< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/04/24

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ ديات الحمل/

(مسألة 394): لو أسقطت حملها حيّاً فقطع آخر رأسه، فإن كانت له حياة مستقرّة عادةً بحيث كان قابلاً للبقاء فالقاتل هو الثاني دون الأوّل، وإن كانت حياته غير مستقرّة فالقاتل هو الأوّل دون الثاني، وإن جهل حاله ولم يعلم أنّ له حياة مستقرّة سقط القود عن كليهما، وأمّا الدية فهل هي على الثاني، أو على كليهما، أو أنّها تعيّن بالقرعة، أو أنّها في بيت مال‌ المسلمين؟ وجوه، الصحيح هو الأخير فيما عدا عشر الدية، وأمّا العشر فهو على الثاني (1)

1-انتهى الكلام الى حالة التردد والجهل في أن حياة الجنين حين سقط هل كانت مستقرة او لا؟، وقلنا في هذه الحالة يسقط القود عنهما معاً لعدم احراز موضوعه، واما الدية فذكر السيد الماتن فيها احتمالات:

الاول: انها تؤخذ من الثاني

الثاني: تعيين من تجب عليه الدية بالقرعة

الثالث: انها على كليهما بالتوزيع

الرابع: انها من بيت مال المسلمين ما عدا عشر الدية فهو على الثاني

وقد نقل المحقق في الشرائع عن الشيخ القول بسقوط القود وان عليه الدية، وقالوا بأن الضمير في (عليه) يعود الى الثاني، والمقصود عليه الدية الكاملة، ولكن الشهيد الثاني في المسالك[1] فسر الدية بدية الجنين الميت وهي مئة دينار، وعللها بانه المتيقن، وعندما نقل هذا القول أشكل على القول بالدية الكاملة بأصالة عدم الحياة الرافعة للقود والدية

ولتوضيح مراده نقول: ان المفروض في مسألتنا هو سقوط الجنين حياً وانما الشك في أن حياته مستقرة او لا، وحينئذ فإن كان مقصوده أصالة عدم أصل الحياة فهذه الاصالة غير جارية في محل الكلام لأن المفروض انه سقط حياً، ومن هنا يظهر أن مقصوده استصحاب عدم الحياة المستقرة

ويلاحظ على هذا الاصل على تقدير جريانه -إذ لا بد في جريانه من افتراض كونه محرزاً من البداية مع أن فرض المسألة الشك فيه من البداية- فانه لا يكون رافعاً للدية عن الثاني الا على القول بالاصل المثبت لأن موضوع الدية ليس هو الحياة المستقرة حتى تنتفي بانتفاء موضوعها بالأصل بل موضوعها هو القاتل وهو لا ينتفي بهذه الاصالة الا على الأصل المثبت باعتبار أن لازم عدم كون حياة الجنين مستقرة أن الثاني ليس قاتلاً، فهو لازم عقلي ولا يترتب على الاستصحاب شرعاً

ومن هنا ذكر السيد الماتن[2] ان عبارة الشهيد الثاني ناظرة الى الشك في أن سقوط الجنين هل كان قبل ولوج الروح او بعد ولوجها، فان استصحاب عدم ولوج الروح يترتب عليه انتفاء القود والدية عن الثاني، ولكن هذا غير محل الكلام

وذكر السيد الماتن أن الصحيح ان الدية من بيت مال المسلمين فبعد عدم الدليل على كونها على الاول وعدم الدليل على كونها على الثاني ولئلا يذهب دم المسلم هدراً فلا بد من أخذها من بيت مال المسلمين بمعنى أخذ تسعة اعشار الدية من بيت مال المسلمين لأن العشر ثابت على الثاني على كل تقدير

ويلاحظ عليه

اولاً: تقدم من- أن السيد الماتن يشكك في اطلاق المسلم والمؤمن على الجنين بل حتى على الصبي غير المميز مع أن الوارد في الدليل ((لا يطل دم امريء مسلم))

ثانياً: ان الاستدلال بهذا الحديث انما يتم اذا فرضنا ان الأمر انحصر بأخذ الدية من بيت المال، واما اذا وجدت احتمالات اخر من قبيل تخيير الحاكم في الرجوع على أي منهما -كما حكي عن المحقق الكركي الجزم بهذا الاحتمال في مسألة مشابهة وهي مسألة ما اذا تعارضت البينتان في تعيين القاتل-، او احتمال التوزيع بينهما كما اشار اليه السيد الماتن، فلا يتم هذا الدليل

اقول: تقدم انه لا دليل على أخذ الدية من الثاني كما انه لا دليل على اخذها من الاول ولا دليل على الرجوع الى القرعة

واما احتمال التوزيع فلا دليل عليه الا قاعدة العدل والانصاف التي يبني عليها العقلاء، ولكن لا دليل عليها كقاعدة عامة، نعم ثبت التنصيف في موارد خاصة لا يستفاد منها انها قاعدة عامة

واما احتمال التخيير في الرجوع الى ايهما شاء فلا دليل عليه في محل الكلام حتى اذا قلنا به في مسألة تعارض البينتين في تعيين القاتل؛ إذ لا دليل على هذه القاعدة حتى في تلك المسألة الا مسألة القياس حيث انهم قاسوها على مسألة تخيير المجتهد بين الخبرين المتعارضين، فلو قلنا بها هناك فهي مورد يختص بمورد تعارض البينتين في تعيين القاتل، واما في محل الكلام فلا يوجد اخبار متعارضة ولا بينات متعارضة

فحينئذ لا يبعد أن يكون ما يقوله السيد الماتن هو النتيجة التي يجب أن نصل اليها بعد عدم الدليل على الاحتمالات السابقة، لأن بيت مال المسلمين معد لأمثال هذه الموارد

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo