< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/10/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

فروع التسبيب: (مسألة 249): لو حفر في طريق المسلمين ما فيه مصلحة العابرين فاتّفق وقوع شخص فيه فمات، قيل: لا يضمن الحافر، وهو قريب(1)(مسألة 250): لو كان يعلّم صبيّاً السباحة فغرق الصبيّ اتّفاقاً، ضمن المعلّم إذا كان الغرق مستنداً إلى فعله، وكذا الحال إذا كان بالغاً رشيداً(2)، وقد تقدّم حكم التبرّي عن الضمان(3)(مسألة 251): إذا اشترك جماعة في قتل واحد منهم خطأً، كما إذا اشتركوا في هدم حائط مثلاً فوقع على أحدهم فمات، سقط من الدية بقدر حصّة المقتول، والباقي منها على عاقلة الباقين، فإذا كان الاشتراك بين اثنين سقط نصف الدية لأنّه نصيب المقتول، ونصفها الآخر على عاقلة الباقي، وإذا كان الاشتراك بين ثلاثة سقط ثلث الدية، وثلثان منها على عاقلة الشخصين الباقيين، وهكذا(4)

    1. ذهب بعضهم الى أنه لا فرق بين أن يكون الحفر لمصلحة المسلمين او لا، فالضمان يترتب لاطلاق النصوص،

والرأي الآخر ذهب الى عدم الضمان اذا كان الحفر لمصلحة المسلمين واختاره السيد الماتن وقربه بما حاصله أنه يستفاد من صحيحة الحلبي (كل شيء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه) وصحيحة الكناني (من اضر بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن) فالمستفاد من هاتين الروايتين أن موضوع الضمان هو الاضرار بالمسلمين فاذا اضر هذا الحفر بالمسلمين يترتب الضمان والا فلا ضمان والمفروض ان الحفر في محل الكلام لا يضر المسلمين بل ينفعهم

وبعبارة اخرى المستفاد من هاتين الروايتين انه ليس مطلق الحفر في طريق المسلمين يوجب الضمان وانما الحفر الذي يضر بالمسلمين وفي مسألتنا لا اضرار بالمسلمين

وقلنا بأن هذا الدليل يحتاج الى بيان فإن الوراد في كلتا الروايتين هو الاضرار بطريق المسلمين لا الاضرار بالمسلمين فاذا اردنا ان نتمسك بحرفية النص وان الضمان مشروط بأن يكون اضرار بطريق المسلمين فلا يتم كلام السيد الماتن فان الحفر لمصلحة المسلمين لا يستلزم عدم الاضرار بطريق المسلمين

ولكن الظاهر ان مراد السيد الماتن ان المقصود من الحديث الاضرار بالمسلمين فكأن الاضرار بطريق المسلمين مأخوذ على نحو الطريقية للاضرار بالمسلمين فالذي يفهم من الحديث ان موضوع الضمان هو الاضرار بالمسلمين وهو غير متحقق في محل الكلام، ولذا فالصحيح هو عدم الضمان

2- طرح المحقق في الشرايع المسألة هكذا: (لو سلم ولده لمعلم السباحة فغرق بالتفريط ضمنه في ماله لانه تلف بسببه ولو كان بالغا رشيدا لم يضمن لان التفريط منه) ونحو هذه العبارة موجود في كلمات الفقهاء كالعلامة في القواعد وغيرها، ويفهم منها التفصيل بين كون الولد صغيراً فيضمن المعلم في ماله وبين كونه بالغاً رشيداً فلا ضمان

والسيد الماتن لم يفصل بين الصبي وبين البالغ، وانما التفصيل عنده بين حالة ما اذا كان الغرق مستنداً الى المعلم ولو بتفريطه فيكون ضامناً وان لم يستند الغرق اليه فلا ضمان من دون فرق بين الصبي والبالغ

والتفصيل المذكور في عبارة الشرائع كأنه يستند الى دعوى أن غرق الصبي مع تفريط المعلم يستند الى المعلم عرفاً فيكون ضامناً للدية في ماله لأن المفروض عدم قصد القتل وان ما فعله لا يوجب الغرق عادة وانما حصل الغرق اتفاقاً فهو خطأ شبه العمد وهذا بخلاف ما اذا كان المتعلم بالغاً رشيداً فإن غرقه مع تفريط المعلم لا يستند الى المعلم وانما يستند اليه فهو أغرق نفسه وحينئذ لا يكون المعلم ضامناً

وأما تفصيل السيد الماتن فالظاهر انه مبني على دعوى أن المناط في الضمان وعدمه مبني على استناد الغرق الى المعلم وعدمه ولو كان بسبب تفريطه وحينئذ لا يفرق بين الصبي والبالغ الذي يكون كالصبي من حيث عدم معرفته بالسباحة واحتياجه الى المعلم لتعلمها، فالمعلم يكون ضامناً للدية في ماله اذا استند الغرق الى المعلم

واما اذا لم يستند الغرق الى المعلم اصلاً كما اذا حصل الغرق صدفة ففي هذه الحالة لا ضمان فانه لا يدخل في الخطأ شبه العمد ولا في الخطأ المحض، من دون فرق بين ما اذا كان المتعلم صبياً او كان بالغاً عاقلاً

والظاهر أن ما يقوله السيد الماتن هو الاقرب؛ لأن ادراج المسألة في الخطأ شبه العمد يتوقف على إفتراض إستناد الفعل اليه مع كونه غير قاصد للقتل ولا الفعل مما يقتل مثله، وهذا متحقق في المقام مع افتراض استناد القتل الى المعلم وهو قد يكون في بعض الاحيان نتيجة تقصير المعلم وتفريطه

3- لا بد أن يكون مقصوده أن معلم السباحة اذا اخذ البراءة من ولي الصبي او من المتعلم نفسه اذا كان بالغاً رشيداً فهل يرفع هذا عنه الضمان في صورة استناد الغرق اليه او لا؟، وقد تقدم في مسألة الطبيب لو اخذ البراءة، ولكن لم يبين السيد الماتن هناك إمكان التعدي من الطبيب الى غيره، وقد طرحنا هذا البحث في مسألة الختّان وقلنا قد يقال بأن الختّان حاله حال الطبيب فيرتفع الضمان عنه حيث يكون ضامناً لو اخذ البراءة، ولكن نحن استشكلنا في شمول الرواية للختّان فإن الختّان عنوان اخر فالتمسك بالرواية في الختان مشكل، وفي محل الكلام اشكل؛ فان معلم السباحة لا يصدق عليه عنوان الطبابة ولا البيطرة

ولكن هناك طرحنا إمكان تخريج ارتفاع الضمان على القاعدة بلا حاجة الى الدليل بأن يقال بأن هذا يرجع الى شرط في نفس عقد الاجارة واخذ البراءة يعني اشتراط الطبيب او الختّان او معلم السباحة اسقاط الضمان لو حصل موجبه فاذا قبل الطرف المقابل حينئذ يكون هذا اسقاطاً فعلياً للضمان لو حصل موجبه فيكون هذا شرطاً في ضمن العقد وليس شرطاً ابتدائياً والمؤمنون عند شروطهم بل هو شرط فعلي يجب الوفاء به فيما لو حصل موجبه في المستقبل ويسقط به الضمان وعلى هذا الاساس يمكن تعميم هذا للحالات المختلفة كما في مسألتنا، وعليه فلا نحتاج الى رواية خاصة في المقام لاثبات ارتفاع الضمان عند أخذ البراءة

نعم في مسألة الختان نبهنا بان هذا لا ينطبق على المسألة المطروحة في الختان فان المطروح فيها ان الختّان يضمن اذا قطع الحشفة والظاهر انه يضمن حتى اذا اخذ البراءة، فان أخذ البراءة يعني البراءة من الاضرار المترتبة على الفعل المستأجر عليه لا كل الاضرار، وهو مستأجر على الختان لا على قطع الحشفة

ففي محل الكلام إن كان الضرر مترتباً على عمله الذي استؤجر عليه فأخذ البراءة ينفع ولا ضمان مع اخذ البراءة وأما اذا ترتب الضرر على فعل آخر غير مستأجر عليه يقوم به معلم السباحة فلا ينفع معه أخذ البراءة

4- هذا يدخل في الخطأ المحض لأنه ليس هناك قصد الفعل بالنسبة الى المجني عليه ، وكلام السيد الماتن على القاعدة ولكن هناك رواية ظاهرة في ان الدية بتمامها تكون على الباقين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo