< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/04/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:الديات/ ديات الحمل/

(مسألة 381): المشهور أنّ دية الجنين الذمّي عشر دية أبيه: ثمانون درهماً، وفيه إشكال، والأظهر أنّ ديته عشر دية أُمّه: أربعون درهماً (1)، أمّا ديته في المراتب السابقة فبحساب ذلك (2)

(مسألة 382): المشهور أنّ دية الجنين المملوك عشر قيمة اُمّه المملوكة، وفيه إشكال، والأقرب فيه الحكومة (3)

    1. ذكرنا بأن السيد الماتن ذهب الى أن مقتضى اطلاق معتبرة السكوني هو عدم الفرق بين ما اذا ولجته الروح وما لم تلجه الروح في أن ديته عشر دية أمه، نعم لا يصدق الجنين على المراتب السابقة على ذلك ولذا لا تشملها المعتبرة

وناقشنا في الاطلاق المذكور -بناء على أن الدليل هو المعتبرة- وشمول المعتبرة لما اذا ولجته الروح وقلنا بانه لا بد من تقييده بما دل على أن الجنين بعد ولوج الروح يكون نفساً محترمة وتثبت فيه الدية الكاملة، والدليل وإن كان وارداً في الجنين الحر المسلم ولكن لا داعي لتخصيصه بذلك فهو يقول إن ولوج الروح في الجنين يجعله كائناً حياً ففي طرحه وقتله الدية الكاملة فإن كان ذكراً مسلماً حراً فديته الف دينار وإن كان ذمياً فديته ثمانمائة درهم وإن كان عبداً فديته قيمته، وهذه الأدلة تقيد إطلاق رواية السكوني

لا يقال بأن النسبة بين معتبرة ظريف وبين معتبرة السكوني هي العموم والخصوص من وجه، فإن معتبرة السكوني تشمل صورة ولوج الروح وعدم ولوجها ومعتبرة ظريف تشمل الجنين الذمي وجنين المسلم، فيتعارضان في مادة الاجتماع وهو الجنين الذمي بعد ولوج الروح وهو محل كلامنا فمعتبرة السكوني تقول ان فيه عشر دية امه ومعتبرة ظريف تقول ان فيه الدية الكاملة

وهذا الاشكال وإن كان صناعياً، ولكن يمكن الجواب عنه بأنه إنما يتم اذا لم يكن الحكم في معتبرة ظريف معللاً ومعه فلا بد من تقديمه على معتبرة السكوني فإن تخصيصها لا ضير فيه، بينما لا يمكن تخصيص معتبرة ظريف بخصوص الجنين الحر المسلم لأن الحكم فيها معلل فقد قال فيها ((فاذا انشأ فيه خلق آخر وهو الروح)) ولم يقل (فاذا انشأ فيه خلق آخر ففيه الف دينار) فقد عللت ثبوت الدية الكاملة بعد ولوج الروح بأنه صار نفساً وهذا غير قابل للتخصيص، فلا معنى لأن يقال بأن الجنين اذا كان مسلماً وولجته الروح يصير نفساً وكائناً حياً بينما اذا كان ذمياً فلا يصير نفساً اذا ولجته الروح، وبهذا تكون معتبرة ظريف بمنزلة الخاص بالنسبة الى معتبرة السكوني فتخصصها

واما قوله بان الجنين لا يشمل المراتب السابقة فقلنا بأنه يمكن تأييده بمعتبرة ظريف ويؤيده كلمات أكثر من واحد من اللغويين كالصحاح حيث ذكر (الجنين هو الولد في بطن امه) والولد لا يصدق على النطفة ولا على العلقة، وفي فقه اللغة للثعالبي (في ترتيب سن الغلام .... مَا دَام في الرَّحِم ، فهو : جَنِينٌ)[1] ولا يصدق على النطفة انها غلام، نعم في المقابل ذكرنا صحيحة ابي عبيدة التي ورد فيها (فان كان جنيناً علقة او مضغة) حيث اطلق الجنين على العلقة والمضغة، وفي بحث سابق ذكرنا بأن الجنين كما يطلق على تام الخلقة يطلق على العلقة والمضغة واستدللنا بصحيحة ابي عبيدة وذكرنا بأن هذا هو مقتضى المعنى اللغوي لأن الجنين مأخوذ من جنّ بمعنى ستر، ولكن لم نكن متوجهين الى معتبرة ظريف فإن ظهورها بانه لا يكون جنينا الا بعد أن تتم خلقته واضح ويؤيد ذلك مرسلة محمد بن الصباح[2]

والظاهر أن ما يقوله السيد الماتن هو الأصح وهو الأقرب في المقام استناداً الى معتبرة ظريف، ولصعوبة اطلاق الجنين على النطفة والعلقة، وما في صحيحة ابي عبيدة يمكن توجيهه فلعله ذكر باعتبار المعنى اللغوي من باب انه سترة وجنّة

    2. بينا المراد من هذه العبارة وذكرنا دليل السيد الماتن فقد ذكر بانه نصنع هنا على غرار ما صنعنا في الجنين المسلم الحر حيث قسمنا المئة دينار هناك وهي دية تام الخلقة الى خمسة اقسام فللنطفة خمس المئة وللعلقة خمسا المئة وللمضغة ثلاثة اخماسها وللعظام اربعة اخماسها واذا تمت خلقته ففيه المئة كاملة، غاية الامر ان تام الخلقة هنا ديته عشر دية أمه -كما يقول هو- او عشر دية أبيه، ويقول بأن هذا يفهم من معتبرة ظريف بالغاء خصوصية المئة وناخذها باعتبارها تمثل عشر الدية الكاملة، وهنا نقول بأن الاربعين درهماً عشر الدية الكاملة وتقسم على خمسة اقسام

وقلنا بأنه لا يبعد أن يستفاد من معتبرة ظريف ان التقسيم يكون بهذا الشكل وسيأتي نفس الكلام في جنين الامة

    3. ذهب المشهور الى أن فيه عشر قيمة أمه، قال في الجواهر وفاقاً للمشهور بل عليه عامة المتأخرين بل عن السرائر والخلاف الاجماع عليه، ومستندهم في هذا رواية السكوني عن أبي عبدالله عليه‌السلام : ((في جنين الامة عشر ثمنها))[3]

وذكر السيد الخوئي (قده) بأنها غير تامة سنداً لأن في طريق الشيخ الى النوفلي ابن بطة ولم تثبت وثاقته وذكر النجاشي (محمد بن جعفر بن أحمد بن بطة المؤدب ... يتساهل في الحديث، ويعلق الاسانيد بالإجازات، وفي فهرست ما رواه غلط كثير، وقال ابن الوليد : كان محمد بن جعفر بن بطة ضعيفا مخلطا فيما يسنده)[4]

وفي السند أبو المفضل أيضاً وقال عنه الشيخ في رجاله (كثير الرواية الا انه ضعفه قوم) وفي الفهرست (ضعفه جماعة من اصحابنا)، وقال عنه ابن الغضائري (وضاع كثير المناكير)، وذكره النجاشي بعنوان محمد بن عبد الله بن محمد وقال (وكان في أول أمره ثبتا ثم خلط ، ورأيت جل أصحابنا يغمزونه ويضعفونه... رأيت هذا الشيخ وسمعت منه كثيرا ، ثم توقفت عن الرواية عنه إلا بواسطة بيني وبينه)[5] ولهم كلام في ما يفهم من عبارة النجاشي فقال بعضهم بأن في كلامه دلالة على انه ليس ضعيفاً عنده والا فالواسطة لا تغير من الواقع شيئاً، والظاهر انه مجرد تورع واحتياط عن الاتهام بالرواية عن المتهمين لأن أحد أسباب القدح هو الرواية عن الضعفاء، والبعض يرى أن المقصود هو انه عندما أدركه وسمع منه كان في زمان تخليطه ولذا هو لا يروي عنه في زمان تخليطه وانما يروي عن جماعة رووا عنه في ايام ثبته

والتفسير الثاني كأنه الاقرب الى المقصود

وعلى كل حال فالرواية غير تامة سنداً فلا تصلح لأن تكون سنداً لما ذهب اليه المشهور من أن دية جنين المملوك عشر قيمة أمه، هكذا ذكر السيد الماتن

ويلاحظ ان في سند الرواية في التهذيب تعليق فالموجود في التهذيب (وعنه عن ابى عبد الله عليه‌السلام ((في جنين الامة عشر ثمنها))[6]

واذا لاحظنا الحديث الذي قبلها بمرتبتين نجد سنده هكذا (النوفلي عن السكوني عن ابى عبد الله عليه‌السلام)) والحديث قبل روايتنا بمرتبة (وعنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ((في جنين البهيمة فألقت عشر ثمنها)) والظاهر عود الضمير في قوله (عنه) في هذا الحديث الى الامام الصادق (عليه السلام)، وكأنه يريد أن يقول عن الامام الصادق بالسند السابق فيكون سندها النوفلي عن السكوني عن الامام (عليه السلام)

وينتقل بعده الى الرواية محل الكلام ويقول (وعنه عن ابي عبد الله (عليه السلام)) فلا يحتمل عود الضمير الى الامام الصادق (عليه السلام) هنا


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo