< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/04/28

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ ديات الحمل /

(مسألة 396): إذا كانت الجناية على الجنين عمداً أو شبه عمد فديته في مال الجاني، وإن كانت خطأً وبعد ولوج الروح فعلى العاقلة، وإن كانت قبل ولوج الروح ففي ثبوتها على العاقلة إشكال، والأظهر عدمه (1)

(مسألة 397): الميّت كالجنين، ففي قطع رأسه أو ما فيه اجتياح نفسه لو كان حيّاً عشر الدية ولو كان خطأً (2)

1-فرض في المسألة إن كانت الجناية على الجنين عمداً او شبه عمد فالدية على الجاني وإن كانت خطأً بعد ولوج الروح فهي على العاقلة لإطلاق أدلة ضمان العاقلة، والكلام في ما اذا كانت قبل ولوج الروح فقد استشكل السيد الماتن في كونها على العاقلة ومن قبله صاحب الجواهر

وذكرنا بأن اشكال صاحب الجواهر في انه قبل ولوج الروح لا يصدق القتل الذي هو موضوع أدلة ضمان العاقلة، وقلنا بأن هذا يوقعنا في مشكلة وهي انه لا بد أن نلتزم بأن العاقلة لا تضمن غير القتل من الجنايات إذا صدرت خطأً

فيما ذهب السيد الخوئي (قده) الى أن أدلة ضمان العاقلة منصرفة عن الجناية على غير الانسان ومختصة بالجناية على الانسان، والجنين قبل ولوج الروح لا يطلق عليه انسان فلا تشمله أدلة ضمان العاقلة

وهذا لوحده لا يكفي لإثبات أن الدية على الجاني

ولذا قالا بانه يمكن الاستدلال على ثبوت الدية على الجاني بإطلاق ما دل على ضمان الجاني دية الجنين بدعوى أن هذه الأدلة فيها إطلاق يشمل الجناية خطأ كما أشار الى ذلك السيد الماتن وكذا في الجواهر

والظاهر ان هذا إشارة الى ما دل على أن الجاني يضمن الدية كما في

صحيحة محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل يضرب المرأة فتطرح النطفة؟ فقال : ((عليه عشرون ديناراً فقلت : يضربها فتطرح العلقة ، فقال : عليه أربعون ديناراً ، فقلت : فيضربها فتطرح المضغة ، فقال : عليه ستون ديناراً ، فقلت : فيضربها فتطرحه وقد صار له عظم ، فقال : عليه الدية كاملة ...))[1] والمقصود بالدية الكاملة دية الجنين، وبنفس المضمون مرسلة عبدالله بن سنان[2] ، وهي تدل على أن الجاني يضمن دية الجنين قبل ولوج الروح، وقد يقال بأن مقتضى اطلاقها انها تشمل الجناية خطأً

ولكن يمكن التأمل في اطلاقها فان الموجود في الرواية (عن الرجل يضرب المرأة) فالمفروض فيها انه قاصد لإيقاع الفعل بالمرأة فلا يدخل في الخطأ المحض الذي ضابطه ان لا يقصد القتل ولا ايقاع الفعل بالمجني عليه، فدعوى اطلاق هذه الروايات للجناية خطأً مشكل

ولكن لعل مقصودهم الروايات الواردة بلسان (في النطفة عشرون دينارا وفي العلقة اربعون دينارا ...) كما في معتبرة ابي جرير القمي ((في النطفة أربعون ديناراً ، وفي العلقة ستون دينارا وفي المضغة ثمانون ديناراً ، فاذا اكتسى العظام لحما ففيه مائة دينار))[3] والرواية وإن لم تصرح بأن الدية على الجاني الا أنه يوجد ارتكاز مقترن بهذه الروايات على أن الدية على الجاني لأنها تعويض عن الجناية التي ارتكبها فلا بد أن تكون على الجاني، بل ذكروا حتى في موارد كون الدية على العاقلة بأن الدية على الجاني ولكن تتحملها العاقلة ولذا لو عصت العاقلة ولم تدفع الدية تبقى ذمة الجاني مشتغلة بالدية

والرواية فيها اطلاق يشمل موارد الجناية خطأً، فالانصاف أن ما ذكره السيد الماتن له وجه، فبعد عدم شمول الروايات الدالة على ضمان العاقلة للجناية خطأ لعدم صدق الانسان عليه، تشمله هذه الروايات باطلاقها

2-هذا هو المشهور كما ذكر في الجواهر (على المشهور بين الاصحاب بل عن الخلاف والانتصار والغنية الاجماع عليه)

ويدل عليه روايتان

الاولى: مرسلة محمد بن الصباح التي رواها في الكافي -في بَابُ الرَّجُلِ يَقْطَعُ رَأْسَ مَيِّتٍ أَوْ يَفْعَلُ بِهِ مَا يَكُونُ فِيهِ اجْتِيَاحُ نَفْسِ الْحَيِ‌- عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: أَتَى الرَّبِيعُ أَبَا جَعْفَرٍ الْمَنْصُورَ وَ هُوَ خَلِيفَةٌ فِي الطَّوَافِ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ‌ مَاتَ فُلَانٌ مَوْلَاكَ الْبَارِحَةَ فَقَطَعَ فُلَانٌ مَوْلَاكَ رَأْسَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ قَالَ فَاسْتَشَاطَ وَ غَضِبَ قَالَ فَقَالَ لِابْنِ شُبْرُمَةَ وَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَ عِدَّةٍ مَعَهُ مِنَ الْقُضَاةِ وَ الْفُقَهَاءِ مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا فَكُلٌّ قَالَ مَا عِنْدَنَا فِي هَذَا شَيْ‌ءٌ قَالَ فَجَعَلَ يُرَدِّدُ الْمَسْأَلَةَ فِي هَذَا وَ يَقُولُ أَقْتُلُهُ أَمْ لَا فَقَالُوا مَا عِنْدَنَا فِي هَذَا شَيْ‌ءٌ قَالَ فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ قَدْ قَدِمَ رَجُلٌ السَّاعَةَ فَإِنْ كَانَ عِنْدَ أَحَدٍ شَيْ‌ءٌ فَعِنْدَهُ الْجَوَابُ فِي هَذَا وَ هُوَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ قَدْ دَخَلَ الْمَسْعَى فَقَالَ لِلرَّبِيعِ اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ لَوْ لَا مَعْرِفَتُنَا بِشُغُلِ مَا أَنْتَ فِيهِ لَسَأَلْنَاكَ أَنْ تَأْتِيَنَا وَ لَكِنْ أَجِبْنَا فِي كَذَا وَ كَذَا قَالَ فَأَتَاهُ الرَّبِيعُ وَ هُوَ عَلَى الْمَرْوَةِ فَأَبْلَغَهُ الرِّسَالَةَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع قَدْ تَرَى شُغُلَ مَا أَنَا فِيهِ وَ قِبَلَكَ الْفُقَهَاءُ وَ الْعُلَمَاءُ فَسَلْهُمْ قَالَ فَقَالَ لَهُ قَدْ سَأَلَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ فِيهِ شَيْ‌ءٌ قَالَ فَرَدَّهُ إِلَيْهِ فَقَالَ أَسْأَلُكَ إِلَّا أَجَبْتَنَا فِيهِ فَلَيْسَ عِنْدَ الْقَوْمِ فِي هَذَا شَيْ‌ءٌ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع حَتَّى أَفْرُغَ مِمَّا أَنَا فِيهِ قَالَ فَلَمَّا فَرَغَ جَاءَ فَجَلَسَ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ لِلرَّبِيعِ اذْهَبْ فَقُلْ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ قَالَ فَأَبْلَغَهُ ذَلِكَ فَقَالُوا لَهُ فَسَلْهُ كَيْفَ صَارَ عَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فِي النُّطْفَةِ عِشْرُونَ وَ فِي الْعَلَقَةِ عِشْرُونَ وَ فِي الْمُضْغَةِ عِشْرُونَ وَ فِي الْعَظْمِ عِشْرُونَ وَ فِي اللَّحْمِ عِشْرُونَ‌ ﴿ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ ﴾وَ هَذَا هُوَ مَيِّتٌ بِمَنْزِلَتِهِ))[4]

الثانية: ما رواه في الكافي عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ قَطَعَ رَأْسَ رَجُلٍ مَيِّتٍ فَقَالَ ((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَرَّمَ مِنْهُ مَيِّتاً كَمَا حَرَّمَ مِنْهُ حَيّاً فَمَنْ فَعَلَ بِمَيِّتٍ فِعْلًا يَكُونُ فِي مِثْلِهِ اجْتِيَاحُ نَفْسِ الْحَيِّ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ أَبَا الْحَسَنِ ع فَقَالَ صَدَقَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع هَكَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قُلْتُ فَمَنْ قَطَعَ رَأْسَ مَيِّتٍ أَوْ شَقَّ بَطْنَهُ أَوْ فَعَلَ بِهِ مَا يَكُونُ فِيهِ اجْتِيَاحُ نَفْسِ الْحَيِّ فَعَلَيْهِ دِيَةُ النَّفْسِ كَامِلَةً فَقَالَ لَا وَ لَكِنْ دِيَتُهُ دِيَةُ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ قَبْلَ أَنْ تُنْشَأَ فِيهِ الرُّوحُ وَ ذَلِكَ مِائَةُ دِينَارٍ وَ هِيَ لِوَرَثَتِهِ وَ دِيَةُ هَذَا هِيَ لَهُ لَا لِلْوَرَثَةِ))[5]

وهذه الرواية يرويها المشايخ الثلاثة في الكافي والتهذيب في موضعين منه بسندين مختلفين وفي الفقيه، وقد رواها في العلل بسند مختلف كما رواها البرقي في المحاسن

وفي سندها في الكافي محمد بن حفص وهو مشترك بين محمد بن حفص بن خارجة ومحمد بن حفص ابن غياث ومحمد بن حفص التميمي وكلهم مجاهيل كما أن ابراهيم بن هاشم لا يمكن ان يروي عن الاول منهم فانه روى عن ابي عبد الله (عليه السلام)، وهناك محمد بن حفص بن عمرو العمري، وقد يقال بوثاقته لما ذكره الكشي في رجاله في ترجمة ابراهيم بن مهزيار بسنده عن مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ(إِنَّ أَبِي لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَفَعَ إِلَيَّ مَالًا وَ أَعْطَانِي عَلَامَةً، وَ لَمْ يَعْلَمْ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ قَالَ مَنْ أَتَاكَ بِهَذِهِ الْعَلَامَةِ فَادْفَعْ إِلَيْهِ الْمَالَ! قَالَ، فَخَرَجْتُ إِلَى بَغْدَادَ وَ نَزَلْتُ فِي خَانٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي إِذْ جَاءَ شَيْخٌ وَ دَقَّ الْبَابَ، فَقُلْتُ لِلْغُلَامِ انْظُرْ مَنْ هَذَا! فَقَالَ شَيْخٌ بِالْبَابِ، فَقُلْتُ ادْخُلْ! فَدَخَلَ وَ جَلَسَ، فَقَالَ أَنَا الْعَمْرِيُّ، هَاتِ الْمَالَ الَّذِي عِنْدَكَ وَ هُوَ كَذَا وَ كَذَا وَ مَعَهُ الْعَلَامَةُ! قَالَ، فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الْمَالَ

وَ حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو كَانَ وَكِيلَ أَبِي مُحَمَّدٍ (ع)، وَ أَمَّا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَمْرٍو فَهُوَ ابْنُ الْعَمْرِيِّ وَ كَانَ وَكِيلَ النَّاحِيَةِ، وَ كَانَ الْأَمْرُ يَدُورُ عَلَيْهِ)[6] وفي سند هذه الرواية من لم يوثق، وعلى تقدير أن تكون تامة سنداً، نقول ان هذا غير محمد بن حفص في روايتنا لرواية ابراهيم بن هاشم عنه وهو لا يمكن أن يروي عن محمد بن حفص العمري لأن ابراهيم بن هاشم من اصحاب الامام الجواد وتقدم انه أدرك الامام الرضا (عليه السلام) فلا يمكن أن يروي عن العمري المتأخر عنه طبقة، مضافاً الى أن العمري لا يمكن أن يروي عن الحسين بن خالد الذي هو من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام)

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo