< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/06/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

(مسألة 239): إذا اصطدم فارسان فمات أحدهما دون الآخر ضمن الآخر نصف دية المقتول، والنصف الآخر منها هدر (1)[1]

(مسألة 240): إذا اصطدمت امرأتان إحداهما حامل والأُخرى غير حامل فماتتا، سقطت ديتهما (2)، وإذا قتل الجنين فعلى كلّ واحدة منهما نصف ديته إن كان القتل شبيه عمد، كما إذا كانتا قاصدتين للاصطدام وعالمتين بالحمل (3)، وإلّا فالقتل خطأ محض، فالدية على عاقلتهما. ومن ذلك يظهر حال ما إذا كانت كلتاهما حاملاً(4)[2]

تنبيه: ذكرنا في مسألة سابقة بأن الجاني إذا كان اعمى تكون الدية على عاقلته لأن جناية الاعمى على العاقلة ويدل عليه صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبدالله (عليه‌ السلام) عن رجل ضرب رأس رجل بمعول فسالت عيناه على خديه فوثب المضروب على ضاربه فقتله قال : فقال أبو عبدالله (عليه ‌السلام) : ((هذان متعديان جميعا فلا أرى على الذي قتل الرجل قودا ، لانه قتله حين قتله وهو أعمى ، والاعمى جنايته خطأ يلزم عاقلته يؤخذون بها في ثلاث سنين في كل سنة نجما ، فان لم يكن للاعمى عاقلة لزمته دية ما جنى في ماله يؤخذ بها في ثلاث سنين ، ويرجع الاعمى على ورثة ضاربه بدية عينيه)) [3]

وهناك رواية ظاهرها أن الدية في مال الاعمى وهي معتبرة أبي عبيدة ، قال : سألت أبا جعفر (عليه ‌السلام) عن أعمى فقأ عين صحيح ، فقال : ((إن عمد الاعمى مثل الخطأ هذا فيه الدية في ماله ، فان لم يكن له مال فالدية على الامام ولا يبطل حق امرئ مسلم)) [4]

والجمع المذكور في كلمات الفقهاء هو تقييد اطلاق صحيحة ابي عبيدة بما اذا لم تكن له عاقلة والدليل على هذا التقييد هو صحيحة الحلبي لأنها تقول (فان لم يكن للاعمى عاقلة لزمته دية ما جنى في ماله) فيلزم بضمان دية ما جنى في ماله اذا لم تكن له عاقلة، كما ان اطلاق صحيحة الحلبي (فان لم يكن للاعمى عاقلة لزمته دية ما جنى في ماله يؤخذ بها في ثلاث سنين) يقيد بما إذا كان له مال والا فديته على الامام بقرينة صحيحة ابي عبيدة (فان لم يكن له مال فالدية على الامام)

    1. وهذا المطلب واضح على القواعد التي بيناها، ولكن هناك رواية ظاهرها انها تضمّن الحي تمام الدية، وهي ما رواه محمد بن يعقوب ، عن أحمد بن محمد الكوفي ، عن إبراهيم بن الحسن ، عن محمد بن خلف ، عن موسى بن إبراهيم المروزي ، عن أبي الحسن (عليه ‌السلام) قال : ((قضى أمير المؤمنين (عليه ‌السلام) في فرسين اصطدما فمات أحدهما فضمن الباقي دية الميت))[5] ولا بد من فرض أن أحد الفارسين مات، فالظاهر وقوع الاشتباه في العبارة والصحيح (في فارسين اصطدما)،

ورواه الشيخ في التهذيب في موضعين: الأول بإسناده عن محمد بن يعقوب بنفس السند المتقدم

والثاني بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن الحسن موسى (عليه ‌السلام) مثله ، إلا أنه قال : (في فارسين)

وظاهر الرواية ان الباقي منهما يضمن تمام الدية وهو على خلاف القواعد

وأما سندها فإن جميع الرواة في سند الكليني مجاهيل بل قيل حتى احمد بن محمد الكوفي لم ينص على وثاقته وإن ذكرت وجوه لإثبات ذلك

وأما سند التهذيب فالكلام في صالح بن عقبة، وذكروا صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن ابي ربيعة مولى رسول الله (صلى الله عليه واله) وذكروا بأنه من أصحاب الكاظم والصادق (عليهما السلام) وإن شكك النجاشي في الأخير، ولم ينصوا على وثاقته بل قال ابن الغضائري بأنه كذاب غال لا يلتفت اليه، وكذلك نقل العلامة في الخلاصة والظاهر أنه أخذه من ابن الغضائري، نعم ذكر النجاشي أن له كتاب يرويه جماعة منهم محمد بن إسماعيل بن بزيع، وقد وثقه السيد الخوئي لوروده في أسانيد تفسير القمي

والنتيجة انه لا نص على وثاقته حتى لو لم نقبل تضعيف ابن الغضائري او قلنا بانه ضعفه من باب انه غالي، الا أن نتمسك بقول النجاشي (له كتاب يرويه جماعة)، الا اننا نرى عدم كفاية ذلك

وعلى كل حال فإذا تمت رواية صاحب نوادر الحكمة عنه ولم يستثنه ابن الوليد تتم الرواية سندا، وبعد تمامية الرواية سنداً تأتي الوجوه الأخرى لردها:

ومنها ما ذكره في الشرائع من أن الرواية شاذة فتطرح من اجل الاعراض عنها فلا تكون معتبرة

ومنها ما ذكره السيد الخوئي [6] (قده) من أن المقصود ضمان ما استند اليه من التلف، ولا معنى لأن يضمّنه ما لم يستند اليه من التلف، وهو لا يزيد على النصف،

ومنها ما ذكره في الجواهر بحملها على صورة ما إذا كان صدمة الميت المقتول لا أثر لها بل تمام الأثر لموته في صدمة الحي

والعمدة ضعف السند إن تم، والأخر اعراض الاصحاب عن هذه الرواية

    2. لأن موت كل واحدة منهما يكون ناشئاً من فعلها وفعل الاخرى، فنصف الدية يذهب هدراً والنصف الاخر يؤخذ من الاخرى

    3. ذكرنا أن الظاهر ان العلم والالتفات ليس دخيلاً في دخول القتل في شبه العمد بل يكفي فيه عدم قصد القتل وعدم كون الفعل مما يقتل مثله مع قصد وقوع الفعل بالمجني عليه

    4. فيثبت نصف دية كل واحدة منهما بفعلها ويسقط النصف الاخر لأنه بفعل المجني عليها نفسها، فتسقط الدية ويحصل التهاتر كما إذا تصادم الرجلان، وأما الجنين فمع القصد الى الاصطدام يثبت على كل منهما نصف دية جنين الاخرى، ومع عدم القصد يثبت ذلك على العاقلة لأن كل واحدة منهما تتحمل دية الجنين بمقدار فعلها فيكون على كل واحدة منهما دية جنين


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo