقررها واحداً بعد واحد ووجوداً بعد وجود، وآناً بعد آن، فإنما ينتزع من هذا التقرر والترتيب المتوقع الاستمرار والدوام.

 

وكذلك الأمر في مثل نبعان الدم والماء فإن كل نبعة في كل آن اذا فرض وجودها واحداً بعد واحد ووجوداً بعد وجود وحصولاً بعد حصول فإنما ينتزع منه الاستمرار بحسبه.

 

وسيأتي عين الكلام في الافعال المقيد بالزمان وهكذا.

 

وعليه فإن البقاء المعتبر في الاستصحاب وهو الدوام والاستمرار انما يختلف في الوجودات المختلفة بحسبها. وإنما يصدق علي جميعها البقاء والاستمرار.

 

وربما لا نحتاج في تصوير الدوام بهذا المعني الي المسامحة العرفية بل العقل مع تجريده الآنات والوجودات الواقعة في الآنات المختلفة انما يدرك هذا الاستمرار بمعني انه يدرك بقاء التدرج فيما يتوقع فيه الدوام بحسبه، وحيث ان هذا التدرج والاستمرار النسبي بحسب الاشياء مما يتوقع دوامه بمعني يحتمل فيه بحسبه احتمالاً عقلائياً انه باق، كما يحتمل فيه كذلك انتفائه فإنما يتحقق فيه الشك في الدوام والاستمرار، ولا نحتاج في الاستصحاب الا اليقين يتحقق هذه الوجودات المستمرة المتدرجة والشك في استمراره بحسبه فيما يتوقع فيه.

 

ومعه لا مانع من جريان الاستصحاب فيها، بل لا فرق في جريان الاستصحاب بينها وبين ما يتصور كونه قاراً، وأن كلما يقال في الاستصحاب فيما يتصور كونه قاراً يجري بعينه في الاستصحاب فيما يوضح عندنا تدرجه وبغير عنها بالوجودات التدريجية.

 

فتمام النكتة انما هو في تصوير الدوام والاتصال في الاشياء بحسبها، دون قياس الامور التدريجية بما يتصور كونه قاراً، وقد مر من الشيخ لزوم الدقة في تحقق هذا الاستمرار في الامور المختلفة، وكان غرضه انه ربما لا يتصور الاستمرار في بعضها، و يتصور في الاخري، وقد ظهر بهذا البيان تحققه في جميع مواردها بلا فرق بين الزمان والزماني الا انه يكون في كل شيء ووجود بحسبه.

 

ومن طرف آخر:

 

ان مدلول ادلة الاستصحاب النهي عن نقض اليقين بالشك بقوله (ع): لا تنقض اليقين بالشك.

 

وأنه قلنا انه يعتبر فيه تعلق الشك بنفس ما تعلق به اليقين كما مر اعتبار وحدة القضية المتيقنة والقضية المشكوكة.

 

ولكن معني النقض وحقيقته وكذا معني الوحدة لا ينحصر في الوجود الواحد القار المستمر.

 

بل ان ما يكون حقيقته التدرج في الوجود كان نقضه قطع الاستمرار المتوقع فيه اي الوجود بعد الوجود والآن بعد الآن، فإن النقض هو قطع استمراره بحسبه دون نقض الامر الثابت فقط. وإن امكن القول بإن الثبات ايضاً في كل شيء بحسبه، فإن الثبات في الزمان وقوع الآنات واحداً بعد واحد، وفي الزمان الوجود بعد وجود في مقابل عدم الثبات الذي يكون عبارة عن عدم حدوث الآن المتأخر بعد تحقق الآن المتقدم في الزمان او وجوده بعد تحقق وجوده في الزماني.

 

وكذا ان الوحدة‌ بين القضيتين اتحاد المشكوك مع المتيقن وجوداً حقيقياً او اعتبارياً، ومعناه كون المشكوك بحسب الوجود عين ما كان في المتيقن، فإذا كان حيثية الوجود فيها التدرج وحصول الآن بعد الآن والوجود بعد الوجود، فإن هذه الحيثية لا تتغير في حال الشك وحال اليقين، بل كان في حال الشك عين ما كان في حال اليقين السابق بلا اي تغيير.

 

وإذا كان مقتضي الدقة لحاظ الوحدة بين الآنات او الوجودات لا يمكن جريان الاستصحاب في مورد، لأن لكل شئ في كل زمان شأن خاص بحسب وجوده فلا تحرز الوحدة بين القضيتين في مورد.

 

فتحصل مما ذكرناه:

 

انه لا محذور في جريان الاستصحاب في نفس الزمان ولا في الزماني من غير توقف اعتباره علي مسامحة العرف.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo