< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/05/09

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ الجناية على الحيوان/

(مسألة 399): في الجناية على ما لا يقبل التذكية كالكلب والخنزير تفصيل: أمّا الخنزير فلا ضمان في الجناية عليه بإتلافٍ أو نحوه إلّا إذا كان لكافر ذمّي، ولكن يشترط في ضمانه له قيامه بشرائط الذمّة و إلّا فلا يضمن كما لا ضمان في الخمر وآلة اللهو وما شاكلهما، وأمّا الكلب فكذلك غير كلب الغنم وكلب الحائط وكلب الزرع وكلب الصيد، وأمّا فيها: ففي الأوّل والثاني والثالث يضمن القيمة (1)، وأمّا الرابع فالمشهور أنّ فيه أربعين درهماً، وفيه إشكال

استدراك على (مسالة 394)

قد يقال يمكن الاستدلال بصحيحة عبدالله بن سنان، وعبدالله بن بكير، على ان الدية تكون من بيت مال المسلمين فيفهم من الرواية قاعدة كلية وهي (كل من يكون الامام وارثه فديته على الامام)

والظهور الاولي لهذه القاعدة بقطع النظر عن تطبيقها على مورد الرواية هو ما يكون الامام وارثا له بالفعل، ولكن الرواية طبقتها على مجني عليه له ورثة ومعنى هذا أن موضوع القاعدة هو من يرثه الامام ولو على نحو الطولية ولو على تقدير عدم وجود وارث وهذا يواجه مشكلة لأن معناه أن كل انسان ديته على الامام، لأن الامام وارثه وهذا ما لا يمكن الالتزام به

فنحن امام طريقين:

الأول: اما ان نخص القاعدة بمن يكون الامام وارثاً له بالفعل

والثاني: أن نلتزم بما يقتضيه تطبيق القاعدة على مورد الرواية فيكون المقصود من الموضوع من يكون وارثه الامام ولو على نحو الطولية، ولكن نخص ذلك بمورد الرواية وهو عدم العلم بالجاني

فإما أن نلتزم بظاهر القاعدة، او نعممها بمقتضى تطبيق الرواية للقاعدة ومعه لا بد من تخصيصها بخصوص مورد الرواية وهو عدم العلم بالجاني

وفي ذيل الرواية ذكر (قال: وقضى في رجل زحمه الناس يوم الجمعة في زحام الناس فمات، أن ديته من بيت مال المسلمين)[1]

وهو وإن لم يصرح في هذا الذيل بالقاعدة المتقدمة ولكن لا يبعد انه يفهم منه ذلك

والمفروض انه هنا مات قتيلاً كما صرح في روايات أخرى كرواية ابي بصير -وهي بنظرنا تامة سنداً- عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ((إن وجد قتيل بأرض فلاة ، اديت ديته من بيت المال ، فان أمير المؤمنمين عليه‌السلام كان يقول : لا يبطل دم امرئ مسلم))[2]

وصحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال: ((ازدحم الناس يوم الجمعة في امرة علي عليه‌السلام بالكوفة فقتلوا رجلا، فودى ديته إلى أهله من بيت مال المسلمين))[3]

فالجاني في جميع هذه الموارد مردد بين أشخاص كثيرين ففي هذه الحالة يلتزم في هذه الموارد بأن ديته من بيت مال المسلمين ويعلل بأن وارثه الامام ولو على نحو الطولية كما أشارت الرواية

والكلام في شمول الرواية لمحل الكلام وهو في ما لو ضرب الأول المرأة فأسقطت وجاء الأخر وقطع رأسه مع التردد في استقرار حياته حين سقط وعدمه

وقد يقال بأن الرواية لا تشمله لأن موردها هو تردد الجاني بين كثيرين أي ان الشبهة غير محصورة والتردد في محل الكلام بين الأول والثاني

ولكن الظاهر انه لا وجه للإشكال من هذه الجهة باعتبار أن التردد في الروايات السابقة وإن كان بين كثيرين الا أن الظاهر انه لا خصوصية له والخصوصية هي عدم معرفة الجاني فحينما لا نعرف الجاني لا نستطيع أن نأخذ الدية لا منه ولا من عاقلته وحينئذ تؤخذ الدية من بيت المال

فالظاهر أن منشأ هذا الحكم هو عدم إمكان الوصول له ولا لعاقلته ودم المسلم لا يبطل وهذا موجود في محل الكلام

1-الضمان انما يكون من جهة ادخال الضرر على الشخص والكلب لا مالية له ولا يصح أن يتملكه المسلم فلا ضمان فيه الا ما استثني من الكلاب الأربعة

الأول: كلب الغنم او كلب الماشية وتعرضت له ثلاث روايات لكنها تختلف في تحديد الضمان فيه

الأولى: رواية ابي بصير -وفي سندها محمد بن حفص وتقدم انه مجهول، فالقدر المتيقن من الضعف في الرواية من جهة محمد بن حفص، واما علي بن ابي حمزة فحيث لا نعرف محمد بن ابي حفص فقد يكون واقفياً فيروي عنه في زمان انحرافه وضعفه- عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال: ((دية الكلب السلوقي أربعون درهما جعل ذلك له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ودية كلب الغنم كبش))[4]

والثانية مرسلة ابن فضال ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ((دية كلب الصيد أربعون درهما ، ودية كلب الماشية عشرون درهما))[5]

والثالثة معتبرة السكوني، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال: ((قال أمير المؤمنين عليه‌السلام فيمن قتل كلب الصيد، قال: يقومه، وكذلك البازي، وكذلك كلب الغنم)) بمعنى أن ديته قيمته

وقد تعددت الاقوال بتعدد الروايات

القول الاول: أن فيه كبش ذهب اليه المحقق في الشرائع والعلامة في التحرير والشهيد في اللمعة والشهيد الثاني في المسالك والروضة، ويمكن أن يستدل له برواية ابي بصير

القول الثاني: إن فيه عشرين درهماً ذهب اليه الشيخ الصدوق والشيخ المفيد والشيخ الطوسي والديلمي والقاضي والحلي على ما حكي عنهم وقيل انه المشهور وفي الرياض (ان ضعف مستنده منجبر بالشهرة الظاهرة والمحكية) ومستنده هو مرسلة ابن فضال

القول الثالث: ان في قتل كلب الغنم قيمته وهو مختار العلامة في المختلف على ما حكي عنه ويستدل له بمعتبرة السكوني

القول الرابع: التخيير بين الكبش وبين عشرين درهماً وهو مختار العلامة في الارشاد، وقد يقال بأن مستنده هو الجمع بين الاخبار بأن يكون المراد من المرسلة ذكر القيمة للكبش في ذلك الزمان

ولكن القيمة قد تكون غير العشرين درهماً في زمان آخر ومعه لا بد أن يدفع كبشاً او قيمته في ذلك الزمان

وحمل العشرون درهماً على ان المراد بها قيمة الكبش في ذلك الزمان بعيد، فلا يمكن أن يصار اليه من دون قرينة

والاولى أن يكون مستند العلامة في التخيير هو العمل بكلتا الروايتين بعد وضوح أنه ليس المطلوب من المكلف أن يجمع بينهما حتى لو كانت قيمة الكبش أكثر من عشرين درهما

ولكن المشكلة أن هذا فرع تمامية كلتا الروايتين سنداً والحال أن كلاً منهما غير تامة سنداً ولذا لا يمكن أن يصار الى هذا القول

ومن هنا يظهر قوة القول الثالث وهو أن فيه قيمته والدليل عليه امران:

الاول: انه مقتضى القواعد لأن الكلب من القيميات وقد أتلفه فلا بد أن يضمن قيمته

الثاني: معتبرة السكوني

نعم قد ادعي الشهرة على القول الثاني وهو أن فيه عشرين درهماً

ويحتمل تنزيل كلام المشهور على ما ذكرناه سابقاً بمعنى أن الرواية التي تقول فيه عشرون درهماً ننزلها على انها قيمة كلب الغنم في ذلك الزمان، وهذا لا ينافي ما قويناه من أن دية كلب الغنم قيمته

ولكن يصعب جداً تنزيل كلام المشهور على ذلك فضلاً عن الروايات لأن المشهور في أزمنة مختلفة ولا بد أن قيمة كلب الغنم تختلف باختلاف الازمنة

واما الشهرة فعلى تقدير تحققها وعلى تقدير أن تكون اعراضاً عن رواية السكوني المتقدمة الا ان هذا الاعراض لا يسقط هذه الرواية عن الاعتبار باعتبار اننا نحتمل أن ما ذهب اليه المشهور من أن فيه عشرين درهماً ناشيء من اعتقادهم ضعف رواية السكوني سنداً بل صرح بعضهم بأن مرسلة ابن فضال أصح من رواية السكوني فيحتمل أن يكون بعض المشهور أعرض عن رواية السكوني باعتبار انه يرى فيها مشكلة سندية لانهم يرون مشكلة في توثيق النوفلي والسكوني فالوجوه التي نعتمدها في وثاقة النوفلي والسكوني قد لا تكون تامة عندهم

او لانهم يعتبرون في حجية الخبر أن يكون راويه امامياً فيكون الاعراض اجتهادياً وهو لا يسقط الرواية عن الاعتبار

والظاهر ان الصحيح هو العمل بهذه الرواية كما ذهب اليه السيد الماتن


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo