< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

98/09/03

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع : تنبیهات الاستصحاب/ استصحاب الزمان

 

الاشكال الخامس:ان استصحاب عدم الجعل معارض بمثله في رتبته، فإن استصحاب عدم جعل الحرمة في مثال حرمة‌ الوطيء بعد انقطاع الدم وقبل الاغتسال معارض باستصحاب عدم جعل الحلية.وذلك للعلم الاجمالي بجعل احدهما في الشريعة فإما ان يكون الوطيء في الظرف المزبور ـ اي بين انقطاع الدم والاغتسال ـ محرم او محلل، ومعه فيبقي استصحاب بقاء المجعول وهي الحرمة بلا معارض.وأفاد السيد الخوئي قدس سره:

«ويمكن الجواب عنه بوجوه:

الوجه الأول:انه لا مجال لاستصحاب عدم جعل الحلية ، لان الحلية والرخصة كانت متيقنة متحققة في صدر الاسلام ، والاحكام الالزامية قد شرعت على التدريج ، فجميع الأشياء كان على الإباحة بمعنى الترخيص والامضاء كما يدل عليه قوله (ع) : " اسكتوا عما سكت الله " وقوله (ع) : " كلما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم" .نعم بعض الأحكام الذي شرع لحفظ النظام كحرمة قتل النفس ، وحرمة أكل أموال الناس ، وحرمة الزنا ، وغيرها من الاحكام النظامية غير مختص بشريعة دون شريعة ، وقد ورد في بعض النصوص أن الخمر مما حرمت في جميع الشرائع .والحاصل أن وطء الحائض مثلا كان قبل نزول الآية الشريفة " فاعتزلوا النساء في المحيض " مرخصا فيه ، فلا مجال لاستصحاب عدم جعل الحلية .( الوجه الثاني ) :أنه لا معارضة بين استصحاب عدم جعل الحلية واستصحاب عدم جعل الحرمة لامكان التعبد بكليهما بالتزام عدم الجعل أصلا لا جعل الحرمة ولا جعل الحلية .وذلك :لما مر غير مرة ويأتي في أواخر الاستصحاب انشاء الله تعالى من أن قوام التعارض بين الأصلين بأحد أمرين على سبيل منع الخلو ، وربما يجتمعان .( أحدهما ) :أن يكون التنافي بين مفاد الأصلين في نفسه مع قطع النظر عن لزوم المخالفة القطعية العملية ، كما إذا كان مدلول أحد الأصلين الإباحة ومدلول الاخر الحرمة ، أو كان مدلول أحدهما الإباحة ومدلول الاخر عدمها ، فلا يصح التعبد بالمتنافيين فيقع التعارض بينهما ويتساقطان ، لعدم امكان شمول دليل الحجية لكليهما ، وشموله لأحدهما ترجيح بلا مرجح.( ثانيهما ):أن تلزم من العمل بهما المخالفة العملية القطعية ولو لم يكن التنافي بين المدلولين ، كما إذا علمنا بنجاسة أحد الإناءين ، فجريان أصالة الطهارة في كل واحد منهما وان لم يكن نفسه منافيا لجريانها في الاخر ، إلا أنه تلزم من جريانه في كليهما المخالفة العملية القطعية ، وكذا في سائر مقامات العلم الاجمالي بالتكليف الإلزامي ، وكلا الامرين مفقود في المقام ، لعدم المنافاة بين أصالة عدم جعل الحلية وأصالة عدم جعل الحرمة .لان الحلية والحرمة متضادان ، فلا يلزم من التعبد بكلا الأصلين إلا ارتفاع الضدين . ولا محذور فيه . فنتعبد بكليهما ونلتزم بعدم الجعل أصلا ، ولا تلزم مخالفة عملية قطعية أيضا . غاية الامر لزوم المخالفة الالتزامية للعلم الاجمالي بجعل أحد الحكمين في الشريعة المقدسة ، ولا محذور فيه ، فنلتزم بعدم الجعل في مقام العمل ، وفي مقام الافتاء نرجع إلى غيرهما من الأصول كاصالة البراءة مثلا في المقام ، فنفتي بعدم حرمة الوطء لأصالة البراءة .ونظير ذلك ما تقدم في دوران الامر بين المحذورين ، فان في الحكم بالتخيير هناك مخالفة التزامية لما هو معلوم بالوجدان من الحرمة أو الوجوب ، ولا محذور فيه بعد كون الحكم بالتخيير بالتعبد الشرعي ، ولا تلزم المخالفة العملية القطعية ، لأنه لا يخلو إما من الفعل المطابق لاحتمال الوجوب أو الترك المطابق لاحتمال الحرمة . ولولا ذلك ، لما جاز الافتاء من المجتهد بما في رسالته العملية المشتملة على المسائل الكثيرة ، للعلم الاجمالي بمخالفة بعض ما في الرسالة للحكم الواقعي ، فلابد له من التوقف عن الافتاء .نعم من ليس له هذا العلم الاجمالي - ويحتمل مطابقة الواقع لجميع ما في رسالته على كثرة ما فيها من المسائل - جاز له الافتاء ، ولكنه مجرد فرض ، ولعله لم يوجد مجتهد كان شأنه ذلك .فالسر في جواز الافتاء هو ما ذكرنا من أنه لا مانع من الافتاء بعد كونه على الموازين الشرعية وبرخصة من الشارع ، ولا محذور في المخالفة الالتزامية والمخالفة العملية القطعية غير ثابتة ، لاحتمال كون ما صدر منه مخالفا للواقع هو الافتاء بحرمة المباح الواقعي ، ولا تلزم منه مخالفة عملية ، فان المخالفة العملية إنما تتحقق فيما علم الافتاء بإباحة الحرام الواقعي ، وليس له هذا العلم . غاية ما في الباب علمه بكون بعض ما في الرسالة مخالفا للواقع :اما الافتاء بحرمة المباح الواقعي أو بإباحة الحرام الواقعي .( الوجه الثالث ) :أنه لو تنزلنا عن جميع ذلك ، فنقول :

 

إنه يقع التعارض بين هذه الاستصحابات الثلاث في مرتبة واحدة ، لا أنه يقع التعارض بين استصحاب عدم جعل الحرمة واستصحاب عدم جعل الحلية في مرتبة متقدمة على استصحاب بقاء المجعول .وبعد تساقط الاستصحابين في مقام الجعل تصل النوبة إلى استصحاب بقاء المجعول ، ويتم المطلوب .وذلك ، لان جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعية لا يكون متوقفا على تحقق الموضوع في الخارج ، بحيث يكون استصحاب بقاء الحرمة متوقفا على وجود زوجة انقطع دمها ولم تغتسل .بل يجري الاستصحاب على فرض وجود الموضوع ، فان جميع فتاوى المجتهد مبني على فرض وجود الموضوع ، فلا يتوقف الاستصحاب المذكور إلا على فعلية اليقين والشك على فرض وجود الموضوع ، وكل مجتهد التفت إلى الحكم المذكور - أي حرمة وطء الحائض بعد انقطاع دمها - يحصل له اليقين بحرمة الوطء حين رؤية الدم ، واليقين بعدم جعل الحرمة قبل نزول الآية الشريفة ( فاعتزلوا النساء ) ، واليقين بعدم جعل الإباحة في الصدر الأول من الاسلام ، ويحصل له الشك في حرمة الوطء بعد انقطاع الدم قبل الاغتسال . وكان واحد من هذه الأمور فعلي عند الافتاء على فرض وجود الموضوع ، فيقع التعارض بين الاستصحابات الثلاثة في مرتبة واحدة ويسقط جميعها .وربما يقال في المقام :ان أصالة عدم جعل الحرمة حاكمة على استصحاب بقاء المجعول ، لكون الأول أصلا سببيا بالنسبة إلى الثاني ، فان الشك في بقاء الحرمة مسبب عن الشك في سعة جعل الحرمة وضيقها ، فأصالة عدم جعل الحرمة موجبة لرفع الشك في بقاء المجعول ، فلا يبقى للاستصحاب الثاني موضوع .وهذا الكلام وإن كان موافقا للمختار في النتيجة ، إلا أنه غير صحيح في نفسه ، لما مر غير مرة ويأتي انشاء الله تعالى من أن الملاك في الحكومة ليس مجرد كون أحد الأصلين سببيا والاخر مسببا .بل الملاك كون المشكوك فيه في أحد الأصلين أثرا مجعولا شرعيا للأصل الاخر .كما في المثال المعروف وهو ما إذا غسل ثوب نجس بماء مشكوك النجاسة ، فالشك في نجاسة الثوب مسبب عن الشك في طهارة الماء ، وجريان أصالة الطهارة في الماء موجب لرفع الشك في طهارة الثوب ، لان من الآثار المجعولة لطهارة الماء هو طهارة الثوب المغسول به ، فأصالة الطهارة في الماء تكون حاكمة على استصحاب النجاسة في الثوب ، بخلاف المقام.

فإنه ليس عدم حرمة الوطء من الآثار الشرعية لأصالة عدم جعل الحرمة ، بل من الآثار التكوينية له ، لان عدم الحرمة خارجا ملازم تكوينا مع عدم جعل الحرمة ، بل هو عينه حقيقة ، ولا مغايرة بينهما إلا نظير المغايرة بين المهية والوجود ، فلا معنى لحكومة أصالة عدم جعل الحرمة على استصحاب بقاء المجعول» [1]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo