< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/03/09

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ ديات الحمل/

فصل في دية الحمل‌

(مسألة 379): إذا كان الحمل نطفة فديته عشرون ديناراً، وإن كان علقة فأربعون ديناراً، وإن كان مضغة فستّون ديناراً، وإن نشأ عظم فثمانون ديناراً، وإن كسي لحماً فمائة دينار(1)، وإن ولجته الروح فألف دينار إن كان ذكراً، وخمسمائة دينار إن كان أُنثى

    1. ذكرنا الوجه الأول من الوجوه التي ذكروها لرفع التعارض بين روايات الطائفة الثالثة والاخبار الدالة على الوجه الأول

وهو ما ذكره الشيخ الطوسي (قده) من حمل اخبار الطائفة الأولى على مرحلة ما قبل ولوج الروح واخبار الطائفة الثالثة على ما إذا طرحته علقة او مضغة واستشهد له بصحيحة ابي عبيدة

واستشكل السيد الخوئي (قده) عليه بوجوه كان ثالثها أن صحيحة ابي عبيدة لا تصلح أن تكون شاهداً على هذا الجمع باعتبار انها تقول إن دية العلقة والمضغة مخيرة بين الغرة وأربعين ديناراً ولم يقل بهذا أحد ولا يمكن الالتزام به

وذكرنا انه يمكن التأمل في هذا باعتبار أن مرجعه الى التخيير بين العبد وبين قيمته لأن الملحوظ في الدية هو المالية بخلاف الكفارات فإن الملحوظ فيها هو العين

بل ان الروايات الواردة في المقام تقول يخير بين عبد وأربعين ديناراً وبعضها بين عبد وخمسين ديناراً وأخرى بين عبد وخمسمائة دينار فالملحوظ هو المالية واختلاف القيم ناشيء من اختلاف قيمة العبيد

ولكن حتى لو أمكن الالتزام بهذا التخيير فإن ما يمنع من الاستشهاد بالصحيحة على الجمع الذي ذكره الشيخ الطوسي (قده) هو انها تدل على اتحاد دية العلقة ودية المضغة وإذا استثنينا الشيخ الطوسي الذي التزم بمضمون هذه الصحيحة فهذا لا قائل به، بل كل الاخبار المتقدمة والاقوال تفرق بين ديتيهما

وعلى كل حال فقد استدل لما ذهب اليه ابن الجنيد بروايات تامة سندا، وهي مطلقة من جهة تحديد مرحلة الجنين كما في معتبرة السكوني، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال: ((قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في جنين الهلالية حيث رميت بالحجر فألقت ما في بطنها ميتا فان عليه غرة عبد أو أمة))[1]

ومعتبرة ابي بصير ((إن ضرب الرجل امرأة حبلى فألقت ما في بطنها ميتاً، فان عليه غرة عبد أو أمة يدفعه إليها))[2]

وصحيحة سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ((أن رجلا جاء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد ضرب امرأة حبلى فاسقطت سقطا ميتا فأتى زوج المرأة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فاستعدى عليه ... فقضى فيه رقبة))[3]

ومقتضى إطلاق هذه الروايات أن تتحد الدية في كل مراتب الجنين المتقدمة فهي كما تشمل مرحلة العلقة والمضغة تشمل آخر مرحلة قبل ولوج الروح فتكون الدية واحدة في جميع هذه المراحل، فالإشكال في هذه الروايات انها تدل على ان دية الجنين في جميع هذه المراحل واحدة

ويلاحظ على الجمع الذي ذكره الشيخ الطوسي انه لا يصح قصر النظر في أخبار الطائفة الاولى على خصوص مرحلة ما قبل ولوج الروح، لأن أخبار الطائفة الأولى كما دلت على أن ما في مرحلة ما قبل ولوج الروح مئة دينار دلت على أن في النطفة عشرين دينارا وفي العلقة أربعين وفي المضغة ستين، وهذا يكون معارضاً لما دل على ان فيه غرة عبد مطلقاً كما في اخبار الطائفة الثالثة

فكيف يمكننا ان نحمل اخبار الطائفة الأولى على انها ناظرة الى مرحلة ما قبل ولوج الروح ونصرف النظر عما دلت عليه من ان في النطفة عشرون وفي العلقة أربعون وهكذا

نعم ما ذكره من الجمع ممكن إذا كانت اخبار الطائفة الأولى تدل على ان دية الجنين مئة دينار مطلقاً واخبار الطائفة الثالثة تقول ان فيه غرة عبد مطلقاً، ولكن ما ذكره غير ممكن عندما تصرح أخبار الطائفة الأولى ان المضغة فيها أربعون دينارا والعلقة فيها ستون وهكذا

وبعبارة أخرى انه يلزم من الحمل الذي ذكره الشيخ الطوسي طرح أخبار الطائفة الأولى لا حملها على محمل لانها تقول ان النطفة فيها عشرون والعلقة فيها أربعون وهكذا فكيف نلتزم بان فيهما غرة عبد ونعتبر ذلك جمعاً

الوجه الثاني: ما ذكره الشيخ الطوسي في الاستبصار من حمل اخبار الطائفة الثالثة على ضرب من التقية لأن ذلك مذهب كثير من العامة وقد روي ذلك عن النبي (صلى الله عليه واله)، ويؤيد ما ذكره من ذهاب أكثر العامة الى أن فيه غرة عبد او امة ما ذكره ابن قدامة في المغني (9/541) من نسبة ذلك الى اكثر اهل العلم، وكذا ما ورد في بداية المجتهد (2/411) من اتفاقهم على أن الواجب في جنين الحرة وجنين الامة من سيدها هو غرة، فالمتيقن من اتفاقهم هو ما اذا كان في مرحلة ما قبل ولوج الروح او ان كلماتهم تشملها بالإطلاق، وعن مالك تعميمه لكل ما تطرحه من مضغة او علقة مما يعلم انه ولد

فتكون الطائفة الثالثة موافقة للعامة بخلاف الطائفة الأولى فاذا استقر التعارض بينهما فلا مانع من ترجيح اخبار الطائفة الأولى بمخالفتها للعامة

الوجه الثالث: ما ذكره العلامة في المختلف من تقديم اخبار الطائفة الأولى وطرح الثالثة لأنها أصح طريقاً واقوى متمسكاً لأن الحوالة فيها على أمر مقدر معلوم بخلاف اخبار الطائفة الثالثة فإن الحوالة فيها على أمر مختلف لا يجوز أن تناط به الاحكام

ولكن جميع أخبار الطائفة الثالثة معتبرة سنداً، فكون أخبار الطائفة الأولى أصح طريقاً غير واضح، ولا مشكلة في أن تكون حوالة على عنوان مردد القيمة فالواجب عليه أن يدفع ما يصدق عليه هذا العنوان

ويمكن دفع هذا الاعتراض وتأييد العلامة بأن نقول ان مقامنا ليس مقام كفارة بل هو دية وهي تعويض مالي عن جناية والمنظور فيها المالية فلا بد أن تكون المالية محددة معلومة ولا يصح أن تكون مرددة بين الأقل والأكثر

ومن هنا يمكن أن يقال تأييداً للعلامة بأن الحوالة في اخبار الطائفة الثالثة حيث كانت على أمر غير محدد والمطلوب في باب الديات التحديد باعتبارها تعويض مالي عن جناية وهذا مما يرجح اخبار الطائفة الأولى لان فيها تحديد على اخبار الطائفة الثالثة

والنتيجة انه لا يبعد ان يكون ما ذكره العلامة صحيحاً فنقدم اخبار الطائفة الأولى، او نقدمها على أساس الوجه الذي ذكره الشيخ في الاستبصار

والنتيجة اننا نوافق المشهور في ان الدية في المرحلة الأخيرة من الجنين قبل ولوج الروح هي مئة دينار

ثم ان مقتضى إطلاق اخبار الطائفة الأولى هو عدم الفرق بين كون الجنين ذكرا او انثى، نعم ذكر التفصيل بين الذكر والانثى في معتبرة ظريف في مرحلة ما بعد ولوج الروح

وعدم التفصيل بينهما هو مختار الأكثر كما في كشف اللثام والمشهور كما في مجمع البرهان بل ظاهر الخلاف دعوى الاجماع عليه وعن السرائر انه مذهب اصحابنا الامامية، ولم ينقل الخلاف الا عن الشيخ في المبسوط حيث فصل بين الذكر فقال فيه مئة دينار وبين الانثى فقال خمسون دينارا وقيل ان ظاهر الشيخ في المبسوط الاتفاق على ذلك


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo