< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/03/23

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ ديات الحمل/

(مسألة 381): المشهور أنّ دية الجنين الذمّي عشر دية أبيه: ثمانون درهماً، وفيه إشكال، والأظهر أنّ ديته عشر دية أُمّه: أربعون درهماً (3)

قلنا ان علينا التدقيق في الروايات التامة سنداً وملاحظة مدى دلالتها، وهي معتبرة ظريف ومعتبرة ابي جرير القمي وصحيحة محمد بن مسلم وصحيحة ابي عبيدة وصحيحتي زرارة ومعتبرة الحسن بن الجهم وصحيحة البزنطي

والذي يستفاد من هذه الروايات امور

الامر الاول: ان المراتب التي يمر بها الجنين خمسة مراتب نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظم ثم اكتساء العظام لحماً، وقد اعطت الروايات لكل مرتبة دية خاصة بها مختلفة عن دية المراتب الاخرى كما دلت على ذلك معتبرة ظريف بن ناصح ((جعل مني الرجل إلى أن يكون جنينا خمسة أجزاء ، فإذا كان جنينا قبل أن تلجه الروح مائة دينار ، وذلك أن الله عزّ وجلّ خلق الانسان من سلالة ـ وهي النطفة ـ فهذا جزء ، ثم علقة فهو جزآن ، ثم مضغة فهو ثلاثة أجزاء ، ثم عظما فهو أربعة أجزاء ، ثم يكسا لحما فحينئذ تم جنينا فكملت لخمسة أجزاء مائة دينار))[1]

ومعتبرة ابي جرير القمي ((إنه يخلق في بطن امه خلقا من بعد خلق يكون نطفة أربعين يوما ، ثم تكون علقة أربعين يوما ، ثم مضغة أربعين يوما ، ففي النطفة أربعون ديناراً ، وفي العلقة ستون دينارا وفي المضغة ثمانون ديناراً ، فاذا اكتسى العظام لحما ففيه مائة دينار))[2] الا انها لم تفصل بين المرتبتين الرابعة والخامسة

الامر الثاني: ان مدة كل مرتبة من المراتب الاولى الثلاث هي اربعون يوماً كما صرحت بذلك العديد من الروايات، وليس هناك اشارة الى المدة التي تستغرقها المرحلة الرابعة والخامسة

الامر الثالث: ان ولوج الروح يكون بعد هذه المراحل الخمسة كما صرحت بذلك معتبرة ظريف ((جعل للنطفة خمس المائة عشرين ديناراً ، وللعلقة خمسي المائة أربعين ديناراً ، وللمضغة ثلاثة أخماس المائة ستين ديناراً ، وللعظم أربعة أخماس المائة ثمانين ديناراً ، فاذا كسا اللحم كانت له مائة كاملة ، فاذا نشأ فيه خلق آخر وهو الروح فهو حينئذ نفس بألف دينار كاملة إن كان ذكرا ، وإن كان انثى فخمسمائة دينار))

ودلت عليه معتبرة ابي جرير ((إنه يخلق في بطن امه خلقا من بعد خلق يكون نطفة أربعين يوما ، ثم تكون علقة أربعين يوما ، ثم مضغة أربعين يوما ، ففي النطفة أربعون ديناراً ، وفي العلقة ستون دينارا وفي المضغة ثمانون ديناراً ، فاذا اكتسى العظام لحما ففيه مائة دينار ، قال الله عزّ وجلّ : ﴿ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين﴾ فان كان ذكرا ففيه الدية وإن كانت انثى ففيها ديتها)) الا أن استفادة ذلك منها اخفى من استفادته من معتبرة ظريف، نعم هو لم يذكر مرحلة العظم ولعله مطوي في اكتساء اللحم

وفي صحيحة زرارة ((فَتَصِلُ النُّطْفَةُ إِلَى الرَّحِمِ فَتَرَدَّدُ فِيهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً ثُمَّ تَصِيرُ عَلَقَةً أَرْبَعِينَ يَوْماً ثُمَّ تَصِيرُ مُضْغَةً أَرْبَعِينَ يَوْماً ثُمَّ تَصِيرُ لَحْماً تَجْرِي فِيهِ عُرُوقٌ مُشْتَبِكَةٌ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكَيْنِ خَلَّاقَيْنِ يَخْلُقَانِ فِي الْأَرْحَامِ مَا يَشَاءُ اللَّهُ فَيَقْتَحِمَانِ‌ فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ مِنْ فَمِ الْمَرْأَةِ فَيَصِلَانِ إِلَى الرَّحِمِ وَ فِيهَا الرُّوحُ الْقَدِيمَةُ الْمَنْقُولَةُ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَ أَرْحَامِ النِّسَاءِ فَيَنْفُخَانِ فِيهَا رُوحَ الْحَيَاةِ وَ الْبَقَاءِ))[3] وهي ظاهرة في أن ولوج الروح يكون بعد طيّ المراحل السابقة، ولم يصرح فيها بمرحلة العظم ايضاً لكن ظاهرها أن ولوج الروح يكون بعد أن يصير الجنين لحماً تجري فيه عروق مشتبكة وهذا يكون بعد مرحلة المضغة

ومعتبرة الحسن بن الجهم قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع يَقُولُ‌ ((قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِنَّ النُّطْفَةَ تَكُونُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ يَوْماً ثُمَّ تَصِيرُ عَلَقَةً أَرْبَعِينَ يَوْماً ثُمَّ تَصِيرُ مُضْغَةً أَرْبَعِينَ يَوْماً فَإِذَا كَمَلَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَعَثَ اللَّهُ مَلَكَيْنِ خَلَّاقَيْنِ‌ فَيَقُولَانِ يَا رَبِّ مَا تَخْلُقُ ذَكَراً أَوْ أُنْثَى فَيُؤْمَرَانِ فَيَقُولَانِ يَا رَبِّ شَقِيّاً أَوْ سَعِيداً فَيُؤْمَرَانِ فَيَقُولَانِ يَا رَبِّ مَا أَجَلُهُ وَ مَا رِزْقُهُ وَ كُلُّ شَيْ‌ءٍ مِنْ حَالِهِ وَ عَدَّدَ مِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءَ وَ يَكْتُبَانِ الْمِيثَاقَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ))[4]

وقد صرحت صحيحة زرارة بأن بعث الملكين لنفخ الروح في الجنين وأن ذلك يكون بعد المراحل الخمسة، بينما ذكرت معتبرة الحسن بن الجهم بأن مهمتهما هي تقدير انه ذكر او انثى وتقدير الرزق والأجل وغيرها من الامور، ومن الواضح بأن تقدير هذه الامور لا يلازم وجود الحياة

والحاصل انه يمكن القول بأن معتبرة ظريف ومعتبرة ابي جرير القمي وصحيحة زرارة الاولى تدل بشكل واضح على أن ولوج الروح ونفخ الحياة يكون بعد مرور المراحل السابقة

وحينئذ فاذا فرضنا أن المرحلة الرابعة والخامسة تحصلان حال كون الجنين مضغة ولا تستغرقان وقتاً غير وقت المضغة تكون المسألة واضحة وهو أن ولوج الروح يكون بعد اكمال الشهر الرابع، ويمكن القول بانه بمجرد دخول الشهر الخامس تلجه الروح ويحكم بأن ديته دية كاملة إن كان ذكراً ونصفها إن كان انثى

والظاهر أن السيد الماتن يبني على هذا لأنه يصرح بأن الروح تلجه اذا بلغ خمسة أشهر

واما اذا قلنا بأنه لا دليل على دخول المرحلتين الرابعة والخامسة ضمن المضغة بل تبدأ المرحلة الرابعة بعد انتهاء اربعين المضغة ثم تليها الخامسة فلا يمكن أن نقول بأن ولوج الروح يكون في بداية الشهر الخامس لوجود مرحلتين تحتاجان الى وقت ولم يحدد وقتهما في الروايات، نعم يمكن القول بأن الروح تلجه بعد إتمام الاشهر الاربعة الا أن هذه مسألة غير منضبطة فيمكن أن تلجه بلا فاصل او بفاصل زمني

نعم اذا فرضنا وجود دليل يدل على أن الروح تلجه إذا أكمل أربعة اشهر او اذا بلغ الشهر الخامس يتم كلام السيد الماتن، إذ عليه لا بد أن تحصل المرحلتين الرابعة والخامسة في مدة حصول المضغة

والتعبير ب(اذا اكمل اربعة اشهر) موجود في معتبرة الحسن بن الجهم لكنه لم يصرح بعدها بولوج الروح وانما ذكر ان الملكين يقرران انه ذكر او انثى سعيد او شقي والأجل والرزق

واما التصريح بما اذا بلغ الشهر الخامس فلم نجد دليل يدل على ذلك فيما فحصنا


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo