< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/10/06

بسم الله الرحمن الرحیم

ولا يخفى أنّ هذه المسألة مشتملة على أقوال كثيرة غير ما ذكرناها، وقد تكفّل نقلها صاحب «الجواهر»، فلا بأس أن نتعرّض لها ولو في الجملة، قال:

(وقد توسّط بينهما المفصّلون (أي بين القولين من المضايقة والمواسعة) على اختلافهم في وجوه التفصيل:

فمنها: ما سمعته من المصنّف ومن تبعه من الترتيب في المتّحدة، وعدمه في المتعدّدة، الذي استجوده الشهيد في «غاية المراد» إن لم يكن إحداث قول ثالث.

ومنها: ما للعلاّمَة في «المختلف» من وجوب تقديم الفائتة إن ذكرها في يوم الفوات، واستحباب تقديمها إن لم يذكرها فيه ، متّحدةً كانت أو متعدّدة.

والظاهر إرادته ما يشمل اللّيلة المستقبلة باليوم الذي ابتدأ به من الصبح.

ثمّ ناقش فيه صاحب «الجواهر» و قال: (إنَّه لم يُعرف من سبقه إِليه ، بل ولا من لحقه عليه، عدا ما يُحكى عن ابن الصائغ في «شرح الإرشاد»، بل ولا قال هو به أيضاً في باقي كتبه.. إلى آخره). في بيان نقل الأقوال في المسألة

ومنها: ما عن ابن جمهور في «المسالك الجامعيّة» من تخريج تفصيلٍ ثالث من هذين التفصيلين، و هو وجوب الترتيب في الفائتة الواحدة في يوم الذكر دون غيرها.

ومنها: ما عساه يظهر من ابن حمزة من الفرق بين الفائتة نسياناً وعمداً، فتضيّق الأُولى دون الثانية.

ومنها: ما يظهر من الديلمي من التفصيل بين المعيّن عدده من الفائت ومجهوله، فيتضيّق الأوَّل دون الثاني .

ومنها: ما عن «العزيّة» من حكاية التفصيل عن قومٍ بين الوقت الاختياري للحاضرة والاضطراري، قيل وظاهره إرادتهم غير من عرفت من أهل المضايقة، وإن كان فيهم من جعل للفريضة وقتين اضطراريّاً واختياريّاً أيضاً، لكن كأنّه فهم منهم المضايقة فيهما جميعاً، عدا مقدار أداء الحاضرة من أخّر الاضطراري، فتختصّ به صاحبة الوقت حينئذٍ.

ومنها: ما عساه يتخيّل من الجمود على ما نصّ عليه من الأُمور التي سمعتها في عنواني التضييق والتوسعة من عبارات القدماء وغيرهم، وهذا ينحلّ إلى تفاصيل متعدّدة لاختلاف العبارات في ذلك اختلافاً شديداً، كما أشرنا إِليه سابقاً، خصوصاً من نسب إليهم التوسعة، فإنّي لم أعرف عبارةً من عبارات القدماء الذين نُسب إليهم ذلك، وهم فحول هذا الفَنّ، مشتملةً على جميع ما ستسمعه في العنوان السابق.

نعم، يستفاد من بعضها عدم الترتيب ، ومن آخر عدم وجوب العدول ، ومن ثالثٍ الفوات النسياني وغير ذلك ، فإن لم تتمّ بعدم معروفيّة القول بالتفصيل، وبأنّهم لم يريدوا ذلك الحصر والاختصاص، تشعّبت المسألة حينئذٍ إلى أقوالٍ متعدّدة، كما لا يخفى على من لاحظ وتدبّر، وإن كان الأمر فيه سهلاً، إذ المتّبع الدليل) ، انتهى حاصل كلام صاحب «الجواهر»[1] .

أقول: والآن بلغ أوان الرجوع إلى ذكر أدلّة القائلين بالمواسعة والمضايقة ، وحيث إنّ المصنّف من القائلين بالمواسعة، بقوله: (والأشبه الأوَّل) ، فلذلك نتّبعه في تقديم أدلّتهم على أدلّة القائلين بالمضايقة، فنقول ومن الله الاستعانة:

استدلّ للمواسعة بأُمورٍ من الأخبار و الأُصول ، وحيث إنّ الأخبار كثيرة جدّاً، فالأَوْلى تقديم الأُصول، ثمّ الرجوع إلى بيان الأحاديث تفصيلاً.

الدليل الأول: القواعد الأصولية.

استدلّوا لإثبات المواسعة بالاستصحاب والبراءة على ما في «الجواهر» حيث قال في ذيل كلام المصنّف رحمه‌الله: (والأشبه الأوَّل ، قال: للأصل) بمعنى استصحاب عدم وجوب العدول عليه لو كان الذكر في الأثناء، الذي هو من لوازم التضييق كما عرفت، وجواز فعلها قبل التذكّر، ويتمّ بعدم القول بالفصل.

ربّما يمكن أن يقال: إنّ الشكّ في وجوب العدول إذا كان الذكر في أثناء الحاضرة مسبّباً عن الشكّ في وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة، فلابدّ قبل التمسّك بالاستصحاب المذكور الرجوع إلى الأصل السببي، وهو إثبات عدم وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة، إذ من الواضح أنّ الأصل السببي مقدّم على أصل المسبّبي، فلابدّ حينئذٍ من الرجوع وملاحظة ما يقتضيه الأصل السببي هنا؛ و أنّه جواز التقديم الحاضرة على الفائتة أم لا؟

فإذا ظهر الأمر كان هو المتّبع، فلا يبقى حينئذٍ مجالٌ للتمسّك بعدم القول بالفصل لإثبات الجواز في تمام الموارد كما لا يخفى.

ثمّ قال: وبمعنى البراءة أيضاً عن حرمة فعلها، أو فعل شيءٍ من أضداد الفائتة، بل عن التعجيل، إذ هو تكليفٌ زائدٌ على أصل الوجوب والصحّة المتيقّن ثبوتهما على القولين، لأنّ القائل بالتضييق لا ينكرهما في ثاني الأوقات مع الترك في أوّلهما، وإن حكم بالإثم.

قلنا: ما ذكره من أصالة البراءة عن حرمة تقديم الحاضرة على الفائتة، لكونه شكّاً في أصل التكليف؛ متين لو لم يثبت خلافه من الأخبار الآتية، ثبت مقتضى الأصل هنا، فلابدّ من الرجوع إلى مدلول الأخبار، و أنّها تفيد التضييق أو التوسعة، هذا بناءاً على أنّ الشكّ في المسألة يعدّ شكّاً في التكليف، أي لا يدري هل يجب تقديم الفائتة على الحاضرة أم لا؟

 


[1] الجواهر، ج13 / 41 ـ 43.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo