< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/03/26

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ ديات الحمل/

(مسألة 381): المشهور أنّ دية الجنين الذمّي عشر دية أبيه: ثمانون درهماً، وفيه إشكال، والأظهر أنّ ديته عشر دية أُمّه: أربعون درهماً (1)

استدراك يتعلق بالدرس السابق

ذكرنا الرواية عن الكافي في مواليد الائمة (عليهم السلام) وقلنا بانها قد تجعل مؤيدا لما قلناه

وقلنا بانها غير تامة سنداً، ولكنها مروية في المحاسن ايضاً فقد رواها البرقي عن الوشاء عن علي بن ابي حمزة عن ابي بصير، والسند بهذا الشكل مقبول إذ لا مشكلة في علي بن ابي حمزة اذا روى عنه مثل الوشاء، الا أن المشكلة في دلالتها إذ يبدو انها تتحدث عن الامام والمراحل التي يمر بها عندما يكون جنيناً فيمكن أن تكون مختصة بالامام

مضافاً الى أن قوله ((إِذَا سَكَنَتِ النُّطْفَةُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ أُنْشِئَ فِيهَا الرُّوحُ)) فإن الاستدلال كان يقول بان انشاء الروح لو كان بعد الاربعة أشهر بفاصل لكان هناك فترة أهملها الامام ففيها ظهور في ان انشاء الروح يكون بعد الاربعة اشهر بلا فاصل ولو كان فاصل لكان المناسب التعرض له

الا ان هذا ليس واضحاً فإن غرض الامام ان الملك الذي يبعثه الله سبحانه ويكتب على عضد الامام الْأَيْمَن ﴿وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ‌ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ‌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ‌ ﴾ ان هذا يكون بعد الاربعة اشهر سواء كان بفاصل او بلا فاصل

    1. وقد عبر عنه ذمي وهو جنين باعتبار انه يكون ذمياً بالتبعية وذكرنا ان المسألة فيها احتمالان:

الاحتمال الاول ان ديته عشر دية ابيه

الاحتمال الثاني انها عشر دية امه

وذكرنا الروايتين الدالتين على الاحتمال الثاني وقلنا بأن رواية السكوني معتبرة سنداً وطرحنا المحاولة لاسقاطها عن الحجية باعتبار اعراض الاصحاب عنها، والسيد الخوئي (قده) ناقش في الصغرى بالرغم من انه لا يرى أن الاعراض مسقطاً للرواية ولكنه عبر بالاجماع على عدم العمل بها فلعله ناظر الى الهجران الذي ميًز بينه وبين اعراض المشهور حيث يرى ان الهجران يوجب سقوط الرواية عن الاعتبار

والكلام يقع في أن اعراض المشهور هل يوجب سقوط الرواية عن الاعتبار او لا؟

والاعراض يتحقق اذا وجد الفقيه رواية صحيحة السند مدونة في الكتب المشهورة ولها ظهور في حكم معين ولكن يجد أن المشهور لا يعمل بهذه الرواية بل لعله يحكم بخلافها

والكلام تارة يقع في مقام الثبوت ونتكلم فيه عن مناشيء الاعراض وبيان حكم كل منشأ منها من حيث ايجابه سقوط الرواية عن الاعتبار وعدم ايجابه ذلك

واخرى يقع في مقام الاثبات ونقصد به عند التردد والشك وعندما لا نعلم مناشيء اعراض المشهور عن الرواية

اما البحث الاول فيمكن تصور مناشيء الاعراض على انحاء

النحو الاول: أن يكون الاعراض ناشئاً من خلل في سند الرواية

النحو الثاني: أن يكون ناشئاً من وجود معارض للرواية اما اقوى منها فيقدم عليها او مساوي لها فيتساقطان

النحو الثالث: أن يكون الاعراض ناشئاً من اعتقادهم التقية في الرواية

النحو الرابع: أن يكون الاعراض من جهة الخلل في الدلالة فقد يرى المشهور عدم دلالتها على ما نراها ظاهرة فيه من الحكم، فهم لا يعملون بما نفهمه نحن من الرواية

اما حكم النحو الاول

فتارة نبني على أن المناط في حجية الخبر هو الوثوق بالصدور، واخرى نبني على أن المناط هو وثاقة الراوي

اما على أن المناط هو الوثوق بالصدور فاعراض المشهور عن الرواية لخلل في سندها يكون موجباً لسقوطها عن الاعتبار باعتبار أن هذا ندخله في باب التعارض بين الجرح والتعديل

فالمفروض أن المشهور يرى انها غير تامة سنداً ونحن نراها تامة سنداً وفي هذه الحالة يقع التعارض بين ما وصلنا مما يقتضي التعديل وبين ما وصلهم مما يقتضي الجرح فلا يمكن الاعتماد على هذه الرواية لأن التعديل الذي وصل الينا معارض بما يقتضي الجرح

واما اذا فرضنا أن الخلل السندي ليس من جهة وثاقة الراوي وانما هو من جهة اخرى غير ذلك كما لو كان بسبب ان الراوي الاول لا يمكن ان يروي عن الثاني

فعلى فرض تحقق مثل هذا الاحتمال فقد يقال بأن الاعراض لا يسقط الرواية عن الاعتبار حينئذ لأن المفروض أن المناط في حجية الخبر هو الوثاقة والوثاقة هنا محرزة فالراوي ثقة حتى عند المشهور

وجوابه انه حتى لو التزمنا بأن المناط في الحجية هو وثاقة الراوي ولكن وثاقة الراوي لم تؤخذ في الحجية بنحو الموضوعية الصرفة بل هي مأخوذة على نحو الطريقية بمعنى انها تؤخذ بما هي كاشفة عن الواقع فإن درجة الكشف في رواية الثقة تختلف عن درجة الكشف في رواية غير الثقة، فالوثاقة لم تؤخذ على نحو الموضوعية بقطع النظر عن كشفها عن الواقع

وما يشهد لذلك انه بمراجعة أدلة حجية خبر الواحد نجد ان الوثاقة المأخوذة فيها تؤخذ بما هي كاشفة فإن من أهم الادلة السيرة العقلائية وواضح أن الوثاقة المأخوذة فيها مأخوذة على نحو الطريقية لأن العقلاء ليس عندهم قضايا تعبدية صرفة فما تجري عليه سيرة العقلاء أحكام طريقية الغرض منها الكشف عن الواقع فالعقلاء يشترطون في حجية الخبر وثاقة الراوي باعتبارها كاشفة عن الواقع

ونفس الكلام يقال في الادلة اللفظية كما في قوله ((فانهما الثقتان المأمونان)) في تعليل جعل العمري وابنه باعتبار أن هذا تعليل بأمر عرفي مخاطب به العرف فلا بد أن يحمل على ما يفهمه العرف والذي يفهمه العرف من اعتبار الوثاقة هو أن الوثاقة مأخوذة على نحو الطريقية وبما هي كاشفة عن الواقع وهو ما عبرنا عنه بأن درجة الكشف عن الواقع في خبر الثقة تختلف عن درجة الكشف عن الواقع في خبر غير الثقة، ودرجة الكشف العالية عن الواقع في خبر الثقة هي المناط في حجية خبره، فالوثاقة طريق لإحراز هذه الدرجة العالية من الكشف عن الواقع في خبر الثقة، وهكذا سائر الأدلة

وحينئذ فإعراض المشهور عن الرواية باعتباره يشكل قرينة معاكسة سوف يؤثر في الكشف المأخوذ في دليل حجية خبر الثقة فلا يكون حجة

والحاصل ان الادلة الدالة على الحجية من سيرة المتشرعة والسيرة العقلائية والاخبار الكاشفة عن السيرة قاصرة عن الشمول لمثل هذه الرواية التي اعرض عنها المشهور كما هو الفرض

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo