< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ الجناية على الحيوان/

(مسألة 399): في الجناية على ما لا يقبل التذكية كالكلب والخنزير تفصيل: أمّا الخنزير فلا ضمان في الجناية عليه بإتلافٍ أو نحوه إلّا إذا كان لكافر ذمّي، ولكن يشترط في ضمانه له قيامه بشرائط الذمّة و إلّا فلا يضمن كما لا ضمان في الخمر وآلة اللهو وما شاكلهما، وأمّا الكلب فكذلك غير كلب الغنم وكلب الحائط وكلب الزرع وكلب الصيد، وأمّا فيها: ففي الأوّل والثاني والثالث يضمن القيمة، وأمّا الرابع فالمشهور أنّ فيه أربعين درهماً، وفيه إشكال و الأظهر أنّ فيه أيضاً القيمة إذا لم تكن أقلّ من أربعين درهماً، وإلّا فأربعون درهماً (1)

    1. ذكرنا بأن السيد الماتن ذهب ال القول الرابع وذكرنا دليله، ويفهم منه أنه لا يمكن افتراض الاطلاق في الروايات الدالة على أن ديته أربعون درهماً لصورة ما إذا كانت قيمة الكلب أزيد من الأربعين لأنه يلزم منه أن تكون دية كلب الحائط ازيد من دية كلب الصيد فيما لو كانت دية كلب الحائط ازيد من الأربعين درهماً، وهذا ما لا يمكن الالتزام به

وقلنا بأن ما ذكره السيد الماتن مبني على قبول كبرى انقلاب النسبة، واما إذا لم نقبل بهذه الكبرى -كما هو الصحيح- فلا بد من إيقاع التعارض بين هاتين الطائفتين الدالة على أن فيه قيمته والدالة على أن فيه أربعين درهماً

فاذا أمكن ترجيح احدى الطائفتين بمرجح كأن يقال بأن روايات الأربعين أكثر عدداً او أصح سنداً او بالشهرة، فلا بد من تقديم روايات الأربعين على معتبرة السكوني والالتزام بأن دية الكلب أربعون درهماً، وهنا لا بد من تقييدها بما ذكره السيد الخوئي (قده) وإخراج صورة ما إذا كانت قيمة كلب الصيد ازيد من أربعين درهماً منها، فإن شمول إطلاق هذه الروايات لهذه الحالة فيه محذور فيرجع فيها الى مقتضى القاعدة وهو أن فيه قيمته، فيثبت القول الذي ذهب اليه السيد الماتن

واما إذا أنكرنا وجود مرجح بين الروايات، اذ لا يمكن الترجيح بمخالفة العامة لأن الظاهر أن العامة مختلفين فبعضهم يقول بانه لا يجب فيه شيء وذهب آخر الى أن فيه أربعين درهماً وثالث الى أن فيه قيمته، ولا يوجد مرجح آخر ظاهراً، فلا بد من أن يصار الى التساقط وبعد التساقط لا بد أن نرجع الى مقتضى القاعدة وهو أن الدية هي القيمة، وبهذا نصل الى القول الثاني الذي التزم به الشهيد في المسالك وحينئذ تكون ديته قيمته حتى إذا كانت أقل من أربعين درهماً

ولكن هذا كله بناء على تمامية سند جميع روايات الأربعين او واحدة على الأقل من التي ورد فيها كلب الصيد مطلق -كما هو راي السيد الماتن في رواية عبد الأعلى بن اعين-

وقلنا بانه لا يمكن الأخذ بإطلاق الروايات التي ورد فيها عنوان الكلب السلوقي وشمولها للكلب السلوقي وإن لم يكن معلماً، فالمقصود به كلب الصيد السلوقي كما صرح بذلك في معتبرة الوليد بن صبيح الثانية

ورواية عبد الأعلى بن اعين وإن ورد الحكم فيها على مطلق كلب الصيد الا انها ضعيفة بنظرنا، ولكنها تامة عند السيد الماتن فأخذ بها، وورود الحكم فيها على مطلق كلب الصيد لا ينافي ثبوت الحكم على كلب الصيد السلوقي، فيثبت الحكم عنده على الاعم، وبناء على هذا التصور يقع التعارض بينها وبين معتبرة السكوني

واما بناء على ما بيناه فما تم من روايات الأربعين هو معتبرتي الوليد بن صبيح الأولى والثانية فقط، وليس فيها عنوان كلب الصيد على اطلاقه، بل الموجود فيها كلب الصيد السلوقي، وهو وإن ذكر الكلب السلوقي في الأولى الا اننا اوضحنا بانها متحدة مع الثانية في المراد منه

والنسبة بينهما وبين معتبرة السكوني هي العموم والخصوص المطلق، والقاعدة في مثله تقتضي التقديم بالاخصية، فتقدم هاتين المعتبرتين على معتبرة السكوني بالاخصية فتخصصها بإخراج كلب الصيد السلوقي منها فتختص بغير السلوقي من كلاب الصيد، فدية كلب الصيد السلوقي أربعون درهماً

وهنا يأتي كلام السيد الخوئي أيضاً وانه لا بد من تقييده بما إذا لم تكن قيمته ازيد من أربعين درهماً والا فديته قيمته عملاً بمقتضى القاعدة

واما كلب الصيد غير السلوقي فديته قيمته عملاً برواية السكوني ومقتضى القاعدة

ومن هنا فان السيد الماتن عندما فرض ان رواية عبد الأعلى بن اعين تامة سنداً صح له ان يقول يقع التعارض بينهما بقطع النظر عن انقلاب النسبة

ثم انه يظهر من جماعة اختصاص الحكم بالأربعين بما إذا كان كلب الصيد سلوقياً كما هو المحكي عن المفيد في المقنعة والقاضي في المهذب وابن حمزة في الوسيلة، وذكر في الشرائع (ومن الناس من خصه بالسلوقي وقوفاً على صورة الرواية) فهم يرون أن الأربعين دية كلب الصيد السلوقي لا دية كلب الصيد مطلقاً

ولا يمكن الاستدلال لهم برواية الوليد بن صبيح الأولى ورواية ابي بصير فإن الوارد فيها الكلب السلوقي، ومقتضى اطلاقها الالتزام بأن في الكلب السلوقي أربعين درهماً وإن لم يكن معلماً للصيد،

ولا يبعد أن يكون مقصود هؤلاء العلماء وكذا الرواية هو كلب الصيد السلوقي خصوصاً وأن الشيخ المفيد في المقنعة قيد السلوقي بالمعلم للصيد وذكر في السرائر بأن إطلاق السلوقي في الروايتين انما هو باعتبار أن العرف والعادة جرت على أن الغالب على السلوقي أن يصطاد

والأولى أن يستدل له برواية الوليد بن صبيح الثانية فإنها نصت على كلب الصيد السلوقي، فاذا لاحظنا المعتبر من روايات الأربعين بالنسبة الى معتبرة السكوني سنجد أن النسبة بينهما العموم والخصوص المطلق لأن موضوعها كلب الصيد السلوقي بينما موضوع معتبرة السكوني هو مطلق كلب الصيد

ومن هنا يمكن أن يقال بأنه لا دليل معتبر على أن دية مطلق كلب الصيد هي أربعون درهماً

نعم الاربعون درهماً دية كلب الصيد السلوقي

والنتيجة اختصاص السلوقي من كلاب الصيد بأربعين درهماً بشرط ان لا تتجاوز قيمته الأربعين والا فديته قيمته واما غير السلوقي من كلاب الصيد فديته قيمته

ويمكن فرض -لتصحيح كلام السيد الماتن واثبات ان النسبة بين الطائفتين هي نسبة التعارض والتنافي- حمل كلب الصيد السلوقي في المعتبرتين على إرادة مطلق كلب الصيد -كما احتمله بعضهم- فيقع التعارض بينهما وبين معتبرة السكوني

ولكن هذا لا يخلو من صعوبة بالنسبة الى رواية الوليد بن صبيح الثانية فانه لا داعي للتصريح فيها بالسلوقي إذا كان الموضوع فيها مطلق كلب الصيد

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo