< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ ديات الحمل/

(مسألة 392): لو ضرب حاملاً خطأً فأسقطت جنينها وادّعى وليّ الدم أنّه كان بعد ولوج الروح، فإن اعترف الجاني بذلك أي بولوج الروح ضمن المعترف ما زاد على دية الجنين قبل ولوج الروح وهو التسعة الأعشار من الدية الكاملة، إمّا العشر الباقي فهو يحمل على العاقلة على المشهور (1)، ويأتي الكلام عليه، وإن أنكر ذلك كان القول قوله (2)، إلّا إذا أقام الوليّ البيّنة على أنّ الجناية كانت بعد ولوج الروح

(مسألة 393): لو ضرب حاملاً فأسقطت حملها فمات حين سقوطه فالضارب قاتل، والمشهور أنّ عليه القود إن كان متعمّداً وقاصداً لقتله، وفيه إشكال، والأقرب عدمه، وعليه الدية (3)، وإن كان شبه عمد فعليه ديته، وإن كان خطأً محضاً فالدية على عاقلته، وكذلك الحال إذا بقي الولد بعد سقوطه مضمناً ومات أو سقط صحيحاً ولكنّه كان ممّن لا يعيش مثله كما إذا كان دون ستّة أشهر

1-باعتبار أن ما ثبت بإقراره هو تسعمائة دينار وما يثبت بالإقرار لا تتحمله العاقلة ويتحمله الجاني باعتباره متلفاً ومن القواعد العامة في الاتلاف أن الضمان على المتلف خرج منها موارد ضمان العاقلة، ففي كل مقام تدل الأدلة على تحمل العاقلة نقول بتحمل العاقلة وفي غيرها نقول بتحمل الجاني للدية

لموافقة قوله للأصل وهو أصالة عدم ولوج الروح فيه فيكون منكراً فيقدم قوله مع يمينه كما ثبت في باب القضاء، الا اذا اقام الولي البينة على أن الجناية كانت بعد ولوج الروح فبها يثبت أن الجناية بعد ولوج الروح وحيث أن الجناية خطأ فتتحمله العاقلة

لا اشكال عندهم في أنه لا يقتص من العاقل للمجنون وهذا ثابت بالاجماع والروايات، والكلام في إمكان تعميم هذا لمحل الكلام بأن يقال بأنه لا يقتص من البالغ للجنين والصبي،

وذهب المشهور الى أنه يقتص منه بالرغم من ذهابهم الى عدم الاقتصاص من العاقل اذا قتل مجنوناً قال في الجواهر (وفاقا للمشهور نقلا وتحصيلا ، بل في المسالك هو المذهب وفي محكي السرائر هو الأظهر بين أصحابنا والمعمول عليه عند المحصلين منهم ، بل لم أجد فيه خلافا بين المتأخرين منهم ، بل ولا بين القدماء عدا ما يحكى عن الحلبي من عدم قتله به)[1]

ويظهر منهم الاستدلال لهذا القول بدليلين:

الاول: التمسك بالعمومات والمقصود بها العمومات الدالة على أن القاتل عمداً يقتص منه، ويكفينا الآية الشريفة ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ البقرة 179 مضافاً الى الروايات الكثيرة الواردة بلسان ((من قتل مؤمنا متعمدا فانه يقاد به))[2] ولسان ((العمد فيه القتل))[3] وغير ذلك من الألسنة ويكفي مراجعة الباب التاسع عشر من ابواب القصاص في النفس من الوسائل

ومقتضى إطلاق هذه الأدلة هو شمولها لمحل الكلام لتحقق موضوعها وهو القتل العمدي غاية الأمر أنه خرج منه المجنون لما دل على أنه لا يقتص من العاقل للمجنون، وأما محل الكلام فيبقى مشمولاً للأدلة العامة

الثاني: الاستدلال بمرسلة ابن فضال، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ((كل من قتل شيئا صغيرا أو كبيرا بعد أن يتعمد فعليه القود))[4] وقالوا بأن فيها دلالة على عدم الفرق بين أن يكون المجني عليه صغيراً او كبيراً

واجيب عن هذين الدليلين

اما العمومات فكما قبلت التخصيص بالمجنون فهي قابلة للتخصيص بالصبي اذا دل دليل على ذلك

واما الرواية فأجيب عنها اولاً بالارسال ومع ارسالها فلا يمكن الاعتماد عليها

وثانياً: انه قد رواها الشيخ الصدوق (قده) في الفقيه بشكل آخر يجعلها أجنبية عن محل الكلام فقد روى بسنده عن ابْنِ بُكَيْرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‌ ((كُلُّ مَنْ قَتَلَ بِشَيْ‌ءٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ بَعْدَ أَنْ يَتَعَمَّدَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ))[5] وهذه الرواية ناظرة الى التعميم بلحاظ صغر وكبر آلة القتل،

وكأنه يراد أن يقال إن هذه الرواية رويت بشكلين وحيث اننا لا نعلم النقل الصحيح للرواية يتعارض النقلان ويتساقطان فلا يمكن الاستدلال بالرواية

ويمكن التأمل في ذلك، فواضح أن هذا الكلام مبني على اتحاد الرواية ولذا فرض تعارض النقلين، ولكن الموجب لإفتراض أنهما رواية واحدة غير واضح، فمع تعدد الطريق فالشيخ الطوسي يرويها عن ابن فضال بينما يرويها الشيخ الصدوق بطريقه الى ابن بكير وطريقه اليه صحيح، وتعدد الراوي المباشر عن الامام، واختلاف المضمون فالتعميم في الاولى بلحاظ المجني عليه وفي الثانية بلحاظ الآلة، لا موجب للقول بالاتحاد، ولا محذور في افتراض صدور المضمونين من الامام اذ لا تنافي بين المضمونين، وإن كان تشابه في المتن ولكنه لا يصل الى درجة الجزم بانهما رواية واحدة

فالعمدة في الجواب عن المرسلة هو عدم الاعتماد عليها للارسال فيها

واما الرأي الآخر في المسألة فهو انه لا يقاد به كما في المجنون، ويمكن أن يتصيد من كلماتهم الاستدلال لذلك

اولاً: بقياسه على المجنون بدعوى اشتراكهما في عدم الكمال

وواضح أن هذا لا يمكن التعويل عليه لأنه قياس، مضافاً الى انه يحتاج الى البناء على قاعدة كلية تقول لا يقتص من الكامل للناقص، والا فمجرد اشتراكهما في قلة العقل وعدم الكمال لا يكفي في تعدية الحكم، ولكن لا توجد هكذا قاعدة كلية

وثانياً: الاستدلا بالتعليل الوارد في صحيحة أبي بصير ـ يعني : المرادي ـ قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل قتل رجلا مجنونا ، فقال : ((إن كان المجنون أراده فدفعه عن نفسه فلا شيء عليه من قود ولا دية ، ويعطي ورثته ديته من بيت مال المسلمين ، قال : وإن كان قتله من غير أن يكون المجنون أراده فلا قود لمن لا يقاد منه))[6] والتعليل في ذيلها قاعدة كلية طبقت في الرواية على المجنون ويمكن تطبيقها على محل الكلام فالصبي والجنين لا يقاد منه فلا يقاد له، فيمكن الاستدلال بهذه الصحيحة لتقييد العمومات المتقدمة، وهي عمدة الأدلة في تخصيص العمومات بالمجنون وهي كما تدل على إخراج المجنون من العمومات تدل على إخراج الصبي منها بقرينة القاعدة الكلية المذكورة فيها

ولكن توجد شهرة على انه لا يقاد منه كما نقلها في الجواهر في قوله المتقدم (لم أجد فيه خلافا بين المتأخرين منهم ، بل ولا بين القدماء عدا ما يحكى عن الحلبي) وهذا قد يوقفنا عن الفتوى في أنه لا يقاد به


[1] جواهر الكلام: 42/184.
[2] وسائل الشيعة: 29/52.
[3] وسائل الشيعة: 29/368.
[4] وسائل الشيعة: 29/53 الباب التاسع عشر من أبواب القصاص في النفس ح4.
[5] من لا يحضره الفقيه: 4/112.
[6] وسائل الشيعة: 29/71، الباب الثامن والعشرون من أبواب القصاص في النفس ح1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo