< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/03/12

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ ديات الحمل/

(مسألة 380): في تحديد المراتب المذكورة خلاف، والصحيح أنّه أربعون يوماً نطفة، وأربعون يوماً علقة، وأربعون يوماً مضغة (1)

    1. قلنا انه يستدل على ما ذكره السيد الماتن بروايات قرانا منها معتبرة ابي جرير

والثانية: صحيحة محمد بن مسلم فقلت: فما صفة النطفة التي تعرف بها؟ فقال : ((النطفة تكون بيضاء مثل النخامة الغليظة فتمكث في الرحم إذا صارت فيه أربعين يوما ، ثم تصير إلى علقة ، قلت : فما صفة خلقة العلقة التي تعرف بها؟ فقال : هي علقة كعلقة الدم المحجمة الجامدة تمكث في الرحم بعد تحويلها عن النطفة أربعين يوما ، ثم تصير مضغة ، فقلت : فما صفة المضغة وخلقتها التي تعرف بها؟ فقال : هي مضغة لحم حمراء فيها عروق خضر مشبكة ، ثم تصير إلى عظم ، قلت : فما صفة خلقته إذا كان عظما؟ فقال : إذا كان عظما شق له السمع والبصر ورتبت جوارحه ، فإذا كان كذلك فان فيه الدية كاملة))[1] ولم يذكر كم تمكث المضغة الى ان تصير عظماً

الثالثة: رواية سعيد بن المسيب، قال: سألت علي بن الحسين عليهما‌السلام عن رجل ضرب امرأة حاملا برجله فطرحت ما في بطنها ميتا، فقال: ((إن كان نطفة فان عليه عشرين ديناراً، قلت: فما حد النطفة؟ فقال : هي التي ( إذا ) وقعت في الرحم فاستقرت فيه أربعين يوما ، وإن طرحته وهو علقة فان عليه أربعين ديناراً ، قلت : فما حد العلقة؟ قال : هي التي إذا وقعت في الرحم فاستقرت فيه ثمانين يوماً ، قال : وإن طرحته وهو مضغة فان عليه ستين ديناراً ، قلت : فما حد المضغة؟ فقال : هي التي إذا وقعت في الرحم فاستقرت فيه مائة وعشرين يوما))[2] وهذه الرواية ضعيفة بسعيد بن المسيب على الاقل

وقوله (ان كان نطفة) يؤيد ما تقدم من ان قوله ميتاً لا دلالة فيه على وجود الروح قبله

والاهم من هذه الروايات هي الروايات التي يرويها الشيخ الكليني في الكافي في باب بدء خلق الانسان وتقلبه في بطن امه

الأولى ما رواه عن مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ، قَالَ:

سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا عليه‌السلام يَقُولُ : ((قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه‌السلام : إِنَّ النُّطْفَةَ تَكُونُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ يَوْماً ، ثُمَّ تَصِيرُ عَلَقَةً أَرْبَعِينَ يَوْماً ، ثُمَّ تَصِيرُ مُضْغَةً أَرْبَعِينَ يَوْماً ، فَإِذَا كَمَلَ ارْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَعَثَ اللهُ مَلَكَيْنِ خَلاَّقَيْنِ ، فَيَقُولَانِ : يَا رَبِّ ، مَا تَخْلُقُ؟ ذَكَراً أَوْ أُنْثى؟ فَيُؤْمَرَانِ فَيَقُولَانِ : يَا رَبِّ ، شَقِيّاً أَوْ سَعِيداً ؟ فَيُؤْمَرَانِ فَيَقُولَانِ : يَا رَبِّ ، مَا أَجَلُهُ؟ وَمَا رِزْقُهُ؟ ...))[3]

والرواية معتبرة سنداً، وهي دالة على ان النطفة تكون في الرحم اربعين يوماً ثم تصير علقة اربعين يوماً وبعد انتهاء الثمانين يوماً تصير مضغة اربعين يوماً ولم تحدد مدة للمراتب الاخرى

الثانية: صحيحة زرارة عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام ، قَالَ : ((إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ النُّطْفَةَ ـ الَّتِي مِمَّا أَخَذَ عَلَيْهَا الْمِيثَاقَ فِي صُلْبِ آدَمَ ، أَوْ مَا يَبْدُو لَهُ فِيهِ ـ وَيَجْعَلَهَا فِي الرَّحِمِ ، حَرَّكَ الرَّجُلَ لِلْجِمَاعِ ، وَأَوْحى إِلَى‌ الرَّحِمِ : أَنِ افْتَحِي بَابَكِ حَتّى يَلِجَ فِيكِ خَلْقِي وَقَضَائِيَ النَّافِذُ وَقَدَرِي ، فَتَفْتَحُ الرَّحِمُ بَابَهَا ، فَتَصِلُ النُّطْفَةُ إِلَى الرَّحِمِ ، فَتَرَدَّدُ فِيهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً ، ثُمَّ تَصِيرُ عَلَقَةً أَرْبَعِينَ يَوْماً ، ثُمَّ تَصِيرُ مُضْغَةً أَرْبَعِينَ يَوْماً ، ثُمَّ تَصِيرُ لَحْماً تَجْرِي فِيهِ عُرُوقٌ مُشْتَبِكَةٌ ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ مَلَكَيْنِ خَلاَّقَيْنِ يَخْلُقَانِ فِي الْأَرْحَامِ مَا يَشَاءُ اللهُ ...))[4] والظاهر ان الملكين الخلاقين لا يبعثان ببعث الروح في الجنين بل لتقدير كونه ذكراً او انثى وتقدير الاجال والارزاق وكونه شقياً او سعيداً

الثالثة: ما رواه عن مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَوْ غَيْرِهِ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، الرَّجُلُ يَدْعُو لِلْحُبْلى أَنْ يَجْعَلَ اللهُ مَا فِي بَطْنِهَا ذَكَراً سَوِيّاً؟

قال: ((يَدْعُو مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ؛ فَإِنَّهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً نُطْفَةٌ ، وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً‌ عَلَقَةٌ ، وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً مُضْغَةٌ ، فَذلِكَ تَمَامُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ مَلَكَيْنِ خَلاَّقَيْنِ ، فَيَقُولَانِ : يَا رَبِّ ، مَا نَخْلُقُ ؟ ذَكَراً أوْ أُنْثى ؟ شَقِيّاً أَوْ سَعِيداً؟...))[5] ولا بأس بدلالتها الا أن في سندها خدشة من جهة رواية محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل او غيره فإن غيره غير معلوم

والظاهر أن هذه الروايات هي مستند السيد الماتن على ما ذكره في المتن وهي تدل على أن كل مرتبة من هذه المراتب الثلاثة مدتها أربعين يوماً ولم تحدد المدة التي تستغرقها المراتب بعد المضغة

ولكن يوجد نوع من عدم الوضوح في كلام السيد الماتن فيما إذا جمعنا كلامه في هذه المسألة وما يراه من أن ولوج الروح يكون بعد أربعة أشهر، وبين كلامه المتقدم في أن الجنين يمر بمراحل خمسة يتعقبها ولوج الروح، وسيأتي التعرض له

ويوجد رواية منافية لهذه الروايات وهي صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن الرضا عليه‌السلام ، قال : سألته أن يدعو الله عز وجل لامرأة من أهلنا بها حمل ، فقال : ((قال أبو جعفر عليه‌السلام : الدعاء ما لم تمض أربعة أشهر ، فقلت له : إنما لها أقل من هذا فدعا لها ، ثم قال : إن النطفة تكون في الرحم ثلاثين يوما ، وتكون علقة ثلاثين يوما ، وتكون مضغة ثلاثين يوما ، وتكون مخلقة وغير مخلقة ثلاثين يوما ، فاذا تمت الأربعة أشهر بعث الله إليها ملكين خلاقين يصورانه ، ويكتبان رزقه وأجله ، وشقيا أو سعيدا))[6] وقد ردها الفقهاء لأنها تجعل المخلقة وغير المخلقة في قبال المضغة بينما ظاهر القران الكريم انهما صفتان للمضغة كما في الاية الشريفة ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾[7]

وواضح انهما وصف للمضغة فهي تارة تكون مخلقة أي يخلق منها انسان حي وأخرى لا يخلق منها شيء ومن هنا لا يمكن الاعتماد على الرواية، مضافاً الى انها مخالفة للروايات السابقة التي هي أكثر عدداً

واما احتمال أن تكون المدة عشرين يوماً فهو المنسوب للشيخ ابن ادريس، وهو مع مخالفته للروايات الكثيرة المذكورة في المقام لا دليل عليه، وللفقهاء كلام في صحة النسبة

فقد ذكر الشيخ الطوسي في النهاية ان (الجنين أول ما يكون نطفة، وفيه عشرون دينار، ثم يصير علقة، وفيه أربعون دينار، وفيما بينهما بحساب ذلك)[8]

وذكر الشيخ ابن ادريس في السرائر (الجنين الولد ما دام في البطن، و أول ما يكون نطفة، و فيها بعد وضعها في الرحم الى عشرين يوما، عشرون دينارا، ثم بعد العشرين يوما، لكل يوم دينار إلى أربعين يوما، أربعون دينارا، و هي دية العلقة، فهذا معنى قولهم و فيما بينهما بحساب ذلك، ثم يصير مضغة، و فيها ستون دينارا، و فيما بين ذلك بحسابه)[9]

وقوله (وفيما بينهما بحساب ذلك) إشارة الى كلام الشيخ في النهاية

فيحتمل ان الشيخ ابن ادريس لا يخالف المشهور في المدة وانما يخالفهم في الدية


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo