< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/05/07

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ الجناية على الحيوان/

(مسألة 398): كلّ حيوان قابل للتذكية، سواء كان مأكول اللحم أم لم يكن، إذا ذكّاه أحد بغير إذن مالكه فالمالك مخيّر بين أخذه ومطالبته بالتفاوت بين كونه حيّاً وذكيّاً وبين عدم أخذه ومطالبته بتمام القيمة (1)، فإذا دفع الجاني قيمته إلى صاحبه ملك الحيوان المذكّى، وأمّا إذا أتلفه بغير تذكية ضمن قيمته، نعم، إذا بقي فيه ما كان قابلاً للملكيّة والانتفاع من أجزائه كالصوف ونحوه فالمالك مخيّر كالسابق (2)، وإذا جنى عليه بغير إتلاف، كما إذا قطع بعض أعضائه أو كسر بعضها أو جرح فعليه الأرش، وهو التفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب (3). نعم، إذا فقأ عين ذات القوائم الأربع فعلى الجاني ربع ثمنها (4)

1-ذكر السيد الماتن في تتمة الاستدلال في العبارة التي نقلناها عنه (وعليه بناء العقلاء) وظاهره الاستدلال بالسيرة العقلائية على أن المالك له المطالبة بتمام القيمة بعد أن يرجع الحيوان المذكى الى المتلف ولا يطالب بالأرش

وليس واضحاً قيام سيرة على أن المالك له المطالبة بتمام القيمة بناء على ما تقدم من أنه لم يتلف تمام المنافع فهناك منافع باقية فلمَ يلزم الجاني بدفع مقابلها، وذهب المشهور الى عدم مطالبة الجاني بتمام القيمة بل له المطالبة بالأرش وهذا مؤشر على عدم انعقاد سيرة على أن له المطالبة بتمام القيمة بعد دفع الحيوان الى المتلف

وقد يقال بأنه يمكن أن نلتزم بجواز المطالبة بتمام القيمة في فرض ما إذا تلفت بعض المنافع بتقريب أن التذكية لا اشكال في انها أحدثت عيباً ونقصاً في الحيوان فمن حق المالك أن يطالب المتلف بأن يرجع اليه ماله الذي كان موجوداً قبل التلف بنفسه ولما كان هذا متعذراً فيكون المتلف ضامناً لهذا المال وحيث انه من القيميات فيضمنه بالقيمة، وقد أشار الى ذلك المحقق الاردبيلي (قده) في مجمع الفائدة، وأمر بالتأمل بعده

وهو مردود بأنه لا دليل على أن المالك له حق المطالبة بإرجاع المال كما كان في السابق لأن ما دل على ضمان القيمي بالقيمة مختص بحالة تلف القيمي واما إذا لم يتلف القيمي وانما حدث فيه نقص كما في المقام فليس له الا المطالبة بالأرش

ومن هنا ذكر الفقهاء (لو حدث في المغصوب نقص او عيب وجب على الغاصب الأرش وليس للمالك إلزامه بأخذ المغصوب ودفع تمام القيمة) وما نحن فيه من هذا القبيل فعندما نفترض أن التذكية لم تتلف جميع المنافع وانما بقيت للحيوان منافع مهمة فحدث في المملوك نقص فلا يكون المذكي ملزم بدفع تمام القيمة وانما يكون للمالك مطالبته بدفع الأرش

نعم ذكروا في باب البيع لو وجد في العين عيباً يثبت له خيار العيب فيكون مخيراً بين الفسخ فيرجع المعيب الى بائعه ويسترجع المسمى وبين امضاء المعاملة والمطالبة بالأرش، وهذا ثبت بالأدلة الخاصة

ولكن هذا لا يمكن تطبيقه في المقام وهو إحداث النقص في العين المملوكة للغير فليس فيه الا الأرش وليس للمالك المطالبة بتمام القيمة، ونحن نفترض في المقام حصول نقص في الحيوان فقط لا تلف جميع المنافع

نعم إذا تلفت جميع المنافع فله المطالبة بتمام القيمة، ولكن لا تخيير في هذه الحالة بين المطالبة بتمام القيمة وبين الأرش

وأدلة أن القيمي يضمن بالقيمة والمثلي يضمن بالمثل ناظرة الى تلف الشيء لا حدوث نقص فيه

2-قلنا ان الحكم في هذا الفرع تابع لما نختاره في الصورة السابقة فإن قلنا هناك بالتخيير نقول هنا بالتخيير وإن منعنا التخيير هناك -كما هو الصحيح- نمنع منه هنا لأن الملاك واحد في المسألتين، فهنا حيوان أتلفه بغير التذكية لكن بقيت أمور قابلة للانتفاع بها لأن الانتفاع بها ليس مشروطاً بالطهارة

3-وهذا واضح باعتبار انه ليس الحيوان مضمون فقط بل أجزاء الحيوان مضمونة أيضاً، فإن قاعدة الاتلاف (من اتلف مال الغير فهو له ضامن) لا تختص بالحيوان بل تجري في الجميع فتكون اعضاءه مضمونة بالأرش بأن نأخذ قيمة التفاوت بين الصحيح والمعيب

نعم إذا ورد دليل يقول في يد الحيوان مثلا كذا فهذا دليل خاص واما في الحالة العامة فنتقيد بقاعدة الاتلاف

4-واضح أن هذا يكون استثناء مما تقدم، وقد دلت عليه الروايات وهي تامة السند

منها صحيحة أبي العباس -والقاسم في سندها مردد بين ابن عروة وبين الجوهري باعتبار أن الحسين بن سعيد يروي عن كل منهما والمراد بابان هو ابن عثمان لاستبعاد ان يكون المراد ابن تغلب- قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : ((من فقأ عين دابة فعليه ربع ثمنها))[1]

وصحيحة عمر بن أُذينة ، قال : كتبت إلى أبي عبدالله عليه‌السلام أسأله عن رواية الحسن البصري يرويها عن علي عليه‌السلام في عين ذات الاربع قوائم إذا فقئت ربع ثمنها ، فقال : ((صدق الحسن ، قد قال علي عليه‌السلام ذلك))[2]

ومعتبرة محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ((قضى علي عليه‌السلام في عين فرس فقئت ربع ثمنها يوم فقئت العين))[3]

ورواية مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ((أن عليا عليه‌السلام قضى في عين دابة ربع الثمن))[4]

وظاهر هذه الروايات تعين دفع ربع الثمن سواء زاد على الأرش او نقص عنه

وقالوا بأن الشيخ وجماعة أفتوا بمضمون هذه الروايات خلافاً للمشهور -على ما قيل- حيث قالوا بأنهم التزموا بالأرش حتى في عين الدابة، قال في الجواهر (والمشهور إطلاق الأرش فيها وفي غيرها من الأعضاء بلا خلاف أجده فيه بل ولا اشكال لما سمعته من القاعدة)

وقال قبل ذلك (كما انا لا نعرف من المتأخرين عاملاً بروايات الربع عدا المصنف في النافع)

وحمل بعضهم الروايات على صورة توافق الربع والأرش والتوافق بينهما بعيد لأنها حالة نادرة

والكلام في وجود شهرة حقيقية على أن الضمان يكون بالأرش لا بالربع حتى يكون هذا موجباً للإعراض عن هذه الروايات

ويبدو أن وجود شهرة على ذلك غير واضح، باعتبار ذهاب الشيخ في النهاية وابن حمزة في الوسيلة والمحقق في النافع الى تعين الربع، واما في المبسوط فإن الشيخ وإن لم يلتزم بالربع لكنه لم يلتزم بالأرش ايضاً وانما التزم بأن في عين الدابة نصف ثمنها قياساً على الإنسان

فيمكن الخدشة في ذهاب المشهور الى أن الواجب في المقام هو الارش

ونقل أن ابن الجنيد وابن البراج ويحيى بن سعيد عملوا بهذه الروايات وهذا يجعلنا نشكك بوجود شهرة خصوصاً مع احتمال أن من نسب ذلك الى المشهور تمسك بإطلاق كلماتهم في أن في العيب الحاصل في الدابة الارش، ولكن يمكن افتراض تقييد ذلك بالروايات

والنتيجة انه لا موجب للالتزام بالإعراض وسقوط الروايات عن الاعتبار بل ينبغي العمل بهذه الروايات كما هو رأي السيد الماتن وغيره

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo