< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/03/18

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ ديات الحمل/

(مسألة 380): في تحديد المراتب المذكورة خلاف، والصحيح أنّه أربعون يوماً نطفة، وأربعون يوماً علقة، وأربعون يوماً مضغة (1) و هل الدية بين هذه المراتب بحسابها وتقسّم عليها؟ قيل: كذلك، وهو الأظهر (2)

2- قلنا بان السيد الماتن في هذه العبارة ناظر -وان كان تعبيره لا يخلو من شيء من المسامحة- الى مسألة ان التفاوت بين الديتين لمرتبتين هل يقسم على الأيام كما يقول الشيخ ابن ادريس او يقسم بترتيب آخر او لا يقسم أصلا،

وقلنا لو بقينا نحن والأدلة العامة فلا بد أن نختار الثالث، فلدينا دليل يقول ان دية النطفة عشرون دينارا ودليل آخر يقول ان النطفة تبقى أربعون يوماً، ومقتضى اطلاقه ان تبقى ديتها عشرين دينارا في تمام الأربعين يوما، كما ان مقتضى إطلاق هذه الأدلة ان الدية لا توزع بلحاظ حالات المرتبة فالنطفة ديتها عشرون دينارا سواء حدثت فيها قطرة دم او قطرتين او لا

وذكرنا بان هذا الاطلاق قابل للتقييد، ولكن لا دليل على توزيع التفاوت على الأيام بالنحو الذي يقوله ابن ادريس، واما توزيع التفاوت على اختلاف حالات النطفة او العلقة فيمكن المصير اليه وتقييد الاطلاق به للروايات

الأولى رواية يونس الشيباني، وقلنا بانها تتضمن روايتين بنفس السند سوى أن صالح بن عقبة يروي الأولى عن يونس الشيباني ويروي الثانية عن ابي شبل

وذكرنا بأن سند كلتا الروايتين غير تام لوجود صالح بن عقبة مضافاً الى جهالة يونس الشيباني في الرواية الأولى

وقد روى الشيخ الطوسي (قده) الرواية في التهذيب بنفس السند فيأتي فيه الاشكال المتقدم

وفي الفقيه روى الرواية الأولى بسنده عن محمد بن إسماعيل عن يونس الشيباني

قال وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ‌ عَنْ يُونُسَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَإِنْ خَرَجَ فِي النُّطْفَةِ قَطْرَةُ دَمٍ قَالَ ((فِي الْقَطْرَةِ عُشْرُ النُّطْفَةِ فِيهَا اثْنَانِ وَ عِشْرُونَ دِينَاراً قَالَ قُلْتُ فَإِنْ قَطَرَتْ قَطْرَتَانِ قَالَ فَأَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ دِينَاراً قُلْتُ فَإِنْ قَطَرَتْ ثَلَاثٌ قَالَ فَسِتَّةٌ وَ عِشْرُونَ دِينَاراً قُلْتُ فَأَرْبَعٌ قَالَ ثَمَانٌ وَ عِشْرُونَ وَ فِي خَمْسٍ ثَلَاثُونَ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى النِّصْفِ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ حَتَّى تَصِيرَ عَلَقَةً ...))[1] وهي ضعيفة بيونس الشيباني

وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي شِبْلٍ قَالَ: حَضَرْتُ يُونُسَ الشَّيْبَانِيَّ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يُخْبِرُهُ بِالدِّيَاتِ فَقُلْتُ لَهُ فَإِنَّ النُّطْفَةَ خَرَجَتْ مُتَخَضْخِضَةً بِالدَّمِ‌ قَالَ ((قَدْ عَلِقَتْ‌ إِنْ كَانَ دَمٌ صَافٍ فَفِيهِ أَرْبَعُونَ وَ إِنْ كَانَ دَمٌ أَسْوَدُ فَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ إِلَّا التَّعْزِيرَ لِأَنَّهُ مَا كَانَ مِنْ دَمٍ صَافٍ فَذَلِكَ لِلْوَلَدِ وَ مَا كَانَ مِنْ دَمٍ أَسْوَدَ فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الْجَوْفِ قَالَ أَبُو شِبْلٍ فَإِنَّ الْعَلَقَةَ قَدْ صَارَتْ فِيهَا شِبْهُ الْعِرْقِ مِنَ اللَّحْمِ قَالَ فِيهِ اثْنَانِ وَ أَرْبَعُونَ الْعُشْرُ قُلْتُ فَإِنَّ عُشْرَ أَرْبَعِينَ أَرْبَعَةٌ قَالَ إِنَّمَا هُوَ عُشْرُ الْمُضْغَةِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا ذَهَبَ عُشْرُهَا وَ كُلَّمَا زَادَتْ زِيدَ حَتَّى تَبْلُغَ السِّتِّينَ .... قَالَ قُلْتُ فَإِذَا وَكَزَهَا فَسَقَطَ الصَّبِيُّ لَا يُدْرَى أَ حَيٌّ كَانَ أَمْ لَا قَالَ هَيْهَاتَ يَا أَبَا شِبْلٍ إِذَا ذَهَبَتِ الْخَمْسَةُ الْأَشْهُرِ فَقَدْ صَارَتْ فِيهِ الْحَيَاةُ وَ اسْتَوْجَبَ‌ الدِّيَةَ))[2]

وسند هذه الرواية تام لأن طريق الشيخ الصدوق الى محمد بن إسماعيل تام وأبو شبل منصوص على وثاقته، وبها يثبت حكم ما يحدث من تغييرات في العلقة

الرواية الثانية: رواية سليمان بن خالد المروية في تفسير القمي قال: و قوله: ﴿خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ- ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ‌ إلى قوله‌ ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَر﴾َ فهم ستة أجزاء و ست استحالات- و في كل جزء و استحالة دية محدودة ففي النطفة عشرون دينارا، و في العلقة أربعون دينارا، و في المضغة ستون دينارا و في العظم ثمانون دينارا، و إذا كسي لحما فمائة دينار- حتى يستهل فإذا استهل فالدية كاملة

فَحَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَبِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‌ قُلْتُ فَإِنْ خَرَجَ فِي النُّطْفَةِ قَطْرَةُ دَمٍ- قَالَ ((فِي الْقَطْرَةِ عُشْرُ النُّطْفَةِ- فَفِيهَا اثْنَانِ وَ عِشْرُونَ دِينَاراً قُلْتُ قَطْرَتَانِ قَالَ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ دِينَاراً- قُلْتُ فَثَلَاثٌ قَالَ سِتَّةٌ وَ عِشْرُونَ دِينَاراً- قُلْتُ فَأَرْبَعٌ قَالَ ثَمَانِيَةٌ وَ عِشْرُونَ دِينَاراً- قُلْتُ فَخَمْسٌ قَالَ ثَلَاثُونَ دِينَاراً- وَ مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ فَعَلَى هَذَا الْحِسَابِ- حَتَّى تَصِيرَ عَلَقَةً- فَيَكُونُ فِيهَا أَرْبَعُونَ دِينَاراً، قُلْتُ فَإِنْ خَرَجَتِ النُّطْفَةُ مُتَخَضْخِضَةً بِالدَّمِ قَالَ: قَدْ عَلِقَتْ إِنْ كَانَ دَماً صَافِياً أَرْبَعُونَ دِينَاراً- وَ إِنْ كَانَ دَماً أَسْوَدَ فَذَلِكَ مِنَ الْجَوْفِ- فَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ إِلَّا التَّعْزِيرُ لِأَنَّهُ مَا كَانَ مِنْ دَمٍ صَافٍ فَذَلِكَ الْوَلَدُ- وَ مَا كَانَ مِنْ دَمٍ أَسْوَدَ فَهُوَ مِنَ الْجَوْفِ، قَالَ فَقَالَ أَبُو شِبْلٍ فَإِنَّ الْعَلَقَةَ إِذَا صَارَتْ فِيهَا شَبِيهَ الْعُرُوقِ وَ اللَّحْمِ قَالَ: اثْنَانِ وَ أَرْبَعُونَ دِينَاراً [وَ] الْعُشْرُ- قَالَ قُلْتُ فَإِنَّ عُشْرَ الْأَرْبَعِينَ أَرْبَعَةٌ، قَالَ لَا إِنَّمَا عُشْرُ الْمُضْغَةِ إِنَّمَا ذَهَبَ عُشْرُهَا- فَكُلَّمَا ازْدَادَتْ زِيدَ حَتَّى تَبْلُغَ السِّتِّينَ- قُلْتُ فَإِنْ رَأَتْ فِي الْمُضْغَةِ مِثْلَ عُقْدَةِ عَظْمٍ يَابِسٍ قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ عَظْمٌ أَوَّلَ مَا يَبْتَدِئُ فَفِيهِ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ فَإِنْ زَادَ فَزَادَ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَةً))[3]

والرواية تامة سنداً ويظهر منها أن أبا شبل كان حاضراً في المجلس وأن السائل عن النطفة إذا ظهرت فيها قطرة دم هو سليمان بن خالد، نعم السائل عن العلقة إذا صار فيها شبه العروق هو أبو شبل كما في الرواية الأولى

والسؤال هو هل هاتان روايتان او انها رواية واحدة؟

ولا يخفى أن افتراض وحدة الواقعة ومجلس السؤال مع تعدد السائل مع كون الأسئلة والاجوبة بمضمون واحد بل بألفاظ واحدة تقريباً بعيد جداً إذ لا معنى لأن يسأل شخصان في مجلس واحد وتعاد نفس الأسئلة والاجوبة

كما ان افتراض تعدد الواقعة -بأن يكون هناك مجلسان للإمام حضر أحدهما يونس وأبو شبل وسألاه الأسئلة المتقدمة فأجابها وحضر الآخر سليمان بن خالد وأبو شبل وسألاه نفس الأسئلة واجابهما- بعيد أيضاً

وعلى كل حال فلا مانع من الاعتماد على رواية علي بن إبراهيم لإثبات ما ذهب اليه السيد الماتن من توزيع التفاوت بينهما بالنحو الذي ذكره

وذكرنا ان كلام السيد الماتن لا يخلو من غموض لأنه ذكر ان المراحل خمسة وهذا يقتضي على الظاهر أن يكون ولوج الروح متأخراً عن أربعين المضغة بمرتبتين

مع ان السيد الماتن يفتي بأن ولوج الروح يكون بعد الشهر الرابع

والظاهر أن حل هذا الامر يكون بافتراض أن تكون المرتبتان المتأخرتان عن المضغة ضمن أربعين المضغة فالجنين يظهر فيه العظم في داخل الأربعين ويكسى باللحم في داخلها أيضاً، ويكون ولوج الروح بعد الأربعة أشهر

ويؤيد هذا ما ورد في الآية الشريفة ﴿ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ﴾ فالمضغة المخلقة هي التي يظهر فيها عظم ويكسى باللحم، وذكر السيد الماتن (الصحيح أنّه أربعون يوماً نطفة، وأربعون يوماً علقة، وأربعون يوماً مضغة) ثم ذكر في الشرح (بقي هنا شي‌ء: وهو أنّ في نسخة التفسير الموجودة عندنا: «إذا بلغ أربعة أشهر فقد صارت فيه الحياة» ولكن من المعلوم أنّه لا يمكن الأخذ بهذه الجملة، لأنّها مخالفة للآيات والروايات الدالّة على أنّ الحياة إنّما تنشأ في الجنين إذا بلغ خمسة أشهر، أي بعد نشوء العظم وإكساء اللحم. وعليه، فلا بدّ أن يكون ذلك من غلط النسخة)[4] ، وبهذا يمكن رفع التشويش في العبارة


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo