< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/11/23

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في وجوب القراءة إذا صلّى خلف مَن لا يقتدى به

 

قوله 1: وأمّا لو كان الإمام ممّن لا يُقتدى به، وجبت القراءة (1).في وجوب القراءة إذا صلّى خلف مَن لا يقتدى به

(1) وجوب القراءة خلف الإمام الَّذي لا يُقتدى به، مورد وفاق الأصحاب، كما صرّح به جماعة من الأصحاب، بل في «الجواهر»: (لا أجد فيه خلافاً، كما اعترف به العَلّامَة في «المنتهى» وصاحب «السرائر»، بل نسبه في «الحدائق» إلى عمل الأصحاب تارةً، وبزيادة (كافّة) أُخرى.

و العلّة في وجوب قراءة الحمد والسّورة خلفه، هو انتفاء القدوة المعتبرة في ضمان الإمام القراءة عن المأموم، كما جاء في الخبر، بل المصلّي منفردٌ في صلاته حقيقةً، كما يظهر ذلک من عدّة روايات :

منها: الخبر المرويّ عن عليّ بن سعد البصري، قال :

«قلتُ لأبي عبداللّه(ع): إنّي نازل في قوم بني عدي، ومؤذّنهم وإمامهم وجميع أهل المسجد عثمانيّة، يبرؤن منكم ومن شيعتكم، وأنا نازل فيهم، فما ترى في الصلاة خلف الإمام؟

فقال(ع): صلِّ خلفه واحتسب بما تسمع، ولو قَدِمْتَ البصرة لقد سألک الفُضيل بن يسّار وأخبرته بما أفتيتک، فتأخذ بقول الفُضيل وتَدَع قولي!

قال عليٌّ: فقَدِمْتُ البصرة، فأخبرت فُضيلاً بما قال، فقال: هو أعلم بما قال، ولكنّي قد سمعته وسمعت أباه يقولان: لا تعتدّ بالصّلاة خلف النّاصبي، واقرأ لنفسک كأنّک وحدک»[1] .

 

ومن المعلوم أنّ أمره بالقراءة، لكون الإمام ناصبيّاً، وأكّد على ذلک بأنّ صلاته كصلاة الفرادى بقوله: (وحدک)، ومن لزوم القراءة لأجل عدم ضمان الإمام في هذه الجماعة عن المأموم.

وصدر الحديث ظاهرٌ في التقيّة كما صرّح بذلک صاحب «الوسائل».

ومنها: خبر زرارة، قال: «سألت أبا جعفر(ع) عن الصَّلاة خلف المخالفين؟ فقال(ع): ما هم عندي إلّا بمنزلة الجُدر»[2] .

 

أي لا يُعتدّ بصلاتهم، فلا يترتّب على صلاتهم أثر.

وجملة (المخالفين) عامٌّ يشمل الناصبي منهم وغيرهم من المخالفين، ونتيجة هذه الجملة إفهام أَنَّ جماعتهم وصلاتهم ليست ممّن يعتدّ بقرائتهم، فيجب لِمَن صلّى خلفهم أن يقرأ لنفسه منفرداً.

ومنها: الخبر الصحيح المرويّ عن الحلبي أو حسنته، عن أبي عبداللّه(ع)، قال : «إذا صَلّيت خلف إمامٍ لا يُقتدى به، فاقرأ خلفه، سمعتَ قراءته أو لم تسمع»[3] .

 

إذ قد أمرَ الإمام بالقراءة في الصورتين، سواءٌ سمع قراءته أم لم يسمعها، حيث يدلّ بأنَّ قراءة الإمام في هذه الجماعة غير مضمونة، فلابدَّ من الإتيان بالقراءة.

ومنها: صحيح علي بن يقطين، قال: «سألت أبا الحسن(ع): عن الرّجل يُصلّي خلف من لا يُقتدى به بصلاته، والإمام يجهر بالقراءة؟ قال(ع): إقرأ لنفسک، وإنْ لم تُسمع نفسک فلا بأس» .

 

ومنها : خبر عبداللّه بن جعفر، في «قُرب الإسناد»، بإسناده عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه (عا)، قال: «كان الحسن والحسين (عا) يقرآن خلف الإمام»[4] .

 

وجه الاستدلال به: مبنيٌّ على أنّ قراءتهما خلف الإمام، لابدَّ وأن يكون الإمام من المخالفين؛ لوضوح أَنَّ المؤمن لا يتقدّم في الامامة على الامام المفترض طاعته والمنصوص عليه.

وعلى فرض التعميم ـ مع أنّه مستنكرٌ قطعاً ـ فلا يمكن أن يكون في صلاة الجهريّة التي يسمعون القراءة، كما لا يكون في الصلاة الإخفاتيّة، لأنَّ الأئمّة : يجتنبون عن الكراهة، فضلاً عن مشتبه الحرمة، فلا يكون حينئذٍ مورداً يصحّ حمل الخبر عليه، إِلاَّ صورة كون الصلاة جهريّة، وفرض صورةٍ لا يمكن سماع قراءة الإمام، حيث يجوز فيه القراءة، ورغم ذلک كلّه، قد عرفت أنّه لا يمكن تحقّقه عن المؤمنين، مع وجود الإمام المعصوم(ع) لا يمكن أن يتقدّم أحدٌ للإمامة كما لا يخفى، فلابدَّ أن يُحمل الخبر على التقيّة بالنظر إلى ذلک، إن قبلنا أصل تحقّق ذلک عنهما (عا)، فعلى ذلک يصحّ الاستدلال به، ولعلّه لهذا السبب لذلک أدرج صاحب «الحدائق»1 هذه الرواية في هذا الباب.

وغير ذلک من الأخبار التي تدلّ على أنّ الصلاة خلف من لا يُقتدى به، تكون بمنزلة صلاة الفرادى، من حيث وجوب الإتيان بالقراءة، وأنّه لم يكن الإمام ضامناً عن المأمومين في القراءة.

أقول: نعم، هناک في بعض الأخبار مايدلّ على كفاية إمامة من لا يُقتدى به من جهة القراءة :

منها: خبر زرارة في الصحيح، عن أبي جعفر(ع)، قال: «لا بأس بأن تصلِّي خلف الناصب، ولا تقرأ خلفه فيما يجهر فيه، فإنَّ قراءته يجزيک إذا سمعها»[5] .

 

قال صاحب «الوسائل» نقلاً عن الشيخ، إنّه محمولٌ على التقيّة، أو على ترک الجهر دون القراءة؛ إذ ترک الجهر في القراءة، يمكن أن يجتمع مع الأخبار التي تدلّ على الإتيان بالقراءة خفاءاً، حتّى تصير صلاته منفردة.

ومنها: رواية صحيحة أُخرى لعبد اللّه بن بكير رواها عن أبيه بكير بن أعين، قال: «سألت أبا عبداللّه(ع) عن الناصب يؤمّنا، ما تقول في الصلاة معه؟ فقال: أمّا إذا جهر فانصت للقراءة واسمع، ثمّ اركع واسجد أنت لنفسک»[6] .

ولعلّ المراد من كلمة (الإنصات) الواردة في هذه الرواية، عدم الجهر بالصوت، لا ترک القراءة حقيقةً، كما يؤمي إلى ذلک عدم النّهي عن القراءة التي قد ذكر في الخبر السابق، وممّا يشعر ويؤيّد هذا الاحتمال، ذكره في ذيله من الأمر بالركوع والسجود لنفسه، فكأنّه مشيرٌ إلى عدم كونه جماعة.

ومنها: رواية أُخرى مرويّة عن أحمد بن عائذ، قال: «قلت لأبي الحسن(ع) : إنّي أدخلُ مع هولاء في صلاة المغرب، فيعجّلوني إلى ما أُوذن واُقيم، فلا أقرأ شيئاً حتّى إذا ركعوا، وأركع معهم، أيُجزيني ذلک؟ قال(ع): نعم»[7] .

بالنسبة الى هذه الخبر فإنّه من الواضح أَنَّ الصلاة بلا فاتحة الكتاب لاتكون مُجزية إِلاَّ في الجماعة التي يقتدى به، إذا افتتح الصلاة بالتكبيرة، ودخل في الجماعة في الركوع، وأمّا إذا كانت الجماعة خلف من لا يُقتدى به، فكيف تجزي في الصلاة التي لا قراءة فيها، مع ورود الدليل بأنّه: (لا صلاة إِلاَّ بفاتحة الكتاب)؟

وعليه، لا مجال إلّا برفع اليد عن هذه الأخبار لإعراض الأصحاب عنها، وجميعها محمولة على التقيّة، أو حملها على فعل صلاة غير هذه الصلاة، لعلم الإمام7 بضررٍ أو مصلحةٍ في خصوص السائل، فالقضيّة خاصة وقد أمر الامام7 المؤمن بذلک حتّى في القراءة خفيّاً.

ومنها: الرواية الصحيحة المرويّة عن معاوية بن وهب، عن أبي عبداللّه(ع)، قال: «سألته عن الرجل يؤمّ القوم، وأنت لا ترضى به، في صلاةٍ تُجهر فيها بالقراءة؟ فقال: إذا سمعت كتاب اللّه يُتلى فانصت له، فقلت: فإنّه يشهد عليَّ بالشِّرک، فقال: إن عصى اللّه فأطع اللّه، فرددتُ عليه، فأبى أن يُرخّص لي، فقلت له: أُصلِّي إذن في بيتي، ثُمّ أخرج إليه، فقال: أنتَ وذاک. قال: إنّ عليّاً(ع) كان في صلاة الصبح فقرأ ابن الكوّا وهو خلفه؛ ﴿وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَيْکَ وَإِلَى آلَّذِينَ مِن قَبْلِکَ لَـلـِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُکَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ آلْخَـسِرِينَ﴾، فأنصتَ عليّ تعظيماً للقرآن، حتّى فرغ من الآية، ثمّ عاد في قراءته، ثمّ أعاد ابن الكوّا الآية، فأنصت عليٌّ7 أيضاً، ثمّ قرأ فأعاد ابن الكوّا، فأنصتَ عليّ(ع)، ثمّ قال: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّکَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ﴾، ثمّ أتمّ السورة ثمّ ركع»، الحديث .

 


[1] الوسائل، الباب33 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 1؛ التهذيب : ج3 / 36ح41.
[2] الوسائل، الباب33 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 11.
[3] و (2) الوسائل، الباب34 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 5 و 3.
[4] المستدرک، الباب30 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 2؛ التهذيب: ج3 /(ع) 3ح43، الاستبصار: ج1/431ح7.
[5] الوسائل، الباب34 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 2.
[6] الوسائل، الباب34 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 4.
[7] ـ (3) الوسائل، الباب33 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 5 و 6 و 3.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo