< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/03/24

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ ديات الحمل/

(مسألة 381): المشهور أنّ دية الجنين الذمّي عشر دية أبيه: ثمانون درهماً، وفيه إشكال، والأظهر أنّ ديته عشر دية أُمّه: أربعون درهماً (1)

ذكرنا أن الطريق لتصحيح ما هو ظاهر السيد الماتن في أن ولوج الروح يحصل باكمال الاربعة اشهر يكون باحدى طريقتين

الطريقة الاولى: أن نفترض وجود دليل يدل على أن ولوج الروح يكون باكمال الاربعة أشهر، ولكن لا يوجد هكذا دليل

الطريقة الثانية: افتراض حصول المرحلة الرابعة والخامسة في ضمن اربعين المضغة، وقد يستفاد هذا من بعض القرائن

القرينة الاولى: الصحاح التي قرأناها في الكافر فيظهر من مجموعها أن الملكين الخلاقين لهما مهمات متعددة تشير معتبرة الحسن بن الجهم وصحيحة زرارة الثانية الى احداها وهي تقدير الأجل والرزق وكونه ذكراً او انثى ((فَإِذَا كَمَلَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَعَثَ اللَّهُ مَلَكَيْنِ خَلَّاقَيْنِ‌ فَيَقُولَانِ يَا رَبِّ مَا تَخْلُقُ ذَكَراً أَوْ أُنْثَى فَيُؤْمَرَانِ فَيَقُولَانِ يَا رَبِّ شَقِيّاً أَوْ سَعِيداً فَيُؤْمَرَانِ فَيَقُولَانِ يَا رَبِّ مَا أَجَلُهُ وَ مَا رِزْقُهُ وَ كُلُّ شَيْ‌ءٍ مِنْ حَالِهِ وَ عَدَّدَ مِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءَ وَ يَكْتُبَانِ الْمِيثَاقَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ))[1]

وتشير صحيحة زرارة الاولى الى مهمة اخرى وهي بعث الروح ((فَيَنْفُخَانِ فِيهَا رُوحَ الْحَيَاةِ وَ الْبَقَاءِ))[2]

فاذا استفدنا من هذه الروايات ان الملكين يبعثان مرة واحدة وانهما يقومان بمهمتين التقدير وبعث الروح

ويمكن القول بأن معتبرة الحسن بن الجهم صريحة في أن بعث الملكين يكون بعد الاربعة أشهر فيثبت أن بعث الروح يكون بعد الاربعة اشهر، ولازم ذلك أن يكون قد استوت خلقته في اربعين المضغة وتكون المرحلة الرابعة والخامسة داخلة في اربعين المضغة

القرينة الثانية: قوله تعالى في سورة الحج ﴿ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة﴾ وهما وصفان للمضغة وقد فسرت المخلقة بتامة الخلقة وغير المخلقة بغير تامة الخلقة كما في مجمع البيان، ونقل عن تفسير القمي ان المخلقة اذا صار تاماً وغير المخلقة السقط،

نعم هناك رواية في الكافي فسرت المخلقة بانها الذر الذين خلقهم الله كما في رواية سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِيرِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ﴿ مُخَلَّقَةٍ وَ غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ﴾فَقَالَ ((الْمُخَلَّقَةُ هُمُ الذَّرُّ الَّذِينَ خَلَقَهُمُ اللَّهُ فِي صُلْبِ آدَمَ ع أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ ثُمَّ أَجْرَاهُمْ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَ أَرْحَامِ النِّسَاءِ وَ هُمُ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى يُسْأَلُوا عَنِ الْمِيثَاقِ وَ أَمَّا قَوْلُهُ‌ وَ غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ فَهُمْ كُلُّ نَسَمَةٍ لَمْ يَخْلُقْهُمُ اللَّهُ فِي صُلْبِ آدَمَ ع حِينَ خَلَقَ الذَّرَّ وَ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ وَ هُمُ النُّطَفُ مِنَ الْعَزْلِ وَ السِّقْطُ قَبْلَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ وَ الْحَيَاةُ وَ الْبَقَاءُ))[3]

الا ان في سندها سلام بن المستنير وهو لا دليل على وثاقته

الطريقة الثالثة: ما يستفاد من الروايات المتقدمة القائلة بأن النطقة اذا ظهرت فيها قطرة دم زادت الدية دينارين واذا ظهرت قطرتين زادت دينارين آخرين وهكذا، واذا ظهر في العلقة عرق زادت الدية دينارين وهكذا وهذا يشير اجمالاً الى التداخل، بمعنى أن النطفة حين تدخل الرحم فلا تبقى فيه على حالها اربعين يوماً بل تحدث فيها تغيرات وهكذا العلقة ونفس الكلام في المضغة فتحصل فيها بعض الامور التي لها مدخلية في استواء الخلقة وتماميتها

فاذا تم هذا يكون كلام السيد الماتن تام فيحكم بأنه بمجرد دخول الشهر الخامس يحكم بولوج الروح، والا فلا يمكن أن نحكم بولوج الروح بعد تمامية الشهر الرابع

    1. موضوع الحكم الوارد في الروايات هو ولد اليهودية وولد النصرانية وولد المجوسية وعبر السيد الماتن عن الموضوع بالجنين الذمي والمقصود الذمي حكماً فمحل الكلام في دية الجنين لأبوين ذميين

وذكرنا بأن في ديته احتمالين

الاول انها عشر دية ابيه وهو مذهب المشهور

الثاني انها عشر دية امه

وذكرنا بأنه لا دليل من الروايات على ما ذهب اليه المشهور، بينما توجد روايتان على الرأي الآخر

الاولى: رواية مسمع ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ((أن أمير المؤمنين عليه‌السلام قضى في جنين اليهودية والنصرانية والمجوسية عشر دية امه))[4] وهي ضعيفة بسهل والاصم وابن شمون

والثانية: معتبرة السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ عليهم‌السلام ، ((أنه قضى في جنين اليهودية والنصرانية والمجوسية عشر دية امه))[5] ودلالتها على الاحتمال الثاني واضحة وهي تامة سنداً وتؤيدها رواية مسمع

واستدل أيضاً بما دل على أن أهل الذمة مماليك الامام بضميمة ما سيأتي من أن دية جنين المملوكة عشر دية امه

وقد بنى السيد الماتن وغيره على العمل بمعتبرة السكوني وذكر بأن القول الاول لا دليل واضح عليه،

بينما قال الاخرون بأن الرواية سقطت عن الاعتبار باعراض الاصحاب عنها إذ لا يوجد عامل بها فقد اتفق الكل على أن فيه عشر دية أبيه

وما يفهم من كلام السيد الخوئي (قده) انه يريد نفي الاعراض -بالرغم من عدم ايمانه بايجاب الاعراض اسقاط الخبر- فحاول التشكيك بتحقق الاعراض لأمور

منها أن الشهيد الثاني مال الى العمل بها وكذا صاحب الوسائل حيث عنون الباب الثامن عشر من ابواب ديات النفس أن دية جنين الذمية عشر ديتها

واستشهد بما نقل عن المجلسي من أن الاكثر لم يعملوا بروايتيه، ويستفاد منها بأن هناك جماعة عملوا بهاتين الروايتين، وهذا يمنع تحقق الاعراض

ولكن يمكن التأمل بكل ما ذكر فإن الشهيد الثاني وصاحب الوسائل من المتأخرين وما يوجب سقوط الرواية هو اعراض القدماء، مع أن الشهيد قد صرح في المسالك والروضة بانها عشر دية ابيه

ولا يظهر من صاحب الوسائل أن العناوين التي يذكرها في أبواب كتابه تمثل آراءه وما يفتي به وانما يحتمل قوياً أنها تمثل ما يستفاد من الروايات التي يذكرها في الباب، ونحن لا ننكر أن ما يظهر من الروايتين أن في جنين الذمية عشر دية امه، فلا يعني أن هذا هو رأيه حتى يقال بانه عمل بهذه الروايات

واما استفادة ذلك مما ذكره المجلسي فيمكن التشكيك في هذه الاستفادة فلا مانع من افتراض أن المجلسي اطلع على فتاوى الأكثر فوجدهم لا يعملون بهاتين الروايتين فصح له أن يقول بأن الأكثر لم يعمل بهاتين الروايتين ويحتمل أن الباقين الذين لم يطلع على آرائهم لا يعملون بهاتين الروايتين أيضاً

فيبدو أن الاعراض موجود فلم ينقل عن أحد من علمائنا انه عمل بهاتين الروايتين وهما روايتان متداولتان وموجودتان في الكتب الروائية

وقد يقال لعل اعراضهم ناش من الضعف السندي عندهم اما الرواية الأولى فواضح واما رواية السكوني فمن جهة الاشكال في النوفلي، ومثل هذا الاعراض لا يوجب سقوط الرواية، فإن الموجب له هو الاعراض عن الرواية مع صحة سندها مما يكشف عن وجود خلل فيها، واما لو كانت الرواية غير تامة سنداً فالإعراض عنها لا قيمة له

ولكن الاعراض لم يكن من أجل الضعف السندي، فمن عادة القدماء العمل بالرواية من دون تطرق الى أن النوفلي قد ورد فيه توثيق او لا، فالظاهر انه لا يوجد اشكال في السند عندهم في هذه الرواية فيكون اعراضهم عن الرواية موجباً لسقوطها عن الاعتبار


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo