< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/04/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات/ ديات الحمل/

(مسألة 381): المشهور أنّ دية الجنين الذمّي عشر دية أبيه: ثمانون درهماً، وفيه إشكال، والأظهر أنّ ديته عشر دية أُمّه: أربعون درهماً (1)

انتهينا الى الاشكال في الرواية الدالة على أن في جنين الذمي عشر دية أمه لإعراض الاصحاب عنها ولم يبق دليل على ما ذهب اليه المشهور من انها عشر دية ابيه الا الاجماع، وقلنا بأن الظاهر أن صغرى الاجماع متحققة فلم تنقل المخالفة عن أحد من فقهائنا وارسل الاجماع ارسال المسلمات في كلماتهم وهو حين يصدر من امثال الشيخ يكشف عن اطباق العلماء قبله فقد ادعاه الشيخ في المبسوط مضافاً الى الخلاف

ولكن قد يقال بأنه اجماع مدركي ومدركه هو الوجوه التي ذكرت في كلمات الفقهاء ولكن قلنا باننا نستبعد جداً أن تكون هذه الوجوه الواضحة الوهن هي المدرك في اتفاق الفقهاء لأنها وجوه استحسانية فلا يمكن افتراض أن الاصحاب اتفقوا على هذا الحكم لهذه الوجوه فلا يبعد أن لا يكون الاجماع مدركياً

وبناء على كون المدرك هو الاجماع فالنتائج سوف تختلف عما اذا كان المدرك هو رواية السكوني

فلا بد من الاقتصار في الاجماع على القدر المتيقن -كما هو الشأن في الأدلة اللبية- والمتيقن من معقد الاجماع هو ما اذا كان الجنين تام الخلقة، واما المراتب الاخرى للجنين قبل أن تتم خلقته فسيأتي التعرض لديته فيها

واما بعد ولوج الروح فبملاحظة ما تقدم في دية الجنين الحر المسلم وانه اذا ولجته الروح ففيه الدية كاملة؛ لان اسقاطه بعد أن تلج فيه الروح يصدق عليه القتل وهو موضوع للدية الكاملة، ففي محل الكلام نقول ان الجنين الذمي اذا ولجته الروح وصار نفساً ففيه دية الذمي الكاملة وهي ثمانمائة درهم إن كان ذكراً

ويمكن أن نستفيد هذا من الروايات الواردة في دية الجنين الحر المسلم بعد ولوج الروح فيه، كما في معتبرة ظريف ((فاذا نشأ فيه خلق آخر وهو الروح فهو حينئذ نفس بألف دينار كاملة إن كان ذكرا ، وإن كان انثى فخمسمائة دينار))[1] وهي وان كانت واردة في الجنين المسلم اذا ولجته الروح الا انها لا تختص به، والمناسبة في ما ذكر من مقدار الدية هو انه كان يتحدث عن الجنين الحر المسلم

وهكذا الروايات الاخرى

فبناء على أن المدرك هو الاجماع نستطيع أن نقول إن كون دية الجنين عشر دية أبيه يختص بما اذا كان تام الخلقة وقبل ولوج الروح فيه، واما بعد ولوج الروح فالظاهر من الادلة أن فيه الدية الكاملة للذمي

واما اذا كان المدرك هو الرواية كما عليه السيد الماتن فقد ذكر بأن مقتضى اطلاق لفظة الجنين في معتبرة السكوني هو عدم الفرق بين ما ولجته الروح وما لم تلجه الروح

نعم ذكر بأن الجنين المأخوذ موضوعاً للحكم في المعتبرة لا يصدق على المراتب السابقة فلا يمكن التمسك بالمعتبرة لإثبات الحكم المذكور فيها فيما اذا كان نطفة او مضغة او علقة

أما ما ذكره من أن مقتضى إطلاق الرواية شمول الحكم بان الدية هي عشر دية امه للجنين وإن ولجته الروح

ففيه إن الاطلاق في المعتبرة يقيد بما ذكرناه من أن المستفاد من الأدلة هو أن ولوج الروح يجعل الجنين نفساً فتثبت فيه الدية الكاملة، ولا خصوصية لكون الجنين حراً مسلماً

وأما ما ذكره من عدم صدق الجنين على المراحل التي قبل هذه المرحلة فسوف يتعرض له عند شرح قوله (واما المراتب السابقة فبحساب ذلك) ،[2] وذكر هناك بأن الجنين لا يصدق الا على تام الخلقة، ونستفيد حكم هذه المراتب من معتبرة ظريف وغيرها من الروايات المتقدمة، فإن المعتبرة تعرضت لدية الجنين الحر المسلم وقالت ان الجنين اذا صار تام الخلقة قبل ولوج الروح ففيه مئة دينار والرواية قد قسمت المئة دينار على تلك المراتب ((والمائة دينار خمسة أجزاء فجعل للنطفة خمس المائة عشرين ديناراً ، وللعلقة خمسي المائة أربعين ديناراً ، وللمضغة ثلاثة أخماس المائة ستين ديناراً ، وللعظم أربعة أخماس المائة ثمانين ديناراً ، فاذا كسا اللحم كانت له مائة كاملة)) وبعد الغاء خصوصية المئة الا كونها عشر الدية الكاملة، نستفيد أن دية الجنين الذمي في مرحلته الاخيرة قبل ولوج الروح هي اربعون درهماً اي عشر دية امه على رأي السيد الماتن، فتقسم خمسة أقسام، فإن كان نطفة ففيه خمس الاربعين وهو ثمانية دراهم وإن كان علقة ففيه خمسي الاربعين وإن كان مضغة ففيه ثلاثة اخماس الاربعين وإن كان عظما ففيه اربعة اخماسها وإن تمت خلقته ففيه الاربعون ديناراً

وهذا لا يحتاج الى أكثر من إلغاء خصوصية المئة في معتبرة ظريف واعتبارها بانها تمثل عشر الدية الكاملة

وما ذكره لا بأس به ويمكن الاعتماد عليه لإثبات الدية في المراحل السابقة بهذا الترتيب

وأما ما ذكره من عدم صدق الجنين على المراحل السابقة فهو لا يخلو من وجه، ويمكن الاستدلال عليه بمعتبرة ظريف المتقدمة ((جعل دية الجنين مائة دينار وجعل مني الرجل إلى أن يكون جنينا خمسة أجزاء ، فإذا كان جنينا قبل أن تلجه الروح مائة دينار)) ويفهم منها أن الجنين لا يصدق عليه الا اذا تمت خلقته، واما قبلها فهو في طور أن يكون جنيناً

ويؤيد كلام السيد الماتن ما ورد في كلمات بعض اللغويين من أن الجنين هو الولد في بطن أمه وهذا المعنى لا يصدق على النطفة الا بالتجوز كما في العين ومجمع البحرين

ولكن في المقابل فإن صحيحة ابي عبيدة عن أبي عبدالله عليه‌السلام في امرأة شربت دواءاً وهي حامل لتطرح ولدها فألقت ولدها ، قال : ((إن كان له عظم قد نبت عليه اللحم وشق له السمع والبصر فان عليها دية تسلمها إلى أبيه ، قال ؛ وإن كان جنينا علقة أو مضغة...))[3] فقد اطلق الجنين على العلقة والمضغة


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo