< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/03/19

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ ديات الحمل/

(مسألة 380): في تحديد المراتب المذكورة خلاف، والصحيح أنّه أربعون يوماً نطفة، وأربعون يوماً علقة، وأربعون يوماً مضغة (1) و هل الدية بين هذه المراتب بحسابها وتقسّم عليها؟ قيل: كذلك، وهو الأظهر (2)

(مسألة 381): المشهور أنّ دية الجنين الذمّي عشر دية أبيه: ثمانون درهماً، وفيه إشكال، والأظهر أنّ ديته عشر دية أُمّه: أربعون درهماً (3)

2-ذكرنا بانه لا مشكلة في سند الرواية الأولى بالسند الذي يذكره في الفقيه فان الشيخ الصدوق يرويها بسنده عن محمد بن إسماعيل عن ابي شبل

ولكن يبدو ان في هذا السند تأمل باعتبار ما احتمله بعض المحققين من وجود واسطة ساقطة بين محمد بن إسماعيل وبين ابي شبل والواسطة هو صالح بن عقبة، وذكر بعض المحققين بانه لا يوجد رواية لمحمد بن إسماعيل عن ابي شبل الا بتوسط صالح بن عقبة

ومن هنا يتبين ان الرواية يتوقف فيها بكل طرقها

واما الرواية الثانية المأخوذة من تفسير القمي فالتشكيك فيها في إمكانية رواية إبراهيم بن هاشم عن سليمان بن خالد -الذي يذكر في ترجمته[1] انه مات في حياة الامام الصادق (عليه السلام) - من دون واسطة

وذكرنا في الدرس السابق لرفع الغموض عن كلام السيد الماتن بأن مرتبة ظهور العظم وظهور اللحم على العظم تحصل ضمن أربعين المضغة فلا اشكال في القول بأن الروح تلج بعد الأربعة أشهر

ولكن المشكلة في تصريح الرواية المتقدمة -اذا بنينا على صحتها- بولوج الروح بعد مضي خمسة أشهر كما في نسخة التهذيب والكافي ((قال : هيهات يا ابا شبل إذا مضت الخمسة اشهر فقد صارت فيها الحياة وقد استوجب الدية))[2] وفي الفقيه ((قَالَ هَيْهَاتَ يَا أَبَا شِبْلٍ إِذَا ذَهَبَتِ الْخَمْسَةُ الْأَشْهُرِ فَقَدْ صَارَتْ فِيهِ الْحَيَاةُ وَ اسْتَوْجَبَ‌ الدية))[3]

بينما الوارد في رواية سليمان بن خالد التي نقلناها عن تفسير القمي ((هَيْهَاتَ يَا أَبَا شِبْلٍ ‌إِذَا بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَقَدْ صَارَتْ فِيهِ الْحَيَاةُ- وَ قَدِ اسْتَوْجَبَ الدِّيَةَ))[4] وقوله (بلغ اربعة اشهر) بمعنى وصل الى الاربعة وهو غير قولنا (اكمل اربعة اشهر)

فما يقوله السيد الماتن لا يمكن استفادته من الرواية الاولى كما لا يمكن استفادته من رواية سليمان بن خالد

وذكر السيد الماتن في رواية سليمان بن خالد (بقي هنا شي‌ء: وهو أنّ في نسخة التفسير الموجودة عندنا: «إذا بلغ أربعة أشهر فقد صارت فيه الحياة» ولكن من المعلوم أنّه لا يمكن الأخذ بهذه الجملة، لأنّها مخالفة للآيات والروايات الدالّة على أنّ الحياة إنّما تنشأ في الجنين إذا بلغ خمسة أشهر، أي بعد نشوء العظم وإكساء اللحم)[5] وكان المفروض ان يذكر الروايات الدالة على ذلك، واما الآيات فلم يتضح لنا مقصوده منها فإن الآيات الموجودة هي آية (سورة المؤمنون 12-14) ﴿ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ﴾ وليس فيها اشارة الى المدة التي تستغرقها كل مرحلة ولا الى المدة التي يستغرقها مجموع المراحل، نعم قد يقال بانه يمكن الاستعانة بالروايات فإن الآية دالة على أن الروح تلجه بعد مرور هذه المراحل، وقد قررت الروايات بأن مرحلة النطفة اربعون يوماً ومرحلة العلقة كذلك ومرحلة المضغة ايضاً، ومع افتراض ان ظهور العظم واكتساء اللحم يحصلان في اربعين المضغة يكون ولوج الروح بعد اربعة اشهر، ولعل السيد الماتن ناظر الى هذا

واية (سورة الحج:5) ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ وهذه الآية لا اشارة فيها الى مرحلة ولوج الروح

وبعد التشكيك في سند الرواية الاولى ورواية سليمان بن خالد وعدم الالتزام بمضمونهما، فما هو المستفاد من الروايات الصحيحة المتقدمة؟، ثم ان الروايات التي نقلناها عن الكافي في باب بدء الخلقة فيها مشكلة اخرى فانها ذكرت ((فَذَلِكَ تَمَامُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكَيْنِ خَلَّاقَيْنِ فَيَقُولَانِ يَا رَبِّ مَا نَخْلُقُ ذَكَراً أَمْ أُنْثَى))[6] وكأن القرار في كونه ذكرا او انثى يكون بعد أن يطوي هذه المراحل، ولكن كون الجنين ذكرا او انثى يتقرر منذ البداية -كما ذكروا- او لا اقل انه يحصل قبل هذه الفترة

3- موضوع المسألة هو الجنين الذمي الملحق بالذمي حكماً بعد تمام خلقته وقبل ولوج الروح

ويوجد في المسألة احتمالان

الاول: أن ديته عشر دية أبيه، وهذا هو المشهور كما في المفاتيح وفي الخلاف دعوى الاجماع عليه وقد يستفاد الاجماع من عبارة المبسوط (فان كان الجنين كافرا مضمونا اعتبرنا بأبويه، و أوجبنا عشر دية أبيه، و عندهم عشر دية امه)[7] وقوله عندهم أي عند العامة، وفي كشف اللثام الاتفاق عليه وفي الرياض بلا خلاف اجده فيه

ولا يوجد عليه دليل واضح سوى ما استدل به في الجواهر وغيره من ان المستفاد من النص والفتوى مساواة دية الذمي لدية المسلم في مثل هذه الاحكام فكما أن دية الجنين المسلم مئة دينار عشر دية ابيه كذلك دية جنين الذمي عشر دية ابيه

ولكن الكلام في وجود قاعدة كذلك فقد يثبت هذا في بعض الموارد من دون ان تكون قاعدة عامة مستفادة من دليل تدل على هذه المثلية، على انه لا مشكلة في الخروج عن القاعدة بدليل

الثاني: ان ديته عشر دية امه اربعين درهما ويدل عليه معتبرة السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ عليهم‌السلام ، ((أنه قضى في جنين اليهودية والنصرانية والمجوسية عشر دية امه))[8]

ورواية مسمع ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ((أن أمير المؤمنين عليه‌السلام قضى في جنين اليهودية والنصرانية والمجوسية عشر دية امه))[9]

واستدل أيضا بالروايات[10] الدالة على أن اهل الذمة مماليك للإمام عليه السلام فاذا ضممنا اليه ما سيأتي من كون دية جنين المملوكة عشر دية امه أنتج المطلوب

والكلام في ان هذه الأدلة هل تنهض في اثبات الاحتمال الثاني او لا؟


[10] يراجع وسائل الشيعة: كتاب النكاح الباب الثامن من أبواب ما يحرم بالكفر ح1، وكذا الباب الخامس والاربعون من أبواب العدد ح1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo