< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/10/24

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: حكم القراءة في الركعتين الأخيرتين

 

والظاهر أنّ الرواية موردها الصلاة الجهريّة، والدليل عليه استشهاد الامام(ع) بالآية في لزوم الإنصات وعدم القراءة اثناء الصلاة الجهريّة، فلا تشمل القراءة اثناء صلاة الإخفات في القراءة، بل وهكذا الأخيرتين بالنسبة إلى القراءة، وأمّا بالنسبة إلى التسبيح فالرواية ساكتة، فيمكن إثبات استحبابه من سائر الروايات الواردة في ذلک.

بل يمكن أن يقال في حقّ القراءة: بأنّها مع وجود أخبارٍ تدلّ على جوازها، فيمكن الجمع بينهما بالجواز مع الكراهة، بل بلا كراهة، واعتبار قراءة التسبيح هو الأفضل، فتسقط الرواية عن الاستدلال لنفي القراءة والتسبيح.

ومن جملة الأخبار: التي تمسّک الحلّي والسيّد المرتضى في الأوّل بالجزم بالسقوط، وعدم الجواز، هو الخبران المرسلان بحسب روايتهما :

قال المرتضى: (وأمّا الأخريان، فالأَوْلى أن يقرأ فيهما أو يسبِّح. وروي أنّه ليس عليه ذلک، وهو المنقول عن السيّد)[1] .

 

وأمّا ابن ادريس الحلّي، فيقول: (فأمّا الركعتان الأخريان، فقد روي أنّه لا قراءة فيهما ولا تسبيح، وروي أنّه يقرأ فيهما أو يسبّح، والأوّل أظهر)[2] .

 

بل المحكي عن بعض القدماء موافقتهم مع الحلّي في سقوطها في الأخيرتين من الجهريّة والإخفاتيّة، منهم ابن سعيد والفاضل في «المنتهى»، وابن حمزة، ولكن التحقيق يحكم بخلاف ما ذهبوا إليه من سقوط القراءة والتسبيح، والدليل عليه ما قاله الهمداني في «مصباح الفقيه»، بأنّه: (ويتوجّه على الاستدلال بالمرسلين، أنّهما من أضعف أنحاء الإرسال، فلا ينهضان للحجّيّة، خصوصاً مع معارضتهما بالمثل في عبارة المرسل وغيرها ممّا ستعرف)، انتهى[3] .

 

وأراد من المرسل المخالف للمرسل السابق، المرسلة الّتى رواها الحلّي في «السرائر»، أنّه قال: (روي مرسلاً أنّه يقرأ في الأخيرتين أو يسبِّح)[4] .

 

وأضعف من جميع ما ذكرنا: الاستدلال لذلک بالأخبار المشتملة بأنَّ الإمام ضامن لقراءة المأموم، فهي أخبار عامّة تشمل حتّى الركعتين الأخيرتين من الصلاة، سواء كانت جهريّة أو إخفاتيّة.

وجه الإشكال والضعف : أنّه على فرض التسليم، يكون الضمان ثابتاً بالنسبة إلى القراءة الموجب للنهي عن القراءة، وأمّا بالنسبة إلى التسبيح فلم ترد في الرواية النهى عنه حتّى يستفاد منه السقوط، هذا بعد الغضّ عن انصرافها إلى القراءة في الأولتين اللّتين يتعيّن فيهما القراءة، دون الأخيرتين اللّتين لم يتعلّق الوجوب فيهما بخصوص القراءة، كي يضمنها الإمام.

وعليه، فغاية ما تقتضيه هذه العمومات، هو النّهي عن القراءة خلف الإمام مطلقاً، حتّى في الأخيرتين، وهذا لا يقتضي رفع التكليف الثابت في الأخيرتين، المتعلّق بالأعمّ من القراءة والتسبيح.

هذا كلّه مع صرف النظر عن المراجعة إلى الأخبار الدالّة على وجوب التسبيح في الأخيرتين بصورة التعيين غالباً، غاية الأمر رفعنا اليد عن ذلک بالحمل على الوجوب التخييري، جمعاً بينها وبين الروايات الدالّة على جواز القراءة في الأخيرتين، وعليه فلابدّ من الاقتصار في الحكم بالتخيير، على مقدار ما دلّ الدليل على جواز القراءة فيهما، فلا بأس بذكر الأخبار الدالّة على جواز القراءة في الركعتين الأخيرتين، كما يجوز التسبيح فيهما :

منها: رواية أبي خديجة، عن الصادق(ع)، قال: «إذا كنت إمام قوم ـ إلى أن قال ـ فإذا كان في الركعتين الأخيرتين فعلى الذين خلفک أن يقرؤا فاتحة الكتاب، وعلى الإمام أن يسبِّح مثل ما يسبِّح القوم في الركعتين الأخيرتين»[5] .

 

فإنَّ هذه الرواية تحكم بجواز القراءة والتسبيح كليهما، غاية الأمر للمأمومين بالفاتحة، وللإمام بالتسبيح، وتشبيهه بالتسبيح للمأمومين مفهم للجواز في حقّهم بذلک التشبيه، حيث يفهم منه جواز كلا الأمرين في حقّهم، كما لا يخفى.

ومنها : أي من الأخبار الدالّة على جواز كليهما، صحيحة عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه(ع)، قال: «إذا كنت خلف إمامٍ في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتّى يفرغ، وكان الرجل مأموناً على القرآن، فلا تقرأ خلفه في الأوّليين.

وقال: يُجزيک التسبيح في الأخيرتين، قلت: أيّ شيء تقول أنت؟ قال: اقرأ فاتحة الكتاب»[6] .

 

أقول: هذه الرواية تدلّ على جواز كلّ منهما في الأخيرتين، حيث يستفاد من منعه القراءة في خصوص الأُولتين، جواز القراءة في الأخيرتين، و إِلاَّ لما كان في النّهي عن القراءة في الأُوليين فائدة، إذا فرض كونها منهيّاً عنهما حتّى في الأخيرتين، كما يدلّ منطوق الخبر على جواز الإتيان بالتسبيح.

فبالنتيجة : هذه الرواية تعدّ من الأدلّة المجوّزة في حقّ كليهما.

بل يمكن أن يقال إنّ الخبر ظاهرٌ في أنّ القراءة أفضل من التسبيح لأنّه يقول : (يجزيک التسبيح)، فكأنّه اعتبر التسبيح بدلاً عن القراءة، والأصل الأوّلي هو القراءة، وإن تنزّلنا عن ذلک، فنقول بالتساوي بينهما بأيّهما أتى يكفي في الصحّة، ويجزي عن المأمور به.

 


[1] الوسائل، الباب32 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 11.
[2] الوسائل، الباب32 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 6.
[3] الوسائل، الباب31 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث (ص).
[4] الوسائل، الباب42 من أبواب القراءة، الحديث2 و حديث5 من باب32 من صلاة الجماعة.
[5] الوسائل، الباب32 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 11.
[6] الوسائل، الباب31 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 8.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo