< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/06/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات

(مسألة 225): لو قطع عدّة أعضاء شخص خطأ، فإن لم يسر القطع فعلى الجاني دية تمام تلك الأعضاء المقطوعة، وإن سرى فإن كان القطع متفرّقاً فعليه دية كلّ عضو إلّا الأخير زائدة على دية النفس، وأمّا العضو الأخير المترتّب على قطعه الموت فتتداخل ديته في دية النفس وإن كان قطعها بضربة واحدة دخلت دية الجميع في دية النفس، فعلى الجاني دية واحدة وهي دية النفس وإن شكّ في السراية فهل لوليّ المجنيّ عليه مطالبة الجاني بدية الأعضاء المقطوعة، أم ليس له إلّا دية النفس؟ قولان، الأظهر هو الأوّل [1]

الكلام في استحقاق المجني عليه دية الاعضاء المقطوعة في فرض ما لو قطع الجاني عدة اعضاء لشخص واحد ومن هذه الجهة قيد السيد الماتن ما لو كان القطع خطئاً لأن الكلام في الدية بينما لو كان عمداً فالثابت فيه القصاص وهذه المسألة تبحث في بحث القصاص وأن قصاص الاعضاء هل يدخل في قصاص النفس، والكلام يقع في أن دية الاعضاء تدخل في دية النفس فلا يطالب الجاني الا بدية واحدة او انها لا تدخل فيها

وذكر السيد الماتن صورتين رئيسيتين

الاولى: فرض عدم السراية بأن قطع اعضاء شخص من دون أن يموت

الثانية: السراية، وفي هذه الصورة فرضان:

الاول: أن يكون القطع متفرقاً بأن قطع العضو الاول بضربة ثم الثاني بضربة ثانية والعضو الثالث بضربة ثالثة

الثاني ان يقطع الاعضاء بضربة واحدة مع فرض السراية

أما في فرض العلم بعدم السراية فمقتضى الصناعة أنه لا ينبغي الاشكال في انه يترتب على الجاني دفع دية جميع الاعضاء المقطوعة وإن زادت على دية النفس فإنّ ما يمنع من دفع ديات الاعضاء اذا زادت على دية النفس هو السراية فحينئذ ياتي الكلام في تداخل الدية وعدمه

فالدليل في الحقيقة هو اطلاق ديات هذه الاعضاء،

وأما مع عدم القطع بعدم السراية والشك في السراية وعدمها فالمسألة محل خلاف على قولين:

القول الاول: يجوز المطالبة بدية تمام الاعضاء التي قطعها لأنه وإن كان مع السراية لا يحق له المطالبة بالزائد ولكن يمكن احراز عدم السراية بالاصل لان السراية امر حادث مسبوق بالعدم فنحرز عدم المانع بالاصل، فالمقتضي موجود وهو اطلاق ادلة ديات الاعضاء والمانع مفقود بالاصل لان الاصل عدم السراية وحينئذ يجوز له المطالبة بدية تمام الاعضاء، نعم حيث كان الاعتماد على الاصل فلا بد ان نرى في ما بعد فاذا تبين السراية بعد ذلك فلا بد ان يُرجع الزائد على دية النفس اذ مع السراية يلتزم بالتداخل بمعنى أن دية الطرف تدخل في دية النفس وان لم تحصل السراية يأخذ تمام ما اعطي له

القول الثاني: يقتصر على دية النفس فإن تبين عدم السراية استوفى الباقي وإن تبين السراية كان له ما أخذ ولا يحق له أن يطالب بالزائد لأن السراية توجب دخول دية الاطراف في دية النفس

ومن هنا يظهر أن كلا الطرفين يتفقان على مسألة دخول دية العضو في دية النفس وهذا معناه افتراض السراية، غاية الامر أن اصحاب القول الاول يرون امكان احراز عدم السراية بالاصل، واصحاب القول الثاني يرون أنه لا يعطى أزيد من دية النفس باعتبار أنها القدر المتيقن وأن المجني عليه يستحقها على كل تقدير

فمسالة دخول دية الطرف في دية النفس على فرض السراية مما اتفق عليه الاصحاب وادعي عليه الاجماع كما ذكر ذلك المحقق في موضعين من الشرائع والظاهر من كلمات الفقهاء -خلافاً للسيد الماتن- أنهم لا يفرقون في ذلك بين الجنايات الحاصلة على الاعضاء بين أن تكون حاصلة بضربة واحدة او في ضربات متعددة نعم هذا التفريق مذكور في مسألة القصاص

وعلى كل حال فقد يقال بالتفريق فيقال بالدخول اذا كانت الجنايات بضربة واحدة فيؤخذ من الجاني دية النفس فقط

وقد يقال بعدم دخول دية الطرف في دية النفس إذا كانتا بضربتين فيؤخذ منه دية العضو ودية النفس اذا استند الموت الى الضربة الثانية وهذا التفصيل استدل عليه بصحيحة أبي عبيدة الحذاء ، قال : سألت أبا جعفر (عليه‌ السلام) عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافه حتى وصلت الضربة إلى الدماغ فذهب عقله ، قال: «إن كان المضروب لا يعقل منها (اوقات) الصلاة ولا يعقل ما قال ولا ما قيل له ، فانه ينتظر به سنة ، فان مات فيما بينه وبين السنة اقيد به ضاربه ، وإن لم يمت فيما بينه وبين السنة ولم يرجع إليه عقله اغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله ، قلت : فما ترى عليه في الشجة شيئا؟ قال : لا ، لانه إنما ضرب ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فألزمته أغلظ الجنايتين ، وهي الدية ، ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لالزمته جناية ما جنتا كائنا ما كان إلا أن يكون فيهما الموت فيقاد به ضاربه فان ضربه ثلاث ضربات واحدة بعد واحدة فجنين ثلاث جنايات ألزمته جناية ما جنت الثلاث ضربات كائنات ما كانت ما لم يكن فيها الموت فيقاد به ضاربه ، قال : فان ضربه عشر ضربات فجنين جناية واحدة ألزمته تلك الجناية التي جنتها العشر ضربات»[2] وواضح ان الرواية لم ترد في محل الكلام لان محل الكلام هو الجناية الخطائية ومورد الرواية هو العمد، ومن جهة اخرى فالرواية تدل على دخول دية الشجة في دية العقل بينما كلامنا حول دخول دية العضو في دية النفس، فهل يمنع هذا من الاستدلال بالرواية او يمكن ان نتعدى الى محل كلامنا؟

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo