< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/04/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات/ ديات الحمل/-

(مسألة 397): الميّت كالجنين، ففي قطع رأسه أو ما فيه اجتياح نفسه لو كان حيّاً عشر الدية ولو كان خطأً (1)[1]

1-ذكر السيد الماتن بأن دية قطع رأس الميت هي دية الجنين التام الخلقة قبل ولوج الروح مئة دينار، والحكم مسلّم عند الفقهاء ودلت عليه روايتان

الأولى مرسلة محمد بن الصباح، والأخرى رواية الحسين بن خالد المروية في الكافي والفقيه والتهذيب والعلل والمحاسن

وذكرنا بأن في سندها في الكافي محمد بن حفص وهو مشترك بين جماعة لا حظ لهم من التوثيق ما عدا ما ذكره الكشي في محمد بن حفص العمري، وبقطع النظر عن إمكان تطبيقه على النائب الثاني فلا يمكن أن يكون المراد به النائب الثاني في روايتنا لأن من يروي عنه هو إبراهيم بن هاشم وهو متقدم على هذه الطبقة فلا يمكن أن يروي عن طبقة السفير الثاني، مضافاً الى أنه لا يمكن أن يروي عن الحسين بن خالد الذي هو من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام)

واما رواية الفقيه فقد ذكر الشيخ الصدوق بعض أجزاء الرواية عن الحسين بن خالد عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عليه السلام) قَالَ: ((دِيَةُ الْجَنِينِ إِذَا ضُرِبَتْ أُمُّهُ فَسَقَطَ مِنْ بَطْنِهَا قَبْلَ أَنْ تُنْشَأَ فِيهِ الرُّوحُ مِائَةُ دِينَارٍ وَ هِيَ لِوَرَثَتِهِ وَ دِيَةُ الْمَيِّتِ إِذَا قُطِعَ رَأْسُهُ وَ شُقَّ بَطْنُهُ فَلَيْسَتْ هِيَ لِوَرَثَتِهِ إِنَّمَا هِيَ لَهُ دُونَ الْوَرَثَةِ فَقُلْتُ وَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَقَالَ إِنَّ الْجَنِينَ أَمْرٌ مُسْتَقْبِلٌ يُرْجَى نَفْعُهُ وَ إِنَّ هَذَا قَدْ مَضَى وَ ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهُ فَلَمَّا مُثِّلَ بِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ صَارَتْ دِيَةُ الْمُثْلَةِ لَهُ لَا لِغَيْرِهِ يُحَجُّ بِهَا عَنْهُ أَوْ يُفْعَلُ بِهَا أَبْوَابُ الْبِرِّ مِنْ صَدَقَةٍ وَ غَيْرِ ذَلِكَ‌))[2] والرواية لم تحدد دية قطع الرأس وكأنه يفهم ضمناً أن دية قطع الرأس هي دية الجنين التي ذكرها سابقاً،

وطريق الشيخ الصدوق الى الحسين بن خالد كما في المشيخة (و ما كان فيه عن الحسين بن أبي العلاء فقد رويته عن أبي- رضي اللّه عنه- عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد اللّه بن أبي القاسم، عن الحسين بن أبي العلاء الخفّاف مولى بني أسد)[3] والحسين بن ابي العلاء هو الحسين بن خالد فان خالد يكنى بابي العلاء، وفي هذا الطريق -بقطع النظر عن عبد الله بن ابي القاسم فانه مشترك بين الثقة وغيره- مشكلة موسى بن سعدان فقد نص النجاشي [4] على ضعفه

وقد رواها في العلل (عن أَبِيه (رحمه الله) قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عليه السلام) قَالَ دِيَةُ الْجَنِينِ ....) [5] وفي سندها ارسال

ورواها في التهذيب [6] بطريقين

الاول: هو نفس طريق الشيخ الكليني المتقدم

والثاني: عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن محمد بن اشيم عن الحسين بن خالد قال : سألت ابا الحسن (عليه‌السلام)

ومحمد بن اشيم مجهول لم تثبت وثاقته، وذكر السيد الخوئي [7] (قده) بان الصحيح هو محمد بن اسلم الطبري الجبلي وهو من اصحاب الامام الكاظم والرضا (عليهما السلام)، وعلى تقدير صحة هذا فهو لا دليل على وثاقته

واما في المحاسن فقد رواها البرقي (عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ قَطَعَ رَأْسَ مَيِّتٍ) [8] وهي تامة سنداً، وعليها اعتمد السيد الماتن

والحسين بن خالد مردد بين الحسين بن خالد الصيرفي والحسين بن ابي العلاء خالد الخفاف

اما الاول فهو من اصحاب الامام الرضا كما نص عليه الشيخ في رجاله، وذكره البرقي في اصحاب الامام الكاظم (عليه السلام)

واما الخفاف فقد ذكره النجاشي هو واخويه علي وعبد الحميد ثم ذكر (روى الجميع عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وكان الحسين أوجههم) ، [9] وذكره الشيخ في الفهرست وقال (له كتاب يعد من الاصول)

والسيد الخوئي اثبت وثاقة الخفاف ولم تثبت عنده وثاقة الصيرفي، ولذا قال في هذه الرواية بان الحسين بن خالد ينصرف عند الاطلاق الى الخفاف صاحب الكتاب المعروف

الا اننا لسنا بحاجة الى ذلك فيمكن اثبات وثاقة كل منهما برواية بعض المشايخ الثلاثة عن كل منهما بسند صحيح فقد روى ثلاثتهم عن الصيرفي، وبهذا تكون الرواية تامة سنداً

تنبيهان:

الأول: اشكلنا في وجود إطلاق في صحيحة محمد بن مسلم (في الرجل يضرب المرأة فتطرح النطفة ....) بحيث تشمل الخطأ المحض فان ضابطه ان لا يوجد قصد ايقاع الفعل بالمجني عليه، وظاهر الرواية قصد إيقاع الفعل بالمرأة فلا بد ان تكون الجناية عمداً او شبه عمد

لا يقال انه يمكن تصور الخطأ المحض في مورد الرواية بالنسبة الى الجنين فانه لم يقصد إيقاع الفعل بالجنين

فانا نقول إن لهذا الكلام لازم، فإن فرض ان الملحوظ في الرواية ان المجني عليه هو الجنين فلا يوجد عمد في حقه في كل الروايات الا إذا فرضنا أن الجاني قصد بضرب المرأة اسقاط الجنين ومعه لا تكون خطأً محضاً بالنسبة الى الجنين

وعلى هذا لا يمكن أن تكون رواية واحدة شاملة للعمد وشبهه والخطأ مع كون المجني عليه هو الجنين

واما لو كان المجني عليه هو المرأة فيمكن تصور الصور الثلاثة فتكون الجناية عمداً لو ضربها عمداً وتكون شبه عمد لو ضربها بما لا يقتل مثله وثالثة يضربها خطأً كما لو رمى طيراً فاصابها

هذا بشكل عام واما الرواية محل الكلام فلا يمكن تصور الخطأ المحض فيها لأنها تقول (يضرب المرأة) فلا يمكن تصور الخطأ المحض فيها لأنه قصد الفعل بالنسبة الى المرأة

فلا يمكن القول ان في الرواية إطلاق يشمل القتل الخطأ

مضافاً الى اننا افترضنا ذلك في مسائل سابقة كما في (مسألة 385) لو قتل امرأة وهي حبلى فمات ولدها فعليه دية المرأة كاملة ودية الحمل الذكر كذلك ان كان ذكراً ودية الانثى ان كان انثى

الظاهر انه يفترض تعمد الفعل بالنسبة الى المرأة وكون الدية على الجاني قرينة على ان المقصود ليس هو الخطأ المحض بالنسبة الى الولد والا لكانت الدية على العاقلة خصوصاً وأن المسألة ظاهرة في انها بعد ولوج الروح وان الدية على الجاني حتى بعد ولوج الروح وهذا قرينة على ان المسألة ليست ناظرة الى القتل الخطأ

وهكذا مسألة 390 لو ضرب المرأة الذمية وهي حبلى فأسلمت ثم اسقطت حملها فعلى الجاني دية جنين مسلم

ويفهم منها انها ناظرة الى صورة العمد او شبه العمد لأنه قصد الفعل بالنسبة الى المرأة

او مسالة 393 لو ضرب حاملا فأسقط حملها فمات حين سقوطه فالضارب قاتل

فهو افترض العمد مع انه حمل وتقدم أن المشهور يرى أن فيه القود

بل حتى الروايات يبدو ان المفروض فيها هو العمد او شبه العمد الا بعض الروايات التي تنص على انه ضربها خطأً

التنبيه الثاني/ في مسألة اشكال السيد الخوئي في صدق الانسان على الجنين قبل ولوج الروح

يقال لماذا لا يصدق الانسان على الجنين إذا كان تام الخلقة ولم تلجه الروح؟

بعبارة أخرى هل اخذ في صدق الانسان ولوج الروح او لا؟ فإننا إذا التزمنا بذلك يستدعي التفصيل بين المراتب أي ان نتعامل مع المرتبة الخامسة بغير ما نتعامل به مع المراتب السابقة على الأقل بلحاظ الحكم المبحوث عنه

 

ذكر السيد الماتن بان مقتضى إطلاق صحيح الحسين بن خالد ثبوت الدية على الجاني حتى لو كان ذلك خطأ لان الرواية تصرح بانها على الجاني

والسؤال هل يمكن تصور الخطأ المحض في قطع الرأس؟


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo