< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/04/23

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع:الديات/ ديات الحمل/

(مسألة 393): لو ضرب حاملاً فأسقطت حملها فمات حين سقوطه فالضارب قاتل، والمشهور أنّ عليه القود إن كان متعمّداً وقاصداً لقتله، وفيه إشكال، والأقرب عدمه، وعليه الدية (1)، وإن كان شبه عمد فعليه ديته، وإن كان خطأً محضاً فالدية على عاقلته، وكذلك الحال إذا بقي الولد بعد سقوطه مضمناً ومات أو سقط صحيحاً ولكنّه كان ممّن لا يعيش مثله كما إذا كان دون ستّة أشهر (2)

(مسألة 394): لو أسقطت حملها حيّاً فقطع آخر رأسه، فإن كانت له حياة مستقرّة عادةً بحيث كان قابلاً للبقاء فالقاتل هو الثاني دون الأوّل، وإن كانت حياته غير مستقرّة فالقاتل هو الأوّل دون الثاني (3)، وإن جهل حاله ولم يعلم أنّ له حياة مستقرّة سقط القود عن كليهما، وأمّا الدية فهل هي على الثاني، أو على كليهما، أو أنّها تعيّن بالقرعة، أو أنّها في بيت مال‌ المسلمين؟ وجوه، الصحيح هو الأخير فيما عدا عشر الدية، وأمّا العشر فهو على الثاني (4)

1-ذهب المشهور الى أن عليه القود لإيمانهم بأن البالغ يقتص منه للصبي

ولكن المستفاد من صحيحة ابي بصير انه ((لا قود لمن لا يقاد منه))[1] والرواية طبقتها على المجنون ونحن نريد أن نطبقها على الصبي فتكون هي المخصصة للعمومات في المجنون والصبي

2-يريد أن يبين في هذه الفقرة الصور الملحقة بالصورة الأساسية التي ذكرها في صدر المسألة وهي ما اذا مات الجنين حين سقوطه فإن كان ضربها عمداً ففيه القصاص على المشهور والدية على ما استقربناه كما هو رأي السيد الماتن وإن كان شبه عمد فالدية على الجاني وإن كان خطئاً فالدية على العاقلة، ويريد أن يلحق بها صورتين في الحكم:

الاولى: ما لو سقط حياً ولكنه كان عليلاً مريضاً الى أن مات وعبر عنه بالمضمّن أي المضمون لأنه غير صحيح، فإن كان عامداً يثبت القصاص على المشهور والدية على الرأي الآخر، وإن كان شبه عمد فالدية على الجاني، وإن كان خطئاً فالدية على العاقلة

الصورة الثانية: اذا سقط حياً صحيحاً غير مضمن ولكنه ممن لا يعيش مثله ومثل له بما إذا كان دون ستّة أشهر

ويقابل هذه الصور ما اذا سقط حياً صحيحاً وكان ممن يعيش مثله، ثم مات فلا يثبت الحكم السابق في هذه الصورة لأن معنى هذا أن موته كان اتفاقياً

الظاهر ان فرض المسألة ما اذا ضربها ضارب فاسقطت حملها وقام آخر بقطع رأسه، وتقدم الكلام عن معنى استقرار الحياة وأن المراد بها وجود ادراك وشعور وحركة طبيعية اختيارية وهذا الشخص ممن يبقى ويعيش في العادة ويقابله الحياة غير المستقرة كالفاقد للشعور والادراك والحركة الاختيارية فهو بحكم الميت

وفي فرض المسألة مع البناء على فتوى المشهور وان البالغ يقتص منه للصبي والجنين بعد ولوج الروح نقول: اذا كان للجنين بعد سقوطه حياة مستقرة بالمعنى السابق وكان ممن يبقى عادة وجاء الآخر وقطع رأسه فلا ينبغي أن يقع الكلام في أن القاتل هو الثاني وتترتب عليه أحكام القتل، واما الاول فلا يثبت عليه القصاص ولا الدية لأن ضربه لم يسبب التلف والموت، نعم ضربه سبب القاء الجنين وهذا اعتداء وجناية فقد يثبت عليه التعزير كما صرح به الفقهاء كأي اعتداء آخر، نعم قد يفترض ثبوت دية الاحمرار او الاسوداد الذي سببته الضربة إن اوجبت ذلك

واما لو لم تكن له حياة مستقرة حين سقط بل كان بحكم الميت بسبب جناية الاول فلو مات في هذه الحالة يكون القاتل هو الاول لأنه الذي سبب موته فقد سقط وليس له حياة مستقرة وحينئذ يثبت عليه القصاص إن كان عمداً بناءً على مختار المشهور وعليه الدية إن كان شبه عمد والدية على العاقلة إن كان خطئاً

ويثبت على الثاني دية قطع رأس ميت وسيأتي انها عشر الدية

هذا في صورة العلم بأن الجنين حين سقط كانت حياته مستقرة او غير مستقرة

في حالة التردد في صدق عنوان القاتل على الاول او على الثاني فلا يمكن اثبات القصاص على أي منهما لعدم احراز موضوع القصاص فلم يحرز أن الاول قاتل لاحتمال أن تكون حياته حين سقط مستقرة وكذا لا يحرز انطباق عنوان القاتل على الثاني لاحتمال أن الحياة كانت غير مستقرة

واما الدية ففيها اقوال

القول الاول: انها تؤخذ من الثاني كما صرح به المحقق في الشرائع وهو المنسوب الى الشيخ في المبسوط وإن كانت عبارته غير واضحة فيه، والى العلامة، وفي الجواهر بعد أن اختار هذا القول استدل له بأصالة بقاء الحياة الى حين قطع الرأس، وكأنه يريد أن يقول أن أصالة بقاء الحياة الى حين قطع الرأس تثبت أن الثاني قاتل فتكون الدية عليه

ويلاحظ عليه انه أصل مثبت فلا يمكن اثبات أن هذا هو القاتل بأصالة بقاء الحياة الا على القول بحجية الأصل المثبت فإن لازم بقاء الجنين حياً حياة مستقرة الى أن قطع الثاني رأسه هو تحقق القتل من الثاني، ولكن هذا لازم عقلي لا أثر شرعي يترتب على مؤدى الأصل

بل إن الاستدلال بهذا الأصل لا ينسجم مع فرض المسألة وهو فرض الاشتباه والتردد

لأنه تارة يراد بالاصل اثبات وجوب الدية على الثاني بلا توسط شيء وهذا متعذر لأن موضوع الحكم بالدية على الثاني هو فرع القتل فلا بد أن يكون اثبات الدية على الثاني بتوسط اثبات عنوان القاتل

فإن أمكن اثبات عنوان القاتل بهذا الأصل يكون فيه القصاص ولا معنى للذهاب الى الدية، واما اذا لم يمكن إثبات عنوان القاتل به لأنه أصل مثبت فحينئذ كما لا يمكن اثبات القصاص لا يمكن اثبات أن عليه الدية أيضاً، فالجمع بين كون فرض المسألة هو التردد في القاتل مع الاستدلال بأصالة بقاء الحياة لإثبات لزوم الدية على الثاني فيه شيء من التهافت

والحاصل أن الدية انما تجب شرعاً على القاتل فلا تترتب على بقاء الجنين حياً الى صدور العمل من الثاني الا اذا ثبت انه القاتل، واثبات ذلك مبني على القول بالأصل المثبت، وإن قلنا به فالثابت القصاص حينئذ لا الدية

القول الثاني: تعيين من تجب عليه الدية بالقرعة كما احتمله بعضهم

ويلاحظ عليه أن مورد القرعة هو الاشتباه والمشكل والمراد ما يكون مشتبهاً ومشكلاً بلحاظ الواقع والظاهر واما اذا كان المورد ليس مشكلاً بلحاظ الظاهر كما لو اجرى كل منهما البراءة او استصحاب عدم كونه قاتلاً لأن الثاني لا يعلم باستقرار الحياة والاول لا يعلم بعدم استقرار الحياة، فلا معنى للرجوع الى القرعة

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo