< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/03/25

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ ديات الحمل/

(مسألة 381): المشهور أنّ دية الجنين الذمّي عشر دية أبيه: ثمانون درهماً، وفيه إشكال، والأظهر أنّ ديته عشر دية أُمّه: أربعون درهماً (1)

نذكر أمرين يرتبطان بالدرس السابق:

الامر الاول: ما رواه في الكافي في بَابُ مَوَالِيدِ الْأَئِمَّةِ (عليهم السلام) عن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ الْعَلَوِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الرِّزَامِيِ‌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: حَجَجْنَا مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي السَّنَةِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا ابْنُهُ مُوسَى ع فَلَمَّا نَزَلْنَا الْأَبْوَاءَ وَضَعَ لَنَا الْغَدَاءَ وَ كَانَ إِذَا وَضَعَ الطَّعَامَ لِأَصْحَابِهِ أَكْثَرَ وَ أَطَابَ قَالَ فَبَيْنَا نَحْنُ نَأْكُلُ إِذْ أَتَاهُ رَسُولُ حَمِيدَةَ ..... ((إِنَّ نُطْفَةَ الْإِمَامِ مِمَّا أَخْبَرْتُكَ- وَ إِذَا سَكَنَتِ النُّطْفَةُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ أُنْشِئَ فِيهَا الرُّوحُ بَعَثَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَلَكاً يُقَالُ لَهُ- حَيَوَانُ فَكَتَبَ عَلَى عَضُدِهِ الْأَيْمَن ﴿وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ‌ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ‌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ‌ ﴾وَ إِذَا وَقَعَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَقَعَ وَاضِعاً يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ رَافِعاً رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَأَمَّا وَضْعُهُ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَقْبِضُ كُلَّ عِلْمٍ لِلَّهِ أَنْزَلَهُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَ أَمَّا رَفْعُهُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَإِنَّ مُنَادِياً يُنَادِي بِهِ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْعِزَّةِ مِنَ الْأُفُقِ الْأَعْلَى بِاسْمِهِ وَ اسْمِ أَبِيهِ))[1]

وقد يقال بأن قوله ((إِنَّ نُطْفَةَ الْإِمَامِ مِمَّا أَخْبَرْتُكَ- وَ إِذَا سَكَنَتِ النُّطْفَةُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ أُنْشِئَ فِيهَا الرُّوحُ)) يفهم منه أن انشاء الروح يكون بعد تمامية اربعة اشهر، فلو كان انشاء الروح بعد الاربعة اشهر بفاصل لكان المناسب أن ينبه عليه في قوله السابق (إِذَا سَكَنَتِ النُّطْفَةُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ....) فظاهر هذه العبارة ان انشاء الروح يكون عند اكمال الاربعة اشهر بلا فاصل

ويلاحظ عليه ان الرواية غير تامة سنداً فإن في سندها جملة من الرواة المجهولين، ومن جهة اخرى كأن الرواية في مقام بيان شيء مختص بالائمة (عليهم السلام) ولا أقل من احتمال ذلك فيمكن أن يكون الأمر في غيرهم ليس كما ذكر

الامر الثاني: ما دل من الروايات على وجوب تغسيل السقط اذا تم له أربعة اشهر كما في

رواية زرارة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال: ((السقط إذا تمّ له أربعة أشهر غُسّل))[2]

ومرسلة أحمد بن محمّد ، عمّن ذكره قال : ((إذا أتمّ السقط أربعة أشهر غُسل ، وقال : إذا تمّ له ستة أشهر فهو تامّ ، وذلك أنّ الحسين بن علي ( عليهما السلام ) ولد وهو ابن ستّة أشهر))[3]

بتقريب أن وجوب الغسل لا يكون الا لميت الانسان وهو لا بد أن يكون مسبوقاً بالحياة

ولكن لا يوجد دليل يدل على أن الغسل لا بد أن يكون لشخص كان حياً ثم فقد الحياة، والظاهر انه لا مشكلة في افتراض وجوب تغسيل من لم تلجه الروح

ثم ان الروايتين غير تامتين سنداً أما رواية زرارة فبسهل بن زياد فلم تثبت وثاقته وبالحسين بن موسى لأنه مشترك بين جماعة لا حظ لهم من التوثيق الا الحسين بن موسى بن سالم الحناط فقد روى عنه ابن ابي عمير بل روى كتابه كما في طريق النجاشي[4] الى كتابه، ولكن المشكلة في ان التمييز غير متيسر هنا

واما الرواية الثانية فهي مرسلة

نعم هناك رواية معتبرة سنداً تتعرض الى وجوب تغسيل السقط لكنها لا تحدده بالاربعة أشهر بل قيدته باستواء الخلقة وهي موثقة سماعة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن السقط إذا استوت خلقته ، يجب عليه الغسل واللّحد والكفن ؟ قال : ((نعم ، كل ذلك يجب عليه إذا استوى))[5]

وهذه الرواية رواها الشيخ عن الشيخ المفيد ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة

والمراد بالحسن والحسين في هذا السند هما ابنا سعيد، واحمد بن محمد الذي يروي عن الحسين اما هو ابن عيسى او ابن خالد البرقي، والظاهر انه هنا ابن عيسى كما صرح في بعض الاسانيد وإن كان كلاهما ثقة

نعم ينبغي التنبيه على أن احمد بن محمد بن الوليد الواقع في السند غير متفق على وثاقته فحاله كحال احمد بن محمد بن يحيى العطار فهما من مشايخ الاجازة فإن معظم الاصحاب أخذوا كتب ابويهما منهما ولكن لا نص على وثاقتهما، بل يظهر من بعض الرجاليين انه لم يذكر عنواناً لاحمد بن محمد بن الوليد، ونحن قد أثبتنا إمكان الاعتماد على كل منهما ووثاقته فتكون الرواية معتبرة، ولكن السيد الخوئي (قده) بالرغم من تصريحه[6] بعدم وثاقة احمد بن محمد هذا فقد عبر عن الرواية بالموثقة ولعله للسند الذي رواها به الشيخ الكليني فقد رواها عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن إسماعيل ، عن عثمان بن عيسى ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي الحسن الأوّل (عليه السلام) ولكن ليس في كلام الامام (اذا استوى) على رواية الكليني انما هو مذكور في كلام السائل، والمقصود من استوت خلقته انه طوى المراحل الخمسة المتقدمة وتكامل وظهرت جوارحه بشكل واضح، وتقدم سابقاً أن استواء الخلقة يكون في الاربعة اشهر ويؤيد ذلك رواية زرارة (اذا تم له اربعة اشهر وجب تغسيله) بل روى في المستدرك عن فقه الرضا (عليه السلام) : ((واذا أسقطت المرأة وكان السقط تاما ، غسل وحنط وكفن ودفن ، وان لم يكن تاما فلا يغسل ، ويدفن بدمه ، وحد اتمامه اذا اتى عليه اربعة اشهر))[7] ولذا يصح لنا ان نقول -كما قال به بعض الفقهاء- بالتلازم بين استواء الخلقة واتمام الاربعة اشهر، وهذا ينفعنا بشرط الالتزام بأن وجوب الغسل لا يكون الا لشخص كان حياً فمات دون من لم يكن حياً، وهذا وإن كان قريباً للذهن ولكن يبدو انه لا دليل عليه

ثم يقع الكلام في أنه هل يمكن أن تلج الروح في الجنين قبل مضي الاربعة أشهر؟ وكيف يمكن اثبات ذلك؟

قد يقال بالامكان بدعوى حمل الروايات السابقة المصرحة بأن هذا يكون بعد مضي اربعة اشهر على الحالة الغالبة بأن نلتزم بما ذكره بعض الفقهاء من اختلاف الاجنة فإن بعضها ينمو أكثر وأسرع من البعض الآخر وتنزيل الروايات على الحالة الغالبة، فيمكن القول بإمكان ولوج الروح قبل إتمام الأربعة اشهر اذا دل دليل على ذلك

وفي مقام الاثبات يمكن أن يثبت ذلك اما بطريق الحركة التي هي أدل دليل على الحياة، او أن يثبت بالوسائل الطبية الحديثة أن هذا الجنين دبت فيه الحياة وإن لم يتحرك

وبدون هذين الطريقين لا يمكن ترتيب احكام ولوج الروح على الجنين قبل الاربعة اشهر، واما اذا بلغ الاربعة اشهر فالأدلة تقول ان الروح تلجه بعد الاربعة


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo