درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علویگرگانی
97/07/22
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: سألته عن الصلاة في رمضان في المساجد
ومنها: موثّقة عمّار، عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال: «سألته عن الصلاة في رمضان في المساجد؟ فقال: لمّا قَدِم أمير المؤمنين عليهالسلام الكوفة أمرَ الحسن بن عليّ أن ينادي في الناس لا صلاة في شهر رمضان في المساجد جماعة، فنادى في الناس الحسن بن عليّ عليهماالسلام بما أمرهُ به أمير المؤمنين، فلمّا سمع الناس مقالة الحسن بن عليّ صاحوا واعمراه واعمراه! فلمّا رجع الحسن إلى أمير المؤمنين عليهالسلام، قال له: ما هذا الصوت؟ قال: يا أمير المؤمنين الناس يصيحون واعمراه واعمراه، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام: قُل لهُم صلّوا»[1] .
ومنها: رواية محمّد بن إِدريس في آخر «السرائر»، نقلاً من كتاب أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهماالسلام، قالا:
«لمّا كان أمير المؤمنين بالكوفة أتاه الناس فقالوا له: اجعل لنا إماماً يؤمّنا في رمضان، فقال لهم: لا، ونهاهم أن يجتمعوا فيه ، فلمّا أمسوا جعلوا يقولون اِبكوا رمضان وارمضاناه، فأتى الحارث الأعور في أُناس فقال: يا أمير المؤمنين ضَجَّ الناس وكرهوا قولك ، قال: فقال عند ذلك: دعُوهُم وما يريدون ، ليُصلِّ بهم مَن شاؤا، ثمّ قال: ومن يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرا»[2] .
بل قد يستفاد المنع أيضاً من حديث أبي العبّاس البقباق، وعبيد بن زرارة ـ لوجود المناسبة بين الحكم والموضوع ـ فقد رويا عن أبي عبدالله عليهالسلام أنّه قال:
«كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهيزيد في صلاته في شهر رمضان إذا صلّى العتمة صلّى بعدها فيقوم الناس خلفه فيدخل ويدعهم، ثمّ يخرج أيضاً فيجيئون ويقومون خلفه فيدعهم ويدخل مراراً»، الحديث[3] .
منها: رواية «الخصال» و «العيون»: «لا يجوز أن يصلّى التطوّع في جماعة، لأنّ ذلك بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النار».
بل في «التنقيح»: (روى الأصحاب لا جماعة في نافلة)، هذا كما في «الجواهر»[4] .
ومنها: رواية الحسن بن عليّ بن شُعبة في «تحف العقول» عن الرِّضا عليهالسلام، في حديث، قال: «ولا يجوز التراويح في جماعة»[5] .
حيث إنّ المراد من صلاة التراويح هي نوافل ليالي شهر رمضان حيث تصلّيها العامَّة جماعة كما في زماننا هذا اتّباعاً لسُنّة عمر بن الخطّاب، الذي أبدع ذلك بين العامَّة و مخالفاً بذلك سُنّة رسول الله صلىاللهعليهوآله.
هذه هي الأخبار المتعدّدة في النّهي عن إتيان النوافل جماعة سواء كان في شهر رمضان أو غيره كما عرفت.
الطائفة الثانية من الأخبار: وهي في مقابل الطائفة السابقة، ويستفاد منها جواز إتيان النوافل جماعة كما سنذكره عن قريب إن شاء الله تعالى، بل قد يظهر من بعض الأخبار أنّ المنع عن الجماعة في الأخبار كان لأجل كون الصلاة نافلةً لا باعتبار كونها نافلة شهر رمضان كما توهّم ذلك من وجود هذا القيد في الأخبار.
منها: خبر محمّد بن سليمان، قال: «إنّ عدّة من أصحابنا اجتمعوا على هذا الحديث منهم يونس بن عبدالرحمن عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليهالسلاموصبّاح الحذّاء عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن عليهالسلام ، وسماعة بن مهران عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال محمّد بن سليمان:
«وسألت الرضا عليهالسلام عن هذا الحديث فأخبرني به، وقال هؤلاء جميعاً سألنا عن الصلاه في شهر رمضان كيف هي، وكيف فعل رسول الله صلىاللهعليهوآله؟
فقالوا جميعاً: إنّه لمّا دخلت أوّل ليلةٍ من شهر رمضان صلّى رسول الله المغرب، ثمّ صلّى أربع ركعات التي كان يصلّيهن بعد المغرب في كلّ ليلة، ثمّ صلّى ثماني ركعات، فلمّا صلّى العشاء الآخرة وصلّى الركعتين اللّتين كان يصلّيهما بعد العشاء الآخرة وهو جالس في كلّ ليلة، قام فصلّى اثنتى عشرة ركعة، ثمّ دخل بيته، فلمّا رأى ذلك الناس ونظروا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد زاد في الصلاة حين دخل شهر رمضان، سألوه عن ذلك؟ فأخبرهُم أنّ الصلاة صلّيتها لفضل شهر رمضان عن الشهور، فلمّا كان من اللّيل قام يُصلِّي فاصطفَّ الناس خلفه، فانصرف إليهم، فقال: أيّها الناس إنّ هذه الصلاة نافلة، ولن تجتمع للنافلة، فليصلِّ كلّ رجل منكم وحده وليقل ما علّمه الله من كتابه، واعلموا أنَّه لا جماعة في نافلة ، فافترق الناس فصلّى كلّ واحدٍ منهم على حياله لنفسه»، الحديث[6] .
أقول: يستفاد من هذا الخبر الذى نقله كثير من الأعلام من رواة الحديث عن عدّة من أئمّة أهل البيت عليهمالسلام في ذكر وجه المنع عن الجماعة في النوافل وإصرارهم على ذلك ، يستفاد أنّ هذا المورد من الموارد التي يكون الرُّشد في خلافهم كما ورد في الأحاديث، وأنّ هذه البدعة صَدَرَت عن عمر بن الخطّاب مخالفةً بها لأحكام رسول الله صلىاللهعليهوآله كما أُشير إِليه في خبر سليم بن قيس الهلالي، قوله: (خالفوا فيها رسول الله صلىاللهعليهوآله متعمّدين لخلافه، ناقضين لعهده مغيِّرين لسنّته).